15/4/2007

في إطار أنشطة “مرصد حالة الديمقراطية”، تابع المرصد باهتمام بالغ التصريحات الصحفية التي وردت عن رموز الحزب الحاكم ، والتي تناولت الأجراءات التنظيمية والأدارية لانتخابات مجلس الشورى المزمع عقدها في أوائل يونيو القادم ، والتي صادرت فيها رموز الحزب الحاكم سلطات المؤسسة التشريعية المنوط بها تشريع القوانين المنظمة لعمل الإنتخابات في مصر ، وكشفوا مبكراً عن صورية اللجنة العليا للأشراف على الإنتخابات ، والمرصد سيتناول بالتحليل والرصد بعض من تلك التصريحات.

أولاً :
صدرت تصريحات تعلن عن عقد النية على صدور القرار الجمهوري في 10 مايو المقبل بدعوة الناخبين المقيدين في الجداول الإنتخابية للأدلاء بأصواتهم في إنتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى التي تشمل 88 عضواً حسب ما جاء التصريح ، وهو ما يعني انه لا بد أن ينتهي مجلسي الشعب والشورى في غضون ما هو أقل من شهر ، من صياغة وأقرار قانون مباشرة الحقوق السياسية والقانون المنظم لعمل مجلس الشورى وقانون مكافحة الأرهاب ، والمدهش أنه لم تصدر عن الحزب الحاكم أو أى من مؤسسات الدولة المختلفة مشروعات لتلك القوانين ،ليتم مناقشتها داخل منظمات المجتمع المدني من (احزاب ونقابات ومؤسسات حقوقية ووسائل الأعلام ومراكز البحثية) ، أى أننا أمام سيناريو متكرر ينفرد فيه الحزب الحاكم بسلق وتفصيل قوانين هامة تؤثر في التطور الديمقراطي في مصر تتعلق بتنظيم قوانين الأنتخابات وتحديد سلطات تشريعية لمجلس الشورى.

ثانياً :
صدرت تصريحات من رموز الحزب الحاكم تؤكد أن إنتخابات مجلس الشورى ستجرى بالنظام الفردي لأختيار 88 عضو أى أن الإنتخابات ستجرى في 44 دائرة ، وهنا يثار تساؤل عن أنفراد رموز الحزب الحاكم بالأعلان عن النظام الإنتخابي لمجلس الشورى ، وعدد المقاعد التي تجرى عليها الإنتخابات قبل أن يقر المجلس التشريعي القوانين المنظمة لعمل مجلس الشورى وقانون مباشرة الحقوق السياسية ، فهنا يصادر الحزب الحاكم حق المجلس التشريعي في أختيار نظاماً مغايراً للإنتخابات ، فربما يعلن المجلس التشريعي عن أجراء الإنتخابات بالقائمة النسبية أو يخلط بينه وبين النظا م الفردي ، وربما يقلل في القانون المنظم لعمل مجلس الشورى من عدد المعينين وهو ما يعني زيادة المقاعد التي ستجرى عليها الإنتخابات ، أى أن رموز الحزب الحاكم في تصريحاتهم برهنوا على صحة الأقاويل التي ترددها المعارضة في مصر عن بسط الحزب الحاكم سيطرته على السلطة التشريعية ، كما ناقضت تلك التصريحات تصريحات أخرى سبقت التعديلات الدستورية أعلنت فيها نفس الرموز نقدها للنظام الفردي والتي أعلنوا فيها أن المغزى من تعديل المادة 62 من الدستور ، الخاصة بحق الإنتخاب والتي كان الغرض منها تمثيل أفضل للأحزاب والمرأة والتي أعلنوا أنها لن تتحقق إلا بالقائمة النسبية ثم تناست رموز الحزب الحاكم تلك التصريحات وقرروا عقد إنتخابات مجلس الشورى بالنظام الفردي.

ثالثاً :
طالعتنا أحد الصحف اليومية في عددها الصادر في 10 أبريل 2007 أن د/ مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية ، أعلن أن الحكومة ستحيل خلال ايام مشروع قانون لتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية إلى مجلس الشورى ، وأوضح أن التعديلات ستتضمن تنظيم عملية الإنتخابات خلال اللجنة العليا للأشراف على الإنتخابات ، وتحدد تلك التعديلات أختصاصات اللجنة وحصانة أعضائها واللجان العامة والفرعية ، وأوضح أن التعديلات لن تتناول نظاماً محدداً لأجراء الإنتخابات كما لم تحدد نسبة تمثيل المرأة وأن هاتين الجزئيتين سوف يتم تحديدها فى قانون آخر ؟!!.

ثم أعلن المستشار محمد الدكروري عضو اللجنة التشريعية في مجلس الشعب واحد الرموز الهامة في الحزب الحاكم في تصريحات لنفس الجريدة في العدد الصادر في 11 أبريل 2007 أن قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي سيتم احالته إلى البرلمان الأسبوع المقبل لأقراره هو بمثابة قانون مؤقت ، وستتم مراجعته مرة اخرى بعد إنتخابات مجلس الشورى ؟!!.

والمرصد يتسأل عن تناقض التصريحات الواردة على لسان رموز هامة في الدولة ، ويتسأل عن القانون المنوط به تنظيم الإنتخابات غير قانون مباشرة الحقوق السياسية ، وكيف تجرى أنتخابات هامة مثل مجلس الشورى قبل صدور هذا القانون ومتى سيصدر هذا القانون ، هذا إذا أستندنا إلى تصريحات د/ مفيد شهاب ، أما إذا أعتمدنا تصريحات المستشار محمد الدكروري فكيف يشرع قانون بخطورة قانون مباشرة الحقوق السياسية لتجرى به أنتخابات مجلس الشورى ثم يعاد تعديله مرة اخرى.

وهو ما يفتح الباب مجدداً عن مناقشة كيفية اصدار القوانين في مصر ، وما هي الجهة المنوط بها التشريع وعن استقلالية السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية وحزبها الحاكم.

رابعاً :
أصدر الأتحاد العام لعمال مصر ، قواعد تنظيم أعطاء شهادة صفة العامل للراغبين في الترشيح لمجلس الشورى ، وهذا قبل أن يناقش المجلس التشريعي قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي قد يأتي بتعديلات على صفة العامل والفلاح ، وقبل تشكيل اللجنة العليا للإنتخابات المنوط بها وضع الأجراءات الأدارية والتنظيمية لإنتخابات مجلس الشورى.

خامساً :
بعد تحديد مواعيد الأنتخابات وأقرار نظامها الفردي وتحديد الدوائر التي تجرى فيها وعدد اللجان العامة والفرعية ، ووضع قواعد تحدد صفة العامل ماذا تبقى للجنة العليا للإنتخابات ؟!!

إن “مرصد حالة الديمقراطية” يعلن عن قلقه البالغ من أستمرار نهج الحزب الحاكم بأنفراده بسن وتشريع قوانين هامة ومؤثرة في بنية التطور الديمقراطي في مصر ، وفي إصرار منه على تغييب منظمات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات ومؤسسات حقوقية وتنموية ، وبسط سيطرته الكاملة على السلطة التشريعية ، ويحذر من خطورة أستمرار هذا النهج على مستقبل الديمقراطية والمشاركة في مصر ، كما يحذر من خطورة الأجراءات التنظيمية والأدارية التي أعلن عنها رموز الحزب الحاكم والمتعلقة بنظام الأنتخابات في مصر في غياب كامل لدور اللجنة العليا للإنتخابات وغياب الأشراف القضائي ، وفي ظل سيطرة الحزب على مؤسسات الدولة ، مما ينذر بأن أنتخابات مجلس الشورى وغيرها من الأنتخابات التي ستعقد في ظل تلك التشريعات والمناخ الغير ديمقراطي التي تشهده مصر بالتضييق على حق التنظيم التجمع السلمي والتظاهر والأضراب ، والهجمة الشرسة على منظمات المجتمع المدني والأحالة للمحاكمات العسكرية والأعتداء على مراقبي المنظمات الغير حكومية في الأستفتاء على التعديلات الدستورية ، وفي غياب أى ضمانات لأنتخابات نزيهة وحرة وفقاً للمعايير الدولية ، مما سيجعل من تلك الأنتخابات أنتخابات داخلية للحزب الحاكم و يفتح الباب أمام العديد من القوى السياسية لمقاطعة تلك الأنتخابات وهو ما سيؤثر في مسيرة الديمقراطية والمشاركة في مصر.

مرصد حالة الديمقراطية