11/2/2007

في إطار أنشطة مرصد حالة الديمقراطية بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، تابع المرصد المناقشات حول التعديلات الدستورية المرتقبة.

منذ إعلان السيد رئيس الجمهورية برنامجة الانتخابي لولايته الخامسة، بعد اول انتخابات تعددية رئاسية، والتي طرح فيها رئيس الجمهورية رؤيته لتعديل الدستور المصري الدائم الصادر عام 1971 وتعديلاته، ولم يتوقف الجدل والتقييم لرؤية الرئيس لتلك التعديلات من قبل النخب الحقوقية والسياسية حول فحوي هذه التعديلات والهدف منها، وكانت أكثر تلك التعليقات والمناقشات، تأتي كرد فعل علي التصريحات الصادرة من رموز الحزب الحاكم، بعضها تحدث عن وجود خطوط حمراء في تلك التعديلات الدستورية، مثل المادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وعلي عدم المساس بنسبة الـ 50 % للعمال والفلاحين في المجلس التشريعي ومجلس الشوري، ورفض الاقتراب من المادة 77 من الدستور والتي تحدد فترات تولي رئيس الجمهورية لمنصبة، والحديث المتكرر عن تعديل المادة 88 المتعلقة بالإشراف القضائي، وكذلك تعديل المواد المتعلقة بالنظام الانتخابي لخوض الانتخابات بالقائمة النسبية لتعظيم دور الأحزاب السياسية، وسن تشريعات تسمح بالتمييز الإيجابي للمرأة، ووضع تعديلات تسمح بتشريع قانون لمكافحة الأرهاب.

وقد تباينت أراء تلك النخب حول رؤية الحزب الحاكم للتعديلات، البعض رأي انها استكمال لنهج الاصلاح السياسي والديمقراطي الذي بدأته الدولة منذ تعديل المادة 76 من الدستور، وأن الغرض من تلك التعديلات هو مواكبة التغييرات التي طرأت علي النظام الاقتصادي المصري من الانتقال من نظام الاقتصاد الموجه إلي اقتصاد السوق، وكذلك تلافي بعض المشكلات المتعلقة بالنظام الانتخابي لتعظيم دور الاحزاب السياسية، وتحقيق التوازن بين السلطات الثلاثة واكساب السلطة التشريعية سلطة تمكنها من مراقبة السلطة التنفيذية.

بينما رأي البعض الآخر أن التعديلات الدستورية تكريس لاستبداد وهيمنة الحزب الحاكم علي السلطة، وأن الغرض من التعديلات التضييق علي الحريات العامة، والتخلص من الأشراف القضائي علي الانتخابات الذي مكن قوي المعارضة من الحصول علي أكثر من مائة مقعد في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وأن إصرار الدولة علي عدم تعديل المادة 77 وعدم الاقتراب من السلطات الاستثنائية لرئيس الجمهورية الممنوحة له في الدستور، جعل الكثيرين لا ينتظرون خيراً من تلك التعديلات، ورأى البعض أنها دليل واضح علي عدم جدية الدولة في تحقيق إصلاح سياسيي حقيقي وإن التعديلات الغرض منها إحكام سلطة وهيمنة الحزب الحاكم علي مؤسسات الدولة.

وفي يوم الثلاثاء الموافق 26 / 12 / 2006 أحال رئيس الجمهورية خطاباً لرئيس مجلس الشعب انهى به الجدل والتخمينات حول ما سيتم تعديله من مواد الدستور.

وقد طلب السيد الرئيس تعديل 34 مادة بالدستور وهى المواد الآتى ذكرها :
المواد 1 – 4 – 5 – 12 – 30 – 33 – 37 – 56 – 59 – 62 – 73 – 74 – 76 – 78 – 82 – 84 – 85 – 88 – 94 – 115 – 118 – 127 – 133 – 136 – 138 – 141 – 161 – 173 – 179 – 180 – 194 – 195 – 205 مع اضافة نص ينظم حماية الدولة من الأرهاب.

وفي خطابه أعلن الرئيس أن الغرض من التعديلات الدستورية:

    • 1- إعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بما يحقق مزيدا من التوازن فيما بينها، ويعزز دور البرلمان في الرقابة والمساءلة.

    • 2- تعزيز دور مجلس الوزراء وتوسيع اختصاصاته، وتوسيع المدي الذي تشارك فيه الحكومة رئيس الجمهورية في أعمال السلطات التنفيذية.

    • 3- وضع ضوابط علي ممارسة رئيس الجمهورية للصلاحيات المخولة إليه وفق أحكام الدستور عند مواجهة أخطار تهدد سلامة الوطن أو تعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري.

    • 4- ضمان تبني النظام الانتخابي الأمثل والذي يكفل فرص تمثيل الأحزاب بالبرلمان.

    • 5- ضمان حد أدني للمقاعد التي تشغلها المرأة بالبرلمان عن طريق الانتخابات.

    • 6- تطوير نظام المحليات وتعزيز صلاحيتها التنفيذية والرقابية ودعم اللامركزية في أدائها.

    • 7- ضمان تطبيق قانون جديد لمكافحة الأرهاب، ويكون بديلا تشريعياً لمكافحة هذه الظاهرة دون الحاجة لمكافحتها بتطبيق قانون الطواري.

    • 8- تعزيزأستقلال السلطة القضائية من خلال إلغاء المجلس الأعلي للهئيات القضائية ، وإلغاء نظام المدعي الاشتراكي، وما يستتبعه من إلغاء محكمة القيم.

    9- تحقيق الموائمة بين نصوص الدستور والاوضاع الاقتصادية المعاصرة بما يتيح حرية اختيار التوجه الاقتصادي للدولة، في إطار من الحفاظ علي النشاط الاقتصادي الحر مع تحقيق العدالة الاجتماعية، وكفالة حق الملكية بجميع أشكالها، وحماية حقوق العمل، وكان هذا ملخص خطاب الرئيس المرسل لرئيس مجلس الشعب.

وقد أعلن السيد رئيس مجلس الشعب في 6 / 1 / 2006 انتهاء اللجنة الفرعية المنبثقة من اللجنة العامة بالمجلس من إعداد مشروع تقرير حول طلب رئيس الجمهورية بتعديل 34 مادة من الدستور ، وأوضح أن التقرير عرض يوم 7 / 1 / 2006 علي اللجنة العامة بالمجلس وقد تضمن الموافقة على تلك التعديلات من حيث المبدأ.

وقد تتضمن التقرير النهائي الصادر من اللجنة العامة حول التعديلات:

أولا: المواد 1، 4، 12 الفقرة الأولي و 24، و 30 و 33 و 37 و 56 الفقرة الثانية و 59 و 73، 180 رأت اللجنة أن اقتراح تعديل المادة الأولي يؤكد مبدأ المواطنة بديلاً عن تحالف قوي الشعب العاملة، أما بشأن المواد الأخري المطلوب تعديلها فأنها تنصرف علي الاساس الاقتصادي للنظام الذي يقيمه الدستور، ويستهدف التعديل على هذا النحو أن يكفل لكل جيل حرية اختيار النظام الاقتصادي الذي يستجيب لما يستجد من تطورات الحياة.

ثانياً: إضافة فقرة ثالثة للمادة الخامسة يهدف إلي حظر مباشرة أي نشاط سياسي أو حزبي أو قيام الأحزاب علي أساس الدين أو الجنس ملبياً لمبدأ المواطنة، ومتفقاًً مع مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون.

ثالثاً: المادتان 62، 94 أن طلب تعديل هاتين المادتين يستهدف أن يتيح الدستور للمشرع القدرة علي اختيار النظام الانتخابي الذي يكفل تمثيلاً أفضل للأحزاب السياسية في مجلس الشعب والشوري، بحيث يتمكن المشرع من تعديل النظام الانتخابي وفقا للتطور والتغيير في المجتمع.

رابعاً: المادة 74 أكدت اللجنة علي أهمية التعديل الذي تضمنه طلب السيد رئيس الجمهورية في شأن المادة المذكورة، فالنص علي الضمانات التي تحكم استخدام السلطات المقرر فيها وذلك بأن يكون الخطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن وأن تتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة الخطر بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء ورئيسي مجلس الشعب والشوري، فهذه الضمانات تتفق بوجه عام مع تلك التي قررتها المادة 16 من الدستور الفرنسي.

خامساً: المادة 76 الفقرتين الثالثة والرابعة رأت اللجنة أن طلب التعديل يأتي تتويجاً لما حققه تعديل تلك المادة سنة 2005 من أقرار مبدأ انتخابات رئيس الجمهورية بالاقتراع السري المباشر وبما ما من شأنه أن يدعم نشاط الأحزاب لإثراء التعددية الحزبية طبقاً لصريح المادة 5 من الدستور.

سادساً: إضافة فقرة ثانية للمادة 78 تؤكد اللجنة أن طلب التعديل في هذا الخصوص يستهدف تحقيق الوضوح في تحديد بدء مدة ولاية رئيس الجمهورية، بعد إعلان انتخابه منعاً للتداخل بين مدة الرئاسة وتلك التي يليها.

سابعاً: المواد 82 و 84 الفقرة الأولي و 85 الفقرة الثانية المادة 82 إنه إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته، حيث يتولي نائب رئيس الجهورية الرئاسة مؤقتاً مباشرة مهامة، وقد تضمن طلب التعديل بما يسمح بحلول رئيس مجلس الوزراء عند تعذر حلول نائب رئيس الجمهورية.

أما المادة 84 فإنها تحدد من يتولي الرئاسة مؤقتاً في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل إلي رئيس مجلس الشعب، إذا كان المجلس منحلاً حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا، ويتضمن طلب التعديل الإ يباشر من يحل محل الرئيس في الحالات السابق ذكرها بعض السلطات بالغة الأثر في الحياة السياسية، كإقالة الحكومة وحل مجلس الشعب وطلب تعديل الدستور.

ثامناً: المادة 88 يتضمن طلب تعديل الدستور في هذا الشأن تنظيم الإشراف علي العملية الانتخابية كما تأخذ به العديد من الديمقراطيات، وفي مقدمتها الدستور الهندي، الذي يعطي مسؤولية الإشراف علي الانتخابات إلي لجنة عليا تتوفر لأعضائها ضمانات الاستقلال والحيدة.

تاسعاً: المادتان 115، 118 الفقرة الأولي تري اللجنة أن طلب التعديل في هذا الخصوص من شأنه تدعيم اختصاصات مجلس الشعب في مجال الرقابة علي السلطة التنفيذية، وفي هذا الإطار يجئ طلب التعديل ليسمح للمجلس الشعب بأن يعدل في مشروع الموازنة العامة، وكذلك تقليل المدة بين نهاية السنة المالية وعرض الحساب الختامي علي مجلس الشعب حتي يتمكن البرلمان من رقابة الحكومة، وكانت المواد السابقة لا تسمح بتعديل الموازنة الإ بموافقة الحكومة.

عاشراً: المواد 127، 133، 136 فقرة أولي و 194، 195 تري اللجنة أن تعديل هذه المواد يهدف إلي تعزيز سلطة البرلمان وتدعيم اختصاصات مجلسي الشعب والشوري من وجوه عدة:

    • 1) أن يترتب علي صدور قرار مجلس الشعب بسحب الثقة من الحكومة أن تقدم الحكومة استقالتها دون حاجة إلي اللجوء إلي الاستفتاء.

    • 2) أن يكون حل مجلس الشعب بقرار من رئيس الجمهورية دون الحاجة إلي استفتاء الشعب وذلك بالمقابل لما يتضمنه التعديل المقترح من عدمه اللجوء إلي الاستفتاء عند سحب مجلس الشعب الثقة من رئيس مجلس الوزراء.

    • 3) أن يقدم رئيس مجلس الوزراء خلال فترة قصيرة من تشكيل الحكومة برنامج الوزارة إلي مجلس الشعب الذي يكون له حق قبوله أو رفضه.

    • 4) منح مجلس الشوري اختصاصات تشريعياً في حدود معينة مع وضع أسلوب لحل ما قد ينشأ من خلاف بينه وبين مجلس الشعب.

    خامساً: تحديد القوانين المكملة للدستور تحديداً حصرياً حيث أن عدم التحديد الحصري لتلك القوانين جعلتها عرضي للحكم بعدم الدستورية نتيجة عدم التعريف الواضح للقوانين المكملة للدستور.

حادي عشراً: إضافة فقرة ثانية للمادة 138 والمادة 141 يتضمن طلب التعديل أن تضاف فقرة ثانية للمادة 138 تقرر أن يمارس رئيس الجمهورية اختصاصته المنصوص عليها في المواد 108 و 146 و 148 و 151 بعد موافقة مجلس الوزراء في بعضها وبعد أخذ رأي المجلس في البعض الأخر فضلاً عن ضرورة استشارة رئيس مجلس الوزراء عند اللجوء إلي المادة 74، وكذلك تضمن الطلب تعديل المادة 141 حيث يشترك رئيس مجلس الوزراء في تعين الوزراء ونوابهم وإعفائهم من مناصبهم ونوهت اللجنة إلي أن هذا التعديل يأتي تعزيزاً للوجه البرلماني في نظام الحكم نظراً لخضوع أعمال الحكومة لرقابة البرلمان.

ثاني عشر: إضافة فقرة ثانية للمادة 161.
رأت اللجنة أن هذه الإضافة تستهدف تطوير نظام الإدارة المحلية وتعزيز صلاحيتها التنفيذية حيث أنه من الأفضل أن يترك للأجهزة المركزية مجرد اتخاذ القرارات الهامة، وأن يعهد للأجهزة اللامركزية بكثير من الصلاحيات التنفيذية لكونها قريبه من الواقع المحلي وبحكم معرفتها الأكثر بحقائق هذا الواقع بشرط الإ تمس هذه الصلاحيات المصالح العليا والدائمة للدولة.

ثالث عشر: المادة 173 والفصل السادس من المادة 179 ينصرف طلب التعديل في هذا الخصوص إلي تعزيز استقلال السلطة القضائية وسائر الهيئات القضائية بمباشرة شئونها علي أن يشكل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية ويرأسة رئيس الجمهورية يرعي الشئون المشتركة للهيئات القضائية التي تطلب التنسيق فيما بينها بدلاً عن المجلس الأعلي المنصوص عليها في المادة 173، وفي هذا الإطار أيضا تضمن طلب التعديل إلغاء نظام المدعي العام الاشتراكي وما يتتبع ذلك من إلغاء محكمة القيم ونقل الاختصاصات التي كانت موكلة إليها إلي جهات القضاء.

رابع عشر: إضافة نص ينظم حماية الدولة من الأرهاب تنوه اللجنة بأن الاتجاه التشريعي الذي تأخذ به حالياً معظم الديمقراطيات الراسخة في إصدار قانون خاص أو نصوص خاصة تكفل للدولة مواجهة ظاهرة الأرهاب التي يعاني منها العالم المعاصر في إطار الشرعية الدستورية العادية، دون اللجوء إلي القوانين الاستثنائية بإعلان حالة الطوارئ وتطبيق قانون الطوارئ.
ونوهنت اللجنة أيضاً بما تأخذ به الدول التي أصدرت قوانين لمحافكة الأرهاب من ضرورة التوازن بين اتساع سلطات البوليس وجهات التحقيق لمواجهة أخطار الأرهاب وكفالة الحماية الواجبة للحقوق والحريات العامة.

خامس عشر: المادة 205 يأتي طلب تعديل هذه المادة ترتيباً علي التعديلات السابقة في شأن اختصاصات مجلس الشوري وذلك بالإضافة علي التعديلات التي ستطرأ علي المادتين 62 و 88.

وتري اللجنة العامة أنه بعد إصدار التعديلات المقترحة وفقاً للإجراءات التي نص عليها الدستور يجب أن يتبع ذلك تعديلات تشريعية علي قوانين مباشرة الحقوق السياسية، ومجلس الشوري، ونظام الإدارة المحلية، فضلا عن إصدار قانون لمكافحة الأرهاب، وإصدار قانون ينقل اختصاصات المدعي العام الاشتراكي إلي النائب العام.

وبعد تلك المناقشات وقراءة التقرير المعروض علي أعضاء اللجنة وافقت اللجنة بالإجماع علي مبدأ تعديل الدستور بناء علي طلب رئيس الجمهورية استناداً للحكم المادة 189 من الدستور وأهابت اللجنة العامة بالمجلس الموقر الموافقة علي ما رأت.

وقد أثارت الطريقة التي تم بها مناقشة اللجنة العامة للتعديلات الدستورية انتقادات النخب السياسية والحقوقية واعتراض القوي السياسية الممثلة في البرلمان على استبعاد رموزها من مناقشة التعديلات الدستورية في اللجنة الفرعية المنبثقة من اللجنة العامة.

وكان د. أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب قد شكل لجنة فرعية برئاسته وعضوية سبعة أعضاء لأعداد التقرير النهائي حول التعديلات الدستورية ستة منهم أعضاء في الحزب الحاكم، والبعض منهم تم تعينه في المجلس من قبل السيد رئيس الجمهورية وجاء تشكيل اللجنة كالآتي:
{د. عبد الأحد جمال الدين زعيم الأغلبية و د. أمال عثمان رئيس اللجنة التشريعية والمستشار محمد دكروري والمستشار أدوار غالي ود. رمزي الشاعر ومحمود أباظة رئيس حزب الوفد}.

وقد انتقدت قوي المعارضة انفراد اللجنة الفرعية بمناقشة التعديلات واعتبرت أنها عبرت عن وجهة نظر الحزب الحاكم فقط، وقد تعرض د. محمود أباظة لإنتقادات واسعة من المعارضة حيث رأت أنه قد انحاز لوجهة نظر الحزب الحاكم في التعديلات، ولم يراعي إجماع قوي المعارضة التي يمثلها علي رفضها لصياغة التعديلات بالشكل المطروح من قبل اللجنة الفرعية التي تمتع بعضويتها والتي أفرت التعديلات كما جاءت في خطاب الرئيس دون إدخال أي تعديلات عليها.

والمدهش أن اللجنة العامة أثناء مناقشتها قد انتهت إلي الموافقة من حيث المبدأ علي التعديلات باللإجماع ، علي الرغم من أنها ضمت بين عضويتها أعضاء مستقلين ومنتمين لكتلة الاخوان المسلمين وحزب الوفد، وقد انتقدت كتلة المستقلين موقف العضو (كمال أحمد) على موافقته من حيث المبدأ علي التعديلات الدستورية، وقالت أنه كان الأحري به التعبير عن موقف كتلة المستقلين الذي يعتبر العضو أحد أقطابها التي رفضت التعديلات من حيث المبدأ، كما لم يفهم موقف نواب كتلة الأخوان في اللجنة العامة الذين وافقوا علي التعديل علي الرغم من رفض نواب الكتلة تلك التعديلات أثناء مناقشتها في المجلس.

وقد أثارت تلك التعديلات المطروحة من قبل السيد رئيس الجمهورية والتي صدقت عليها اللجنة العامة انتقادات واسعة من قبل النخب السياسية والحقوقية، وقد اعترضت تلك النخب علي التعديلات واعتبرت أنها ردة عن الديمقراطية وتكريس لاستبداد وهيمنة الحزب الحاكم علي السلطة في مصر، فهي من ناحية لا تحقق الإصلاح السياسي المنشود، ومن ناحية اخري تساهم في زيادة سيطرة السلطة التنفيذية علي السلطتين التشريعية والقضائية.

كما انتقد النشطاء السياسين والحقوقيين طريقة مناقشة التعديلات وانفراد الحزب الحاكم برؤيته منفرداً، دون تحقيق مجال لفتح حوار واسع حول التعديلات تشارك فيها قوي المجتمع السياسية بإختلاف أطيافها، ومنظمات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات ومؤسسات حقوقية، واعلن البعض تخوفه من أن تواجه تلك التعديلات نفس مصير تعديل المادة 76 التي طرحها الرئيس مبارك علي البرلمان في العام الماضي، وتجاهل فيه المجلس التشريعي أراء كافة القوي السياسية والمجتمعية، وتولي ترزية القوانين تفريغ التعديل من مضمونه، وهو أمر تتوقع المعارضة حدوثه أثناء مناقشة التعديلات الدستورية المرتقبة.

وقد أجمع العديد من الشخصيات المنتمية لتيارات سياسية مختلفة وممثلين لمنظمات المجتمع المدني والعديد من المثقفيين والأكاديميين علي ضرورة الالتفات إلى الآتى :

    • (1) تجاهل تعديل نص المادة 77 من الدستور التي تحدد مدة رئاسة الجمهورية وهو ما انتقدته قوي المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، ورأي المعارضين أن اغفال تعديل تلك المادة يقضي علي طموح القوي السياسية في تداول السلطة.

    • (2) إلغاء المادة 88 بما اعتبرته قوي المعارضة ردة علي ممارسة الديمقراطية في مصر وعودة موظفي الحكومة في الإشراف علي الصناديق، وهو ما اعتبرته تلك القوي اعتداء علي الإشراف القضائي مما يفتح الباب أمام التدخل الإداري والأمني في سير الانتخابات، وأن استبدال الإشراف القضائي بلجنة تشرف علي الانتخابات علي غرار التجربة الهندية، يتنافي مع واقع البنية السياسية في مصر التي تتغول فيها السلطة التنفيذية علي باقي السلطات، ورأي المراقبون أن إنشاء لجنة انتخابية غير قابلة للعزل ومن ممثلي الهيئات القضائية لن يتحقق في مصر.

    • (3) اجمعت القوي السياسية علي رفضها استمرار التشدد في شروط ترشيح المستقلين لمنصب رئاسة الجمهورية في المادة 76 من الدستور.

    • (4) كما انتقدت قوي المعارضة التعديلات الشكلية التي تتمثل في تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وطالبت بإلغاء المادة 74 التي تعطي للرئيس صلاحيات مطلقة حيث ينفردالرئيس بتحديد الإخطار التي تحيط بالبلاد ويفرض علي أساسها حالة الطوارئ، وكذلك إلغاء المادة 138 من الدستور التي تجعل الرئيس يرعي السياسة العامة للدولة مع مجلس الشعب والوزراء، وتعديل المادة 73 تعديلاً جوهرياً حيث رأي البعض أن هذه المادة تجعل الرئيس فوق كل السلطات كما طالب المعارضون بإلغاء المواد التي تطلق يد رئيس الجمهورية في اختيار رئيس الوزراء وأن يشكل الحزب الفائز في الانتخابات الحكومة، وعلي هذا فإن البعض رأئ أن التعديلات التى تمنح رئيس الوزراء صلاحيات هي تعديلات شكلية طالما من حق رئيس الجمهورية تعينه وعزله.

    (5) انتقدت النخب السياسية والحقوقية سن قانون لمكافحة الأرهاب، وعبر الكثير عن مخاوفهم من أن تتضمن التعديلات الدستورية نصاً يحمي ويحصن قانون الأرهاب من الطعن عليه بعدم الدستورية، في حالة اعتدائه علي الحريات العامة، إذا ما وسع من سلطة رجال الضبط القضائي في انتهاك حرية وحرمة المواطنين دون إعمال أي رقابة قضائية علي سلطة رجال الضبط القضائي بحجة مكافحة الأرهاب.

وكانت تلك الانتقادات محل إجماع المجتمع المدني من أحزاب ونقابات وجمعيات حقوقية وتنموية.
بينما اختلفت بعض القوي علي تقييم المواقف من بعض مواد الدستور :

    • 1. الموقف من المادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن الأسلام دين رسمي للدولة وعلي أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، فالعلمانيين من المثقفين والأكادميين والشخصيات العامة والمنظمات الحقوقية وكلك أغلبية الاقباط ، تعتبر أن هذا النص يتعارض مع مدنية الدولة وحقوق المواطنة ، و أن المصدر الرئيسي للتشريع يجب أن يكون الامة ممثلة فى السلطة التشريعية للدولة والقوانين التي تصدر عنها ، وأن النص يتعارض مع مبدأ المواطنة حيث يعتدي علي حقوق وحريات المواطنين من غير المسلمين في الدولة، وقد صدرت تصريحات لبعض الرموز القبطية في مصر من المثقفين وبعض القيادات الكنسية طالبت بتغيير المادة الثانية من الدستور، مما أحدث ضجة وحدث سجال ومعارك كلامية في صحف المصري اليوم ونهضة مصر ، حيث رفضت بعض رموز الحزب الحاكم ، وبعض المثقفين المنتمين للتيار الأسلامي السلفي الذين اعترضوا علي إلغاء المادة الثانية باعتبارها خط أحمر لا يجوز المساس بها ، وأنها اهم المكاسب التي حققها التيار الأسلامي في عهد الرئيس السادات فى أضافة المادة الثانية الى الدستور الدائم.

    • 2. المادة الخامسة: والتي إضافت فقرة تهدف إلي حظر مباشرة أي نشاط سياسي أو حزبي أو قيام الأحزاب علي أساس ديني، حيث إعتبرت جماعة الأخوان المسلمين أن تعديل المادة الخامسة موجهاً ضدها بشكل خاص وضد التيار الديني بشكل عام وعلي الجانب الأخر رحبت بعض القوي الليبرالية واليسارية بذلك التعديل.

    • 3. المواد المتعلقة بالمكاسب الاشتراكية حيث رحبت القوي السياسية الليبرالية بتلك التعديلات، بحجة أن الدولة قد انتقلت فعلياً من نظام الاقتصاد الموجه إلي اقتصاد السوق، بينما انقسمت قوي اليسار في موقفها من تلك التعديلات،حيث أكد حزب التجمع القطب الرئيسي لأحزاب اليسار عن رفضه لأي تعديلات تمس المكاسب الاشتراكية باعتبار أن النظام الاقتصادي الاشتراكي هو حماية للنظام الاجتماعي. فيما رأت قوي يسارية أخري، أنه ليس من وظيفة الدستور تحديد هوية الاقتصاد (اشتراكى أو راسمالى أو خلافه ) فبهذا يجب ان يترك للحزب أو الاحزاب التى تحوز على ثقة الناخبيين فى الانتخابات ، ومن هنا فإن رفع كل المواد التى تتحدث عن الطابع الإشتراكى للاقتصاد لايجب أن تكون محل معارضة، وأن الأشتراكية لم تطبق في مصر من الأصل، و أن الاقتصاد فى مصر لايمت للإشتراكية بصلة، ورفع هذة المواد ليس الا تحصيل حاصل.

    4. كما ثار خلاف حول التعديلات المنشأة لنظام أنتخابي جديد يتيح للمشرع وضع النظام الأنتخابي المناسب لتطورالمجتمع، وقد أنتقد الخبراء القانونيين التعديلات التي تمكن المشرع من تحديد النظام الأنتخابي دون رقابة قضائية من المحكمة الدستورية، مما يمكن السلطة التشريعية من أختيار النظام الأمثل الذي يتيح للحزب الحاكم الذي يتمتع بالأغلبية البرلمانية من تحقيق النظام الانتخابي المناسب له ، كما رفضت بعض القوى السياسية وعلى رأسها جماعة الأخوان المسلمين والأحزاب المحجوب عنها الشرعية نظام القائمة النسبيةالذي لا يتيتح للمستقلين الترشح للمجالس النيابية وعلى وجة الخصوص في ظل القوانين الجائرة المنظمة لعمل الأحزاب و سيطرة الحزب الحاكم على لجنة شئون الأحزاب ورفضها لأى مشروعات حزبية جادة ، في المقابل رحبت قوى سياسية أخرى بنظام القائمة النسبية بعد ظهور عيوب النظام الفردي في الأنتخابات التشريعية السابقة والتي طغت فيه سلطة المال والعصبيات وضيقت من فرص تمثيل المرأة والأقباط حيث غابت برامج الأحزاب وأصبح الأنتخاب على الهوية الدينية وبالنفوذ المالي والقبلي

وقد بدأت مناقاشة التعديلات الدستورية في مجلس الشعب وفقاً للتقرير المقدم من قبل اللجنة العامة في 16 يناير وانتهت في 17 يناير 2007، وذلك بالتصويت بالموافقة عليها من حيث المبدأ، وتمريرها بعد ذلك للجنة التشريعية بمجلس الشعب لصياغة البنود المراد تعديلها.

وقد بدأت الجلسة الأولي متأخرة عن موعدها 25 دقيقة لتأخر نواب الحزب الوطني، وقد أثار ذلك غضب د. فتحي سرور رئيس المجلس حيث صاح في وجه د. عبد الأحد جمال الدين زعيم الأغلبية عندما نادي عليه كأول المتحدثين فلم يجده وحضر بعد دقائق وذلك لإنشغاله في البحث عن نوابه في البهو الفرعوني، واستمرت المناقشات لمدة 8 ساعات علي مدي يومين تحدث فيها 200 نائب. 150 نائب حزب وطني أكدوا في كلماتهم أن التعديلات خطوة كبيرة واثقة علي طريق الإصلاح، وتحقق التوازن بين السلطات الثلاث، وأن التعديلات جاءت لتحقيق مطالب الرأي العام.

وتحدث 50 نائباً مستقلا” ضموا 44 نائب من كتلة الأخوان المسلمين، ونائب من حزب الكرامة تحت التأسيس ، أعلنوا عن رفضهم للتعديلات باستثناء السيد كمال أحد رموز الهامة للمستقلين داخل المجلس، وانتقدوا غياب المادة 77 عن التعديلات ورفضوا لتعديل المادة 88.

ثم تحدث 5 نواب من الوفد حيث أعلن النواب المنتمين لجبهة أباظة موافقتهم علي التعديلات من حيث المبدأ ، بينما رفض عضوين ينتمون لكتلة نعمان جمعة التعديلات.
كما رفض نائب التجمع محمد شعبان التعديلات من حيث المبدأ.

وكانت المدة المخصصة لكل نائب 4 دقائق ولم يتجاوز تلك المدة إلا زعيم الأغلبية عبد الأحد جمال الدين. وقد انتهت المناقشات بالموافقة علي التعديلات الدستورية من حيث المبدأ بموافقة {361} عضوا بعد المنادة بالأسم رفض {102} عضواً وهم {88} من الأخوان و{10} مستقلين و {2} وفد جبهة نعمان جمعة و (1) تجمع، كما رفض النائب محمد حسين عضو الحزب الوطني حيث اعترض علي التعديل الذي يعطي لرئيس الجمهورية سلطات واسعة فيما يتعلق بحقه في حل البرلمان دون اللجؤ الى الأستفتاء وقد ثار غضبا” من موقف زملائة لأنصياعهم لتعليمات الرئيس دون تفكير، وكان جزاءه على ذلك الطرد من جلسة المجلس بأمر رئيس المجلس. وقد غاب عن حضور الجلسة النواب المستقلين “مصطفي بكري” و “رجب هلال حميده” ولم يبدي أي مهنم رأيه في التعديلات الدستورية.

أما مجلس الشوري فقد وافق المجلس يوم الخميس الموافق 10 / 1 / 2007 بالإجماع علي التعديلات الدستورية وأعلن صفوت الشريف رئيس المجلس رفع الموافقة إلي السيد رئيس الجمهورية مرفقاً بها مضابط الجلسات وإخطار رئيس مجلس الشعب بها ورفع رأي المجلس ومضابط الجلسات إلى من سيقومون بصياغة المواد المطروحة للإطلاع عليها.

وقد حضر الجلسة {230} عضو من إجمالي {260} واعتذر {14} أخرون عن حضور جلسة التصويت علي الموافقة على التعديلات وأرسلوا موافقتهم كتابة ليصبح عدد الموافقين {244} عضوا أى بأجماع جميع من حضروا بالمجلس، وتحدث خلال جلسات المناقشة 116 نائباً، وقد أضاف ممثلاً حزب التجمع “د. رفعت السعيد” و “عبد الرحمن خير” تجمع وصبحي ناشد وفد وناجي الشهابي حزب الجيل، جملة أوافق علي مبدأ التعديل في إشارة منهم علي تحفظهم علي بعض المواد.

وفي ختام الجلسة قال صفوت الشريف رئيس المجلس “لقد جاءت موافقتكم علي التعديلات التي تقدم بها السيد رئيس الجمهورية بمثابة تفويض شعبي لمواصلة مسيرة الإصلاح الدستوري.

وكان “مرصد حالة الديمقراطية قد أرسـل خطاباً للسـيد رئـيس مجـلس الـشوري بتاريخ 4 / 1 / 2007 يطلب منه السماح بحضور جلسات المناقشة للتعديلات بصفته مراقباً ولكن لم يتلقي رد بالموافقة أوالرفض حتي تاريخ كتابة هذا التقرير.

ومرصد حالة الديمقراطية بالجمعية المصرية لنهوض بالمشاركة المجتمعية في متابعته إعلان رئيس الجمهورية للتعديلات الدستورية وطريقة مناقشتها في مؤسسات الدولة ومواقف القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني يبدي

ملاحظاته التالية:

أولاً: الهدف من الدستور في مفهوم الدولة القانونية الحديثة ،أنه يهدف الى حماية الأفراد من عسف السلطات العامة وأعتدائها على حقوقهم ، فهو يفترض وجود حقوق للأفراد في مواجهة الدولة، لأن المبدأ وجد أصلا” لضمان تمتع الأفراد بحرياتهم وحقوقهم الفردية ، والدستور يحمي هذه الحقوق بوضع قواعد تاركا” تنظيمها للقانون الوطني على أن يراعي القانون الوطني في ذلك حماية تلك الحقوق.

وهو مالم يتحقق مع الدستور المصري الدائم 1971 ،فقد تناقضت السلطة الشريعية فيما أصدرته من قوانين مع المبادئ الدستورية أو المواثيق الدولية التي انضمت إليها مصر، مع الأبقاء على العديد من القوانين الصادرة قبل صدور هذا الدستور المخالفة له والتي تتعارض أحكامها مع الاتفاقيات الدولية والأمثلة علي ذلك كثيرة فالدستور المصري مثلا يتص في الباب الثالث المنظم للحريات العامة، علي كفالة حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة ، وحق التجمع السلمي، وتكوين الجمعيات، وكفالة الحرية الشخصية، وحرمة المسكن، وحرمةالحياة الخاصة، وحرية المشاركة والمساواة، والحريات النقابية وذلك في المواد {41، 44، 46، 56، 57، 62، 65، 66، 86، 70، 165، 166، 167}.

ثم يحيل ذلك إلي القانون لتنظيم هذه الحريات، وبدلاً من أن تكون مهمة القانون في هذه الأحوال مجرد تنظيم ووضع الضوابط لتنفيذ ممارسة هذه الحقوق، من دون أن يتعدي هذا التنظيم، فإذا بالقانون يهدر تلك الحريات ويعتدي عليها فيوسع من الحالات التي يجوز القبض فيها علي المواطنين ويقيد حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة، ويقيد حق الأفراد في الاجتماعات والتظاهر والأضراب، وحقهم في تكوين الجمعيات، وحرية تكوين الأحزاب، وأهدار مبدأ استقلال السلطة القضائية، وتوسع المشرع في إنشاء المحاكم الاستثنائية، ووسع من سلطات المحاكم العسكرية، ووسع الاختصاصات المخولة لسلطات الطوارئ.

وأن كان الأصل في سلطة التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية وأن الرقابة علي دستورية التشريعات لا تمتد لطريقة إصدراها، إلا أن هذا لا يعني إطلاق هذه السلطة في سن القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التي نص عليها الدستور، ومن ثم فإن تنظيم المشاركة لحقوق المواطنين، يخضع لقيد جوهرى هو أنه لا ينبغى ألا يعصف بهذه الحقوق، وهو ما لم يلتزم به المشرع المصرى، وساعده فى ذلك بنية الدستور المصرى الدائم 1971.

فهو دستور معيب مخالف للمواثيق الدولية التى وقعت وصدقت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة ،وأطلق الدستور يد المشرع المصرى الخاضع لسطوة وهيمنة السلطة التنفيذية فى تنظيم كافة أوجه الحياة أقتصاديا” وسياسيا” واجتماعيا”.

وهو دستور من اسواء الدساتير فى العالم ولا يصلح معه الترقيع، فهو كالبناء الهندسي الذى يجب هدمه وإعادة بنائه، على أسس وفلسفة تحترم فيها حريات الأفراد والجماعات المكونة للمجتمع.

ثانيا: أن الدستورهو العقد المكتوب بين الحاكم والمحكومين و الذي من المنطقى أن يلعب الطرفين دورا فى صياغتة، و لكن الدساتير المصرية المتعاقبة بعد يوليو 1952 بطبعاتها المختلفة المؤقتة والدائمة، ينفرد فيها رأس السلطة التنفيذية والممثل فى رئيس الجمهورية بدور اللاعب الاوحد فى صياغته، والدستور المصرى الدائم 1971 كانت طريقة إعلانه وصياغته على هيئة منحة من الحاكم الى الشعب المصرى.

ودون أن يمنح هذا الشعب آليات تمكن مواطنيه وجماعاته المنظمة من احزاب ونقابات ومؤسسات عمل أهلى، من إبداء رأيهم فيه حيث يسمح لهم بإقتراح تعديلات، أوالأدلاء بالرأى فى أى تعديل على الدستور، فقد حصرت المادة 189 من الدستور، طلب تعديله على السيد رئيس الجمهورية، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس الشعب، بشرط ان يوافق على التعديل فى الحالتين ثلثين الأعضاء من المجلس ثم يطرح التعديل على الاستفتاء.

وهو مايعني فى ظل الواقع السياسى فى مصر منذ 1952 الذى يحتكر فيه الحزب الحاكم المشكل للسلطة التنفيذية، أى كان أسمه الاغلبية المطلقة فى المجلس التشريعى، وهو لا يقدم على أى خطوة دون إذن تلك السلطة التى على رأسها رئيس الجمهورية، أى أن الرئيس ينفرد بالتعديل، وهوعندما يستفتي الشعب فهو إستفتاء شكلي، وقد أكتسبت الأستفتاءات فى مصر عبر عصور طويلة سمعة سيئة فى تزويرها، ونسبة 99.999% هى محل أنتقاد وسخرية العامة فى مصر ، فالدستور فى مصر ينشئ ويعدل فى غياب رأى المواطنيين المصريين وقوى المجتمع المدني من احزاب ونقابات ومثقفين واكادميين .
وهو شئ مخالف لفلسفة إنشاء الدساتير فالدستور يجب ان يكون محل اجماع من كافة قوى المجتمع على إختلافها .

ثالثا : المناخ العام الذى تجرى فيه التعديلات الدستورية سيئ حيث تعاني فعاليات المجتمع المصرى، من غياب الحريات العامة فبموجب سلطة الطوارئ وبحزمة من التشريعات السيئة والمقيدة للحريات، قيدت حرية الراى والتعبير وحق التجمع السلمي والتظاهر والاضراب وإطلقت يد الاجهزة الامنية في تسيير شئون الحياة العامة فى مصر .

وفرضت الحراسة على نقابات مهنية عريقة كالمهندسين، وعطلت الانتخابات فى نقابة الاطباء، وفرضت الدولة سيطرتها على نقابات أخرى كالمعلمين.

وحفلت الانتخابات البرلمانية 2005 بالتدخلات الادارية والامنية لتمكين الحزب الحاكم من الحصول على الاغلبية المطلقة فى البرلمان، وطالت تلك التدخلات إنتخابات النقابات العمالية واتحادات الطلاب، وشاهدت السنوات الماضية إحالة العديد من الصحفيين إلي محكمة الجنايات، وإحالة برلمانيين كأيمن نور وطلعت السادات الى محاكمات غير عادلة منعتهم من الوقوف أمام قاضيهم الطبيعي، وتم التضييق على أنشطة حركات التغيير، بالإضافة إلى حملة الاعتقالات التى طالت قيادات الأخوان المسلمين، ورفض محكمة الأحزاب إنشاء 14 حزب دفعة واحدة.

أى أن السلطة التنفيذية بأجهزتها الادارية والامنية فرغت الحياة السياسية والاجتماعية من مضمونها، وهو ما نتج عنه غياب منظمات المجتمع المدنى وقواه الحية من إبداء الراى فى تلك التعديلات، فلا نقابات مهنية ولاعمالية ولا اتحادات طلاب ولا احزاب سياسية.

كل تلك الفعاليات محرومة من ادواتها فى التعبير عن أرائها والتواصل مع قواعدها الجماهيرية عبر أدوات سلمية.

رابعا :
طريقة مناقشة التعديلات الدستورية فى المجالس النيابية مجلسي الشعب والشورى، تفتح الباب مجدداً أمام مناقشة دور تلك المؤسسات فى الدولة، وفي قدرتها على لعب دور تشريعى بسن القوانين التي تنظم الحياة العامة في مصر، وا دورها الرقابى علي أعمال للسلطة التنفيذية. فقد اثبتت بما لايدع مجالا للشك ان تلك المؤسسات التشريعية، تسيطر عليها السلطة التنفيذية فتأتمر بأوامرها ولاتستطيع المؤسسة التشريعية تجاوز الخطوط الحمراء التي تضعها السلطة التنفيذية وأجهزتها لها.

وكانت المناقشات حول تعديل المادة 76 فى مجلسي الشعب والشوري، العام الماضى خير مثال على ذلك فعندما صدرت تصريحات من السيد رئيس الجمهورية ترفض اى حديث عن تعديل المادة 76 كانت المجالس النيابية ترفض مناقشة ذلك، وعندما يقترح بعض المنتميين لاحزاب المعارضة مناقشة تعديل المادة يقف فى مواجهتهم رموز الحزب الحاكم ويتهمون و ينعتون طالبي التعديل باثارة القلاقل والمشاكل، بل ووصل الامر إلي إلقاء التهم بالخيانة والعمالة، وفجأة عندما اقترح السيد رئيس الجمهورية التعديل اصبح التعديل تاريخي ويفتح الآفاق امام الديمقراطية الحقيقة، وانبرت نفس الرموز فى الدفاع عن التعديل واثناء مناقشة التعديل دافعت عن مقترحات الحزب الحاكم للتعديل المعيبة قانوناً والمجحفة سياسياً.

و تم التضييق على فعاليات المجتمع المصرى من منظمات المجتمع المدنى والمثقفيين والأكاديميين والحقوقيين والمنتمين للقوي السياسية المعارضه فى إبداء رأيهم وبعد اقرار المادة ظهرت عيوب لها أعترفت بها رموز من الحزب الحاكم، تلك العيوب التي كانت الاصوات المعارضة قد نبهت لها من قبل .

والأن يتكرر نفس السيتاريو فالرئيس يرسل بـ34 تعديل، للجان مجلسي الشعب والشورى فلا يضاف اليها حرف أو كلمة، والمبادرة كعادتها تاريخية، وأى مواد لم يشملها طلب التعديل لا يسمح بالحديث فيها، وتقر من حيث المبدأ، وتتأخر جلسات مجلس الشعب لحين حضور نواب الاغلبية ويطرد احد نواب الحزب الوطني من المجلس بطريقة مشينة عندما يعلن عن رأيه المعارض، ويتم التضييق على رموز المعارضة فى إبداء أرائهم، ولا يسمح لمنظمات المجتمع المدنى من أحزاب ونقابات ومؤسسات عمل أهلي وتنموي من إبداء أرائهم ولو علي هيئة توصيات ويتم تجاهل حضورهم كمراقبين كل تلك الامور تجعل من تلك التعديلات تكريس لهيمنة السلطة التنفيذية.

خامساً: تابع مرصد حالة الديمقراطية رؤى ومواقف القوى السياسية المختلفة ومنظمات المجتمع المدنى من تلك التعديلات وجاءت كما يلى

1.تيارالاسلام السياسي:
أ/ جماعة الاخوان المسلمين: مما لا شك فيه أنه منذ الانتخابات التشريعية الاخيرة والتى حصلت فيها الجماعة على 88 مقعد فى المجلس التشريعى والسلطة التنفيذية بأجهزتها الادارية والامنية ، فى حالة مواجهة مستمرة مع الجماعة، وجاء إعلان الجماعة على تصميمها خوض إنتخابات النقابات العمالية وصدور التصريحات على لسان مسئولها عن ملف تلك الانتخابات لإستعداد الجماعة للفوز بثلثى مقاعد النقابات العامة، وخوض طلاب الجماعة والعاطفيين عليه حرب ضروس فى الجامعات المصرية اثناء انتخابات اتحادات الطلاب وتشكيلهم لاتحادات طلابية موازية ، كل تلك الأحداث زادت من حدة الصراع بين الطرفيين، وعلى الجانب الآخر تباينت مواقف القوى السياسية من تيار الاخوان المسلمين ، البعض يطالب بشرعنة جماعة الاخوان والسماح لها بالاندماج فى الحياة السياسية المصرية والاعتراف بهم، والبعض الآخر يشكك فى نوايا الجماعة من قضايا المواطنة والحريات والموقف من الاقباط والمراة والعلاقات الدولية مع دول الجوار. وجاءت حادثة جامعة الازهر والتى استعرض فيها طلاب منتميين للجماعة القوة البدنية لهم بإستخدام اسلحة وارتداء اقنعة على غرار حركات المقاومة الاسلامية فى فلسطيين والعراق، وهو ما زاد من حدة الصراع بينهم وبين الدولة، وزادت حالة الانقسام بين النخب حول الموقف من الاخوان، وتعرضت الجماعة لضربات امنية متلاحقة طالت رموز فى مكتب الارشاد، وبعض رجال الاعمال الممولين لانشطة الجماعة.

وقد أثرت تلك الأحداث المتتالية علي مواقف الجماعة من التعديلات الدستورية، والتي صدرت علي هيئة تصريحات على لسان رموز الجماعة من اعضاء مكتب الارشاد، هذا وقد عقدت الجماعة مؤتمر صحفى بعد إعلان الرئيس رؤيته للتعديلات، أكدت فيه الجماعة أن الغرض من التعديلات هو القضاء على نفوذها المتنامى منذ الانتخابات التشريعية، واعلن د. محمد البلتاجى الامين العام للكتلة البرلمانية للاخوان بمجلس الشعب، عن استعداد الجماعة لتأسيس حزب سياسى والبدء فى وضع برنامج له، وسرعان ما صدرت تصريحات على لسان قيادات الجماعة فى مكتب الارشاد تنقى تلك التصريحات وتؤكد على أن الجماعة لا تستطيع التقدم بحزب سياسى للجنة شئون الاحزاب التى لا تعترف الجماعة بشرعيتها، وان الجماعة لن تتنازل عن شكلها كجماعة دعوية، وأن البرنامج الذى بصدد إعداده هو برنامج سياسى يحدد موقف الجماعة من قضايا المجتمع المختلفة.

هذا وقد استغلت الجماعة وجودها القوى وسيطرتها على نقابة الاطباء التى اعلنت عن رؤيتها للتعديلات الدستورية فى اجتماع لها فى 12 يناير 2006 وجاء مقاربا لموقف الأخوان من تلك التعديلات.

كما استغلت نفوذها القوى داخل نقابة المحاميين وبالأخص فى لجنة الحريات التى يترأسها منتصر الزيات عضو المجلس واحد اقطاب التيار الاسلامى و محامى الجماعة الاسلامية التي لم تصدر أي موقف من تلك التعديلات هي وباقي المنظمات الأسلامية الراديكالية التي أعلنت مبادرة وقف العنف من جابنها.

هذا وقد عقدت لجنة الحريات بنقابات المحامين اكثر من جلسة استماع وحدثت فى احد تلك الجلسات مواجهة بين المستشار القانونى للسيد رئيس الجمهورية أ/ محمد الدكروري المحامي، وبين عضو مكتب الارشاد د. عصام عريان حول الهدف من التعديلات الدستورية.

وتبادل الطرفيين الاتهامات حيث إتهم مستشار الرئيس الاخوان بالخلط بين الدين والسياسة، ورد علية د. عصام العريان أنه إذا كان هناك تيار اسلامى فاعل ومدنى فما المانع من قيام حزب يمثله كما أكد أن حظر قيام الاحزاب بمرجعية دينية قنبلة دخان اطلقتها الحزب الوطنى ليشيع بأن هناك خطر وغولا يهدد المجتمع المصري إسمه الإخوان.

وقد تلخصت رؤية الاخوان فى تلك التعديلات فى انتقادهم تجاهل تعديل المادة 77 من الدستور، والتى طالبوا بتعديلها حيث ينبغى ان تحدد مدد الترشيح والايتجاوز سن المرشح سبعين عاما عند ترشحه.

كما انتقدت الجماعة تجاهل التعديلات للمادة 87 والتي حددت نسبة الـ50% للعمال والفلاحين فى المجالس النيابية.

وانتقدوا كذلك تعديل المادة 5 ورأو انها نص خطير يراد زرعه فى الدستور لمصالح حزبية ضيقة تريد تأميم الحياة السياسية وتقصر العمل السياسى على بعض الدوائر الضيقة.

وكذلك مطالبتهم بعدم المساس بالمادة 88 وإعادة النظر فى تعديل المادة76 وتحقيق شروط عادلة للترشح لمنصب رئيس الجمهورية وتعديل نص المادة 93 لفض النزاع بين القضاء ومجلس الشعب فى الفصل فى صحة عضوية اعضائه.

ب- حزب الوسط: جاء رفض محكمة الاحزاب لحزب الوسط مع13 حزب آخر بعد معارك قضائية امتدت لاكثر من عشرة سنوات والتي تقدم فيها مؤسسي الحزب ثلاث مرات باوراق الحزب للجنة الاحزاب، شغلت تلك الأمور الحزب عن مناقشة التعديلات الدستورية وتركزت انتقاداتهم على قانون الاحزاب وموقف محكمة الأحزاب من حزب الوسط.

وان كانت صدرت تصريحات على لسان اقطاب الحزب ترفض التعديل الجزئي للدستور وترحيبهم بتغير الدستور كاملا” مع رفضهم لبعض التعديلات مثل المادة 88 وتجاهل تعديل المادة 77.

2. التيار الليبرالى:

أ‌- حزب الوفد القطب الاكبر للتيار الليبرالى:
اعلن موقفه فى اجتماع مكتبه السياسى، ونشر فى جريدته اليومية وتتلخص فى التالى:

1. عدم المساس بمواد الباب الثالث من الدستور بشأن الحريات والحقوق والواجبات العامة وهى المواد من (40- 63) .

2. المادة 74 واكد الحزب على ضرورة الغاء المادة التى تسمح لرئيس الجمهورية بإتخاذ الاجراءات الاستثنائية .

3. كما طالب الحزب تعديل المادة 76 ، 77 بما يسمح بمنح فرص متساوية للمرشحين على منصب الرئاسة، وقصره على مدتين .

4. كما طالب الحزب بضرورة الابقاء على المادة 88.

5. وتعديل المادة 89 و93 المتعلقين باحتفاظ عضو مجلس الشعب العامل فى الحكومة والقطاع العام بوظيفته اثناء عضويته للمجلس، واختصاص المجلس بصحة عضوية اعضائه.

وعلى الرغم من تلك المواقف الواضحة للحزب الا ان اداء رئيسه والاعضاء المنتميين له فى مجلس الشعب قد أثار انتقادات القوى السياسية المختلفة ، وخاصة موقف رئيسه الذى كان عضو فى اللجنة الفرعية المنبثقة من اللجنة العامة لمناقشة التعديلات والتى كانت تضم بين عضويتها سبعة اعضاء، والتى عرضت رؤية الرئيس كاملة فى التعديلات دون أى إضافة او حذف وهو خلاف الموقف المعلن للحزب، كما كان حزب الوفد هو الفصيل المعارض الوحيد الذى وافق على التعديلات من بين الاحزاب الممثلة فى البرلمان أو قوى المعرضة المحجوب عنها الشرعية أو المستقلين أو الاحزاب تحت التأسيس.

وقد اثار موقف الحزب أشكاليات داخله، فاستقال سعيد الجمل رئيس اللجنة التشريعية بالحزب احتجاجا على موقف نوابه فى المجلس من التعديلات.

كما ظهرت آثار الانشقاق الحادث فى الحزب بين جبهتى أباظة التي وافقت على التعديلات من حيث المبدأ، بينما رفضت جبهة نعمان جمعة الذى رفض النواب الاثنين المنتميين لجبهته التعديلات من حيث المبدأ.

ب‌- حزب الغد: يتأثر الحزب كثيرا بحبس رئيسه السابق ايمن نور ويعانى من استقالات متتالية لاعضاء بارزيين فيه وقد أنشغل الحزب بالمطالبة بالافراج عن رئيسه وأن كان صدر فى الجريدة الناطقة باسمه رفضه لتلك التعديلات واعتبارها صورية لا تؤثر فى تطور الاصلاح السياسي فى البلاد وفي وقفة أحتجاجية أمام البرلمان للمطالبة بالأفراج عن أيمن نور رفع أعضاء الحزب لافتات تندد بالتعديلات الدستورية.

ج- صدرت عدة أنتقادات من شخصيات ليبرالية مستقلة لطريقة مناقشة التعديلات ورفضت تلك الشخصيات المساس بالحريات العامة عند سن قانون لمكافحة الأرهاب وأكدوا على ضرورة أستمرار الأشراف القضائي.

د- عقد حزب الجبهة الديمقراطية تحت التأسيس مؤتمر صحفي رفض فيه التعديلات الدستورية على الرغم من موافقة د.أسامة الغزالي حرب وكيل مؤسسين الحزب على التعديلات من حيث المبدأ في مجلس الشورى وعلى الرغم من هجومه الشخصي على التعديلات في وسائل الأعلام.

3.التيار اليسارى:

أ‌- حزب التجمع : القطب الاكبر للتيار اليساري
أعد ورقة بموقفه من التعديلات الدستورية حملت عنوان (أقتراحات الرئيس لا تلبى أحتياجات التطور الديمقراطى فى مصر) وأكد المكتب السياسى للحزب أن تعديل المادة 88 من الدستورهو انتقاص مرفوض من الأشراف القضائى على الانتخابات بكافة مراحلها، كما أن التعديلات المزمع أدخالها على مواد الدستور 45،42،41 هى أنتقاص من الحريات والحقوق العامة فى طريق تطبيق قانون مكافحة الارهاب المزمع الدفع به قريبا”.

وطالب التجمع بتعديل المادة 77 من الدستور وتحديد فترة الرئيس بولايتين فقط، والتعديل الشامل للمادة 76 والغاء القيود أمام الترشيح لمنصب الرئيس.
كما طالب الحزب بتكافؤ الفرص بين الجميع في خوض الأنتخابات بكافة انواعها
( تشريعية – رئاسية – محلية ) وعدم أستبعاد المستقلين.
كما كان حزب التجمع هو الفصيل السياسى الوحيد الذى رفض حذف المواد المتعلقة بالأشتراكية.
وان كان موقف الحزب فى المجالس النيابية به تناقض واضح مثله فى ذلك مثل حزب الوفد، فعلى الرغم من عدم وضوح موقف المكتب السياسي فى ملاحظاته، وعدم اعلانه موقف صريح من الموافقة على التعديلات او رفضها،فإن أعضائه فى مجلس الشورى ومنهم رئيس الحزب قد أعلنوا عن موافقتهم المبدئية على التعديلات مع تحفظهم على بعض البنود، إلا أن عضو الحزب محمد عبد العزيز شعبان فى مجلس الشعب قد رفض التعديلات فى المجلس، وهو موقف غير مفهوم ولم يستطع المراقبون معرفة رؤية الحزب فقد أختلف موقف المكتب السياسى عن موقف الهيئة البرلمانية فى مجلس الشورى، عن موقف عضوه في مجلس الشعب.

والحقيقة أن موقف الوفد والتجمع أقطاب المعارضة الرئيسية من التعديلات الدستورية، وتناقضه الواضح لهو تعبير عن عمق أزمة الحياة الحزبية في مصر.

ب‌- التحالف الاشتراكى:
هو تحالف يضم التنظيمات اليسارية المختلفة من أحزاب شرعية وأحزاب محجوب عنها الشرعية، أو أحزاب تحت التأسيس، وقد أعلن رفضه المساس بالمواد المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية التى تمكن الطبقات الشعبية من حماية تلك الحقوق، ورفضه الكامل للتعديلات التي تمس الحريات العامة، وكذلك رفضه للتعديلات التي تمكن المشرع من تنظيم قوانين الأنتخابات دون تحقيق رقابة المحكمة الدستورية، واعلن التحالف عن عدم اهتمامة بالموادالمتعلقة بالاشتراكية حيث انها اصبحت كالحبر على الورق وان الاشتراكية لم تتحقق بتلك التعديلات ولا ضرر عليها من حذفها.

3- التيار القومى
الحزب الناصرى : جاءت الخلافات بين تيارين فى الحزب – الاول بقيادة سامح عاشور نقيب المحاميين وقائد حركة ما يسمى الاصلاح والتغيير، والتيار الاخر بقيادة احمد حسن الامين العام للحزب لتؤثر على موقف الحزب ورؤيته من التعديلات الدستورية حيث اهتم اعضائه بمحاولة اصلاح الحزب، وأنشغلوا بالصراع الدائر بين الطرفيين .

وان كان الحزب قد عقد مؤتمر جماهيري فى دمياط شن فيه سامح عاشور هجوما عنيف على التعديلات الدستورية التى يقوم بها الحزب الوطنى الذى يحتكر كل شئ رافضا الاستفتاء بطريقة الصفقة الواحدة على جميع المواد التى شملت، التعديل مؤكدا انه منطق مرفوض وغير مقبول، و مشددا على ضرورة مشاركة الشعب باطلاق الحريات، والغاءحالة الطوارئ التى تمثل سيف على رقاب المواطنيين.

ب- حزب الكرامة تحت التأسيس : صدر موقفه على لسان وكيل المؤسسين حمدين صباحي الذي رفض التعديلات من حيث المبدأ في مجلس الشعب، وقال انه على الرغم من ان مصر فعلا فى حاجة التى تعديل الدستور الا ان التعديلات لا تلبى احتياجات مصر، وطموحات الشعب فى الديمقراطية والكرامة ،لان التعديلات الحالية مخيبة لامال الشعب المصرى وانهم لو خيروه بين كل هذة التعديلات وتعديل المادة 77 لأختار تعديل تلك المادة.

رابعا موقف نادى القضاة :
طلب النادى على لسان رئيسه المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادى القضاة لقاء د. احمد فتحى سرور رئيس المجلس لعرض رؤية القضاة فى التعديلات الدستورية، وذلك بعد الندوة التى عقدوها فى ناديهم النهري يوم 20 يناير، وقد أرسل القضاة خطابا للرئيس مبارك مؤرخ فى 9 يناير بعد أتصالات مع السيد زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية الذى نقل لهم تحية الرئيس للقضاة، هذا وقد طلب القضاة في خطابهم ان يرشح الرئيس من يراه للمداولة مع النادى فى شأن التعديلات الدستورية التى تم طرحها امام مجلس الشعب والشورى.

وكان موقف القضاة من التعديلات قد أعلن فى مؤتمرهم الذى أنعقد فى النادى النهرى يوم 20 يناير :

    • 1. ابدى القضاة ملاحظاتهم على المادة 88 من الدستور ، وأعلن القضاة إصرارهم على الإشراف الكامل على العملية الانتخابية منذ القيد فى الجداول الانتخابية حتى اعمال الفرز واعلان النتائج ، مع توفير الضمانات الكافية للقضاة فى مواجهة أعمال العنف ومنع الناخبين من الوصول الى مراكز الاقتراع .

    • 2. انتقد القضاة عجز المادة 76 فى شأن الاشراف على الانتخابات الرئاسية، والتى حصنت فيها المادة أعمال اللجنة المشرفة على الانتخابات من الطعن على قراراتها امام الجهات القضائية. ،

    • 3. أنتقد القضاة عجز المادة 93 فى شأن التحقيق فى الطعون الانتخابية، والفصل فى صحة الطعن والعضوية لأعضاء مجلس الشعب ،

    4. طالب القضاة برعاية الحدود الفاصلة بين السلطات الثلاث وهى احد المهام الموكلة لرئيس الجمهورية وفقا لنص المادة 73.

كما رفضت الجمعية العمومية لنادى قضاة اللأسكندرية التعديل المقترح على المادة 88 من الدستور، واعلنوا تمسكهم بالاشراف الكامل على الانتخابات بمبدأ قاضى على كل صندوق، كما رفضوا اقتراح اجراء الانتخابات فى يوم واحد لان ذلك يعنى استحالة الاشراف القضائى الكامل على الانتخابات، بمقتضى احكام محكمة النقض فى الطعون الانتخابية واعلان برأة القضاة من نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية، اذا لم تتم تحت الاشراف الكامل وقد صدرت تصريحات على لسان أعضاء مجلس ادارة نادى القضاة فى القاهرة والاسكندرية، تؤكد على تصعيد الموقف من الاشراف القضائى الكامل ومواجهة ذلك بالوقفات الاحتجاجية والاضراب عن العمل، وقد تصاعدت الازمة بعد تصريحات وزير العدل عن القضاة فى اللجنة التشريعية فى مجلس الشورى .

والمدهش ان القضاة جاءت معظم تصريحاتهم حول الاشراف القضائى، مع تجاهل صدور اى موقف يتعلق بتعديل المادة 173 الخاصة بالغاء المجلس الاعلى للقضاء وتشكيل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية، ويرأسه رئيس الجمهورية مع الغاء نظام المدعى الاشتراكى والغاء محكمة القيم والتوسيع من سلطة النائب العام بعد اجراء قانون مكافحة الارهاب، وهى مواقف كان الاجدى بالنادى الاهتمام بها حيث تتعلق بسير العدالة وتؤثر في اعادة تشكيل السلطة القضائية فى مصر.

ومرصد حالة الديمقراطية بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية وهويعد تقريره الاول عن التعديلات الدستورية منذ اعلان الرئيس للتعديلات، وما تبعه من مواقف القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمناقشات المبدئية فى المجالس النيابية، والذى سيتبعه المرصد بتقارير اخرى عن مواقف القوى المختلفة وتحركاتها في التعامل مع تلك التعديلات وطريقة مناقشة التعديلات في المجلس التشريعي وفى الاستفتاء عليه.

فأنه يرى ان الدستور المصرى الذى يعانى من مشكلات فى بنيته ومخالفة بنوده للمعايير والمواثيق والاتفاقات الدولية، والتى اقرت بها الشرعة الدولية والتى صادقت ووقعت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة، وان تلك المشكلات لا يفلح معها سوى تعديل الدستور بالكامل، وان ذلك يلزم له فترة انتقالية يتم فيها اختيار جمعية تأسيسية تشمل مختلف قوى المجتمع الحية.

إلا ان ذلك لا يعنى تجاهل تلك التعديلات اثناء مناقشتها ويطالب المرصد بمنح الفرصة امام منظمات المجتمع المدنى للأدلاء برأيها فى تلك التعديلات والسماح لها بحضور جلسات المجلس التشريعي بصفة مراقب.

مرصد حالة الديمقراطية
بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية