4/5/2005
طالعتنا جريدة الغد اليوم الاربعاء الموافق 4 مايو 2005 فى صفحتها الأولى تحت عنوان ” نطالب بإستقالة وزير الداخلية ” بصورة لا نستطيع وصفها سوى بأنها فضيحة للداخلية بكافة المعايير الدولية والإنسانية، وتعبر بشكل واضح عن إنتهاكات وزارة الداخلية داخل مؤسسات رعاية الأحداث بمصر…
ومنذ أكثر من العام أصدرنا تقريرا حول ” أوضاع الاحداث فى مصر ” وكان السبب الرئيسى وراء اصدار التقرير هو الانتهاكات التى تمت وقتها فى مؤسسة رعاية الأحداث بالمرج ونشرته جريدة الأهالى على مدار اسبوعان ” حين أمر الضابط المكلف من قبل وزارة الداخلية بمعاقبة أحد الأطفال النزلاء بالمؤسسة لمخالفته النظام، حيث تم تعليقه على عارضة الهدف فى المؤسسة ، وأمر زملائه بالاعتداء عليه ثم قام برش العسل عليه وتركه معلقا لتتمكن الحشرات هى الاخرى بتنزيل العقاب به وليكون عبرة لباقى الأطفال !!!” وتقدمنا وقتها ببلاغ لوزارة الداخلية حول هذه الانتهاكات وطالبنا بأهمية معاقبة هذا الضابط وتحويله للتحقيق وتوقيع أقصى العقوبة الممكنة عليه …
وأثناء الاجتماعات الخاصة بالرد على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن العنف ضد الأطفال، بمقر المجلس القومى للأمومة والطفولة، وكان مشاركا عن وزارة الداخلية السيد اللواء / محمود هانى – المسئول عن الأحداث – كرر المركز مطالبته بأهمية فصل الضابط المتهم بإستخدام العنف ومعاقبته على ذلك ، حيث أكد السيد اللواء مسئول الاحداث بالداخلية أنه تم إيقافه عن العمل…
ويشير الواقع وتكرار عمليات التعذيب والعنف داخل هذه المؤسسات والانتهاكات التى تقع من أفراد وممثلين وزارة الداخلية ضد الأطفال سواء داخل مؤسسات الأحداث أو مقار الاحتجاز بأقسام الشرطة، حيث يتم الجمع بين الأطفال والكبار من معتادى الاجرام، وما يترتب على ذلك من إنتهاكات داخل مقار الاحتجاز من المتهمين أنفسهم على الأطفال، أو من قبل رجال الشرطة الغير مدربين على التعمل مع الأطفال وحماية حقوقهم…
وبالرغم من العديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية التى وقعت عليها مصر من أجل الحفاظ على الطفل وحمايته وتنميته، ووجود العديد من التشريعات المصرية تحتوى فى مضمونها على العديد من أشكال الحماية من العنف ضد الأطفال إلا أن الواقع الملموس يشير بقوة إلى غياب تفعيل هذه التشريعات بالطريقة التى تضمن الحماية الحقيقية لأطفالنا، ويتطلب الأمر ضرورة العمل على تطوير التشريعات القائمة على الروح العقابية باعتبارهم مجرمين خارجين على القانون، وليس ضحايا وإفرازا للعنف الذى تفشى فى مجتمعاتنا والذى تعد السياسات الاجتماعية والاقتصادية من أهم الأسباب المؤديه لتفاقمه…
ان كافة القوانين التى تعاملت مع الطفل المعرض للانحراف تعاملت معهم لا بصفتهم معرضين للانحراف وفى حاجة للحماية من المجتمع بكافة صورها بل تعاملت معهم بوصفهم مجرمين فعليآ وهو ما عكستة فلسفة هذة القوانين التى تسرى احكامها لحماية الاحداث من التعرض للانحراف وهى فلسفة قائمة على فكرة الخطورة الاجتماعية المتوقعة والتى تستند لاحتمال ارتكاب جريمة فى المستقبل اى فكرة السلوك الاجرامى المحتمل وليس ما حدث بالفعل وهو ما تظهرة بوضوح التدابير والاجراءات الواردة فى القانون 12لسنة1996والتى على الرغم من كونها اجراءات او تدابير تميل لتخفيف اساليب المعاملة الجنائية للاطفال فان الاصل فيها هوتوقيع تدابير وقائية او علاجية وهى فى النهاية عقاب وبمثابة معاملة جنائية وهو ما يظهر فى نص المادة 1107التى تعاقب الطفل المتشرد -كونة متشردآ -بالايداع فى مؤسسات الرعاية الاجتماعية لمدة تصل الى ثلاث سنوات وهو ما اعتبرتة محكمة النقض فى احد احكامها عقوبة جنائية بألمفهوم القانونى الذى يقيد من حرية الجانى وهو ما يعنى فى زيادة حجم الانتهاك والاضطهاد الواقع على هؤلاء الاطفال فى الوقت الذى لا يقدم لهم القانون او المجتمع اى شكل من اشكال التدخل الجدية والانسانية لاعادة ادماجهم فى المجتمع الذى يجب ان يستردهم اولآ الى صفوفة كبشر لهم حق الحياة الامنة المستقرة …
هذا وقد شارك مركز حقوق الطفل المصرى بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات ووزارة العدل المصرية، فى تقديم مقترح بتعديل مواد الباب الثامن الخاص بالمعاملة العقابية للأحدث فى قانون الطفل المصرى منذ نوفمبر 2004، بما يضمن حقوق هؤلاء الأطفال…
ومازال هناك العديد من أشكال العنف الواقع على الطفل فى مصر وفقاً لآخر التقارير التى صدرت فى مصر فى مختلف القطاعات التى تتعامل مع الطفل المصرى…
قطاع المؤسسات العقابية للأحداث
وفقاً لإحصائيات مؤسسة الأحداث بالمرج لعام 2001 عن الأطفال المحكوم عليهم أو المحبوسين احتياطياً، والذى بلغ عددهم (2739 طفل) بزيادة عن العام السابق (2671 طفل) وبلغ عدد أطفال الجدد بينهم (2126 طفل) والباقى من العام السابق (613 طفل) …
المعاملة العقابية للحدث
أظهرت مؤشرات الأحكام الصادرة على الأحداث الجانحين ملاحظة ارتفاع نسبة الأطفال المحكوم عليهم بالسجن بمدة تزيد عن عشر سنوات والتى بلغت نسبتهم (21.2) مما يشير إلى عدم ميل القضاة إلى تطبيق أحكام مخففة متجاهلين المادة (111) من قانون الطفل ، عدم استخدام المادة 17 من قانون العقوبات التى تجيز استخدام الرأفة والتى يمكن باستخدامها الحكم بوقف تنفيذ العقوبة وعدم الاتفاق مع قواعد الأمم المتحدة الدنيا بمعاملة الأطفال المنحرفين والتى تلزم أن يكون سلب حرية الطفل فى أضيق نطاق وأن يكون اللجوء للعقوبة هو الحل الأخير:-
حيث بلغت نسبة المحكوم عليهم فى جرائم القتل العمدى البسيط 66 طفلاً ( عينة الدراسة 205 طفل) والتى أوضحت :-
- أن نسبة الأحكام بالحبس مدة أقل من ثلاث سنوات بلغت 9.1%
- نسبة الأحكام بالحبس من ثلاث سنوات إلى سبع سنوات 22.7%
- من عشر سنوات فأكثر 21.2%
الحبس الإحتياطى بالرغم من توقيع مصر على قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حقوقهم والتى تؤكد على أهمية تجنب ما أمكن احتجازهم قبل المحاكمة وقصر ذلك على الظروف الاستثنائية “م 17 ” فمازال القضاء المصرى يميل إلى التوسع فى الحبس الإحتياطى وعدم استخدام البدائل التى ضمنتها الفقرة الثانية من المادة 119 والخاصة بتسليم الطفل إلى إحدى ولديه.
وهو ما يوضح زيادة نسبة الأطفال المحبوسين احتياطياً داخل كل فئة من الجرائم إلى ما يقرب من النصف حيث بلغت نسبة المحبوسين احتياطياً منذ عام 2001، (31.7%) وهناك أطفال رهن الحبس الإحتياطى منذ عام 2000 بلغت نسبتهم من إجمالى الموجودين بالمؤسسة 2.4%
والأمر الذى يشير إلى خطورة طول مدة الحبس الإحتياطى خلق اختلاطا بين الأطفال رهن المحاكمة مع الأطفال المنحرفين المحكوم عليهم مما يؤثر على زيادة احتمالية انحراف الأطفال المحبوسين احتياطيا فى ظل عدم وجود نظام دقيق للتصنيف أو فصلهم عن المنحرفين وهو ما يعد أيضاً إنتهاك لنفس الاتفاقية السابقة ” م 28 “.
هذا وقد أجرى مركز حقوق الطفل المصرى مقابلة مع أحد الخبراء الاجتماعيين بمؤسسة الأحداث بالجيزة والذى أكد حدوث انتهاكات واقعة على الطفل الحدث رهن الإحتجاز وداخل المؤسسات الرعاية الاجتماعية : –
- سوء المعاملة داخل أقسام الشرطة وحبس الطفل أكثر من أسبوع دون ترحيله إلى أماكن الإيداع.
- عدم مراعاة الظروف الخاصة بالطفل واحتجازه مع البالغين.
- استعمال القيود الحديدية وتقييد أكثر من طفل فى قيد حديدى وجعلهم فى وضع معكوس وتضيق الأساور الحديدية على يد الطفل للحد الذى يصل إلى حدوث إصابات وورم اليد.
- الاعتداءات الجسدية والجنسية على الحدث من قبل المجرمين البالغين فى نفس مكان الإحتجاز.
- عدم وجود تصنيف بين الأحداث جميعاً بصرف النظر عن نوع الجريمة أو العقوبة
- تقسيم الأطفال بنظام الأسر واعتبار أكثرهم خبرة فى الإجرام هو مسئول الأسرة وهو ما يسمح له بضربهم وإحداث إصابات بهم بسبب عدم الأمتثال للأوامر.
- الإيذاء البدنى من المشرفين بالمؤسسة على الأطفال المودعين الذى يصل إلى حد التعذيب الواضح (الضرب – الحرمان من الطعام – التعليق – طفئ السجائر فى أجسادهم)
ويطالب مركز حقوق الطفل المصرى :
-
- سرعة التحقيق من ضباط وزارة الداخلية المتهمين بتعذيب الأطفال والافراط فى استخدام العنف ضدهم وفقا لمبادئ حقوق الإنسان وقواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حقوقهم، ومدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، وتوقيع أقصى العقوبة ضد من يثبت عليه الاتهام أى كان منصبه.
-
- تطوير التشريعات القائمة التى تتعامل مع الطفل، والقائمة على الروح العقابية باعتبارهم خارجين على القانون، وتطوير أساليب عمل الأجهزة القضائية فى هذا المجال مع ضرورة الأخذ بتقرير الأخصائى الاجتماعى فى المحاكمات.
-
- ضرورة تحديد دور جهاز الشرطة فى حفظ أمن مؤسسات رعاية الأحداث وفقط دون التعامل بشكل مباشر مع الأطفال المودعين بداخلها.
أهمية تدريب الأخصائيين الاجتماعيين المعينين من قبل وزارة الشئون الاجتماعية، وإشراك منظمات المجتمع المدنى فى الإشراف عليها.