30/1/2008

الهدفَ من سرعة إنجاز هذا القانون يظهر واضحا في أمكانيه توفير الأمان لمواطني الشعب المصري، وحاجة المرضى ممن هم تحت خط الفقر والذي سوف يخدمهم هذا القانون بشكل مباشر دون غيرهم لان من هم أيسر منهم حالا قادرين علي شراء ما يحتاجونه من أعضاء بمالهم الخاص .

ولعل الجدل القائم بشأن تحقق الوفاة من عدمها هو معضلة هذا القانون الاساسيه والتي كثر الحديث عليها عند مناقشه هذا المشروع فانقسم المتناقشون إلي مدرستين في تفسير الوفاة .

فالمدرسة الأولي تمثلت في المدرسة التقليدية ، والتي يؤمن روادها بضرورة توقف جميع أجهزة الجسم، من اجل تتحقق الوفاة أما المدرسة الأخرى التي تتبنَّى وفاة جذع المخ فيطلق عليها المدرسة الحديثة ، فجميع ما سبق كان مقدمه لا بد منها قبل الدخول في تفاصيل هذا المشروع ، فالمهم ألان هو العمل علي تذليل الصعاب التي تواجه المواطن المصري البسيط الذي يتحمل الكثير من النفقات من اجل صحته فضلا عن النفقات التي يتحملها لقضاء حاجته اليومية ، فيجب أن يكون الشغل الشاغل لدينا هو العمل علي تحسين الأحوال الصحية لكافه المواطنين دون أثقال كاهلهم بأعباء أكثر مما يتحملونها . فمن منطلق الجدلية الكبيرة التي صاحبة هذا القانون وخاصة فيما طوته نص المادة ( 11 ) من أحكام فيما يتعلق بالوفاة وجب علينا البدء في الحديث عنها قبل التطرق إلي باقي نصوص هذا القانون ، وجعلنا نتسأل حول مدي مخالفة المادة (11) من مشروع القانون للدستور المصري من عدمه.

حيث تنص المادة (11) من المشروع علي الأتي
” يقصد بالموت في تطبيق إحكام هذا القانون المفارقة التامة للحياة , ويتم التحقق من الوفاة بصورة قاطعه بواسطة لجنه تشكل من ثلاثة أطباء متخصصين علي الأقل وبناء علي معايير دوليه دقيقة تحددها اللائحة التنفيذية ويحرر بأعمال اللجنة محضر موقع عليه من أعضائها ويصدر بتشكيل هذه اللجنة المختصة قرار من وزير الصحة في المستشفي أو المركز الطبي الرخص له بزراعه الأعضاء وعلي إلا يكون من بين أعضاء اللجنة احد المشاركين في عمليه زراعه العضو.

وللاجابه عن هذا السؤال وجب الالتفات إلي فتوى مجمع البحوث الإسلامية حيث انه هو الجهة الأعلى إسلاميا في مصر , حيث قضت فتواها الصادرة عام 97 بأن الموت شرعا هو مفارقة الحياة للإنسان مفارقة تامة بحيث تتوقف كل الأعضاء بعدها توقفا تاما عن أداء وظائفها والذي يحدد ذلك الأطباء , فإذا أقر أطباء ثقة متخصصون بحدوث الوفاة يجوز نقل عضو من جثة الميت إلى الحي أذا كان الميت قد أوصى بذلك قبل موته كتابة أو شهد بذلك أثنين من ورثته و فإذا لم تتوفر الوصية أو موافقة الورثة يكون الإذن من السلطة المختصة , وفى كل الأحوال يجب أن يكون النقل بلا مقابل وألا يكون العضو المنقول يؤدى إلى اختلاط الأنساب ,وكشف مجمع البحوث أن ما أستند أليه في فتواه هو القاعدة الشرعية ” الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف ” وأكد شيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوي نفس الفتوى وقال بجواز نقل الأعضاء من حي إلى حي أو من ميت إلى حي متى توافرت نفس الشروط التي وضعها مجمع البحوث الذي يترأسه شيخ الأزهر نفسه , وسار على نفس الاتجاه كل من تولى منصب الإفتاء بعد طنطاوي سواء الدكتور نصر فريد واصل أو الدكتور احمد الطيب وأخيرا الدكتور على جمعة . ليس هذا فحسب فما ذهب إليه رجال الدين في مصر لم يختلف عما اتجهت إلية نحو 20 دولة مسلمة طبقت قانون نقل الأعضاء البشرية في مقدمتها المملكة السعودية التي حسمت كل ألوان الجدل الفقهي والعلمي حول الأمر وسمحت بنقل الأعضاء منذ ما يزيد عن عشر سنوات , بينما لا زلنا في مصر نغوص في نفس الجدل العقيم حول موت الجذع على حساب حياة الآلاف من المصريين ,

يجب تطبيق كافه المواد كما جاء نصها في مشروع القانون المقدم والذي يحوي 19 مادة دون ادني تحايل وذلك لضمان جديه ما سوف يطبق حيث أن لدينا قوانين كثيرة وضعت ولا تنطبق كاملا في الغرض الذي وضعت من اجله فالقانون يقضي بعدم نقل الأعضاء إلا للضرورة القصوى وللحفاظ على حياة المنقول إلية أو علاجه من مرض جسيم , وبشرط إلا يترتب على النقل أية أضرار بالمتبرع أو تهديد لحياته , حتى ولو كان التبرع بأرادتة , فطبقا للنصوص الواردة في المشروع لا يجوز إن يتم نقل الأعضاء إلا إذا كان المتبرع كامل الأهلية وبرضاء كامل منه , كما يجوز له العدول عن موافقته في أي وقت حتى وان كان هذا العدول قبل البدء في إجراء عملية النقل ولو بوقت بسيط ، كما يشترط المشروع أن تكون الموافقة كتابية ويحظر التعامل مع أي عضو على أساس البيع والشراء , كما يحظر على أي طبيب أجراء جراحة لنقل العضو لو علم بنية البيع بين المتبرع والمنقول له ,كما لا يجوز أجراء عملية النقل في غير المستشفيات والمراكز الحكومية و إنشاء وحدة طبية مركزية متخصصة تابعة لوزير الصحة وتكون لها الشخصية الاعتبارية وهي من تتولى عملية تنظيم نقل الأعضاء والأنسجة , وفى كل الأحوال لا يجوز نقل الأعضاء إلا من مصريين إلى مصريين, أو إلى أجانب في حالة واحدة هي أن يكون المنقول له قريب للمتبرع المصرى حتى الدرجة الثانية على الأكثر

وفيما يلي عرض لتساؤلات وأراء أساتذة الطب والدين في مصر حول قانون نقل وزرع الأعضاء
• فحول قضية الموت الإكلينيكي يقول د. حسن صبري أن رسم المخ في حالة الموت الإكلينيكي يظهر كخط مستقيم بلا أي متموجات.. أي أن تشخيصه سهل وحاسم ودقيق.. أما من الناحية الدينية فيجب أن يجتمع رجال الدين من المؤيدين والمعارضين معا ويناقشوا الأمر من كل وجوهه ويصلوا لقرار حاسم.

• ويتساءل الدكتور إبراهيم ابوالفتوح أستاذ جراحة الكلي والمسالك كيف سمحت السعودية بإصدار قانون زرع الأعضاء من المتوفين إكلينيكيا وتطبقه منذ أكثر من عشر سنوات.. بينما لازلنا في مصر نناقش هل الحصول علي الأعضاء من المتوفين إكلينيكيا حلال أم حرام؟!أتمني أن يتم حسم هذه القضية سريعا لإنقاذ المرضي.

ويري الدكتور إبراهيم أبو الفتوح أن المرضي المصريين أصبحوا يعانون اشد المعاناة وبعد أن كان أمامهم باب مفتوح في بعض دول أوروبا ثم الصين.. أغلقت هذه الأبواب.. وأصبحت كل دولة تكتفي بالزرع لمواطنيها.. وحتى الصين أصدرت أخيرا قانونا بمنع الزرع للأجانب ولدينا مرضي في الصين يرفضون الرجوع رغم صدور القانون ويحاولون مد إقامتهم ويقترضون الأموال في محاولة للحصول علي أي استثناء من القانون.
ويري أيضا انه رغم توافر الكفاءات الطبية اللازمة لإجراء هذه الجراحات فإن التطبيق سيستغرق بعض الوقت لضرورة التدريب في مجال الرعاية المركزة.. وهو المجال

• يقول الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب أن المشكلة في مناقشة المشروع لا تخص لجنة الصحة فأغلب أعضاء اللجنة متفهمون ومتفقون على أهمية المشروع وسرعة صدوره , لكن المشكلة ستظهر عند مناقشته في المجلس بسبب وجود عدد من الأعضاء مازالوا متشبثون بمواقفهم الرافضة أو متأثرون بالجدل الفقهي حول موت جذع المخ ومن يعتقدون أن الموت الاكلينيكى ليس موتا تاما على اعتبار إن هناك حالات عادت إليها الحياة و لكن هناك أراء أخرى ترى أن الموت الاكلينيكى يعنى تحلل الموت وأن الحالات التي عادت كانت غيبوبة وفارق كبير بين الموت الاكلينيكى وبين الغيبوبة .

يضيف السيد انه حان الوقت لإنهاء حالة الجدل حول المشروع ويكفى أنها عطلت الأمور لسنوات طويلة ظل خلالها المشروع حبيس أدراج مجلس الشورى خوفا من شائعات عن أنة تشريع يبيح تجارة الأعضاء البشرية , وتحريم البعض للمشروع بحجة مخالفته للدين ,بالتأكيد لا يمكن إن يمر المشروع دون أن نتأكد

من توافر كل الضمانات الأخلاقية التي تحمى الأرواح وتمنع الاتجار بالبشر , لكن كل هذا لا يعن أن نستسلم لاعتراضات وادعاءات يعرف الجميع أنها غير منطقية وكشف ذلك كبار رجال الدين الاسلامى ,والغريب كما يقول نقيب الأطباء أن المشروع وضع ضوابط صارمة لضمان عدم إساءة استخدام القانون إلا إن الرافضين مازالوا يصرون على موقفهم , متجاهلين مصالح عشرات الآلاف من المرضى الغلابة

وكشف نقيب الأطباء أن أي متخوف إذا أطلع على مشروع القانون سيتأكد انه لا مجال لتخوفه, فالذي سيحدد الوفاة لجنه علمية من ثلاث أساتذة مخ وتخدير وقلب وليست لهم علاقة بالجراحة التي سيتم أجراؤها ويتخذون قرارهم بالإجماع ويوقعون علية , كما أن الوصية أو الموافقة ضرورية وإذا رفض أهل المتوفى فلن يتم نقل العضو ,فلن ينقل عضو ألا إذا كان بموافقة صريحة ومن شخص كامل الأهلية لذلك تم رفض أخذ أعضاء المحكوم عليهم بالإعدام لأنهم مسلوبوا الاراده

يقول السيد أن نحو 220 مصري لجئوا إلى الصين لزرع كبد ودفعوا في المتوسط 100 ألف دولار لكل مريض , وآخرين يلجئون إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تتكلف العملية حوالي مليون جنية مصري ,وصدور القانون سوف ينهى هذا الأمر ويحمى المرضى المصريين من المتاعب مثل ما حدث لكثيرين منهم في الصين وبعضهم ظل يصارع الموت هناك انتظارا لدوره وأخيرا انتهى الأمر بقرار الحكومة الصينية بمنع نقل الأعضاء للأجانب .

• ويقول الدكتور علاء الدين إسماعيل المدير السابق لمعهد الكبد أن تأخر صدور القانون معناه أن هناك تقصير من المشرع في حماية المرضى المصريين فلا يعقل أن أكثر من 85دولة في العالم تسمح بنقل الأعضاء ليس من بينها مصر بينما دول مثل السعودية وتونس وإيران أنهت الأمر وسمحت بنقل الأعضاء , والقضية تحتاج إلى حسم سريع ويشير إسماعيل أن عملية نقل الكبد أذا أجريت في مصر تتكلف أقل بكثير من تكلفتها في الصين , وفى مصر الآن أطباء على أعلى مستوى وعمليات زرع جزء من الكبد نجحت بامتياز والمطلوب أن يصدر القانون ليقنن الأوضاع خاصة وان السنوات القادمة ستشهد تزايد في حالات زرع الكبد تحديدا وإذا لم يصدر القانون ستزيد عمليات التلاعب والزراعات السرية ,

• ولأن الجانب الشرعي هو المشكلة فأن الدكتور عبد المعطى بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية والعميد الأسبق لكلية أصول الدين يطالب أن يتصدى مجمع البحوث الإسلامية بنفسه لهذه المشكلة ويدعوا إلى مؤتمر موسع لعلماء الدين والأطباء ينتهي إلى القول الفصل الذي يحسم القضية بلا رجعة ويغلق الباب إمام من يستخدمن الدين لإغراض وأهداف خاصة , يقول بيومي إن موت جذع المخ هو المشكلة , هل نكتفي بها لنحكم بالوفاة أم لابد من انتظار موت القلب وسائر الأعضاء

• وإذا حدث ذلك فلا فائدة أصلا من نقل الأعضاء ,وعندما سألت الأطباء – والكلام لبيومى- أكدوا

• أنه بموت المخ يتوقف جهاز التنفس وهنا يكون موت لا محالة ولذلك أرى أن نقل الأعضاء جائز بعد موت جذع المخ , وإذا كان إنسان مات وأخر يحتاج لنقل عضو ينقذ بت حياته وهناك وصية أو موافقة من المتوفى فما المانع , صحيح أن الأمر يحتاج إلى وضع ضوابط صارمة لقطع الطريق على تجار الأعضاء لكن لا نمنع إنقاذ المرضى المعهد الديمقراطي المصري

[an error occurred while processing this directive]