22/3/2008
أعداد الباحث/ رامى عبد الرازق حافظ
يعد أقرار مشروع قانون للطفل المصرى خطوة على الطريق الصحيح بعد تجاهل كبير من قبل المؤسسات المهتمة ، وتحتاج هذه القضية كثير من المعلومات والدراسات بالإضافة إلى عدم معرفة التقارير التى من المفترض أن تقدمها الحكومة لجنة المختصة بحقوق الطفل فى الأمم المتحدة ، وكانت من ضمن الأخطاء الكثيرة التى وقعت هى طريقة التعامل مع هذا الملف وذلك بتركه إلى الأمن ، هذا بالإضافة إلى العوائق الموجودة فى المجتمع نتيجة الثقافة والظروف الاقتصادية السيئة .
ورغم وجود مشروع قانون للطفل الأ أنه عليه كثير من التعليقات والملحوظات الكثيرة التى تحذر من صياغته ونرى اليوم نتائجه الخطيرة ، هذا بالإضافة إلى المتغيرات الدولية التى تطالب بتحسين وضع الأطفال على مستوى العالم وخاصة فى الدول الفقيرة ، ويعيش الطفل فى مصر فى ظل واقع مرير فمن أسر مفككة إلى أطفال شوارع الذين أصبحوا مجتمع أخر به أبناء وأحفاد وكأنه عالم أخر له قانون الخاص وثقافته وقواعده ، بينما الموروثات الثقافية التى تمارس على أساسها مظاهر عنف ضد الأطفال تحتاج إلى مجهودات أخرى بعيدة عن القانون واللوائح فهى تحتاج مؤسسات مدنية ذات طبيعة خاصة .
أن مشروع القانون لا يعد هدف فى حد ذاته بل يعد خطوة ضرورية وأساسية فمشروع القانون لابد أن يأتى فى ظل منظومة تستهدف الطفل ككيان ، فالطفل يحتاج لعوامل كثيرة ليكون مادة إيجابية فى المجتمع هذه العوامل منها الثقافى والدينى والأجتماعى وغيرها ليكون إنسان صالح فى المجتمع هذا بغض النظر أنه فى ظل أسرة أو لا ، فالمؤسسات التى ترعى الأطفال أية كان هدفها أو أسلوب عملها لابد أن تشملها خطة تقوم عليها الدولة بمعناها الواسع تشترك فيها كل المؤسسات الحكومية أو غير الحكومية .
ونحن فى ظل مساهمتنا نشرح وجهة نظرنا على أساس محورين أساسين :ـ
المحور الأول :ـ تعقيبات على مشروع القانون .
المحور الثانى :ـ الأتفاقيات الدولية خطوة أساسية .
المحور الأول :ـ تعقيبات على مشروع القانون .
بعد مشاهدة مشروع القانون والتعديل المقترح من قبل المجلس القومى للأمومة والطفولة يتضح انه مشروع يستهدف مخطط مهم به بعض النقاط الإيجابية والتى نؤيدها ومع ذلك هناك بعض النقاط المهمة التى أغفلها مشروع القانون التى نحرص عليها جمعياً ونرى أنها مهمة ستساعد على تحقيق أهداف مشروع القانون :ـ
1. ميزانية المشروع :ـ
المتابع لمشروع القانون وتعديلاته المقدمة من قبل المجلس القومي للطفولة والأمومة يجد أنه هناك حديث عن مؤسسات ترعى الأطفال وبرامج وأنشطة مختلفة تستهدف جوانب كثيرة تشترك جميعاً فى تحقيق أهداف المشروع ، ورغم ذلك لا نرى حديث عن كيفية الصرف على أنشطة المشروع ومن المسئول على محاسبتها ليس بالمعنى الجنائى لكن بالمعنى الأدبى بتحقيق أهداف خطة المشروع ونجاحها .
2. المؤسسات المشاركة :ـ
بإقرار مشروع القانون وأن يصبح قانون تلتزم به المؤسسات المهتمة بهذا الشأن فنتسأل عن حجم دور المؤسسات المشاركة فى تنفيذ المشروع ؟ وأيضاً عن مدى قدرة تنفيذ تعليقات المؤسسات الدولية وخاصة المنظمات الدولية ؟ وهل سيأتى أنشطة المؤسسات المصرية تحت ظل وأشراف الحكومة المصرية ؟
فحاجة المؤسسات الأهلية التى تهتم بقضايا الطفل إلى العمل بأستقلالية وحرية يحقق نتائج أكثر إيجابية ، والسماح لها بالعمل على مثل هذه القضايا ذو طبيعة ميدانية لجمع المعلومات وتحقيق أهدافها هذه المنظمات على أرض الواقع ، بالإضافة أنه لابد من التأكيد على أن يكون العاملين مدربين ومتخصصين فى هذا العمل ومثل تلك القضايا .
3. طريقة تنفيذ :ـ
القانون الخاص بالطفل والمعمول به الآن كان من ضمن ركائزه أعتبار الطفل الخارج على القانون مجرم ولابد أن يتعامل على هذا الأساس ، وقد ذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش بعض الملاحظات المهمة فى طريقة العمل والعوائق التى لا توفر حماية للطفل فى المجتمع ، أهمها أن الأخصائيون الأجتماعيون فى المؤسسات الحكومية التى على علاقة بقضايا الطفل فى حاجة لتوفير حد الأمان لهم وتأمين حياتهم ، بينما المشاهدات والوقائع تحتوى على سلبيات أخرى لا تقل خطورة عن العوائق الموجودة والمذكورة ، بينما الملحوظة الأساسية هى كيفية الحصول على المعلومات وتوافرها بشكل لا يهدد طالبها .
وبالنظر إلى حالة المؤسسات التى من المفترض حماية الطفل وتأهيله نجدها تحتاج كثير من الإمكانيات المادية والفنية ثم أن الإدارة تحتاج لمزيد من بذل الجهد لحد من الظواهر الغريبة الناتجة عن عدم مواجهة مشاكلنا ، والتعمد المقصود والأمنى على حل مشكلة الطفل نتج عنه جرائم كثيرة بل أصبح لدينا أسر وعائلات فى الشوارع لا تعرف عنهم الدولة أية معلومات بل الأطفال الذين تحميهم بعض المؤسسات تفتقد إلى كوادر مؤهلة تساعد على دمج الأطفال فى المجتمع مرة أخرى وخاصة أطفال الأسر التى انهارت ، ونؤكد أن نقص المعلومات أحدى الأسباب الرئيسية لهذه المشاكل .
المحور الثانى :ـ الأتفاقيات الدولية خطوة أساسية .
كانت من ضمن التعليقات الكثيرة على مشروع القانون والتى أنتقدت فكرة القانون وأهدافه هى الأعتماد على الأتفاقيات الدولية التى تهتم بشئون الطفل فى العالم كله ، وقد تضمنت وركزت على ثلاث قضايا أساسية فى نقدها هى ختان الإناث ورفع سن الزواج والأعتراف بالأطفال خارج العلاقة الزوجية الشرعية ، ورغم أنه من المعروف فى مناقشات الأتفاقيات الدولية هى طرح الأفكار من قبل الدول وتنتهى بصياغة يتفق الجميع عليها تكون هى نصوص المعاهدة والأتفاقية .
القضية الأولى :ـ ختان الإناث .
بصدور المرجعية الأساسية وهى مؤسسة الإفتاء بحرمان ختان الإناث وأعتبارها أعتداء بدنى على جسد الطفلة الأ انه مازال هناك من يعترض ، وتعتمد هذه الأراء أنها ثقافة غربية وأهداف سياسية تعتمد على موروث ثقافى لزيادة شعبية هذه التيارات ، وهذا يدخلنا فى قضية أخرى مهمة ليست بحثنا مدى أحترام المؤسسة الدينية لدى المواطن وأفتقدها دورها الأساسى لدى المجتمع ، وتدخلنا هذه المشكلة إلى قضية كبرى وأهم هى الأعتداء البدنى على الأطفال فى جميع المؤسسات الحكومية على أختلافها ، ويأتى هذا القانون على أحدى مستويات التى تهدف إلى حماية الطفل وترجع إلى فكرة مهمة كيفية تطبيق القوانين وتمهيد المجتمع لإقراره .
وتأتى الأتفاقية الدولية فى حماية الأطفال من الأعتداء البدنى بجميع أشكاله ومطالبة الدول بسن تشريعات تهدف إلى حماية الطفل ، وبالتالى هذه الأتفاقيات تعد خطوة أساسية وعلى الطريق وخاصة أنها تعد بمثابة قواعد ومبادئ تلتزم بها الدول فى تشريعاتها ، مما ينفى عنها أنها تدعو لثقافة مختلفة عن ثقافتنا وتتنافى مع الأديان وترفض على ذلك الأساس بينما لابد من مراجعة تراثنا طالما أنه من أسباب تخلفنا ويضيع أحدى حقوق الإنسان .
القضية الثانية :ـ رفع سن الزواج .
أن النص على سن أدنى لإبرام عقد الزواج كان أحدى أزمات المجتمع والتى تسببت فى مشاكل لأطفال صغيرة فى السن ، فالتأهيل البدنى والفكرى والثقافى مهم لأقامة العلاقات الزوجية السليمة والتى من شأنها كونها نواة لأى مجتمع ، وتدخلنا هذه القضية إلى مشكلة أكبر هى تدريس الثقافة الجنسية فى المدارس بما تسمح به ثقافتنا الدينية والأجتماعية ، وتأتى مطالبات المؤسسات المصرية من المجتمع المدنى فى هذا الصدد إحدى الأهداف المرجوة لتطبيقها وكأحدى أحتياجات المجتمع ،
الظروف الأقتصادية السيئة التى تسببت فى رفع سن الزواج كحجة لعدم النص عليها ويأتى هذا لعملية معروفة هى خلط الأوراق والأبتعاد عن المشكلة الأساسية هى تزويج الفتيات فى سن القصر ، حيث جاء النص كخطوة فى حسم وسد ثغرات القوانين السابقة وبالتالى رفع السن فمن المعروف عملية تسنين الفتيات القصر لتزويجها وبالتالى هذه هى المشكلة ، ويعالج القانون هنا هذه المشكلة وتأتى الأتفاقيات الدولية مؤكدة وخاصة أن هناك وقائع تثبت أستغلال الفتيات بسبب إغفال مثل هذه الثغرات .
القضية الثالثة :ـ الأعتراف بالأطفال خارج العلاقة الزوجية الشرعية .
من حق الطفل أثبات هويته وتحقيق نسبه وهو أحدى نصوص الأتفاقية الدولية الخاصة بشئون الطفل وحمايته أيضاً ، وبالفعل هناك أتجاه تشريعى بدأ يتفهم هذه المشاكل من خلال تسهيل أثبات الزواج العرفى وبالتالى إثبات نسب الأطفال ، وحيث أن إثبات النسب ليست مشكلة الطفل بل هو جرم مرتكبيه بل يحق معاقبتهم لكن لا نعاقب طرف ليس هو المتسبب أنه الطفل ، أن التحجج أن هذه الفكرة من الثقافة الغربية أمر غير منصف ويتحامل على أطراف لا صوت لهم بل وتؤهلهم للعصيان على مجتمع يعتبر فى وجهة نظرهم هو الجانى ولابد من الأنتقام منه .
وفى النهاية .
نختم هذه الرؤية أننا لابد أن نعترف بوجود مشكلة لابد من مواجهتها هى كيفية الحفاظ على أطفالنا بعيداً عن الشعارات وكتابة تقارير ، وتحتاج الدولة كثير من الشجاعة أن تعترف وتسمح للمنظمات المجتمع المدنى بالتدخل وتقنين عملها كأحد فروع المنظومة وتعطى لها بنوداً أساسية لتحقيق ودفع الخطر عن مجتمعنا ، وتساعد نواة المجتمع وهم الأطفال على خروجهم وتعبيرهم عن أحتياجاتهم والحفاظ على مصالح الطفل الفضلى المنصوص عليها فى أتفاقية الطفل الصادرة تحت أشراف الأمم المتحدة .
أن الثقافة الغربية هى تراث أنسانى وكما ساهمنا نحن فى الحضارة الإنسانية لابد أن نستفيد أيضاً ممن سابقونا ، فالتجارب الإنسانية متشابهة وأن أختلفت المجتمعات والثقافات وبالتالى أعتبار الثقافة الغربية مصدرها الغرب فأنه شيطان يريد تحطيمنا وجهة نظر قاصرة وتعتمد على أساس نفى الأخر وعدم أحترام الرأى والرأى الأخر ، هذا يدعونا إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان وتزيد من أهمية دور منظمات حقوق الإنسان فى ضبط آليات الحوار وتجعل الدولة تعمل بشكل مؤسسى .
وتأتى عملية أتاحة المعلومات عن كافة الأوضاع والقضايا داخل الدولة كخطوة أولية وأساسية وبديهية لمعالجة أزمات المجتمع ، فالأمر يحتاج لتضافر الجهود ومشاركة المؤسسات جمعياً وخاصة الأهلية منها فالتعامل الأمنى فشل فى حل الأزمة بل وكان أحد أسباب تفاقمها ، وترتب على أتاحة المعلومات نتائج مهمة وضع دراسات وكشف الواقع الميدانى وتحديد الأهداف لمعالجتها بل ويسهل عمل تلك المنظمات .
أزمة المساواة تأتى مشكلة المساواة بين الذكر والأنثى فى الأتفاقيات الدولية والثقافة الغربية بطبيعة مجتمعهم ونحن غير ملتزمين بتلك الدعوات حيث أنها تأتى فى أطار سلسة من التوجهات الدولية والتى رفضتها الحكومة المصرية مع الدعوة إلى أباحة العلاقات الجنسية وهذا يأتى فى أطار حماية ثقافتنا وهويتنا ولم تعترض عليه الدول الداعية ، لكن مجرد الأنزعاج يدل على ضعفك وهشاشة موقفك ثم أن الأنسحاب من كافة الفعاليات الدولية كأعلان موقف يعد خطأ وتسبب فى ضعف تواجدنا على كافة المستويات الدولية .