5/2005

يتعرض الأطفال العاملون بالزراعة للكثير من أشكال العنف بدءا من حرمانهم من حقهم في اللعب في سن صغيرة , وتوجيه طاقاتهم الى العمل في الأرض ومساعدة الأسرة ( مرورا بتركهم للمدرسة وتفرغهم للعمل فقط منذ سن صغيرة انتهاءا بتعريضهم للضرب أو حتى الموت خلال قيامهم بالعمل في الزراعة ) .

وتستخدم الجمعيات التعاونية الزراعية في مصر أكثر من مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 7 و12 سنة كل عام للمشاركة في مكافحة دودة ورقة القطن , وهم يؤجرون للقيام بهذا العمل وتقل أعمار بعضهم عن 8 أعوام وهو ما لا يصل الى الحد الأدنى لسن العمل المقرر في القانون المصري ( تعدل القانون منذ ابريل 2003 فجعل الحد الأدنى لسن العمل هو 14 عام ) .


يعمل هؤلاء الأطفال12 ساعة يوميا يتخللها راحة تبلغ ساعة واحدة تقريبا بمعدل 7 أيام في الأسبوع — في إخلال فاضح لنصوص قانون العمل التي توجب الا تتجاوز ساعات العمل للطفل عن 6 ساعات يوميا تتخللها فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة لا تقل في مجموعها عن ساعة واحدة , وتحدد هذه الفترة أو الفترات بحيث لا يشتغل الطفل أكثر من 4 ساعات متصلة , كما تحظر النصوص تشغيل الطفل ساعات عمل إضافية أو تشغيله في أيام الراحة الأسبوعية والعطلات الرسمية .

فتشغيل الأطفال دون السن المقررة للعمل , وإطالة يوم العمل لأكثر من 6 ساعات , وتشغيلهم طوال أيام الأسبوع دون راحة أسبوعية تمثل نوعا من العنف الاجتماعي ضد هذه الفئة الضعيفة والمحتاجة للحماية.

كما يتمثل العنف ضد الأطفال أيضا فيما يتعرضون له من ضرب على أيدي المشرفين على العمل الى جانب ما يتعرضون له من حرارة الجو ومبيدات الآفات.

وهذه الأحوال تعتبر انتهاكا لحماية الأطفال من سوء المعاملة والأعمال الخطرة وتعتبر من أسوا أشكال عمل الطفل وفقا للتعريف الوارد في اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 التي صادقت عليها مصر في 2002 .

يضاف الى أشكال العنف الواقع على الأطفال العاملين بالزراعة ما ينطوي عليه قرار وزير الزراعة لعام 1965 الذي يفرض على كل مزارع تقديم طفل واحد على الأقل من أطفاله الى الجمعية التعاونية المحلية للعمل باجر في مكافحة دودة ورق القطن وإلا تعرض للغرامة بما ينطوي عليه من إرغام وإجبار يتعارض مع الحظر المفروض على السخرة والعمل القسري .

( ما زال القرار قائما رغم انه لا يطبق في الواقع نظرا لوجود فائض من الأيدي العاملة من الأطفال نتيجة زيادة الفقر في الريف المصري وتقلص مساحة الأرض المزروعة قطن ).

كما تؤكد المقابلات التي أجراها باحثو”مركز الدراسات الريفية” مع المهندسين الزراعيين الذين قالوا ان سبب تشغيل الأطفال دون غيرهم في هذا العمل يرجع الى انخفاض أجورهم عن أجور الكبار , ولأنهم اقرب طاعة للأوامر , ولان قصر قامتهم ملائم لإزالة الأوراق المصابة .

ويؤكد البحث الميداني الذي اجرتة منظمة HRW في محافظتين من محافظات الوجه البحري هما الدقهلية والغربية مع عشرة أطفال كانوا قد شاركوا في أعمال مكافحة دودة ورق القطن ان أطفال أفقر الأسر الريفية هم اقرب الفئات الى المشاركة في مكافحة دودة القطن , وإنهم من ثم أكثر الفئات تعرضا للقيام بالأعمال المضنية والتعرض للمبيدات وسوء المعاملة من جانب المشرفين على العمل في مقابل اجر يبلغ 3 جنية يوميا .

ومن خلال البحث الميداني والمقابلات تم التوصل الى النتائج التالية :

    • 1- ان متوسط اجر الطفل لليوم يبلغ ثلاثة جنيهات مصرية ( حوالي نصف دولار أمريكي ) وانه يعمل من الساعة 7 ص الى الساعة 6 م مع فترة راحة تبلغ ساعة واحدة في الظهيرة لمدة 7 أيام في الأسبوع .

    • 2- يعمل الأطفال في فرق يتراوح عدد أفرادها بين 15 و 30 طفلا ويشرف عليهم (خولي)

    • 3- قال الأطفال في المقابلة أنهم يتعرضون للضرب بالخرزانة بصفة معتادة إذ ان الخولي يضربهم كلما لاحظ ان احدهم يتباطأ في العمل أو يغفل عن ورقة مصابة باللطع .

    4- لا يقتصر العنف الذي يتعرض له الأطفال العاملين في الزراعة على ظروف العمل القاسية في حقول القطن وتعرضهم لضرب الخولي فقط وإنما هناك نوع أخر من العنف يتمثل في المخاطر التي يتعرضون لها والتي قد تصل بهم الى حد فقدان الحياة أو التسمم بالكيماويات والمبيدات الحشرية أثناء عملية الرش على اقل تقدير .

لقد ظهرت في مصر في السبعينات مشكلة سوء استخدام المبيدات الحشرية بعد واقعة سجلت عالميا عرفت باسم ( حادث قطور وهو احد مراكز محافظة الغربية ) فقد استخدم على عجل ( مبيد الفوسفين ) وهو ينتمي الى المبيدات الفسفورية العضوية في مقاومة دودة ورق القطن في حقول قطور ……. ثم بعد أسابيع قليلة ظهرت ظاهرة خطيرة هي شلل الأجزاء الخلفية لجميع حيوانات التربية في اكبر مزرعة ملك الدولة وهي مزرعة ( محلة موسى) وفي الحيوانات التي يربيها الفلاحون , وبعد الدراسات والأبحاث ظهر ان هذا التأثير كان نتاج استخدام هذا المبيد , وعرفت الظاهرة علميا باسم ( الظاهرة السمية المتأخرة ) والغريب انه تبين بعدها ان هذا المبيد أم يستخدم في بلد المنشأ ( أمريكا ) وجرى تجربته للمرة الأولى على الحقول المصرية وأحدث هذا الأثر الفادح .

لذلك فالمنطق يوجب ان تحدد وزارة الزراعة والمسئولين عن المقاومة الكيميائية للآفات فترات يحظر فيها دخول الأطفال الى المناطق التي استخدمت فيها المبيدات نظرا لأنهم اشد عرضة من غيرهم لامتصاص هذه الكيماويات وترسيبها في أجسادهم الضعيفة , وهذه الفترات تتفاوت وفقا لنوع المبيدات المستخدمة ودرجة تركيزها وسميتها , وان تتم عمليات الرش التي يجب ان يقوم بها الكبار ولا يستخدم فيها أطفال وتحت إشراف المهندس الزراعي ومراقبته وبشرط سني لا يقل عن 18 سنة .

ورغم ذلك فالواقع العملي يختلف عن ذلك كثيرا فالأطفال العاملون في حقول القطن يستأنفون العمل بها ( إما بعد رشها مباشرة أو بعد فترة تتراوح بين 24 أو 48 ساعة من رشها وهي فترة اقل كثيرا من الفترات الموصي بها التي ينبغي ان تفصل بين استخدام المبيدات المسجلة وبين العودة الى الحقل ) .

والسماح بهذا الأمر – في رأينا – هو نوع من أنواع العنف ضد الأطفال وفق تعريف منظمة اليونيسيف لأنه عمل ( من شانه التسبب في أمراض جسدية واجتماعية أو نفسية لا مبرر لها )

—————————————–
لمزيد من المعلومات برجاء الاتصال بالمركز على العناوين التالية :
القاهرة: دار السلام- طريق مصر حلوان الزراعي- 7 ش عبد السميع منصور
ت / 5249905
المنوفية : مركز الشهداء – ميت شهالة
Email;rsc_eg@hotmail.com
المنيا : مركز سمالوط – الطيبة
rsc_eg@yahoo.com