5/2005
مع بداية موسم الصيف ” مايو – أكتوبر ” من كل عام يتم الدفع بأعداد كبيرة من أطفال الريف المصري الى العمل في الحقول حيث يعتبر الصيف هو الموسم الذي يتواكب مع عمليات جمع وزراعة المحاصيل الهامة في مصر ” القطن – الذرة – القمح – الأرز – الطماطم – اغلب الفواكه ” وتتراوح أعمار هؤلاء الأطفال بين مرحلة الطفولة المبكرة 5 -6 سنوات وحتى سن 18 عام , ويعمل هؤلاء الأطفال بالحقول في ظل ظروف عمل قاسية يحق وصفها بأنها غير آدمية , وليست ظروف عمل لا تناسب طفولتهم فقط بدءا من نقلهم بواسطة الشاحنات والجرارات من القرى الى الأراضي الزراعية ومرورا بيوم عمل شاق يبدأ من السادسة صباحا وحتى السادسة مساءا تحت لهيب الشمس الحارقة , حيث يقومون بكل أنواع العمل الزراعي من حرث وغرس وجني ورش المبيدات مما يعرضهم لعدد هائل من الحوادث حيث تشير الشهادات الحية والدراسات الميدانية الى وفاة أعداد كبيرة من هؤلاء الأطفال نتيجة ضربات الشمس والتسمم بالمبيدات وحوادث المواصلات , ولا يتخلل يوم العمل هذا الا فترة راحة قصيرة جدا يتم خلالها تناول وجبة الغذاء التي عادة ما تقتصر على قطعة جبن وبضعة حبيبات من الطماطم , وينتهي يوم العمل بحشر هؤلاء الأطفال مجددا في الشاحنات والجرارات التي تعيدهم الى القرى في المساء , ويتراوح اجر هؤلاء الصغار بين 3: 5 جنيهات يوميا وذلك بعد خصم عمولة مقاول الانفار الذي يقوم بجمعهم من القرى .
ونحن الآن لسنا بصدد البحث عن أسباب مشكلة عمالة الأطفال بالزراعة والنتائج المترتبة على هذه المشكلة , فالأسباب كثيرة بدءا من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيش تحت وطأتها اسر هؤلاء الأطفال ومرورا بحزمة السياسات والتشريعات التي أدت الى زيادة حدة الفقر بل والدفع بالكثير من الأسر في الريف المصري الى سلة الفقراء بعد ان كانت من الأسر الميسورة الحال , ويتضح اثر هذه التشريعات في ان احدها وهو القانون 96 لـ1992 قد أدى الى طرد ما يقرب من مليون فلاح من الأراضي التي ظلت تحت حيازتهم لفترات تعدت 40 عام , وكانت مصدر رزقهم الوحيد ويتساوى هذا القانون مع غيره من التشريعات والسياسات الحكومية التي ترمي الى تحرير الأسعار وإتباع سياسات السوق في القطاع الزراعي بدون دراسة متأنية لتأثير هذه السياسات على الفلاحين وحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية .
وإذا كنا هنا لا نتصدى لأسباب ونتائج مشكلة عمالة الأطفال بالزراعة الا إننا نطالب بإجراءات عاجلة لمحاصرة هذه المشكلة والحد من آثارها على هؤلاء الأطفال والمجتمع كله .
وأولى هذه الإجراءات التي نطالب بها هي إصدار تشريع يحمي وينظم عمل هؤلاء الأطفال , فبرغم تحريم المواثيق الدولية لعمل الأطفال تحريما يصل الى اعتبار ذلك جريمة دولية الا ان القانون المصري يتجاهل هذه المشكلة , فقانون العمل الموحد 12 لسنة 2003 يستثني الأطفال العاملون في مجال الزراعة من حمايتة على الرغم من احتواءه على بعض المواد التي تنظم وتحمي عمل الأطفال بباقي قطاعات الاقتصاد , هذا فضلا عن تجاهل أنظمة التأمينات والضمان الاجتماعي لهؤلاء الأطفال , فمن يسقط منهم مريضا أو مصابا خلال العمل لا يتم تعويضه أو معالجته بل لا يحصل أهله على أي تعويض في حالة وفاته .
والواقع ان تجاهل الدولة لمشكلة عمالة الأطفال بالقطاع الزراعي هو تجاهل أحمق فبينما لا تعترف الدولة بهذه المشكلة معتبرة ان هؤلاء الأطفال يقومون فقط بمساعدة ذويهم في الأعمال البسيطة المتصلة بالزراعة نجد ان القوانين تعترف بهذه المشكلة وان اتخذ هذا الاعتراف شكلا سلبيا يستثنى هؤلاء الأطفال من الحماية القانونية .
وإذا أردنا ان نرى الصورة العامة للمشكلة تلك الصورة التي تتشابك فيها خيوط عديدة فيجب ان نرصد عدة مشاهد :
أولها : إتباع الدولة لسياسات من شأنها تراكم الثروة في أيدي عدد قليل من الملاك .
وثانيها : هو الأجر الضئيل الذي يتقاضاه الطفل مقارنة بالكبار.
أما ثالث هذه المشاهد : هو استبعاد هؤلاء الأطفال من الحماية القانونية.
فإذا استطعنا رؤية هذه الصورة المتشابكة لعرفنا من هم المستفيدون ومن هم المتضررون , وأيضا من هم المتواطئون .
ان ” مركز الدراسات الريفية ” يطالب ويناشد كل المهتمين بالعمل على مصلحة هذا البلد وضمان مستقبل أفضل لابنائة , ويطالب كل المهتمين بعلاج مشكلة عمالة الأطفال يطالبهم بمساندة المركز في حملتة للضغط على الحكومة والهيئات التشريعية لإصدار تشريع قانوني يحمي وينظم عمل الأطفال بالقطاع الزراعي ويضمن لهم حقوقهم التأمينية وحقوقهم في الضمان الاجتماعي
—————————————–
لمزيد من المعلومات برجاء الاتصال بالمركز على العناوين التالية :
القاهرة: دار السلام- طريق مصر حلوان الزراعي- 7 ش عبد السميع منصور
ت / 5249905
المنوفية : مركز الشهداء – ميت شهالة
Email;rsc_eg@hotmail.com
المنيا : مركز سمالوط – الطيبة
rsc_eg@yahoo.com