5/2/2006

صرح وزير التعليم العالي والبحث العلمي لجريدة المصري اليوم الصادرة بتاريخ 5/2/2006 من أن “وجود الأمن في الجامعات المصرية يعد ظاهرة صحية مثله مثل التدخل القضائي الذي يحدث في بعض الأحيان لإصدار أحكام قضائية لصالح بعض الأشخاص في الجامعة” وبأن “المنظومة التعليمية والأمن والقضاء تعتبر منظومة واحدة تتعاون داخل الجامعة للوصول لأفضل النتائج”.

وتعلن مؤسسة حرية الفكر والتعبير عن رفضها لتصريح وزير التعليم العالي والبحث العلمي، حيث أن الخلط بين تواجد الأمن في الجامعة، وبين الأحكام القضائية التي يصدرها القضاء المصري في شأن المنازعات الجامعية قياس فاسد، حيث أن لجوء المجتمع الجامعي إلي القضاء في حالة وجود انتهاك هو أمر يتفق مع الدستور والقانون، أما تواجد الأمن داخل أسوار الجامعة، فهو أمر يخالف المنطق قبل أن يخالف الدستور والقانون.

فالجامعات هي منارات للتعليم الجامعي والبحث العلمي في سبيل خدمة المجتمع والارتقاء به حضاريا والمساهمة في الفكر وتقدم العلم وتنمية القيم الإنسانية، وتزويد البلاد بالمتخصصين والفنيين والخبراء في مختلف المجالات وعليها عبء إعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدم والقيم الرفيعة، لذلك فقد عرفها القانون بأنها”معقلاً للفكر الإنساني في أرفع مستوياته، ومصدراً لاستثمار وتنمية أهم ثروات المجتمع وأغلها، وهي الثروة البشرية”.

لذلك حرص التشريع والدستور على النص على استقلال الجامعات، وهو ما يعني أنها مؤسسات مستقلة لا يجوز للأمن أن يتدخل فيها من قريب أو بعيد، وتواجد الأمن بالجامعة يمثل انتهاك صارخ لاستقلال الجامعات المصرية، حيث تدخل الأمن وتغلغل داخل الجامعة المصرية وفرض سيطرته على مجمل الحياة الجامعية، وتعامل مع الجامعة بنفس العقلية التي تعامل بها مع السجون والمعتقلات، وأصبحت الموافقة الأمنية شرط التعيين، أو الترقي، أو السفر، أو عقد الندوات والمؤتمرات، فخنقت الحياة الأكاديمية وأهدرت حرية البحث العلمي وحرية الرأي والتعبير.

وفي الوقت الذي يدافع فيه المجتمع الجامعي عن حريته واستقلاليته بمنع التدخل الأمني السافر في شئون الجامعة، جاء تصريح وزير التعليم العالي والبحث العلمي ليضع العديد من علامات الاستفهام حول دوره وتوجهاته وآليات العمل التي ينتهجها وخاصة أنه اصطدم ببعض أساتذة الجامعات في مؤتمر الإسكندرية، عندما انتقدت إحدى الأساتذة برنامج تطوير التعليم الجامعي، فوجه إليها ألفاظ غير ملائمة، لا يجب أن تصدر داخل هذا المجتمع الجامعي، ولا أن تصدر من وزير مثله يحمل على عاتقه مهمة حماية الحرية الأكاديمية والبحث العلمي!!.

وإذا كان وزير التعليم العالي والبحث العلمي يدعي أن الأمن داخل الجامعة ظاهرة صحية، فإننا نؤكد له وللجميع أن تواجد الأمن داخل الجامعة المصرية هو أحد أسوء الظواهر في حياتنا الجامعية، كما أنه يخالف قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية، ويخالف كذلك العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويخالف الإعلانات الدولية والإقليمية التي صدرت بشأن استقلال الجامعات والحرية الأكاديمية، ومنها إعلان ليما، وإعلان عمان، وإعلان كامبالا الذي نص صراحتا في مادته رقم 14 على “لا تنشر الدولة أي قوات عسكرية أو قوات الدفاع المدني أو قوات الأمن أو المخابرات أو أي قوات مشابهة داخل مباني وأراضي المؤسسات التعليمية، وفي حالة ما إذا كان نشر مثل هذه القوات ضروريا من أجل حماية الحياة والممتلكات ففي هذه الحالة تراعي الشروط التالية:
أ‌- أن يكون هناك خطر واضح على الحياة والممتلكات.

ب‌- أن يكون رئيس المؤسسة المعنية قدم دعوة خطية بهذا المعني.

ج- أن تتم الموافقة على مثل هذه الدعوة من قبل لجنة قائمة منتخبة من المجتمع الأكاديمي تشكل لهذا الغرض” وإذ تؤكد مؤسسة حرية الفكر والتعبير إن مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في بلادنا تعاني من مشاكل كبيرة تشمل طرق التعليم والبحث العلمي ومناهج البحث وأساليب الإدارة، وسوء استخدام الموارد وتأهيل المدرسين، إلا أن المشكلة الأكبر التي تتصل بجميع هذه المشاكل وتزيد في تفاقمها هي إخضاع التعليم العالي والبحث العلمي لغايات سياسية تفرض معها السلطات العمومية والأمنية وصايتها المباشرة على مجمل الحياة الجامعية من أجل الحفاظ على أغراضها السياسية الضيقة ولضمان احتكارها للسلطة.

وإذ تؤكد المؤسسة على رفضها القاطع لتصريح الوزير، تعلن تضامنها الكامل مع أساتذة الجامعة المنادين باستقلال الجامعة المصرية، وطرد القوات الشرطية (رسمية – وسرية) خارج أسوار الجامعة المصرية