29/9/2008

أدانت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان – دون تعليق علي أحكام القضاء – حبس الكاتب الصحفي إبراهيم عيسي لمدة شهرين بحكم مفاجئ صادر أمس 28 سبتمبر 2008 عن محكمة جنح مستأنف بولاق التي عدلت حكم أول درجة بالحبس لمدة 6 أشهر ، في قضية حركها منتمون للحزب الوطني زعموا فيها تأثر البورصة المصرية وهروب استثمارات تقدر بنحو 350 مليون دولار ، بعد نشر صحيفة الدستور أنباء تتعلق بصحة الرئيس مبارك نهاية أغسطس العام الماضي .

وقال أيمن عقيل المحامي – رئيس مجلس أمناء المؤسسة – ” إن الحكومة صادرت وعود الرئيس مبارك بمنع حبس الصحفيين ، كما شارك البرلمان في صياغة مواد جديدة ترسخ لعقوبة الحبس في قضايا النشر ، ولا يليق بنظام تتوافر فيها أبسط مبادئ النزاهة أن يبتعد بشعبه عن حرية الرأي والتعبير كحق أساسي يكفله الدستور والمعاهدات الدولية الملزمة ، ونطالب الرئيس مبارك بالتدخل شخصيا لإيقاف تنفيذ هذا الحكم وفقا لسلطاته الدستورية ، فلا يتصور أن يصدر عفوا رئاسيا عن متهمين جنائيين أو سياسيين ، ولا يصدر قرارا مماثلا في قضية إبراهيم عيسي ” .

وكانت تحقيقات نيابة أمن الدولة المطعون علي دستوريتها ، قد خالفت طبيعة الحقوق المدنية والسياسية للمدنيين في المثول أمام جهات تحقيق تنتمي إلي القضاء الطبيعي ، وكثيرا ما يسير القضاء وراء تكييف النيابة للجريمة ويصدر أحكاما متممة لطرق سير التحقيقات فيها .

ويستند الحكم الصادر في مناسبة الاحتفال باليوم العالمي للحق في المعرفة إلي غياب أي أسانيد لصحيفة الدستور حول ما نشرته عن صحة الرئيس مبارك ، وكان الرأي العام المصري بانتظار أن يخرج مسئول واحد في السلطة ، كالمتحدث الرسمي باسم الرئاسة أو مجلس الوزراء أو وزير الصحة شخصيا ، لينفي نبأ تأثر صحة الرئيس ، الذي صاحبته في الحقيقة تقارير صحفية عن ممارسات غير طبيعية لمستثمرين بالبورصة المصرية قبل وبعد نشر الخبر .

وقال عقيل “كنا نعتقد أن شخصية مثل وزير الصحة يمكنها تكذيب اجتهادات صحفية نشرها عيسي في جريدة الدستور ، أو أن تطرح لجنة الشفافية والنزاهة رؤيتها مباشرة في التعامل الحكومي مع مثل هذه المواقف بعيدا عن جرجرة الصحفيين إلي المحاكم ، لكن القائمين عليها اكتفوا بتصدير توصيات إلي مجلس الوزراء بضرورة تمرير قوانين جديدة مقيدة للحق في المعرفة وتداول المعلومات ، تكفي لحبس الصحفي طيلة عمره في حال تفكيره في نشر خبر حكومي يوميا لمدة شهر واحد” .

وتشير المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر 1948 إلي أن ” لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه” ، كما تؤكد المادة 19 من الإعلان أن ” لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود” ، وتمثل التشريعات المحلية المستندة إليها الأحكام الصادرة بحبس صحفيين ، مخالفة واضحة للإعلان العالمي تستدعي النضال الحقوقي والإعلامي والشعبي لمحوها ، وتحذر المؤسسة من تكرار صدور أحكام مماثلة ضد عدد من رؤساء تحرير الصحف المستقلة جرت مقاضاتهم في قضايا مشابهة خلال الأشهر الماضية .