15/11/2008

كانت تجربة جديدة وفريدة أن تكون شاهد على عرس الديمقراطية عرس استمر الاحتفال به قرابة ستة أشهر حتى جاء يوم الزفاف في 4 نوفمبر 2008 .

وكان العالم اجمع يتابع السباق إلى البيت الأبيض بين هيلاري كلينتون وباراك حسين اوباما الديمقراطيان وبعد أن فاز اوباما على منافسته القوية والعنيده بدء صراع أخر بين الجمهوري المقاتل العجوز ماكين وبين الشاب الأسمر اوباما

كنا نتابع بشغف شديد حملات كلا من المرشحان وقد أسعدني الحظ أن أسافر إلى واشنطن بدعوى من المعهد الجمهوري الدولي مع مجموعة من الناشطين المهتمين بالعملية الانتخابية من مصر لمتابعة هذا العرس ( الانتخابات الأمريكية )

وبالفعل لقد تعلمت الكثير واستفدت الكثير والكثير ولنا يسعني المقام هنا أن أتحدث عن كل ما شاهدته وتعلمته سواء بطريق مباشر أو غير مباشر أثناء متابعة الانتخابات الرئاسية الأمريكية .

ولكن دعوني أطوف معكم حول التصويت الغيابي لنرى ما هو وكيف يتم وما الاستفادة منه.
فهناك 31 ولاية من الولايات المتحدة تسمح بما يسمى التصويت الغيابي أو التصويت قبل يوم 4 نوفمبر أو التصويت المسبق .

ومن بين الـ 31 ولاية من يسمح بالتصويت الغيابي المسبق دون عذر ولكن الغالبية من الولايات تشترط أن تبدى سبب التصويت الغيابي وكانت الأسباب في غالبيتها تدور حول أن الناخب مريض ولا يمكن أن يذهب إلى مقر اللجنة الانتخابية فيرسل خطاب إلى إدارة الانتخابات في الولاية يطلب منهم أن يرسلوا إليه استمارة الترشيح ثم يقوم الناخب ومن منزله بالإدلاء بصوته ثم يقوم بإرسال الاستمارة بالبريد إلى مقر إدارة الانتخابات .ثم يقوم الموظف المختص المعين من قبل الولاية بفتح المظروف والتأكد من صحة الاستمارة ومطابقة توقيع الناخب بالتوقيع الذي لديه ثم يقوم بوضعها في الصندوق ( للعلم صندوق التصويت اسود وليس شفاف أو زجاجي ) قد يكون السبب هو أننا لا نعرف لمن أعطى الناخب صوته .

وهناك أيضا تصويت غيابي مسبق يكون داخل مقر اللجنة الانتخابية وسبب ذلك لان الناخب مثلا لن يكون في الولاية يوم الانتخابات 4 نوفمبر أو سيكون مشغولا في عمله أو انه مريض أو مسافر فيذهب إلى مقر اللجنة الانتخابية الموجودة في الولاية ويطلب استمارة تصويت مسبقة ويقوم بملاء الاستمارة وراء ساتر خشبي ثم يقوم الموظف المتطوع بسحبه اسكانر ثم يعطيه بوستر مطبوع عليه I Voted ( أنا صّوت) .

شاهدنا ذلك في ولاية فرجينيا وذكرتني ( بفرجينيا جميلة الجميلات ) في فيلم الناصر صلاح الدين وبحق هي ولاية لها طابع خاص معماري وطبيعي وسكاني وانتخابي !!! أيضا فهي من الولايات التى كانت محل صراع شديد بين اوباما وماكين .

نعود مرة أخرى إلى التصويت الغيابي هناك غرفة كبيرة بها الآلاف من الأظرف المغلقة المعدة للإرسال إلى الناخبين وآلاف من الأظرف المغلقة المستلمة وكذلك الأظرف التى يتم فتحها ، ولا يسمح بدخول هذه الغرفة إلا للموظف المختص . وسألنا هل التصويت ورقى أم اليكتروني في هذه الولاية ؟!!

أجاب محدثنا أن التصويت هنا ورقى و اليكتروني وعلى الناخب أن يختار أيا الأسلوبين يفضل وطلبنا أن نطلع على التصويت الاليكتروني والجهاز الذي يتم عليه التصويت بداية من تشغيلها وحتى تمام عملية التصويت وبالفعل شاهدنا عملية تشغيل الجهاز والتصويت عليه والتأكد من درجة الأمان والسرية للأجهزة الاليكترونية وتم تجربة الجهاز أمامنا ومعنا !!!

وكان السؤال الطبيعي لماذا بدا الحديث يزداد على إمكانية التلاعب بالأجهزة الالكترونية وتتجه العديد من الولايات نحو التصويت الورقي .

أجاب بان حساسية الشاشة يمكن أن تؤدى إلى بعض الأخطاء نتيجة عدم دقة الناخب في استعمالها أو الناخبة !! ولماذا الناخبة هل هناك فرق بين الناخب أو الناخبة قال الناخبة يمكن أن يكون لها أظافر طويلة وحينما تريد أن تضغط على مربع فيسبق الظافر الإصبع في الضغط على المربع وبالتالي يأتي التصويت خطأ ( انتهى حديثه )

وأنا أرى أن أهم من يؤخذ على التصويت الاليكتروني هو عدم وجود دليل مادي أو مستند يتم الرجوع إليه في حالة ما أن تم التشكيك في احد الأصوات بمعنى إذا قلنا أن فلان قد أعطى صوت إلى اوباما مثلا أين الدليل هل يوجد تقرير يخرج من الجهاز يقول ذلك ( لا ) !! هل يوجد استمارة تقول ذلك ( لا ) !!!

في النهاية وبعيدا عن التصويت الالكتروني والتصويت الورقي نعود إلى التصويت الغيابي والمسبق وما الاستفادة منه فمثلا يساعد التصويت المسبق على عدم التكدس أمام اللجان الانتخابية يوم 4 نوفمبر لان حوالي 40 % من الناخبين يكونوا قد أدلوا بأصواتهم هذه في الانتخابات الأمريكية .

وبالتالي عملية التصويت بدلا من أن تستمر عدة ساعات حتى ولو كانت اثني عشر ساعة فهنا تستمر عملية التصويت أيام وليس ساعات .

كذلك تساعد على زيادة نسبة المشاركة السياسية للشباب ولكبار السن الذين يخشون التكدس والزحام يوم الانتخاب . واهم من ذلك المغتربين والمقيمين خارج الولايات المتحدة سواء كانوا مدنيين أو عسكريين فيمكنهم التصويت والمشاركة في اختيار من يحكمهم . وسوف نخصص مقال أخر لتصويت العسكريين ورجال الشرطة ( في مصر وفى انتخابات عام 2005 لمجلس الشعب تم أجراء الانتخابات على ثلاث مراحل وذلك حتى نتمكن من الإشراف القضائي الكامل على كل صندوق ولا ننكر أن ذلك كان شيء جيدا وهام وكان حل لمشكلة الإشراف القضائي ( رغم أن التعديلات الدستورية الأخيرة في عام 2007 جعلت الإشراف القضائي على اللجان العامة فقط ) دون اللجان الفرعية .

وأنا اعتقد أن الفكرة قريبة فهناك محافظات أجريت فيها الانتخابات في أكتوبر وأخرى في نوفمبر وهكذا . فما هو المانع أن تزيد فترة الإدلاء بالصوت حتى يتمكن الناخبين جميعا من الإدلاء بأصواتهم وذلك سوف يؤدى إلى تشجيع الناخبين للإدلاء بأصواتهم وتزيد نسبة المشاركة السياسية .

وحتى لا يقال أنى اجهل بقانون أنا اعلم أن جميع الناخبين الموجودين في مقر اللجنة الانتخابية إذا جاءت عليهم الساعة السابعة مساء ولم يدلوا بأصواتهم فتظل اللجنة مفتوحة حتى تمام الإدلاء بأصوات المتواجدين أمام اللجنة ولكن إذا فكرنا في طرق جديدة لتمكين الناخبين للإدلاء بأصواتهم في سهولة ويسر وبدون أي تجاوزات أو انتهاكات لا من ناخبين آخرين أو مرشحين أو حتى الأجهزة الأمنية التي تقوم بالمحافظة على النظام والأمن إثناء سير العملية الانتخابية فذلك سيحقق لما ننادى به جميعا حكاما ومحكومين من رفع نسب المشاركة في الحياة العامة . .
لعل يأتي اليوم علينا الذي لا نحتاج فيه إلى من يقوم بإلزامنا باحترام القانون .
وأخيرا أؤكد أنى أيقنت أن الديمقراطية ليست نظام حكم ولكنها سلوك شعب .

مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان
بقلم / أيمن عقيل

[an error occurred while processing this directive]