23/3/2009
إعداد
ا/أمل سلامة
المحامية والباحثة بالمعهد
مقدمة
قال تعالى : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ( لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً )
عرفت إشكال وطرق التعذيب منذ بداية التاريخ واقترنت دائماً بتنفيذ العقوبات كوسيلة من وسائل الردع للمجرمين ومع التطور الإنسانى انتبه الإنسان فى العصر الحديث لخطورة مثل هذه الجريمة لما تمثله من انتهاك لحرية وكرامة الانسان فبدأ بمكافحتها وذلك بطرق عديدة ، بينما فى مصر بدأت الأنتباه لهذه الجريمة فى العصر الحديث منذ بداية الاحتلال الانجليزى لمصر وبداية حركة التحرر الوطنى والتى كانت تسعى لإقامة مؤسسات داخل الدولة المصرية ترعى وتلبى احتياجات المواطنين .
ويمكننا تقسيم وجهة النظر الدولة لجريمة التعذيب إلى مرحلتين الأولى قبل عام 1952 حيث كان المرحلة الاولي الاشتباه فى إرتكاب الجريمة سبباً كافياً لإسقاط الحكومة ، بينما المرحلة الثانية أعتبر ارتكابها امراً عادياً بل أسلوب عمل ولا عيب ولا ضرر فيه بما يعنى أن هناك تغير فى وجهة نظر الدولة تجاه جريمة التعذيب ، وبوجود كيانات جديدة داخل المجتمع المصرى أهتمت بالجريمة وتنبهت لخطورتها وللفئة التي تعاني منها وحجم الأثر الكبير التى تحدثه الجريمة على المجتمع .
وظهرت فى السنوات الأخيرة وسائل جديدة تعمل على مكافحة الجريمة مثل المدونات والصحافة المستقلة ومنظمات المجتمع المدنى والحركات الاحتجاجية ، وتطورت طريقة مواجهة الجريمة إلى أن وجدت حركات وكيانات تعمل على مكافحة الجريمة بشكل متخصص ومحترف معتمدة على الوسائل الالكترونية الحديثة ، وطرحت القضية للتباحث والمناقشة وأصبحت على أجندة هيئات كثيرة داخل مصر وخارجها وخاصة أن الفئة الرئيسية التى تعانى من الجريمة هم العاملين بالعمل العام بشكل خاص والمواطنين بشكل عام .
وفى هذه الورقة سنقدم رؤية لجريمة التعذيب وخطورتها وطريقة مكافحتها وذلك فى محورين رئيسين وهما : الأول الوضع التشريعى لجريمة التعذيب الآن ، المحور الثانى كيفية العمل على مواجهة جريمة التعذيب .
المحور الأول: الوضع التشريعى لجريمة التعذيب – الآن- .
بمراجعة قانون العقوبات الصادر برقم 58 لسنة 1937 وجدنا أن المواد التى تمس تلك الجريمة هى رقم ( 126،127، 129،280) بالإضافة إلى أحكام الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب والتى صدقت عليها الحكومة المصرية عام 1986 والتى أصبحت بمقتضى المادة (151) من الدستور من التشريعات الوطنية ، وقد أصدرت بعض منظمات المجتمع المدنى المهتمة بقضية التعذيب تقاريرها وعلى رأسها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والتى ذكرت فى تقريرها الصادر بتاريخ 11/3/2009 وجود مجموعة من المواد القانونية فى قوانين آخرى تفرغ مواد قانون عقوبات من مضمونها وتعمل على تحجيمها والتى هى بالأساس لا تحقق الحد الأدنى من وسائل مكافحة جريمة التعذيب داخل المجتمع .
ونجد ذلك فى قانون الإجراءات الجنائية الذى يتجاهل بشكل كبير لإجراءات الإثبات بالنسبة لجريمة التعذيب بل وصل الأمر لوجود مادة ( في قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 ) برقم 102 والتي تعطي الحق لرجل الشرطة لاستعمال القوة لأداء واجبه ، بالإضافة لصدور أحكام قضائية تصف جريمة التعذيب بالإفراط فى استخدام القسوة ، ونجد إيضا المادة 126 عقوبات وهى الاساس القانونى لجريمة التعذيب تغفل الاهتمام بالتعذيب المعنوي للمتهم ما ينتج عنه وافقده الاحساس أنه انسان له أدمية لابد أحترامها ، أيضا أستخدام وسائل المزعجة أثناء الاستجواب وهو نوع من التعذيب وصل التعذيب الي أهالى وأسر المتهمين وذلك من اشد أنواع التعذيب .
وبالنظر للوضع التشريع وجدنا أن التشريعات القائمة لتلك الجريمة ينقصها أحد اهم أركانها وهو عدم وجود تعريف واضح ومحدد وثابت للجريمة وأجراءات أثباتها مما أدى إلى صعوبة أثباتها وبالتالى هروب المتورطين فى الجريمة ، وهو ما تسبب فى تحولها من جريمة فردية نادرة الحدوث الي ظاهرة تسود وتنتشر داخل المجتمع وعدم الاكتراث بعقوبتها ، أنه من الطبيعي أن يقع عبء الاثبات علي المتضرر ولكن يصعب في تلك الحالات لان القائم بالضرر هو رجل قانون حيث أن مرتكبى الجريمة هم من رجال الشرطة فى الأساس وهم من المفترض فيهم رفع الضرر علي المواطنين وحمايتهم والحفاظ علي كرامتهم الانسانية والادمية قبل الحفاظ علي أموالهم وغيره .
أما الخطر الأساسى هو الاكثر أهمية التفرق بين أستعمال القسوة وجريمة التعذيب ثم الأعتراف من الدولة بخطورة الجريمة وضرورة مكافحتها حيث أننا نجد مقاومة رهيبة معنوية وقانونية وعملية لعدم الاعتراف بها وأن هناك أزمة داخل مؤسسات الدولة وعلى رأسها وزارة الداخلية ، وهو السبب الرئيسى إلى أن أصبح المجال واسعاً لأرتكارب جريمة التعذيب دون الخوف من عقاب بل جعل التعذيب أسلوب عمل داخل أقسام الشرطة ” تحت بند يحق استعمال القوة لاداء واجبه ” .
المحور الثانى : كيفية العمل على مواجهة جريمة التعذيب .
أن القصور التشريعى الأساسى من وجهة نظرنا يرجع لعدم وجود تعريف لجريمة التعذيب جامعاً ومانعاً تشمل كل ايلام عضوى أو معنوى يقع على شخص ما بهدف التهديد او الترويع او الحصول على معلومات ، بالأضافة لوجود نظام قانونى متكامل لجريمة التعذيب ليكافح هذه الظاهرة مثل جرائم المخدرات والاغتصاب وان تتضمن عقوبات رادعة ، والأهم وجود أجراءات أثبات حقيقية وواقعية يسهل لضحايا الجريمة تحقيقها وأن تعلن الدولة تخليها عن حماية المتهمين وخاصة رجال وزارة الداخلية بأعتبارهم الفئة الأكثر ارتكاباً للجريمة .
مقترح مشروع قانون لجريمة التعذيب
م |
المادة الموجودة |
مقترح تعديلها |
مبرر التعديل |
1 |
لا يوجد مقابل لها |
تطبيق أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب .
يعتبر ظرفاً مشدداً مرتكب الفعل موظف عمومى ويعتبر الموظف فاعل أساسى لو كان مرحاضاً . ولا تسقط جريمة التعذيب بالتقادم . |
بها تعريف جريمة التعذيب ووجود بعض الضمانات التى تعد أساسية لمكافحة الجريمة . حتى تمثل رادعاً لمرتكبى الجريمة من داخل مؤسسات الدولة . ضمانة اساسية للضحايا تكفل الحصول على حقوقهم . |
2 |
لا يوجد مقابل لها |
يحق للمؤسسات المجتمع المدنى أن تستقبل شكاوى ضحايا التعذيب وتعد الدلائل التى تقدمها قرائن قانوينة تدين المتهمين . |
تفعيل دورها داخل المجتمع ولخدمة الضحايا بما تمثله من خبرة قانونية وعملية . |
3 |
المادة (126) عقوبات
|
المادة (126) عقوبات
يعاقب بالسجن المشدد من سبع إلى خمسة عشر سنة ، وإذا مات المجنى عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل العمد مع سبق الاصرار والترصد .
يعد أثبات الجريمة على أى شخص جريمة مخلة بالشرف وتترتب عليه أحكام هذا الوصف فى القوانين الآخرى . |
وسبب تشديد العقوبة كوسيلة ردع مرتكبيها |
ونتضامن هنا مع مشروع القانون المقدم من المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بخصوص مشروع المقترح فى تقريرها الصادر بتاريخ 11 مارس 2009
م |
النص الاصلى |
التعديل المقترح |
4 |
المادة (129) عقوبات |
المادة (129) عقوبات |
5 |
المادة (280) عقوبات |
المادة (280) عقوبات |
6 |
م 36 من قانون الاجراءات الجنائية وللنيابة العامة في مواد الجنح والجنايات أن تطلب ندب قاض للحقيق طبقا َللمادة 64 من هذا القانون أو تتولى .
هي التحقيق طبقاَ للمادة 199 وما بعدها من هذا القانون وفيما عدا الجرائم المشار اليها من فيالمادة 123 من قانون العقوبات لايجز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة ةرفع الدعوي الجنائية ضد موظف عام أو أحد ضباط الشرطة لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تادية وظيفتة أو بسببها |
تعديل الفقرة الاولي والثالثة من م 63 |
7 |
م232 عقوبات الفقرة “ثانيا ” أجراءات تحال الدعوي الي محكمة الجنح والمخالفات بناء علي أمر يصدر من قاضي التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة أوبناء علي تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل أحد أعضاء النيابة العامة بالحقوق المدنية . |
التعديل المقترح للمادة 232 عقوبات الفقرة “ثانيا ” أجراءات |
أزمة الأحكام القضائية تضاف هذه المشكلة بشكلها العام على أسترداد الحقوق وهذه المشلكة هى التى تؤكد مفهوم سيادة الدولة وسيادة القانون والشعور بالمساواة وأن الجميع أمام القانون سواء ، وترجع أهمية التأكيد على هذه النقطة كمكمل للنظام القانونى لمكافحة الجريمة فعملية تنفيذ الأحكام القضائية هى الترجمة الحقيقية للقانون على أرض الواقع وبالتالى لابد عدم أغفالها ووضع عقوبات شديدة تجاه عدم تنفيذ الأحكام القضائية وهذا موجود لكن لابد من وضع عقوبات خاصة لعدم تنفيذ جريمة التعذيب .