17/12/2008

” لا يهمني أسمك لا يهمني لونك يهمني الإنسان ولو ملوش عنوان ” كانت هذه هي الكلمات التى أختارها الفنان محمد منير ليختتم بها الاحتفالية التى عقدت مساء الثلاثاء 16 ديسمبر 2008 بالتعاون بين مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان ومؤسسة وادينا للتنمية البشرية ، بمناسبة مرور ستين عاما على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تحت عنوان ” حقوق الإنسان والتنمية البشرية في وادي النيل : الواقع والمستقبل ” ، و تأتى الاحتفالية في إطار اهتمام كلا المؤسستين بالربط بين قضيتي حقوق الإنسان والتنمية البشرية من جانب واهتمامها بالتكامل المصري السوداني وتدعيم أواصر الصلة بين الشقيقتين مصر والسودان من جانب أخر .

كانت الندوة قد بدأت بكلمة افتتاحية للأستاذ أيمن عقيل رئيس مجلس أمناء مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان ركز فيها على أهمية الربط بين التنمية البشرية وحقوق الإنسان بتضمين البعد الحقوقي في أنشطة التنمية وإبراز الجانب التنموي للأنشطة المتعلقة بحقوق الإنسان ، موضحا أن هذا التوجه هو ما يطلق عليه ” المقاربة الحقوقية ” والتي تعنى دمج المنهج الحقوقي في التنمية ، وهى المسألة التى أكدت عليها عديد من المواثيق الدولية والتقارير المعنية بالتنمية وحقوق الإنسان ، و أوضح أن الاحتفالية تمثل تجسيدا حيا للتعاون المنشود بين المنظمات الحقوقية والمنظمات التنموية ، كما أشار عقيل إلى الفجوة بين ما كانت تنتظره الإنسانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذى جاء بعد حرب عالمية طاحنة، وما تحقق بالفعل على أرض الواقع من نتائج لا تزال غير مرضية وبعيدة عن المأمول .

وأعقب ذلك كلمة ترحيب من الأستاذ ماجد الشربينى رئيس مجلس أمناء مؤسسة وادينا للتنمية البشرية وعضو مجلس الشورى المعنية بالتعاون المصري السوداني والذي تولى إدارة الاحتفالية وتوجيه المداخلات بين الضيوف ، الذى بدأ كلمته بأهمية الربط بين التنمية البشرية وحقوق الإنسان حيث أن حقوق الإنسان لن تحقق في ظل تفشى الأمية والأمراض المتوطنة وغيرها من مظاهر التخلف كما أشار إلى وثيقة الحق في التنمية التى نصت صراحة على العلاقة الوثيقة بين حقوق الإنسان والتنمية والتي صدرت عام 1986 كما ركز في كلمته على ضرورات التعاون المصري السوداني على المستوى التنموي والحقوقي وأهمية مثل هذه الملتقيات في خدمة هذا التوجه النبيل ، كما أكد على أهمية دور الفن في إعادة صياغة الفكر العربى نحو تحقيق التنمية البشرية و احترام حقوق الإنسان حيث أنهما وجهان لعملة واحدة . ثم تحدث الفنان محمد منير الذى أوضح إلى أنه لا يستطيع أن يحكم حتى الآن ، هل السد العالي حمل الخير المطلق لمصر أم أنه حمل بين طياته شرا بالفصل بين مصر والسودان وتصعيب حرية التنقل بينهم التى كانت متاحة من قبل عبر النيل ، كما تحدث عن الدور الحقوقي والتنموي للفن .

ثم جاءت كلمة الفنانة ليلى علوي عضو مجلس أمناء مؤسسة وادينا ، التى تحدثت عن أهمية الفن في تدعيم حقوق الإنسان ودوره في التنمية الشاملة والتكامل العربي ، و أشارت لزيارتها إلى إقليم دار فور بالسودان والأوضاع الإنسانية التى يعيشها الناس هناك وركزت على أوضاع المرأة في الإقليم وكم المعاناة التى تعانيها في ظل ظروف الحرب الأهلية الدائرة هناك كما أكدت علي العمل علي نشر ثقافة السلام . كذلك تحدث ممثل سفارة السودان بالقاهرة الوزير المفوض عبد الله سالم – مندوبا عن السفير السوداني – عن مقومات ومتطلبات التنمية البشرية في السودان وكيف أن المواطن السوداني يحتاج إلى حقوقه التنموية قبل الحديث عن حقوقه السياسية ، و تعرض للعلاقة المصيرية بين مصر والسودان مستشهدا بمقولة مستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان ” أن عاصمة السودان الشمالية هي الإسكندرية ، وعاصمة مصر الجنوبية هي جوبا ” ، وفي إشارة منه إلي الاحتياج التنموي للشعب السوداني استشهد بمقولة فلكلورية سودانية فحواها ” ما نحتاجه هو مكتب بوستة ومدرسة وسطي “.

كما تحدث السيد الوليد سيد محمد ، مساعد رئيس مكتب حزب المؤتمر الوطني السوداني بالقاهرة ورئيس قطاع العلاقات المصرية بالمكتب الذى تحدث عن أهمية التعاون على المستوى الشعبي وعلى مستوى منظمات المجتمع المدني بين مصر والسودان ودور ذلك في تحقيق التكامل المصري السوداني . بعد ذلك كانت الكلمة الرئيسية في الاحتفالية للأستاذ الدكتور على الدين هلال أستاذ العلوم السياسية وعضو مجلس الشورى ،الذى قدم شرحا لمفهومي حقوق الإنسان والتنمية البشرية وكيف أنهما مترابطين ومتكاملين ويصبان في صالح ما يعرف في أدبيات التنمية ” بالتنمية المستدامة ” ، و أكد أهمية التعاون بين المؤسسات الحقوقية والمؤسسات التنموية وضرورة التكامل بين النشاطين ، مشيرا إلى أنه لن يتحقق احترام حقوق الإنسان إلا إذا تم الارتقاء بالأوضاع التعليمية والصحية والاقتصادية للمواطنين ، و أشار إلى اعتزاز مصر بوجود أحد أبنائها وهو الراحل الدكتور محمود عزمي كمقرر للجنة صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 ، وكذلك اعتزازها بوجود أكثر من 57 منظمة حقوقية تمارس عملها بحرية في مصر ، كما تحدث عن وحدة الروابط بين مصر والسودان وخيارات التكامل المتاحة بينهما والتي تخدم التنمية البشرية والتنمية المستدامة في كلا القطرين وأكد في نهاية حديثه علي انه لابد من العمل علي تحقيق المساواة والعدل والحرية حتى تتحقق التنمية الشاملة واحترام حقوق الإنسان .

وفى نهاية الاحتفالية تم تكريم الشخصيات المشاركة في الاحتفالية حيث قدمت الدروع للأستاذ الدكتور على الدين هلال ، والفنانة ليلى علوي ، والفنان محمد منير ، ومعالي السفير عبد المنعم مبروك سفير السودان بالقاهرة الذى تسلمها نيابة عنه الوزير المفوض عبد الله سالم ، وذلك تقديرا لأدوارهم في خدمة القضايا الحقوقية والتنموية و التعاون المصري السوداني.

وكانت الاحتفالية قد شهدت حضور كثيف من وسائل الإعلام والصحفيين والباحثين والأكاديميين وناشطى المجتمع المدني من مصر والسودان .

[an error occurred while processing this directive]