30/7/2009

أولاً : مقدمة
حرص المعهد الديمقراطى المصرى على أن يقف على حقيقة ما حدث بمنطقة ركن فاروق فى محافظة حلوان حيث أعلنت مجموعة من المستأجرين المزارعين للأراضى الزراعية بهذه المنطقة والمؤجرة من هيئة الاوقاف بوقفة احتجاجية للاعتراض والمطالبة بوقف المزاد العلنى للاراضى والمؤجرة للفلاحين من قبل هيئة الاوقاف التى بدورها تجاهلت الوضع القانونى والفعلى للمزراعين ، وقد أظهرت هذه الواقعة مدى عدم التنسيق بين مؤسسات الدولة الذى يصل إلى الانفصال شبه التام وان عملها قائم على مبدأ الجزر المنعزلة وهو ما أكدته النتائج التى خرجت بها البعثة .

وهو ما يقودنا إلى التسأول ما هى المعايير والمبادئ أو حتى الأسس التى بناءاً عليها تتأخذ القرارات من قبل مؤسسات الدولة ؟

أن البعثة لن تجيب على هذا التسأول الكبير ولكنها ستكون دليلاً على تخبط القرارات وغياب التنسيق بين المؤسسات المختلفة بل وتجعلنا نتسأل عن نقاط عديدة استفهامية لدينا عن الحديث الصاخب عن تطبيق مبادئ الحكم الرشيد والشفافية وحرية تداول المعلومات ، فالموضوع بدأ بأتخاذ قراراً متجاهل الطرف الاساسى فى المشكلة وهم المزارعين وتطور الأمر للوقفة احتجاجية واعتصام وانتشار الشائعات والحديث عن لقمة العيش وعن حكومة رجال الاعمال ، فقد كنا بين المستأجرين الذين كانوا يطالبون بوقف المزاد وتعطيله ولولا الاصوات العاقلة ووجود بعض الافراد المتعلمين اصحاب الكلمة المسموعة لكانت هناك مواجهة اكيدة لتصل لدرجة العنف بين الفلاحين والأمن .

كان السؤال الاساسى الفلاحين البسطاء الذين تعدى عددهم أكثر من الف اسرة هم الورثة الاساسين للمستأجرين الاصليين للارض محل المشكلة هو من المسئول عن هذا الاجراء ومن المستفيد من وراء تشريدنا من الارض ، ويقوم هذا السؤال على نفس الاسباب التى دعت العالم لوضع المبادئ القوية والحاكمة والتى سميت بالحكم الرشيد وتم اختزالتها فى مصر إلى لجنة لتعزيز الشفافية والنزاهة وكل نشاطها محصور فى الرصد وتقديم التوصيات وياليتها تعمل بحرية .

وينطبق هذا الحديث على نظام الوقف التى تعمل عليه الدولة الآن المخالف لمبادئ الشريعة والمنطق وفى هذا الصدد فقد كان المعهد له سابقة نشاط لمناقشة واحدة من اهم فروع الاوقاف فى مصر وهو الوقف المخصص للتعليم والصحة وعرفنا امور كثيرة ليس هذا مقامها ولكن نشير لنقطة واحدة وهى أنه لا يوجد حصر لحجم الأوقاف ، وفوق كل ذلك صدرت قوانين وقرارات تسمح بتغيير النشاط وهكذا من التصرفات المخالفة لوضع الوقف فى الشريعة حيث أنه نظام اسلامى بالأساس .

ثانياً : الموضوع
تبدأ المشكلة بمجرد معرفة مستأجرى الارض الزراعية بخبر بيع الارض التى يعيشون عليها فى المزاد العلنى فتسرب الخبر وتجمع الفلاحين وذهبوا إلى الهيئة وسحبوا كراسة الشروط وتأكدوا من صحة الخبر وأن الارض التى يزرعونها من عشرات السنين معروضة للبيع دون علمهم هم أنفسهم وأتفقوا على مقاومة ذلك ، فاعلنوا ان سيقومون بالاعتصام على الارض مصدر رزقهم الوحيد وتناقلت وسائل الاعلام الخبر وطالبوا بعدة مطالب اهمها وقف المزاد الآن والنظر إلى وضعهم القانونى والمعيشى وذلك بتمليك الاراضى لهم .

الجدير بالذكر حسب المعلومات التى أدلى بها المزارعين المستأجرين أن هذه الارض كانت ملكاً لهم ثم اقطتعها الخديو اسماعيل لإحدى حريراته وتدعى جميلة هانم اسماعيل ثم أوقفت جميلة هانم جزءاً من الارض للمزارعين على أن يصرف ريع الارض على الفقراء والمحتاجين وما شابه ذلك ، وطبقاً لشروط الوقف كان يوجد مجلس لإدارة الوقف ومع تغيير النظام إلى جمهورى والتوجه كان يعمل على سيطرة الدولة على مقاليد الامور فوجدت هيئة الاوقاف لتدير شئون الاوقاف ، وتعامل معها المزارعين واستأجروا الارض على مدار العشرات من السنين وخرجت لهم بطاقات حيازة ويسددوا الايجار المتفق عليه حتى الآن .

وحاول الفلاحين إلى تقنين وضعهم على اساس تمليك الارض فى عام 1995 فى عهد وزير الاوقاف الاسبق السيد / محمد على محجوب اتخذوا خطوات جادة ومهمة وصلت لحد تثمين الارض وتحمل المستأجرين على أنفسهم ارتفاع الاسعار حيث وصل سعر قيراط الارض إلى 35 الف جنيه وهو سعر عالى جداً حينذاك ووافقوا على التثمين وتصل الاجراءات لحد رئيس الهيئة فتقف ، وتكرر المحاولات على فترات مختلفة فى عام 2005 ثم عام 2009 وتصل عند رئيس الهيئة وتقف وهكذا حسب حديث الاهالى ثلاث مرات وتنتهى الاجراءات على نفس الموقف .

وتتطور الامور الآن إلى إعلان هيئة الاوقاف عن بيع الارض فى حين لم تعلن الهيئة المستأجرين متجاهلة وضع الاهالى على الارض كمستأجرين وطلباتهم المشروعة رامية بعرض الحائط كل الابعاد الاجتماعية والاقتصادية للموضوع وحجم فرص العمل ومصدر الزرق الوحيد لبعض الاسر ، وتتحرك الاهالى معلنة رفضها تصرف الهيئة فتتجاهل الهيئة مطالبهم وتستمر اجراءات المزاد وتتحرك الاهالى لوقف المزاد حتى وصلوا إلى وعد بعدم التصديق على المزاد قبل شهر حتى ينهى المزارعين مشكلتهم مع الهيئة وكأنها مشكلة فى المستأجرين .

ويذكر أن الهيئة وضعت رسوم تامين دخول المزاد للثلاث قطع اراضى زراعية القطعة الاولى سبعة مليون جنيه والقطعة الثانية ستة مليون ومائتان وخمسين الف جنيه أما القطعة الثالثة خمسة مليون جنيه ، علماً بأن سعر الاراضى الزراعية تتراوح ما بين ستين الف إلى مائة وعشرين الف جنيه حسب جودة الارض وموقعها ، وقد لجأ المزارعين المستأجرين للقضاء لوقف اجراءات المزاد وطالبوا من خلال وقفاتهم الاحتجاجية يومى الجمعة الموافق 17/7/2009 والاحد الموافق 19/7/2009 بتدخل رئيس الجمهورية كالعادة هكذا الآن كل المشاكل والازمات لن تنتهى الا بتدخل الرئيس هذه هى دولة المؤسسات التى يتعامل معها المواطنين .

والملحوظة الجديرة بالذكر هو تأكيد المحافظ فى تصريح خاص له بجريدة الجمهورية بعدم تحويل الارض الزراعية إلى ارض مبانى ، أذن ما هو الغرض من بيع الارض طالما لن تتحول إلى ذلك وهو ما يدعونا لطرح بعض الفروض الاول أذا ما لم تتحول إلى مبانى فلتملك للفلاحين أذا ارادت الهيئة التخلص من الوقف أو استبداله وتتركه للفلاحين ، أما الفرض الثانى اذا اردت الهيئة أن تبيعها وتحولها إلى مبانى فعليها تعويض الفلاحين التعويض المناسب على اساس أنها ارض مبانى .

ثالثاً : اقوال المتضررين

الحاج محمد حسين حماد
رئيس أتحاد العائلات والقبائل العربية وأحد مستاجرى الارض
الارض كانت ارض زراعية ملك عائلة حماد والخديو إسماعيل سنة 1887 م نزع الملكية الارض من العائلة وقام بوهبها لإحدى الحراريات من حاشيتة ( جوارى ) وقد قامت بوقف جزء منها للإيجار والريع الذى يخرج منها يوزع على الفقراء والمحتاجين وما شابه ذلك ، وقد قام اجدادنا بتأجيرها من إحدى الجوارى وتقربيا ذلك فى عام 1890 م وكانت تدى هذه السيدة / جميلة هانم اسماعيل وقد وقفت عدد من الفدادين لوقف خيرى .

وبعد قيام الثورة نقلت الوقف إلى هيئة الاوقاف المصرية ومازالنا مستأجرين من هيئة الاوقاف من حوالى 70 سنة وإلى يومنا هذا ومن عشر سنين قدمنا طلبات شراء للارض حيث أنه يوجد قانون يسمح بذلك للهيئة باستبدال الارض بأراضى اخرى وحدث ذلك حيث قامت الهيئة ببيع بعض العقارات والاراضى واستبدلتها بثمنها أماكن أخرى مثل شرق العوينات وشمال سيناء ورفضت هذه الطلبات وفؤجئنا بالخميس 16/7/2009 بأعلان لبيع الارض بالمزاد العلنى من خلال احدى اليفت المعلقة بأحدى شوارع وهو عمل غير قانونى لأن الأوقاف الخيرية لاتباع ويراد من هئية الاوقاف جمع الريع للصرف فى أوجة الخير .

وقمنا بالذهاب للهيئة وسحبنا كراسة الشروط فوجدنا أن الإعلان من يوم 28/6/2009 ولا نعلم عنه شئ حيث قامت الهئية بعمل اجراءات المزاد فى الكتمان دون إعلان ونحن نستعيث برئيس الجمهورية ووزير الاوقاف ووزير الزراعة ورئيس الوزراء بالتدخل لأنهاء هذه الازمة ، وتأكدنا من حقيقية الموضوع وعرفنا أن المرحلة الإولى هى 9 فدان مقسمة إلى ثلاث قطع كل القطعة مقسمة إلى ثلاث فدادين وعرفنا أن التامين 7 مليون للقطعة الإولى والثانية تأمينها 6 ميلون وربع والثلاثة تأمينها 5 مليون وأتصلنا بنواب مجلسى الشعب والشورى وبأجهزة الاعلام والفضائيات وقمنا بأعتصام فى الارض موقع المشكلة ، ونطالب بوقف المزاد على ان نشترى الارض بالممارسة كالارض زراعية ولن نفرط فى الارض حيث اننا أصحاب الحق وموجودن بالارض من جدود الجدود يعنى من حوالي 100 عام .

عمرو حماد محمد حماد
أحد مستأجرى الارض

الاراضى دى تعول حوالى الف شخص وهم الورثة للمستأجرين الاساسيين وهى مصدر رزقهم الوحيد واحنا مستأجرين من الاوقاف بعد ما كنا مالكين (كعائلة حماد ) واصبحنا مستاجرين واليوم مطرودين لصالح من ؟

أفتكر عمي أنه كان بيملئ القلة من أمام استراحة الملك فاروق بحكم قرب الارض من الاستراحة ولم يأخذها الملك واحنا ضد بيع الارض الزراعية لتحويلها للمبانى ولمولات ولفنادق ، والحكومة لديها قطعة ارض حوالى 28 فدان تحت يد البحث العلمى وهى بور ولم تستغلها منذ عشرين عاماً ونحن بأمس الحاجة لمدراس ومستشفات وخدمات للاهالي المنطقة واليوم محروين من هذه الخدمات واليوم الحكومة بتحاول بيع الاراضى الزراعية وتاركة الارض البور وهل المحافظ ( حلوان ) على علم بذلك ؟

احمد عبد الله علي
محامى لمجموعة من المستأجرين

هذا البيع غير قانونى وذلك لإن الارض وقف لصرف ريعها فى القنوات الخيرية للفقراء ……الخ بمنطقة حلوان واذا تم الاستغناء عن هذه الارض تأول إلى ورثة الواقف أو لوضعى اليد عليها ولا يجوز استبدالها ، كما بهذا المزاد غش وتدليس حيث أن هذه الارض تقع بمحافظة حلوان وتم عمل إعلان للمزاد فى منطقة تقع فى منطقة تبع محافظة القاهرة على خلاف طبيعة الامور وذلك تضليلا للمزارعين وللمنتفعين بهذه الارض حتى يتم المزاد والبيع الى مستثمر أجنبى بدون علم الاهالى المنتفعين بهذه الارض ، وكذا السعر الفعلى للاراضى الزاراعية بالمنطقة يبدأ من 60 الف إلى 120 الف لسعر الفدان حسب خصوبة الارض لكن تأمين دخول المزاد 2 مليون وربع للفدان الواحد مما يدل على تعجيز المزارعين لتقدم في المزاد حتى اذا علموا به ، كما أن المزاد صادر على محافظة القاهرة والخريطة توضح فى رسمها الكوريكى دون غيرها من المساحات الاخري بجميع المحافظات حيث أنها تبع محافظة حلوان وهو دليل علي وجود الغش والتدليس مما يبطل المزاد .

عمرو يحيى حماد
احد ورثة المستأجرين للارض
أنا واحد من الورثة لإحدى قطعة الارض ونحن ناشد الجهات الرسمية فى حل مشكلتنا لانها هيترتب عليها مشاكل كثيرة واكبر فالشباب بدون فرص عمل هيتشردوا فى الشارع لان ده مصدر زرقهم الوحيد وبيع الارض سيخلق بطالة كبيرة لهذه الشباب ، والمشلكة تتلخص مش بيع الارض بمدخل محافظة حلوان ولها بطاقات حيازة منذ 1940 م وإيصالات تحصيل بالهيئة منذ نفس التاريخ إلى وقتنا هذا وعرفنا بالمزاد من خلال كلام الاهالى وأتجهنا للهيئة وسحبنا كراسة الشروط واطلعنا عليها ووجدنا أن الارض موجود فى المزاد منذ تاريخ 16/7/2009 والمزاد 19 ، 20/7/2009 م وناشد الجهات الرسمية بحل هذه المشكلة ونحن مزارعن منذ 85 سنة .

وليد حماد محمد
احد المستاجرين للارض

عرفنا بموضوع المزاد يوم الاربعاء بالليل من خلال إحدى موظفين الاوقاف وتكلم عن مزاد للارض زراعية اللى بنزرعها فذهبنا لهئية الاوقاف وسحبنا كراشة الشروط ووجدنا أن الارض نازلة فى المزاد للبيع ومبالغ التامين عرفنا أن شكل الارض لن تباع على أساس أرض زراعية أنما على أساس أنها أراضى مبانى وعقارات حيث أن مبالغ دخول التامين تصل لـ 18 مليون معنى كده ان الارض ممكن تصل سعر لـ 60 مليون لثلاث قطع الموجودة بالمزاد واجمالى مساحتهم 10 فدان ولو عملنا حسبة بسيطة بـ 60 مليون فنلقيها ممكن تشترى أراضى أكبر تصل لأضعاف أضعاف مثل هذه المساحة واراضى بنفس الجودة والخصوبة ، وهنا فى سؤال هناك أرض على بعد كيلو متر فى منطقة الدواجن حيث يوجد أبراج مخالفة للتراخيص وهناك بعض الاشكاليات مع المحافظة بهذا الوضع والمحافظة رافضة والسؤال هنا لما يسمح بابراج الدواجن هل يسمح بابراج فى هذه المنطقة ؟

وهل يوجد تخطيط وتنظيم لهذه المنطقة عند المحافظة حتى يسمح بالمبانى عليها ؟
كما أن الارض تعمل على تخفيف حدة التلوث للناس التى يعيش بحلوان من خلال هذه الاراض فقررنا عمل أعتصام وعمل اضراب عن الطعام أمام الارض وكان ده يوم الجمعة 17/7/2009 حتى نلفت نظر المسئولين وعمل اللازمة بدأ من اليوم من الساعة 9 صباحاً حيث فؤجننا بتواجد أمنى على الارض محل المشكلة حيث وجدنا لواء يدعى عبده فراغلى لا نعرف صفته وعلى ما اظن أنه مفتش فرقة بحلوان وتواجد أيضاً ياسر الشناوي رئيس مباحث قسم حلوان وبعض الضباط ذو الرتب الصغيرة وعساكر شرطة حول الارض وقمنا بالتجمع أمام الارض واعلنا الاعتصام والاضراب عن الطعام وانضم لنا بعد ذلك النائب مصطفى بكرى (فئات – معارض) عضو مجلس الشعب للدائرة والاستاذ / عبد الرحمن خير عضو مجلس الشورى (عمال – تجمع ) وانضم لنا مجموعة من أعضاء أحزاب المعارضة مثل الوفد – التجمع – الناصرى ، وذلك تأييدنا لإعتصامنا وتوالت بعض القنوات القضائية والصحف وبعض منظمات حقوق الانسان المهتمة وتحدثنا لهم وعرضنا المشكلة ونحن لن نترك الارض حيث أنها تمثل لنا مصدر الزرق الوحيد وللعديد من الاسر وارتباط للفلاحين للارض جزء من حياتهم اليومية .

رابعاً : الوضع القانونى
اثارت واقعة المزارعين المستأجرين فى منطقة ركن فاروق بمحافظة حلوان العديد من التساؤلات حول مدى قانونية وضع المزارعين وهل لهم الحق فى مطالبهم وما إلى ذلك من الأسئلة القانونية المشروعة للمواطنين للحفاظ على مصدر رزقهم الوحيد هى زراعة الارض ، ونحن بدورنا فى وحدة الدعم القانونى والبرلمانى بالمعهد نحاول كمساهمة منا لتقديم العون القانونى وشرحه لكل من يهمه الامر فى الدفاع عن هؤلاء البسطاء .

أولاً : ما هو نظام الوقف ؟
ونقول أن السبب فى البدء بما هو تعريف الوقف وتجاهل أمر ملكية عائلة حماد بحلوان لهذه الارض لان المزارعين الذى يتنمون لعائلة حماد لا يملكون اية وثائق ملكية كما انه طبقأ للقوانين السابقة النزع تم من قبل السلطة القانونية فى ذلك الوقت وكان يكفل القانون ذلك حتى لو كان هناك مستندات هى لن تكون ذات قيمة .

ونبدأ بتعريف الوقف طبقاً الشريعة الاسلامية على أنه ” وهو تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة وهو من أعظم العقود في الشريعة الإسلامية وفيه من المصالح في حال الحياة وفي حال الموت من الشيء الكثير ولهذا جاء الشرع به ، والإنسان يكون حيا ثم يعمل الأعمال الصالحة ، فيريد أن يمتد عمله بعد وفاته فجاء الله وشرع هذا الوقف حتى يمتد عمله بعد وفاته ويبقى له أعمال البر والخير متصلة بعد وفاته وتستمر ، وسبب تعريفه من منطلق الشريعة الاسلامية لأنه نظاماً اسلامياً عمل به المشرع .

والعناصر الأساسية لنظام الوقف هى ( الحفاظ على الأصل ، لا يجوز بيعه أو تحويل ثمنه لمواد استهلاكية ويديره الناظر حسب شروط الواقف ، أن يكون منفعة الوقف دون مقابل ) ويجوز أن يكون الوقف لغرض دينى خاص كبناء مسجد أو كنيسة ، أو لغرض اجتماعى كبناء مشفى للمرضي وتقديم الخدمات الطبية مجانا او بأقل تكلفة أو بناء منشأت تعليمية تخدم المتعلمين وتساعد فى حل جزء من مشكلة التعليم ، أو لغرض خيرى كبناء ملجأ للأيتام أو بناء سكن للمغتربين أو لغرض اسرى كالبيت يقفه الشخص لسكن أولاده وذريته فقط .

ويلتزم بعدة أحكام اساسية للوقف :
الحكم الأول : يشترط أن يكون الواقف جائز التصرف بأن يكون بالغاً حراً رشيداً فلا يصح الوقف من الصغير والسفيه والمملوك ، الحكم الثاني : ان يكون ناظر الوقف هو صاحب الوقف نفسه ، الحكم الثالث : انه لا يجوز الرجوع عن الوقف ، الحكم الرابع : عدم الجواز تغيير المنفعة المخصصة بالوقف ، الحكم الخامس : أن إدارة الوقف للشخص الذى خصص الوقف ، الحكم السادس : عدم الانقلاب على فكرة الوقف نفسها وإلغائه حتى إن كان هناك انحراف .

ثانياً : الاستبدال فى الوقف ؟
لن ندخل فى تفاصيل دقيقة لبرهنة هل يجوز أم لا لكن نستطيع القول أنه ذهب الامام ابو حنيفة وبعض فقهاء الحنابلة بجواز ذلك وهو ما ذهبت إلى بعض التشريعات الوطنية لدى الدول الاسلامية والعربية ورغم أن هناك معارضين من الفقهاء فهنا يرجع الامر للمصلحة العامة ، وقد أقر الفقهاء فى الدورة الرابعة لمنتدى قضايا الوقف الفقهية التي عقدت بالرباط المغربية أيام (29 مارس – 1 أبريل 2009) تحت شعار ” قضايا مستجدة وتأصيل شرعى ” على حالات يجوز فيها الاستبدال منها ( 1- إذا نص الواقف على جواز استبداله -2- إذا اقتضت الضرورة الشرعية ذلك -3- لاستبدال الوقف فهي إذا كان للمصلحة العامة الضرورية التي لا مناص منها -4- لاستبدال الوقف فهي إذا كان للمصلحة العامة الضرورية التي لا مناص منها )

وهو ما أخذ به القانون رقم 152 لسنة 1975 بالسماح لهيئة الاوقاف باستبدال الاراضى الزراعية بالاموال التى بيعت بها مقدار الوقف الاساسى ، ويعد هذا الامر هو المناسب لوضع الواقعة محل البعثة حيث انها تراعى البعدين الاجتماعى والاقتصادى للمستأجرين الاراضى الزراعية أذ ما اردت هيئة الاوقاف ان تفعل .

ثالثاً : عقد الايجار .
يعرف عقد الإيجار فى القانون المدنى بالماد 362 بأنه ” عقد يلتزم به المؤجر انتفاع المستأجر بمنافع الشيء المؤجر ومرافقه مدة معينة باجرة معينة ” وطالما أن المزارعين ملتزمين بشروط التقاعد فلا يحق للطرف وهى الهيئة بعدم انهاء التقاعد طالما العقد سارياً أو تتخذ تصرف قانونى حيث أن حالات فسخ العقد :

  1. أن تكون بصدد عقد ملزم للجانبين لأن الفسخ يقوم على أساس فكرة الارتباط بين الالتزامات المتقابلة .
  2. ألا يقوم أحد المتعاقدين بين التنفيذ التزامه وأن يكون عدم التنفيذ راجعاً إلى خطأ منه فإذا كان عدم التنفيذ راجعاً إلى استحالة بسب لابد للمدين فيه فإن الالتزام بنقضي وينفسخ العقد بقوة القانون فيجب أن يكون عدم التنفيذ راجعاً إلى فعل المدين .
  3. أن يكون المتعاقد الذي يطلب الفسخ قد نفذ التزامه أو على الأقل أن يكون مستعداً لتنفيذه .
  4. أن يكون طالب الفسخ قارداً على أن يعيد الحال إلى ما كانت عليه قبل التعاقد فإذا كان قد تسلم شيئاً بموجب العقد واستهلكه أو تصرف فيه فليس له أن يطلب الفسخ .
  5. أن يعذر الدائن المدين قبل رفع دعوى الفسخ ولكن هذا لا يعني أن دعوى الفسخ تكون غير مقبولة إذا لم يسبقها أعذار المدين لأن رفع الدعوى يعتبر في ذاته إعذار .

وذهبت محكمة النقض بأن فى جميع الحالات يجب أن يعلم المستاجر بأى تصرف قانونى يؤثر على مركزه القانونى حتى ولا علي سبيل الانذار فقط .

رابعاً : ما هى التحركات القانونية التى بيد المستأجرين – اصحاب المشكلة – .
يكون التحرك على محورين الاول رفع دعوى أمام محكمة الامور المستعجلة لوقف المزاد العلنى مستندين على وضعهم القانونى كمستأجرين لاراضى زراعية موقوفة والتى تجاهلته الهيئة .

والمحور الثانى رفع دعوى امام القضاء الإدارى – مجلس الدولة – للطعن فى القرار الإدارى الصادر ببيع الاراضى لبحث مدى قانونية المزاد وبحث الوصايا العشر للوقف ، وتتوافر لهم الصفة القانونية باعتبارهم مستأجرين بعقود إيجار صحيحة كذلك لهم تتوافر مصلحتهم كما يتوافر فى قرار بيع الارض شروط القرار والذى بناءاً عليه يجوز الطعن فيه وبطلانه أو اثبات صحته أمام القضاء .

خامساً : الخاتمة
نضع فى الخاتمة مجموعة من علامات الاستفهام من الممكن اذا تم الاجابة عليها ستتضح معلومات جديدة ووقائع تحتاج تحرك أكبر من بعثة لتقصى الحقيقة ، اولها أذا ما استقر تصديق المزاد هل ستظل الارض زراعية ؟ والثانية سر ارتفاع مبلغ التامين للمزاد هل لمنع دخول المزارعين ؟

ولطالما ننادى المواطنين باللجوء للقضاء واحترام سيادة القانون ونبذ العنف أو تعطيل مؤسسات الدولة وقد التزم المواطنين فى هذه الواقعة بكل الاجراءات القانونية حتى الشاذة منها وغير المفهومة هذا وقد التزم المواطنين ، والآن نطالب مؤسسات الدولة أن تقوم بدورها بالكشف عن المعلومات التى لدى الهيئة حول هذه الواقعة بالأضافة الالتزام ايضاً بالقوانين .

وأخيراً نقول ماذا تبقى من مبادئ يوليو فلقد سقطت ورقة التوت الأخيرة وأنكشفت عورة نظام يوليو فالأوضاع الاقتصادية للعمال والفلاحين كما نراها فى صورة احتجاجات واعتصامات تعد أكبر دليل على سقوطها ، فبعد غياب الديمقراطية وأهدار الحريات والامتيازات التى كانت للعمال والفلاحين محل فخر نظام يوليو الآن نتسأل عن الحقوق العمالية حتى شعار الارض لمن يزرعها أصبح حبراً على ورق ، ولم يتبقى من حقوق العمال سوا 50% من العمال والفلاحين فى البرلمان هذا المبدأ الدستورى الذى يصطدم بالواقع بمقارنة ما نعيشه ونعرفه عن أوضاع الفلاحين والعمال وأعضاء البرلمان الذين ينفقون ملايين الجنيهات فى الانتخابات .

سادساً : التوصيات

  1. وقف المزاد العلنى كأجراء مؤقت .
  2. الالتزام بعقد الإيجار المبرم بين المزارعين والهيئة .
  3. مراعاة البعد الاقتصادى للمزارعين وذلك بتطبيق احكام الاستبدال فى قانون الوقف .
  4. استعمال روح القانون مع هذه المشكلة حتى يتسنى للمزارعين الوفاء بالالتزامات التى ستكون على عاتقهم .
  5. نطالب بمساواة فلاحين حلوان بباقى الفلاحين فى المحافظات الاخرى التى تم تمليكهم للاراضى التى كانوا يزرعونها .

وحدة الدعم القانونى والبرلمانى
ا/ أمل سلامه
المحامية

أعداد وتحرير والعمل الميدانى
ا / رامى حافظ
المدير التنفيذى