16/2/2009
في العقد الأخير من القرن الماضي خلعت مصر رداء الاشتراكية وارتدت رداء الرأسمالية وانتقلت من ملكية الدولة إلى ملكية رجال الأعمال وتجاوزت مرحلة فساد الفرد إلى مرحلة فساد الطبقة ، وقبل أن ينقضي العقد الأخير من القرن الجديد كانت السلطة في مصر قد اكتشفت أن هذا الرداء كان فاضحا لدرجة كشفت عوراتها وأظهرت مساوئها ، بعد أن كلفها وكلفنا إصرارها على ارتدائه ضياع قدر ليس بقليل من مقدرات المجتمع وموارده . فاتجهت إلى استبدال هذا الثوب الرأسمالي بثوب أخر أطلق عليه منظروا السلطة وقيادات حزبها صكوك الملكية الشعبية ، الذي أعلن عنه في أعقاب المؤتمر الأخير للحزب الوطني الديمقراطي في شهر نوفمبر الماضي ، وقد بدا هذا الثوب الجديد لأول وهلة غير مقنع بالنسبة للكثيرين فقابلوه بتحفظ شديد وتشكك واضح ، ربما بسبب سابق خبرتهم السلبية مع التشريعات الحكومية ، وربما لأن أصحاب الاقتراح لم يهتموا كثيرا بالتواصل معهم وتوضيح الفكرة وشرحها لهم عن قرب . وفي إطار اهتمامه بالإجراءات والتشريعات الاقتصادية التي تتعلق بالسلام المجتمعي والتنمية البشرية فقد أصدر ” ماعت ” تقريرا عن تحليل لمضمون الصحافة المصرية فيما يتعلق بتناولها لقضايا السلام المجتمعي خلال شهر ديسمبر 2008 تحت عنوان ” صكوك الملكية الشعبية رؤية حقوقية ” . وقد أوضح التقرير أن قضية مشروع الصكوك المجتمعية قد احتلت مساحة ليست قليلة من اهتمام الرأي العام المصري وأثارت انتباه معظم فئات الشعب منها المواطن العادي والمتوسط حتى الأغنياء والمثقفين في المجتمع المصري وهذا انعكس في التغطية الصحفية للقضية في مختلف الصحف المصرية سواء الحزبية أو القومية أو حتى المستقلة والمعارضة كل منها تناولتها حسب تصورها ورؤيتها الخاصة وأرجع التقرير ذلك التباين والاختلاف في وجهات النظر إلي عدم وضوح الرؤية حول ذلك المشروع وإلى غموض المشروع أو حداثة فكرته في مصر أو لانتشار الأمية في المجتمع المصري ، وخلص التقرير إلى أن المشروع المقترح لم يوسع المشاركة الشعبية في إدارة أصول الدولة لأنه لا يستطيع ضمان مواظبة مشاركة الشعب في الإدارة وذلك بسبب فقرهم أو أميتهم لذا فمن المتوقع منهم أن يقوموا ببيع حصتهم لقلة عائدها. ولذا فقد طالب ماعت في تقريره بوجود عدد من الضوابط التي تضمن تنفيذ المشروع بشكل يحقق اكبر استفادة منه للمواطنين واقل خسارة للدولة وكذلك حسن إدارة أصولها من خلال عرض الفكرة للنقاش المجتمعي قبل عرضها على مجلسي الشعب والشورى ، و تضمين الأبعاد الحقوقية في النقاش العام المتعلق بالمشروع المقترح و إطلاق حملات توعية للمواطنين بالقانون وبأهمية الصكوك وكيفية التعامل معها ووضع ضوابط علي المشروع مثل عدم البيع للأجانب. وأخيرا فان ماعت يرى أن القضية يجب أن تأخذ حقها من النقاش العام ، ولا بد من أن يسعي المسئولين عن الفكرة والقائمين على التشريع المقترح بالتواصل الايجابي مع كل فئات ومنظمات المجتمع قبل إقرار التشريع لأن الأمر لا يتعلق فقط بحق الأجيال الحالية ولكنه يتعلق بحق الأجيال القادمة أيضا . |
[an error occurred while processing this directive]