1/3/2010

أجمع أعضاء التحالف المصري لنزاهة المجتمع المدني على أهمية إصلاح البنية التشريعية المنظمة لعمل مؤسسات المجتمع المدني من خلال سن قوانين بديلة تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وبالأخص المعنية بالحق في التجمع والتنظيم، و نقل خبرات التحالف إلى ممثلي الأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية بالمحافظات المصرية المختلفة عبر تنظيم دورات تدريبية لهم على مبادىء مدونات السلوك (مواثيق الشرف الأخلاقية أو القواعد الديمقراطية ) واعتمادها كجزء من الأنظمة الداخلية لمؤسسات المجتمع المدني ، مطالبين كافة الأجهزة الحكومية وأعضاء البرلمان التعاون مع التحالف بهدف تسهيل أدائه لمهامه، ومن أجل مجتمع مدني حر وفاعل، جاء ذلك في ختام الحلقة النقاشية التي عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ناومان الألمانية تحت عنوان ” التحالف المصري لنزاهة المجتمع المدني …التحديات والآمال” أمس الأحد الموافق 28/2/2010 بمقر المنظمة المصرية.

ومن جانبه، أكد أ.حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والمنسق العام للتحالف أن التحدي الأكبر الذي يواجه عمل مؤسسات المجتمع المدني يتمثل في البنية التشريعية المعيقة لعملها ممثلة في قانون الجمعيات رقم 84 لسنة2002 ، وقانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته الأخيرة بالقانون رقم 171 لسنة 2005، وقانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 وتعديلاته بموجب القانونين رقم (1) لسنة 1981، (12) لسنة 1995، مضيفاً أن التحالف سيعكف خلال المرحلة المقبلة على وضع مقترحات محددة لتعديل هذه القوانين كخطوة أولى ، وصولاً إلى قوانين جديدة ديمقراطية تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وبالأخص المعنية بالحق في التجمع والتنظيم، على أن يتم رفع تلك القوانين إلى مجلسي الشعب والشورى ، وسيجرى النقاش والتباحث بشأنها مع ممثلي المجتمع المدني بالمحافظات من خلال عقد ندوات وحلقات نقاش معنية بذلك .

وأضاف أبو سعده أنه من أجل مجتمع مدني حر وفاعل، فإنه ينبغي تذليل كافة العقبات والقيود القانونية والإدارية والمالية التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني وذلك من أجل ضمان أولاً: أدائها الديمقراطي السليم ، وثانياً:تنشيط وتفعيل دورها في تعزيز ونشر ثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية بين صفوف المجتمع باعتبار تلك المؤسسات، مؤسسات وسيطة بين الحكام والشعوب ‏،مما يؤدي إلى زيادة دور المجتمع المدني في صناعه القرار، وإنشاء علاقة شراكة بينها وبين الدولة ، وصولاً إلى مجتمع مدني قوي قادر على المساهمة في تعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان .

وشدد رئيس المنظمة المصرية على أهمية فكرة نشر الوعي بين مكونات المجتمع المدني الثلاث -المتواجدة بمحافظات شمال وجنوب مصر -بماهية مفهوم “الحوكمة” أو الحكم الرشيد والهدف منها ومعاييرها ، وترسيخ مبادىء أو معايير الحكم الرشيد داخل تلك المؤسسات ، والتي تتمثل في ممارسة الديمقراطية بمعنى التداول السلمي للسلطة ودورية الانتخابات والمساءلة والشفافية والنزاهة ، بمعنى آخر وضع أو رسم إطار مهني لعمل المؤسسات ، بحيث لا تكون هذه المؤسسات مجرد هياكل غير محكومة بقواعد وأصول ، وإنما تكون هياكل ذات بناء مؤسسي قوي، تتمتع بالإدارة الجيدة، وتتوافر فيها المساءلة والشفافية والمهنية، بما يكفل مساعدة مؤسسات المجتمع المدني على اتخاذ قرارات صائبة من خلال نظام رشيد يهدف إلى الوصول لأفضل القرارات بهدف إزالة الصعوبات التي تواجهها مالياً وإدارياً‏، ويؤدي إلى تعزيز وتطوير الإدارة الداخلية لمؤسسات المجتمع المدني،وتطوير علاقاتها مع مؤسسات الدولة من جانب،وكذلك تعزيز مصداقيتها لدى الرأي العام و فيما بينها أيضاً.

وفي الجلسة المعنونة ” إعلان أسس الممارسة الديمقراطية للأحزاب والقوى السياسية….التحديات والآمال” أكد أ.عصام شيحه عضو الهيئة العليا لحزب الوفد أن الأحزاب السياسية تلعب دور أساسي في الحياة السياسية في مصر ، فالمادة 5 من الدستور تنص على أن النظام السياسي نظام تعددي يقوم على حرية نشأة الأحزاب السياسية ، وبرغم ذلك فالأحزاب السياسية تواجه بالعديد من الصعوبات والمعوقات ولعل أولها لجنة شئون الأحزاب السياسية. وطالب شيحة بأن يكون تأسيس الأحزاب السياسية بالأخطار وليس بالتأسيس وإلغاء قانون الطوارئ القامع للعديد من الحريات العامة ، مطالباً في الوقت ذاته بتعديل البنية التشريعية المنظمة لعمل الأحزاب والنظام الانتخابي برمته ، وتعديل المادة 76 من الدستور ، والالتزام بالتثقيف السياسي لأعضاء الحزب، وتشجيع الحوارات الداخلية وخاصة فيما يخص المرأة.

واتفق معه في الرأي أ.محمد فرج الأمين العام المساعد لحزب التجمع مؤكداً أن ضعف الأحزاب المصرية يرجع إلى الإطار التشريعي الناظم للحق في تكوين الأحزاب، فقانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته يجعل إنشاء الأحزاب رهن بموافقة لجنة شئون الأحزاب ، برغم كون الدستور تعددي وليس مقيدا للحق في إنشاء الأحزاب .

وطالب فرج بتفعيل مدونات السلوك عبر تثقيف الأعضاء والقيادات في الأحزاب السياسية في المحافظات بأهمية الديمقراطية الداخلية وقواعدها ، والسماح بتلقي الأحزاب للتمويل، وإقامة المشروعات التي تمول الأحزاب ، والتداول السلمي للسلطة .

وفي الجلسة الثانية ” قواعد سلوكية للنقابات العمالية….التحديات والآمال” أوضح أ.سعيد الصباغ الأمين العام لاتحاد أصحاب المعاشات، أن التنظيم النقابي قد مر بعدة مراحل ولكن في حقيقة الأمر هناك فترات يتوقف عندها التاريخ للبحث والتدقيق فيما آلت إليه الحركة النقابية في مصر ، نظراً للظروف الصعبة التي يعاني منها الشعب المصري، وهي نتاج سياسات فاشلة تسعى لتحقيق مكاسب خاصة للنظام ولجماعة المصالح المرتبطة به .

وانتقد الصباغ قانون العمل الموحد المطبق حالياً، مشيراً إلى أن الحكومة كانت تريد طرحه منذ التسعينات ولهذا عمدت إلى إضعاف وتفكيك البنى التحتية للعمال بأن أضعفت لجانهم النقابية من خلال السيطرة على النقابات العامة والإتحاد العام للعمال وفرضت الحراسة على النقابات وألغت الإشراف الرقابي على الانتخابات ، وبالتالي جاء قانون العمل لسنة 2003 والذي قيد الحريات العامة وحقوق العمال ومصالحهم وإنحاذ لصالح صاحب العمل على حساب العمال، فضلا عن تقييد حق العمال في الإضراب والتظاهر إلا بموافقة ثلثي النقابة العامة التابع لها الجهة التي تريد الإضراب، مما يجور على حقوقهم بل أن صاحب العمل يستطيع أن يغير نشاط المنشأة أو يغلقها غلق مؤقت أو كلي دون أي التزام منه تجاه العمال.

وطالب الصباغ بفتح حوار بين القوى الوطنية وبين العمال من أجل تحديد أولويات مطالبهم وأساليب الضغط الذي يمكنهم من تحقيق أهدافهم ، ودعم ومساندة العمال من أجل السرعة لتأسيس نقابتهم المستقلة من القاعدة وحتى القمة، وصياغة وثيقة جماعية تؤكد حق العمال في التعددية النقابية وإعداد دراسة بالإجراءات القانونية المطلوب اتخاذها لإنشاء النقابة المستقلة.

وشدد أ.سيد حنفي أمين العمال بالحزب الناصري على أهمية تواجد مظلة تأمينية للعمال من التركيز على إعداد مشروع قانون بديل للقانون رقم 35 لسنة 1976 وتعديلاته بموجب القانونين رقم (1) لسنة 1981، (12) لسنة 1995 على أن يتوافق مع المعايير الدولية ، ويحمي حقوق العامل المصري والحركة النقابية ، مطالباً بتشكيل نقابة محايدة لإعداد مشروع هذا القانون، ويكون بعيداً عن الحركة النقابية مثلما حدث مع قانون النقابات العمالية لعام 1976.

وأوضح أ .شريف هلالي مدير المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني في الجلسة الأخيرة المعنونة “مدونة سلوك للجمعيات الأهلية …التحديات والآمال ” أن القيود القانونية والإدارية والمالية التي تواجه الجمعيات الأهلية متمثلة في القانون رقم 84 لسنة 2002 والذي يمثل تراجعا عن قوانين عربية أخرى (لبنان والمغرب) ، فضلاً عن مخالفته المواثيق الدولية المعنية ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية .

وطالب هلالي بضرورة تأسيس منظمات المجتمع المدني من خلال الإرادة الحرة لمؤسسيه وذلك في استقلالية تامة عن سيطرة مؤسسات الدولة وتقوية المجتمع الأهلي ، فضلا عن تعزيز الإدارة الجيدة والديمقراطية ( الجانب المؤسسي والإداري – الحيادية – المشاركة في الإدارة – إشراك العاملين – وضع احتياجات المجتمع في الاعتبار – الالتزام بحماية حقوق العاملين ) ، وتعزيز الإدارة المالية الجيدة ( مراجع حسابات قانوني – الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والمادية – الإفصاح الضريبي – التقارير المالية والإدارية السنوية ) .

ومن جانبه ، أكد أ.فريد زهران مدير مركز المحروسة أنه ليس هناك معالم واضحة للمجتمع المدني المصري ، فهناك جمعيات دينية مثل الجمعية الخيرية الإسلامية ، وجمعية التوفيق القبطية ، مشيراً أن هناك قطاع حديث في الجمعيات الأهلية ظهر في الآونة الأخيرة وهي الجمعيات الحقوقية، وهناك جمعيات أخرى تعمل مع الحكومة وتسخرها الحكومة في أمور مثل الانتخابات ، مطالباً بتطوير عمل الجمعيات ، وتفعيل حالة المجتمع المدني ككل ، عبر سن قوانين ديمقراطية وتطبيق قواعد الديمقراطية الداخلية .

يذكر أن التحالف المصري لنزاهة المجتمع المدني قد جاء تأسيسه في شهر نوفمبر 2009 وسط عضوية 40 شخصية من ممثلي الأحزاب والنقابات العمالية والجمعيات.وقد أقر أعضاؤه مجموعة من المبادىء مدونات السلوك (مواثيق الشرف الأخلاقية أو القواعد الديمقراطية ) لعمل مؤسسات المجتمع المدني. وقد شكلت لجنة قيادية للتحالف ممثلة من 12شخصية حزبية وعمالية وممثلين لجمعيات أهلية . واختيرت المنظمة المصرية منسقاً عاماً لأعمال التحالف .