22/3/2009

الذين يملكون القدرة المالية العالية وأصحاب الأنشطة الاقتصادية في المجتمع لابد أن يكونوا في صدارة المدافعين عن حقوق الفئات الفقيرة وفي طليعة المتبنين لمشروعات إعادة دمج وتأهيل الجماعات المهمشة في النسيج الاجتماعي ، ليس فقط بدوافع إحسانية و اعتبارات أخلاقية ، ولكن أيضا بدوافع الحفاظ على المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية التي حصلوا عليها وعدم جعلها في مهب الاحتقانات الطبقية الناتجة عن استبعاد هذه الجماعات من جني ثمار ومردودات التنمية .

وقد تأكدت هذه الحقيقة خلال فعاليات يوم السلام الثالث لمحافظة الجيزة الذي أقيم بأحد فنادق الجيزة يوم السبت الموافق 21 مارس 2009 وصاحبه تكريم مركز ماعت لأمهات أسر السجناء والمعتقلين اللاتي كان لهن دور بارز في التعاطي الإيجابي مع أنشطة المركز الداعمة لدمج أسرهن في المجتمع المصري ، واستطعن شغل الفراغ الذي تسبب عن غياب العائل بسبب السجن ، وذلك بمناسبة الاحتفال بعيد الأم .

ويأتي ذلك في إطار مشروع السلام المجتمعي الذي يتم بالتعاون بين ” ماعت ” والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ( USAID ) ويستهدف إيجاد آلية مجتمعية لدمج أسر السجناء والمعتقلين في المجتمع مع تغيير نظرة المجتمع إليهم ، كما يعمل المشروع على نشر وترسيخ مفاهيم السلام الداخلي للفرد واحترام القانون وإتباع إجراءاته لنيل الحقوق وعدم إتباع الأساليب العنيفة .

وقد انقسمت فعاليات اليوم إلى ثلاث أنشطة رئيسية أولها مجموعات العمل التي ناقشت كل منها محور من المحاور التي تهم أسر السجناء والمعتقلين مثل المشكلات القانونية التي يتعرضوا لها وكيفية حلها ، والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية ودور منظمات المجتمع المدني في حلها ، والمشكلات النفسية لأسر السجناء والمعتقلين وكيفية التغلب عليها ، وأخيرا مشكلات زوجات السجناء بالتركيز على مشكلات تطبيق الحق في الخلوة الشريعة

أما النشاط الثاني فكان عبارة عن جلسة عامة لمناقشة ما توصلت إليه المجموعات وفي نفس الوقت للوصول إلى صياغة مشتركة للتوصيات التي يمكن الخروج بها من يوم السلام وتشكل خطة تحرك للمركز والمؤسسات والجمعيات الشريكة في الفترة القادمة ، والنشاط الثالث كان عبارة عن حفل لتكريم عدد من أمهات أسر السجناء والمعتقلين .

وكشفت فعاليات اليوم عن أنه لا بد من أن يقوم رجال الأعمال في مصر بدورهم المنوط بهم في مساعدة أسر السجناء والمعتقلين وتوفير فرص التعليم والتأهيل والتدريب لأبناء هذه الأسر وإعطائهم الأولوية في شغل الوظائف المتوافرة لدى مؤسساتهم ومشروعاتهم الاقتصادية وفتح أبواب الرزق في وجوههم والارتفاع بسقف أحلامهم وتمهيد طريق الأمل لهم ، ويأتي ذلك انطلاقا من امتلاك رجال الأعمال للقدرات المالية والتنظيمية التي تؤهلهم للقيام بهذا الدور .

وبلا شك سيضيف هذا التوجه إلى الجهود الرامية إلى إعادة دمج وتأهيل أسر السجناء والمعتقلين في المجتمع المصري ، كما سيؤدي ذلك إلى محاصرة معدلات الجريمة في المجتمع وتزويد الوطن بقوة بشرية صالحة تضيف إلى جهود التنمية ولا تخصم منها وتعضد السلام المجتمعي ولا تقوض أركانه وتحفظ كيان المجتمع ولا تعمل على هدمه .

كما كشفت فعاليات اليوم عن ضرورة العمل مع أسر السجناء والمعتقلين بشكل فئوي فيما بعد ، بمعنى التركيز على فئات معينة داخل الأسرة خاصة فئات الشباب والأطفال والوصول إليهم في جامعاتهم ومدارسهم لترسيخ فكرة ومنهج السلام المجتمعي في نفوسهم وتعليمهم قيم التسامح وقبول الآخر وتدريبهم على كيفية ممارسة ذلك في سلوكياتهم اليومية ، وجعلهم سفراء وناقلين للفكرة إلى غيرهم .

وفي النهاية تبقى ضرورة التوصية بحتمية العمل الجماعي مع أسر السجناء والمعتقلين ، وتكاتف كل قوى المجتمع وفئاته من أجل الوصول إلى الهدف المنشود المتمثل في وطن يحكمه التسامح وترفرف عليه رايات قبول الآخر .

[an error occurred while processing this directive]