5/2/2006

سفينة الأحزان وحياة الفقراء بين اهمال وعجز الحكومة المصرية

فى كارثة انسانية مروعة غرقت سفينة مصرية ” السلام 98 ” بمياه البحر الأحمر فجر يوم 4 فبراير كانت متوجهة الى ميناء سفاجا المصرى بعد اقلاعها من ميناء ضبا بالسعودية وكان على متنها 1310 راكباً من بينهم 1193 مصرياً و99 سعودى و6 سوريين وراكب واحد من دول الامارات وفلسطين وأندونيسيا والفلبين واليمن وكندا بالاضافة الى طاقم العبارة الذى يضم 96 شخص هذا وقد غرق كل ركاب السفينة باستثناء 401 شخص قد نجوا من الموت وتم انتشال 185 جثة من المياه وأكل البحر الجثث الباقية !! وتكشف كارثة السفينة الغارقة السياسات اللانسانية للحكومة المصرية تجاه حقوق الفقراء فى مصر ففى الوقت الذى تبذل فيه الحكومة قصارى جهدها لتجهيز موانى وبلاجات شرم الشيخ ودهب والغردقة بانشاء مراسى لليخوت الخاصة وتسخر كل أجهزتها لراحة المستثمرين وتسهل إجراءات عملهم داخل إداراتها المختلفة وتترك العمال والفقراء فى مصر عرضه للاهمال وعجز وفساد إداراتها ،

وتبين الحوادث المتكررة فى الطرق الزراعية ومزلقانات القطارات كل عام والتى يروح ضحاياها حياة آلاف المواطنين غياب الدور الحكومى فى الرعاية والرقابة والتفتيش على سلامة وصحة وسائل النقل بإلزام الشركات والهيئات بتطبيق الالتزامات المتعلقة بالمعايير والاجراءات الضرورية لكفالة وحماية ارواح المواطنين ، ففى الكارثة الأخيرة تركت الحكومة استيفاء شروط السلامة الملاحية والالتزام بالضوابط والمعايير الدولية للجودة والتشغيل لمن يستطيع ان يدفع من اصحاب هذه السفن المتهالكة للجهات المسئولة عن استخراج هذه الشهادات والمتاجرة فى جثثنا كى تزداد ارباح مالكى السفن اكثر وتترك حياة المواطنين فى يد موظفين الحكومة المهملين بالاضافة الى مستثمرين اصحاب نفوذ انتزعت من قلوبهم الرحمة فيقوموا بتشغيل سفن منتهية الصلاحية دون رقابة او محاسبة !! ويعلن مسئولي الحكومة بلامبالاه متناهية ومبررات واهية لنفى المسئولية عنهم عدم تبعية ومراقبة السفينة الجهات المصرية أو أن السفينة تابعة لدولة بنما !! وكأن هذه المبررات سوف توقف مثل هذه الحوادث المتكررة ؟

ففى تقرير بعد الحادثة لاحد الشركات المتخصصة فى اعمال الرقابة وتشغيل السفن ذكرت ” أن السفينة المنكوبة والتى شيدت قبل قرابة 36 عاماً هى ” فى خريف عمرها ” وإن معايير السلامة المطبقة فى الاتحاد الاوروبى لا تنطبق عليها ، مما جعلها ممنوعة من الملاحة فى البحار الأوروبية ” واستمراراً لسياسات اللامبالاه الحكومية فان هناك أكثر من 100 سفينة مصرية تعمل على الخطوط الملاحية المصرية لا تستوفى اشتراطات السلامة ولا توجد رقابة أو تفتيش فنى دقيق عليها من أجهزة الدولة وهذه السفينة التى غرقت تعرضت لثلاثة لحوادث من قبل كان أخرها منذ عامين وأكد الخبراء فى هذا المجال بأن السفينة التى يمر على بناءها 25 عاماً يجب أن تتقاعد وتتكهن وسفينة الكارثة بلغ عمرها 35 عاما خلاف انه أضيف عليها ثلاثة طوابق مخالفة لمعايير السلامة ومع ذلك استمرت فى نقل الركاب المصريين الغير قادرين على تحمل النقل جواً واغلبهم من عمال المقاولات الفقراء ……

والجدير بالذكر أنه لا يمر عام فى مصر إلا وتتكرر هذه الكوارث بسبب العجز والاهمال والتقاعس الحكومى وكان يجب على أجهزة الحكومة ايقاف هذه السفينة لافتقادها لمعايير السلامة ووقف إصدار شهادات الصلاحية لغيرها من السفن القديمة حرصاً على حياة المواطنين .

ويحكى بعض الناجيين تفاصيل مصرع المصريين ” اسلام عليوة – 22 سنة ” كنت فى زيارة لأسرتى فى السعودية أثناء فترة أجازة نصف العام وقمت بالحجز على العبارة المنكوبة واثناء وجودى على سطح السفينة رأيت دخاناً كثيفاً يتصاعد وبعد حوالى ربع ساعة مالت السفينة على جانبها الأيمن فى بداية طريقها للغرق قمت بالقفز فى المياه وأمسكت بقارب نجاه مطاطى أنا ومجموعة كبيرة من الركاب واستمر بنا الحال فى المياه على هذا النحو حتى فجر اليوم التالى ( فجر السبت )!! حتى عثر علينا لانش تابع للقوة الايطالية ضمن قوات الأمم المتحدة . وروى ” ياسر فؤاد محمد – 30 عاماً ” أنه بمجرد تصاعد الأدخنة والتأكد من غرق السفينة قام كثير من الركاب بالقفز فى المياه وقمت بالتشبث بحقيبة عائمة وتحركت بها حتى قارب نجاه مطاطى وكان على ظهره حوالى 15 فرداً إلا ان الوزن الزائد أدى الى انقلاب القارب مرات عدة بحيث لم يبق منا سوى 11 شخصاً وغرق الأخرون وكنا نشاهد اللنشات تمر من حولنا وحاولنا مراراً لفت انتباههم دون جدوى وكذلك كانت الطائرات تحوم حولنا ولا ترانا وبقينا فى المياه مدة 24 ساعة !!!!! حتى عثرت علينا القوة الايطالية التابعة للأمم المتحدة . وقال ” عبد الرحمن أحمد – 49 عام ” شب الحريق بغرفة الماكينات قام على اثره البحارة بسحب الخراطيم لاخماده عن طريق مياه البحر بعد ان ملا الدخان الكثيف الناتج عن الحريق ارجاء السفينة وتم ايقاظ معظم الركاب الذين كانوا قد خلدوا للنوم ، والحمولة كانت كبيرة والاعداد ضخمة وظللنا فوق الباخرة من التاسعة حتى الواحدة صباحا – نكافح النيران والسفينة تميل من الجانب الايمن بقوة مندفعة نحو قاع البحر – فى هذه اللحظة الرهيبة مرت بنا الثوانى عصيبة تعالت فيها صرخات النساء على الباخرة ولم يكن امامنا سوى الابتهال لله بايات القران الكريم وتسليم الامر له فيما انفجر أطفالى بالبكاء ” حنغرق يا بابا حنغرق يا ماما ” ورغم ذلك اصر القطبان على عناده بانه يسيطر على الحريق وعندها لم يكن هناك مفر من الهروب من الباخرة وتناول كل منا طوق للنجاة الذى لم يكن متوافراً لكل الركاب وقفزنا وظللنا فى البحر نقاوم الامواج العاتية أكثر من 21 ساعة كاملة واخرون انهارت مقاومتهم وغرقوا حتى رصدتنا احدى الطائرات وابلغت بمكاننا وتمكنت احدى السفن من انتشالنا وانقاذنا . وقال معظم الناجون إن طاقم السفينة أكد للركاب أنه سيتم السيطرة على الحريق. وقالوا إن العبارة لم تكن مزودة بتجهيزات الانقاذ اللازمة ولم تكن هناك زوارق أو سترات نجاة كافية.

وأكد أفراد الطاقم أن المياه غمرت مرآب العبارة الذى كان يحوى شاحنات وسيارات بعدما فشلوا فى اطفاء الحريق فى احدى الشاحنات وأن الباخرة مالت بعد ذلك على جانبها الأيمن ثم بدأت فى الغرق وقال أحد أفراد الطاقم إنه مع الارتفاع المستمر فى مستوى المياه مالت السفينة بشكل حاد لتبلغ درجة الميل 25 درجة وكانت هذه بداية النهاية. ومركز الأرض يتساءل من المسئول عن عدم اتخاذ اجراءات السلامة لهذه السفينة أو السفن المصرية الأخرى المتهالكة ؟ من المسئول عن حماية ارواح المواطنين الذين شاء حظهم العاثر بسبب ضيق ذات اليد الى الترحال لدول الخليج والسعودية لتوفير ثمن المأكل والملبس ومصاريف المعيشة لأسرهم وأن يتخذوا من هذه السفن القديمة المتهالكة سبيلاً لنقلهم ؟

وفى هذا السياق فإن مركز الأرض يدين اعتداء قوات الأمن على أهالى الضحايا وكأن ” المشرحة ناقصة قتلا ” الا يكفى وزارة الداخلية كارثة أهالى الضحايا فتقوم بالتعدى عليهم بدلاً من أن توفر لهم أماكن للاقامة والاعاشة وتنقلهم على نفقة الدولة من قراهم الى سفاجا ؟ ومركز الأرض يطالب النائب العام بالتحقيق مع الضباط والمتورطين فى التعدى على الاهالى ومعاقبتهم لاعتداءهم على المواطنين وإساءة معاملتهم .

كما يتقدم المركز للنائب العام بشكاوى الضحايا للتحقيق مع السيد وزير النقل والمسئولين عن الملاحة الجوية وصاحب السفينه المذكورة للتحقيق معهم فى أسباب الكارثة ومعاقبتهم على مقتل أكثر من الف مصرى بسبب الاهمال واللامبالاه .

وكما يطالب المركز وزير النقل باصدار قراراته لضمان أعمال شروط السلامة والصحة والإجراءات المتعلقة بحماية ارواح المواطنين على السفن المصرية الأخرى وعدم تشغيل اية سفينه يمر على انشائها أكثر من 25 عام والعمل على صرف تعويضات الضحايا من أصحاب السفينة بأسرع وقت ممكن .

كما يطالب مؤسسات المجتمع المدنى بتشكيل لجنة لمتابعة التحقيقات وصرف تعويضات الضحايا وعقاب الجناه حرصاً على حياة المواطنين فى مصر .

لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بالمركز
تليفون وفاكس / 5750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net
lchr@lchr-eg.org
http://www. Lchr-eg.org