18/4/2009
الانتقال من نعيم البطولات الكلامية إلى لهيب العمل العام ، ومن إبراء الذمة بالحديث في قاعات الاجتماعات المغلقة إلى النزول حيث تكون الكارثة ، يتطلب وجود نواب صدقوا ما عاهدوا الشعب عليه ، و قيادات محلية من الشعب تتألم مما يتألمون وتعاني مما يعانون وتفرح بما يفرحون ، لا يكتفون بالنظر إلى أحوال المواطنين من أبراج عاجية ولكن يمارسون فعل الاختراق لمشكلاتهم حتى يمتلكوا القدرة على التعبير عن مطالبهم أمام المسئولين . وفي إطار الورش التدريبية لمشروع صوت المواطن الذي ينفذه ماعت بالتعاون مع مؤسسة المستقبل ( FFF ) ، ويهدف إلى إيجاد آلية للتواصل بين أعضاء المجالس الشعبية المحلية والمواطنين ورفع كفاءة وفاعلية واستجابة أعضاء المجالس الشعبية المحلية ، كانت لنا تجربة فريدة في هذا الشأن. ففي أثناء الورشة التدريبية لأعضاء المجالس الشعبية المحلية التي عقدت بأبو النمرس بالجيزة وافتتحت يوم الخميس 16 أبريل 2009 ، طرحت مشكلة ارتفاع منسوب المياه المالحة ببعض القرى القريبة من الطريق الدائري نتيجة ردم مناطق من الترعة والمصارف الرئيسية بسبب استكمال الطريق الدائري أو بسبب تعديات بعض أصحاب النفوذ والمشروعات السياحية على مناطق من هذه المجاري المائية وردمها لإقامة ملحقات لمشروعاتهم ومنتجعاتهم بدون سند قانوني . وكان رأي فريق عمل مشروع صوت المواطن والقائمين على التدريب أن يكون الجزء العملي من التدريب هو النزول إلى موطن المشكلة والتعرف على مدى التواصل بين المواطنين وأعضاء المجالس الشعبية المحلية في حلها ودرجة كفاءة الأعضاء وفاعليتهم في هذا الأمر والإجراءات التي اتخذوها في هذا الصدد . وهناك كانت في انتظارنا أكثر من مفاجأة أولها حجم الكارثة الموجودة هناك ، حيث شاهدنا مئات المنازل في قرية الحرانية ذات الشهرة السياحية غارقة في مستنقعات المياه ذات الملوحة العالية مما ينذر بكوارث بيئية وصحية وعمرانية آتية لا محالة ، كذلك شاهدنا مئات الأفدنة من أجود الأراضي الزراعية غارقة في برك الملح ومهددة بالبوار بأسرع مما نتخيل . المفاجأة الثانية كانت في موقف أعضاء المجالس الشعبية المحلية من الكارثة حيث أتضح أنهم على علم تام بها وملمين بكل تفاصيلها ، والكثير منهم لحق به الضرر سواء على مستوى المساكن أو على مستوى الأراضي الزراعية التي يملكونها ، واتخذوا بالفعل إجراءات متعددة في مواجهة السلطة التنفيذية من أجل حلها وخاطبوا بصفتهم الشعبية مختلف الجهات والهيئات المسئولة عن الكارثة ولكن دون جدوى . وقد كشفت فعاليات الورشة التدريبية والأوضاع التي لمسناها على أرض الواقع في قرية الحرانية قيمة وعظم الدور الذي يمكن أن تلعبه المجالس الشعبية المحلية في حل مشاكل المواطنين والتعاطي الإيجابي مع معاناتهم وتحقيق مطالبهم ، ولكن تبقى ضرورة فك أسر هذه المجالس وتحريرها من القيود التي تكبلها ، تلك القيود التي جعلت المجلس الشعبي المحلي يقف عاجزا أمام كارثة بيئية وإنسانية تهدد ملايين الأسر التي تدفع ثمن التخبط الإداري والفساد . كما كشفت فعاليات الورشة أن أعضاء المجالس الشعبية المحلية لديهم استعدادات اتصالية عالية مع المواطنين ولديهم قدرات كامنة في هذا الصدد ولا بد من العمل على تنميتها وإخراجها وتوظيفها في صالح التنمية الشاملة وإحداث التعبئة المجتمعية في مواجهة القضايا المحلية . |
[an error occurred while processing this directive]