27/6/2006
فوجئ مركز الارض بقرار صادر بتاريخ 14/6/2006 من مديرية التضامن الاجتماعي بالجيزة برفض تسجيل جمعية” نهضة وتنوير الرهاوي ” التي قدم اوراقها مجموعة من الفلاحين والشباب والعمال بقرية الرهاوي بمحافظة الجيزة وكان المؤسسون قد تقدموا بأوراقهم للمديرية بعد ان استوفوا الاوراق والشروط الواردة بالقانون 84 لسنة 2002 الخاص بالجمعيات والمؤسسات الاهلية ولائحته التنفيذية وحددوا رسالة الجمعية في” دعم حقوق الفلاحين وحماية العمال الزراعيين خاصة العاملين في حفر الابار و التنمية الاقتصادية والاجتماعية والانسانية والثقافية والعلمية”وتقدموا بأوراقهم للمديرية بتاريخ 13/4/2006 للترخيص لهم بممارسة النشاط الا انهم فوجئو برد مديرية التضامن الاجتماعي والذي جاء فيه ” نأسف لعدم قيد الجمعية حيث توافر لها مقومات المادة 11 من القانون 84 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية دون ادني مسئولية على المديرية “وعلى الرغم من ان جمعية” نهضة وتنوير الرهاوي ” استوفت كافة الاوراق المطلوبة منها إلا انه ولسبب غير مفهوم قررت المديرية وقف الترخيص والاشهار والامر الادهي كما جاء بخطاب المديرية انها غير مسئولة عن ذلك ! ولا يعرف المركز و اعضاء الجمعية من اذن المسئول عن هذا الرفض ؟هل هي الجهات الامنية؟ وعلى الرغم من مخالفة عرض اوراق الجمعيات على الجهات الامنية حيث ان قانون الجمعيات لم يشترط ضمناً او صراحة الموافقة الامنية على تأسيس الجمعيات . فمن إذن هو المسئول عن عدم التراخيص لفلاحي وشباب الرهاوي بأشهار جمعيتهم وممارسة نشاطهم لتنمية اوضاع القرية وتوعية ابنائها ؟
ويؤكد المركز بأن هذا القرار يخالف نصوص القانون والدستور فضلاً عن انه مشوب بالانحراف في استعمال السلطة لانطوائه على تعنت جهة الادارة وذلك لصدوره دون سبب مشروع يبرره حيث ان الجمعية مستوفاة لكامل اوراقها ولم تمارس نشاط بعد حتي يمكن الحكم عليها بمخالفتها للقانون .
واهدر القرار المصالح الجوهرية والحقوق الدستورية للعمال و المزارعين في التجمع والتنظيم وتعارض مع نصوص المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان التي تستوجب حماية حقوق المواطنين في التنظيم والتجمع و ابداء الرأي والتعبير .
ويؤكد المركز انه بمطابقة اوراق و اغراض الجمعية لما جاء بالقانون لم يتبين مخالفتها لما ورد بالمادة 11 حيث قدم المؤسسين النظام الاساسي المكتوب والموقع منهم واتخذوا مقر مؤساساً بالقرية وحددوا نطاق عملهم بقري مركز امبابة محافظة الجيزة واستوفوا كل الاوضاع والشروط القانونية اللازمة للاشهار ومع ذلك رفضت الجهة الادارية اشهارهم” اللهم إذا كانت التنمية الاقتصادية والثقافية للفلاحين محظورة طبقاً للتعليمات !!”
والمركز إذا يعد طعن على هذا القرار الذي يؤكد على عدم استقلالية العمل الاهلي وتحكم وتدخل جهة الادارة في نشاط الجمعيات وتضييق الخناق علي المواطنين الراغبين في العمل التطوعي من اجل تحسين اوضاع التنمية والمشاركة وذلك لالغاء القرار القاضي برفض اشهار” جمعية نهضة وتنوير الرهاوي ” وتعويض اعضائها عن تبديد طاقتهم وانشطتهم واموالهم بعيداً عن رسالة جمعيتهم واهدافها.
كما يعد القرار أساءة لاستعمال السلطة والانحراف بها عن غايتها . فالمشرع عندما منح جهة الادارة سلطة اصدار القرارات قد اشترط ضمناً ان يكون الهدف منها هو الصالح العام بمعني ان الخروج على ذلك يعني التعسف في استعمال السلطة على نحو مخالف للقانو ن.
كما يعتبر هذا القرار بمثابة تعميق لسياسة هيمنة سلطة الادارة على مؤسسات المجتمع المدني لشل فاعلية المنظمات في تحقيق رسالتها بدعم حقوق المواطنين في الحياة الكريمة والامان والحرية .
ان القرار في مجمله تحكمه روح الشك والاتهام والريبة كما تحكمه النزعة التأمرية ازاء الجمعيات الاهلية واعضائها الذين لا ترضي عنهم جهة الادارة لا لشئ سوى الرغبة في اخضاعهم بشكل عام لهيمنة ونفوذ اجهزتها .
كما ان القرار يعتبر اخلال لمواد الدستور والعهود والمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر والتي تقضي بالتزام الدولة بكفالة حق التجمع والتنظيم وقد استقرت المحكمة الدستورية على هذا المبدأ اعمالاً لاحكام المادة 65 من الدستور حيث ذكرت ” انه في مجال حقوق المواطن وحريتهم الاساسية فإن مضمون القاعدة القانونية التي تتقيد الدولة بها انما يتحدد على ضوء مستوياتها و التزاماتها بكفالة حقوق المواطنين وفي هذا الاطار لا يجوز للدولة في تنظيماتها المختلفة ان تنزل بالحماية التي توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم عن الحدود الدنيا لمتطلباتها المقبولة بوجه عام في النظم الديمقراطية ولا ان تفرض على تمتعهم بها او مباشرتهم لها قيوداً تكون في جوهرها او مداها مجافية لتلك التي درج العمل بها في المجتمعات الديمقراطية على تطبيقها . فإغتيال مؤسسة او عدم اشهارها بالمخالفة للقانون يتعارض على طول الخط مع هذا المبدأ الدستوري .
كما خالف القرار المادة 20 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي تنص على :”لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية ”
- وكذلك المادة 22 من العهد الدولي للحقوق المدنية التي نصت على :”لا يجوز ان يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق الا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الامن القومي او السلامة العامة او النظام العام او حماية الصحة العامة او الاداب العامة او حماية حقوق الاخرين وحرياتهم ولا تحول هذه المادة دون اخضاع افراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق ”
كما اعتدي هذا القرار على اختصاصات السلطة القضائية حيث من المقرر قانوناً انه لا يجوز للادارة ان تتدخل في اعمال السلطة القضائية فإذا حدث هذا التدخل كانت القرارات التي تم التدخل بها منعدمة قانوناً ولا تتحصن بمرور السنين بل يجوز سحبها في أي وقت .
والثابت ان القرار قد صدر بدعوي مخالفة الجمعية للمادة11 وهذا يعتبر حكماً قضائياً ذلك ان مثار النزاع ينحصر في طلب قيد الجمعية المستوفاة لكافة الشروط التي تطلبها القانون وخلو نظامها الاساسي من كافة المحظورات والنص كان يوجب علي جهة الادارة قيد الجمعية اولاً ثم اللجوء الي اللجنة بطلب البت في المنازعة فإذا لم تلتزم الجمعية رفض طلبها بموجب حكم او قرار . اما ان تتصدي الجهة الادارية من تلقاء نفسها لتصدر قرارها دون اتباع الاجراءات التي اوجبها القانون بالالتزام بالقيد والاخطار بإزالة السبب واللجوء الي اللجنة امتثالاً لاحكام القانون فإنها تكون قد تعدت على اعمال السلطة القضائية مما يكون معه القرار باطلاً بطلاناً مطلقاً .
ويؤكد المركز على ان القرار يعكس فرض منهج لا ديمقراطي على التراخيص للجمعيات بممارسة النشاط حيث ان الامتناع عن الترخيص لممارسة المواطنين لحقوقهم الدستورية يعتبر قيد يجب ازالته من ممارسات السلطة التنفيذية .لان الفرد وفقاً لهذه الممارسات لا يستطيع ممارسة حريته بدون الاستئذان من جهة الادارة ومن هنا يتوقف تمتع المواطنين في مصر بحقهم في التنظيم والتجمع وابداء الرأي التي هي حقوق طبيعية للانسان على ارادة السلطة التنفيذية التي ان شاءت منحت او ابت وعلى هذا النحو لا تقيد هذه الممارسات الحرية فحسب وانما تجعل من ممارستها والتمتع بها امر مستبعد ،.
ويري المركز ان القرار اراد توصيل رسالة مفادها ان ممارسة المواطن لحريته ليست خاضعة لدستور او لقانون بل لترخيص مسبق من السلطات التنفيذية وهو الامر الذي يعد مجافياً لكافة ما هو متعارف عليه في المجتمعات الديمقراطية لانه يقوض مفهوم الحق من اساسه ليحوله الي رخصة لا يمارسها الفرد إلا إذا اذنت له السلطات بذلك وهو الامر الذي يعكس مدي التسلط الذي تمارسه السلطات على حريات المواطنين لخنق أي مبادرة لعمل تطوعي بدون أن تحصل على مباركتها و موافقتها .
ويؤكد المركز ان القرار لا يعد وان يكون نتاجاً وتجسيدا لذلك العدوان الذي تشنه الحكومة على حرية الراي والتعبير وحريات المواطنين والصحافة المستقلة في مصر واستكمالاً لسياساتها في اعتقال وحبس المواطنين بدون احكام قضائية وتطبيق قانون الطوارئ لاكثر من عشرين عام وحبس المئات من الذين مارسوا حقهم في التظاهر والتضامن مع مطالب القضاه لتستكمل بهذه السياسات بمصادرة حق المصريين في انشاء جمعياتهم المدنية التي من المفترض ان تكون علاقتها بالدولة علاقة استقلال تقوم على مبدأ الشراكة لكن الواقع يؤكد ان جهة الادارة تحاصر نشاط الجمعيات الاهلية وتمنعها من الاسهام الحقيقي في تطوير المجتمع وتحقيق التنمية لجموع افراده .
يؤكد المركز ان هناك ضرورة لالغاء كافة القيود الواردة على تشكيل مؤسسات المجتمع المدني وذلك في ضوء ما تقوم به الدولة حالياً من اعادة هيكلة كافة مؤسسات المجتمع وتعديل التشريعات من اجل مواكبة اقتصاد السوق الحر بدعوى تنمية المجتمع وتطويره ومن ثم فأن تعديل التشريعات لاطلاق حرية السوق دون اطلاق حرية تنظيم الناس لانفسها وبأنفسها للدفاع عن مصالحها هو امر يؤدي الي تنمية عرجاء لن تستطيع الصمود او التقدم امام المتغيرات المحلية والعالمية ويؤدي في نفس الوقت الي انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين .
ونحن لا ندري ما الحكمة من تكبيل حركة المجتمع المدني في ظل اطلاق حرية السوق ؟ وما الحكمة في اعطاء الافراد والهيئات الحق في انشاء الشركات التجارية واعضائها من الضرائب ومنحها كافة الصلاحيات وممارسة النشاط بمجرد اخطار الجهات الادارية؟ في نفس الوقت التي تصدر فيه قرارات المجتمع المدني تحت دعاوي غير منطقية لا تصلح بأي حال مبرراً لفرض القيود على حق التجمع والتنظيم والاضراب والتظاهر وتؤدي الي تدهور اوضاع التنمية وحقوق المواطنين في فرص العمل اللائقة وامان حيازة الارض والسكن .
ان الغاء القيود المفروضة على انشاء ونشاط الجمعيات والمؤسسات الاهلية هو الذي يؤدي بلا شك الي اعطاء الناس الفرصة للمساهمة والمشاركة في ادارة المجتمع وطرح حلول لمشاكلهم تتناسب مع ظروفهم وامكانيتهم والمركز يطالب منظمات المجتمع المدني بالتضامن مع اعضاء جمعية “نهضة وتنوير الرهاوي ” حرصاً على حقوق المواطنين في التنظيم والتجمع وابداء الرأي و التنمية والحياة الكريمة اللائقة .
لمزيد من المعلومات يرجا الاتصال بالمركز
تليفون وفاكس / 5750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Website www. Lchr-eg.org