27/4/2009

قدرة المجتمع دائما تقاس بقدرة أضعف أجزائه ، هذه هي الحقيقة التي توصل إليها علماء الاجتماع والاقتصاد والسياسة منذ عشرات السنين ، وأقرها الفلاسفة وأصحاب الدعوات الأخلاقية منذ مئات السنين ، وعلمها الأنبياء والحكماء لأتباعهم وأشياعهم منذ آلاف السنين ، ومن هنا عرفت البشرية قواعد التكافل والتضامن والتعاون الهادفة إلى مساعدة القادرين لغير القادرين ، وعرفت المجتمعات الحديثة مؤسسات الرعاية والتأهيل والعلاج النفسي بهدف احتواء الأفراد المهمشين والضعفاء وتخفيف معاناتهم آلامهم وتحويلهم إلى عناصر نافعة في المجتمع .

وفي إطار اهتمام ” ماعت ” برعاية وتنمية الجماعات الفقيرة والمهمشة ورصده للجهود التشريعية الرامية إلى ذلك ، فإنه يرحب بموافقة مجلس الشعب النهائية علي مشروع قانون رعاية المريض النفسي الذي يؤيده ماعت شكلا وموضوعا ، فنحن نرحب بتغيير اسم القانون من قانون الصحة النفسية إلى قانون رعاية المريض النفسي ، كما نرحب بإلغاء عبارة الجنون في جميع مواد القانون وإحلال عبارة الاضطراب النفسي بدلا منه لما كانت تحمله المصطلحات المستخدمة في القانون القديم مثل الجنون والعته من نبرة استعلاء وما تثيره في النفس من اشمئزاز .

وعلى مستوى المضمون يرحب ماعت بما جاءت به مواد القانون الذي يأتي لحماية المريض النفسي وضمان حقوقه كاملة عند المساءلة الجنائية حيث حددت مواد القانون الضوابط التي يتم مراعاتها عند مساءلة المريض النفسي ،كما أضافت ضمانات مهمة للمريض النفسي وتظلمه في كافة مراحل التقاضي. ، كما أجاز القانون إدخال الشخص للعلاج بإحدى منشآت الصحة النفسية بموافقة طبيب، دون قصره علي الطبيب المتخصص فقط. نظرا للنقص الشديد في عدد الأطباء النفسيين في مصر الذين لا يتجاوز عددهم 1000 طبيب فقط مما يصعب توفيرهم في الحالات الحرجة .

ونرى أن المريض النفسي في مصر يدفع ثمن خطايا المجتمع وإهماله له وتعامله اللاواعي معه ، كما أنه يتعرض لمعاملة لاإنسانية في كثير من الأحوال ، إضافة إلى ما يتردد من وقت لأخر من تحميل المرضى النفسيين لمسئولية بعض الجرائم التي تهز الرأي العام كما حدث في واقعة مذبحة بني مزار بمحافظة المنيا التي قتل فيها عدد من سكان قرية واحدة ولم يتم التعرف على الجاني حتى الآن .

ويطالب ماعت بتفعيل نصوص هذا القانون ، كما يطالب بالعمل على نشر ثقافة مجتمعية متسامحة مع المريض النفسي ومتفهمة لطبيعة مرضه وقادرة على التعامل الإيجابي مع أوجاعه ومعاملته كأي مريض أخر قابل للشفاء ، ويتطلب ذلك أن تتكامل الجهود التشريعية مع جهود منظمات المجتمع المدني والمنظمات الصحية والطبية والمؤسسات التعليمية والإعلامية في سبيل ذلك .

[an error occurred while processing this directive]