3/5/2009

الاستجواب ليس مجرد حق مكتسب للمسئول الشعبي المنتخب وشكل من أشكال الوجاهة الاجتماعية له ووسيلة للضغط من أجل الحصول على منافع شخصية ، ولكنه أداة رقابية حيوية وفعالة توظف في صالح جموع المواطنين الذين وضعوا العضو في موقعه التمثيلي عنهم وائتمنوه على أصواتهم ووكلوه في توصيلها لصاحب الأمر ، وسيف مشهر في وجه السلطة التنفيذية يحاسبها إذا أخطأت و يوقفها عند حدها إذا تجاوزت ويقومها إذا اعوجت ويقصيها إذا أفسدت.

لذا لم يكن غريبا أن يكون عودة حق الاستجواب إلى أعضاء المجالس الشعبية المحلية مطلبا أساسيا وتوصية رئيسية خرجنا بها من فعاليات الورشة التدريبية لأعضاء المجالس الشعبية المحلية التي افتتحت في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية يوم الخميس الموافق 30 أبريل 2009 .

وقد عقدت الورشة التدريبية في إطار مشروع صوت المواطن الذي ينفذه ” ماعت ” بالتعاون مع مؤسسة المستقبل (FFF) ، وذلك بالتنسيق مع مؤسسة المشرق للتنمية والسكان بمحافظة الشرقية ، ويهدف المشروع إلى إيجاد آلية للتواصل بين المواطنين وممثليهم المنتخبين في المجالس الشعبية المحلية في المناطق المستهدفة ، كما يهدف إلى رفع كفاءة واستجابة وفاعلية أعضاء المجالس الشعبية المحلية المنتخبة .

وقد كشفت الورشة التدريبية عن حاجة القانون الحالي للإدارة المحلية ( القانون 43 لسنة 1979 ) إلى التعديل نظرا لأنه لم يعد مناسبا في ظل الاتجاه نحو اللامركزية وإعطاء القواعد المحلية صلاحيات أكثر في تخطيط وتمويل وتنفيذ أنشطة التنمية المحلية ، وبالطبع ليس من المعقول أو المقبول أن ندخل إلى هذه المرحلة بدون إعداد العدة الرقابية اللازمة من المواطنين على السلطات التنفيذية ، ولن يكون ذلك إلا بزيادة فاعلية أعضاء المجالس الشعبية المحلية وتوسيع صلاحياتهم والفصل بين المجالس الشعبية والتنفيذية ، وتحويل توصيات المجالس الشعبية المحلية إلى قرارات ملزمة للجهات التنفيذية .

كما كشفت الورشة التدريبية عن أن العلاقة بين التنفيذيين والشعبيين عرضة دائما للشد والجذب بسبب زيادة نفوذ السلطة التنفيذية عن السلطة الشعبية وتوجيه القرارات التنفيذية في غير ما يراه الشعبيون أنه في صالح المواطنين الذين انتخبوهم ، وهذا الوضع يخلق حالة من الشقاق والخصام بين الجانبين ويدفع كثير من الأعضاء إلى التغيب عن حضور جلسات المجلس الشعبي لشعورهم بعدم جدوى ما يطرحونه من رؤى وما يصيغونه من توصيات في التأثير على القرار المحلي .

ويرى ” ماعت ” أن قانون جديد للإدارة المحلية يحقق التوازن المطلوب بين الجناحين الشعبي والتشريعي على المستوى المحلي أصبح ضرورة ملحة في هذا التوقيت بالذات ، ولكن لابد من أخذ رأي القواعد المحلية في هذا الشأن وطرح مشروع القانون على أعضاء المجالس الشعبية المحلية والاستجابة لما يبدونه من ملاحظات ويطالبون به من تعديلات ، خاصة وأن الفعاليات المختلفة التي عقدها ماعت في إطار مشروع صوت المواطن قد كشفت عن مدى عمق رؤية معظم أعضاء المجالس الشعبية المحلية واقترابهم أكثر من غيرهم من مشكلات واحتياجات المواطنين .

وأخيرا يبقى القول أنه لا أمل في نجاح التحول نحو اللامركزية وتحقيق تقدم ملموس على صعيد التنمية المحلية في مصر بدون مجالس شعبية محلية فعالة لها اليد العليا في الحساب والرقابة على المسئولين التنفيذيين بموجب عقد اجتماعي موقع بينهم وبين من انتخبوهم لهذا المنصب البند الرئيسي فيه هو توصيل صوت المواطن .