22/1/2007
واصلت الجهات الأمنية المصرية إصرارها على انتهاج سياسة الطوارئ في التعامل مع المواطنين وتكريسها لنظريات الأمن القومي على حساب احترام الحقوق والحريات العامة .
تلك الحقيقة التي أكدتها حملات الاعتقالات التي قامت بها وزارة الداخلية مؤخرا و التي كان أخرها اعتقال 73 مواطن من محافظة المنوفية على رأسهم الشيخ عطية عدلان وسعد عبده واشرف عطية وعبد الغنى عبد الفتاح واشرف محمد حامد وعبد الغنى عبد اللطيف الفرماوى ومحمد طلعت عبد الحميد ونبيل عبد الحميد بدعوى أنهم يشكلون تنظيما يدعم جماعة الأخوان المسلمين . وما تم قبلها من اعتقال الدكتور محمد بشير الأستاذ بجامعة المنوفية و معه مجموعه من رجال الأعمال على خلفية اتهامهم بقيادة جماعات محظورة تعمل على قلب نظام الحكم وإقامة الخلافة الإسلامية و زعزعة استقرار البلاد وغسل الأموال من خلال استخدام شركاتهم في استثمار أموال الأخوان .
ولهذا فأن الشبكة المصرية للدفاع عن المعتقلين تعرب عن قلقها إزاء تزايد الممارسات الأمنية إلتي تشكل انتهاكا للحقوق والحريات إلى كفلتها المواثيق الدولية والدستور وتعتبر حملات الاعتقال العشوائي من قبل المؤسسات الأمنية بمثابة إرهابا للشعب أولى بالمكافحة عن تلك الذي تبنته الأجندة الحكومية تحت بند الإصلاح السياسي كبديل عن استمرار العمل بموجب إعلان حالة الطوارئ ،و مما يعكس الاتجاه نحو إصباغ مزيد من المشروعية على تلك الممارسات عوضا عن إدانتها و معاقبة مرتكبيها المقترح الذي تبنته الحكومة في رؤيتها للتعديلات الدستورية القادمة والمتضمن إضافة مادة جديدة للدستور تعنى بتجريم ومكافحة ما يسمى بالإرهاب ، ذلك المسمى الذي وجدت فيه المؤسسة الأمنية ضالتها في البحث عن الشرعية المستقبلية لكافة ممارستها القمعية القادمة للحقوق والحريات .
ولا يسع الشبكة المصرية للدفاع عن المعتقلين سوى التحذير من استمرار انتهاج تلك السياسة التي ستؤدى في نهاية الأمر لا إلى مكافحة الإرهاب وفقا للمعتقد الامنى الحكومي ولكن إلى خلق إشكالا جديدة من العنف المجتمعي الذي ستصنع شهادة ميلاده عمليات القمع المستمر للحقوق والحريات والذي ستكون محصلته ابعد ما يكون عن ثمة إصلاح ، كما أن عدم إدراك المؤسسة الأمنية لدورها الحقيقي في حماية الحقوق والحريات من الانتهاكات الموجهة ضدها يضع تلك المؤسسات موضع عدم الشرعية خاصة أن تجاوزاتها تلك تطال احترام مصدر شرعيتها نفسه فيما حض الدستور والمواثيق الدولية على احترامه .
وعلى صعيد آخر فإذا كانت حملات الاعتقال التي تتم بالمخالفة للدستور والقانون تتم على خلفية تصفية حسابات سياسية لخلق واقع سياسي يتماشى مع أجندة الإصلاح المطروحة وفقا للرؤية الحكومية دون استيعاب حقيقي لرؤى باقي القوى الوطنية فأن أبعاد تلك ألازمة ستنال من ديمقراطية المناخ السياسي بأكمله و ستكون عاقبته حالة من الانفلات السياسي غير محسوبة العواقب .
و لهذا فإذا كانت الأجندة الحكومية تحمل بين طياتها ثمة توجها إصلاحيا فعليا فلن يستقيم الأمر إلا إذا بدأ ت المسألة بترسيخ احترام الحقوق والحريات العامة وإرساء مبادئ الديمقراطية والحوار مما يقتضى إعادة صياغة لرؤية المؤسسات الأمنية و دورها من ناحية و احترام الحقوق والحريات العامة من ناحية أخرى.