18/3/2005
كان من المفروض أن يمثل يوم 16 مارس 2005 الأستاذ محمد عبّو العضو القيادي السابق بالجمعية التونسيّة للمحامين الشبّان والعضو بالمجلس الوطني للحريات بتونس و عضو مركز تونس لاستقلال القضاء والمحاماة، أمام التحقيق المتعهد بالقضيّة التي أحيل فيها عدد 98347/2 . إلاّ أن السلطة تعمّدت ارتكاب عدّة انتهاكات تفصيلها فيما يلي:
-1- يلاحظ بداية أن الأستاذ محمد عبّو احضر أمام حاكم التحقيق المتعهد فوزي ساسي يوم 2 مارس 2005 الذي اكتفى يومها بإصدار بطاقة ايداع ضدّه بالسجن المدني 9 أفريل بتونس وأخّر الاستنطاق ليوم 16 مارس 2005 وهو قرار مخالف لأحكام الفصل 79 من مجلّة الإجراءات الجزائيّة التي اقتضت أنّه في “صورة احضار ذي الشبهة بمقتضى بطاقة جلب على حاكم التحقيق أن يستنطقه في أجل ثلاثة أيّام من تاريخ ايداعه بالسجن.. وبانقضاء هذا الأجل يقدم كبار حراس السجن ذا الشبهة إلى وكيل الجمهوريّة الذي يطلب من حاكم التحقيق مباشرة استنطاقه حالا.
وفي صورة ما إذا امتنع حاكم التحقيق من مباشرة الاستنطاق أو تعذّر عليه ذلك يتولّى الاستنطاق رئيس المحكمة أو الحاكم الذي يعيّنه وإذا لم يقع هذا الاستنطاق يأمر وكيل الجمهوريّة بالإفراج حالاّ على ذي الشبهة”.
إنّ أحكام قانون الإجراءات المتقدّم ذكرها تحجر الإبقاء على الأستاذ محمد عبّو طيلة المدة التي تجاوزت الثلاثة أيّام، وهو ما يجعل قرار حاكم التحقيق باطلا بطلانا مطلقا على معنى أحكام الفصل 199 من مجلة الإجراءات الجزائيّة التي نصّها: “تبطل كل الأعمال والأحكام المنافية للنصوص المتعلّقة بالنظام العام أو القواعد الاجرائيّة الأساسيّة أو لمصلحة المتّهم الشرعيّة”
ويبقى قرار تأخير الاستنطاق ليوم 16 مارس 2005 وإبقاء الأستاذ محمد عبّو معتقلا مخالفا لمصلحته الشرعيّة باعتبار ما فيه من نيل من حريته ومخالفا للقواعد الاجرائيّة المتعلّقة بالاستنطاق.
-2- صبيحة اليوم المعيّن للاستنطاق تم التصدّي لزوجته السيّدة سامية عبّو من دخول المحكمة والاتصال بمحاميه دون مبرّر قانوني سوى “تعليمات البوليس السياسي” الشيء الذي جعل المحامون يتدخّلون لمساعدتها على الدخول إلى قصر العدالة.
-3- توجّه وفد يضم العميد وأربعة أعضاء المجلس ونائب عن لجنة الدفاع عن الأستاذ محمد عبّو إلى مكتب التحقيق المتعهد بالقضيّة وحوالي الساعة الثالثة بعد الظهر وذلك قصد تقديم عدد 212 إعلام نيابة بقرار الجلسة العامة للمحامين النائبين القاضي بتمكينهم من حضور أعمال التحقيق دون اقصاء عملا بمقتضيات الفصل 72 –الفقرة 4 من مجلة الاجراءات الجزائيّة علما أن عدد النيابات قد بلغت 815 نيابة.
إلاّ أن حاكم التحقيق اغتاظ لهذا القرار وطالب العميد إعلام بقائمة من عشرة محامين فقط، فأجابه العميد بأنّه جاء صحبة وفد وطلب السماح له بالدخول، إلاّ أن القاضي اغتاظ لجواب العميد وطلب منه مغادرة المكتب ثم توجه نحوه وتولّى دفعه والتعدّي على كرامته باللفظ قائلا “حاجة كبير عميد… نطردك أي نطردك”.
الأمر الذي جعل العميد يفتح باب المكتب –الذي وقف أمامه عدد 3 أعوان بوليس لجعل بقيّة أعضاء الوفد خارج المكتب- وأعوان البوليس يعاينون ما يجري من اعتداء عليه، وقد كان المساعد الأوّل لوكيل الجمهوريّة يلاحق حاكم التحقيق طالبا منه التهدئة.. عندها قرّر الوفد الانسحاب والالتحاق بالمحامين النائبين الذين كانوا بالمكتبة لابلاغهم الأمر. ويذكّر أن السلطة تعمّدت افتعال أجواء توتر غير عاديّة إذ تم تطويق قصر العدالة منذ الصباح بأعداد كبيرة من البوليس السياسي، وفي الظهيرة تم غلق جميع أبواب قصر العدالة، وتثبيت آلة كاميرا بالرواق المفضي لمكتب التحقيق وتم غلق الباب بواسطة قيد “مونوت” وأحضر عدد كبير من الأعوان بالزي الرسمي.
إنّ هذه الانتهاكات تنضاف إلى ما سبقها من اختطاف الأستاذ محمد عبّو دون إذن قضائي ودون أن يكون في حالة تلبّس من طرف ميليشيات البوليس السياسي العاملة في الظلام وكذلك سرقة سيّارته التي افتكّت منه دون تحرير محضر في ذلك ثم حرمانه ومحاميه من حقّ الزيارة، ثم نقله بصورة مخالفة لما جاء ببطاقة الإيداع إلى سجن الكاف الذي يبعد عن تونس حوالي 170 كلم.
وللتذكير فإنّ الأستاذ محمد عبّو أحيل بموجب الفصول عدد 42 و49 و51 و68 و72 من مجلّة الصحافة و121 من القانون الجنائي بتهم “ترويج أخبار زائفة من شأنها تعكير صنو الأمن العام” و “الاعتداء بالثلب على الدوائر القضائيّة” و “حثّ السكّان على خرق قوانين البلاد” و “عرض كتابات على العموم من شأنها تعكير صنو النظام العام”، وقد أشارت إنابة التحقيق أن تلك الجرائم تتعلّق بمقال نشر على شبكة الأنترنت بعنوان “أبو غريب العراق وأبو غريب تونس” وهو مقال يتعرّض إلى الانتهاكات والجرائم التي اقترفها البوليس السياسي وما حظي به من حصانة من قبل القضاء.
ويعتبر المجلس الوطني للحريات بتونس أن ماحصل من انتهاكات وتعدّيات خطيرة على الإنسان محمد عبّو تؤشر إلى تردّي أوضاع الحريات والحقوق الأساسيّة للمواطن وكذلك للمحامي بتونس وهو لذلك يطالب:
- و يؤكّد مرّة أخرى على استمرار توظيف العدالة من طرف السلطة، يحول دون قيامها بوظيفتها الطبيعيّة ويشكّل اخلالا يحول دون قيام دولة القانون.
- يعبّر عن تضامنه الفعّال مع الهيئة الوطنيّة للمحامين وجمعيّة القضاة التونسيين في نضالهم المشترك من أجل استقلال القضاء.
بإطلاق سراح الأستاذ محمد عبّو فورا باعتباره مارس حقّه المكفول بموجب القانون في التعبير، وانهاء حالة الاحتجاز غير القانوني التي يخضع لها الآن.
فتح بحث قصد مساءلة القاض فوزي ساسي من أجل ما أتاه من خروقات وما ارتكبه من اعتداءات.
عن المجلس
الناطق الرسمي
سهام بن سدرين