29/8/2006
كشف تقرير حقوقي عن عجز واضح في أداء الأجهزة الرقابية المتنوعة وانحسار دورها في التصدي لجرائم الفساد المتكررة خلال سنوات الإسراع في تطبيق برنامج الخصخصة والتحولات التشريعية السالبة لاختصاصات سلطات عديدة لحساب السلطة التنفيذية ، وفي ظل نمو تشريعات مصابة بالعوار أحدثت خلالا في قدرة البرلمان علي مواجهة الفساد مع تنامي قوة سياسية واحدة وطغيانها وسطوها علي مقاعد ا لبرلمان عقب انتخابات مشكوك في حيادها ونتائجها .
هذا وقد ذكر التقرير الصادر من مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية التكييف القانوني لظاهرة الفساد داخل الأجهزة الإدارية للدولة عموما بالإشارة إلى أن المشرع المصري في السياسة التشريعية لم يتعامل مع الفساد كجريمة مستقلة باعتبار ما يحمله المصطلح من مرونة تتجافى مع عمومية وتجريد القاعدة القانونية ليرى المشرع المصري الفساد بمثابة مؤشر بالسالب لقياس مدي فاعلية إدارة الدولة لمؤسساتها ومن ثم حرصه علي وضع آليات قانونية لمكافحة الفساد باعتبارها خلفية واحدة ضمن هيكلية إدارية موازية لمنظومة مسائلة ذات شقين جنائي وتأديبى علي شتى المستويات داخل الأجهزة الإدارية عبر الرقابة الذاتية داخل أجهزه السلطة الواحدة والرقابة الخارجية لكل سلطة علي أخرى والمتبادلة بين السلطات الدولة الثلاث.
وابرز التقرير ضرورة استقلال السلطة القضائية وتغييب رقابتها علي السلطتين التشريعية والتنفيذية وتأكيد سلطة أحكامها وانفرادها بالرقابة والإشراف الكاملين علي العمليات الانتخابية بشتى أنواعها باعتبارها من مسائل النزاع التي تستوجب مناقشتها أمام القضاء وهو ما يسعى النظام حاليا لتغييره عبر تعديلات دستورية قد تأتي بهيئة مستقلة تلغي دور القضاة وحقهم الدستوري في الإشراف علي أية انتخابات قادمة ، وتودي بمطالب حقوقية بالرقابة الشعبية علي عملية تنقية الجداول الانتخابية وإعلانها علي الرأي العام وتحديد مقار اللجان الانتخابية قبل إجراء أية انتخابات بوقت كاف وضمان الحياد الأمني الايجابي تحقيقا لمبدأ الشفافية .
وأوضح التقرير خطورة تنامي صلاحيات السلطة التنفيذية علي حساب دور البرلمان في الرقابة والتشريع بشكل يهدد حق الشعب في إدارة ثرواته والرقابة علي التصرف فيها دون مساءلة ، كما لفت التقرير الانتباه إلي دور البرلمان في تمرير خطط وبرامج السلطة التنفيذية والتسامح مع الحكومة في الغالب علي اثر الأغلبية الساحقة التي تصوت لصالح سياسات حزبها ، وتقويض دور المعارضة في ضبط أعمال السلطة التنفيذية والرقابة عليها وهو ما ينتج عنة تمرير قوانين تفتقد الدستورية وتصاب بالعوار التشريعي .
التقرير الذي يعتبره قانونيون وحقوقيون نواه قانونية لدراسات مقبلة حول الغطاء التشريعي للفساد وقواه ، ينظر إلي عنصر التوجه السياسي وأثرة علي البيئة التشريعية وامتداده إلي حد انتهاك الدستور وتوظيف القائمين علي التشريع لخدمة أهداف سياسية معينه ، ويحذر التقرير من انحسار دور سلطة الرقابة الشعبية عبر حصار العمل الصحفي بقوانين سيئة السمعة تمنع حرية تداول المعلومات وتقيد دور الصحافة في مواجهة الفساد والكشف عن قواه ، في حين يعتبر التقرير القيود المفروضة علي حق المواطنين في تكوين الأحزاب السياسية والعمل النقابي والعام ناتجة عن تعاظم صلاحيات السلطة التنفيذية وجورها علي السلطة التشريعية ، وان مالت إليها الأخيرة كثيرا ، وهو ما انعكس بدورة علي عمل منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية التي تقوض عملها الجهات الأمنية التي لا مسمى لها ولا وجود في الدستور اللهم إلا فرض إرادة السلطة التنفيذية من خلالها في الواقع بما يخل بحقوق المواطن المدنية والسياسية .
وسخر التقرير من مما آل إليه حال المجالس الشعبية المحلية حيث انها صارت النموذج الذي يجسد مبدأ تداول السلطة طبقا للمفهوم الحكومي والذي يرجع لخضوعها في النهاية للسلطة التنفيذية متمثلة في سيطرة مجلس الوزراء عليها وتعاظم صلاحيات المحافظين المعينين من قبل رئيس الجمهورية أمامها بما يقضي علي أي معني للإرادة الشعبية في تشكيلها بالانتخاب الفردي الحر ويقوض الرقابة الشعبية علي الفساد داخل المحليات
هذا وقد قدم التقرير لمجموعة من الجرائم التي اعتبرها نموذجا مثاليا لقضايا الفساد في القطاع العام من خلا بعض الوقائع التي رصدتها مجموعة من الصحف القومية والمعارضة والمستقلة قدم فيها التقرير مؤشرا عاما يوضح نسب تواجد بعض الجرائم التي تقع من الموظف العام على المال العام على مستوى قطاعات الدولة المختلفة وذلك عن الفترة من من1/1/2006الي 31/6/2006
فقد رصد التقرير وقوع 283جريمة، وكان أعلى القطاعات الذي سجل الجرائم هو قطاع الصحة حيث وصل اجمالى الجرائم المرتكبة فيه ثلاثون جريمة بواقع بنسبة تقدر12.76%0 من اجمالى الجرائم
وقد سجلت جريمة الأضرار العام أعلى المؤشرات حيث وصلت نسبتها بالنسبة لباقي الجرائم حوالى28.51% وفى ختام هذا التقرير تبنى المركز عدة توصيات تلخصت في وجوب العمل على تنقية المنظومة القانونية المصرية بما يواكب الأحداث والتطورات المحلية والإقليمية ،
والعمل على إيجاد آليات لوضع حدود ومعايير لتنامي صلاحيات السلطة التنفيذية من خلال العمل على الفصل بين منصب رئيس الجمهورية و رئاسة الجهاز التنفيذي من ناحية ورئاسته للحرب الحاكم من ناحية أخرى ، والتأكيد على ضرورة العمل على تدعيم دور البرلمان باعتباره المشرع الاصلى في مكافحة الفساد ،واحترام مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ استقلال السلطة القضائية وتكريس مبدأ الممارسة طبقا لمعايير الشفافية، بجانب العمل على تدويل آليات مكافحة الفساد على المستوى الدولي والعربي من خلال تفعيل الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الفساد وأهمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال.
http://www.maatlaw.org/report/05/report8.htm