23/7/2006
- د. شعبان: العدوان يستهدف تحطيم حزب الله وإفشال حركة حماس وإنهاء الممانعة السورية وإضعاف إيران، وتوطين وأرجح سيناريو نصف الانتصار ونصف الهزيمة لكلا الطرفين.
- الفراعنة: تُرك حزب الله لوحده في المواجهة وحتى سوريا تخلت عنه.
- المشاركون: العدوان مبيّت ويستهدف تطبيق 1559 بالقوة وأسر الجنديين مجرد ذريعة.
- عبيدات: الواقع السياسي الرسمي هو الأكثر وعياً والأكثر مسؤولية ولا يوجد تيار شعبي يعتمد عليه.
ناقش المشاركون في ندوة نظمها مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان الأربعاء الموافق 19/7/2006 تحت عنوان: العدوان الإسرائيلي إلى أين؟ بحضور عدد من الباحثين والأكاديميين والحزبيين والمثقفين والنواب المهتمين، ناقشوا فيها الأبعاد والسيناريوهات المترتبة على العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة.
وقدمت في الندوة مداخلتين الأولى للحقوقي البارز والخبير في القانون الدولي الدكتور عبد الحسين شعبان والثانية للكاتب والصحفي الأستاذ حمادة فراعنة وأدار الحوار الدكتور إبراهيم حجازين.
بدأ الدكتور عبد الحسين حديثه بالإشارة إلى الموقف الذي اتخذته المنظمة الحقوقية الدولية (هيومن رايتس ووتش) من الحرب الإسرائيلية على لبنان، وأشار إلى موقف المنظمة غير الحقوقي ولا إنساني، عندما حملت حزب الله كامل المسؤولية عما يجري، بل أنها اتهمته بما يقوم به من دفاع عن الأراضي العربية اللبنانية، بأنه توع من جرائم الحرب ضد الإنسانية، دون أن تحمل إسرائيل أي مسؤولية.
وفي مداخلته أشار إلى أن إسرائيل بطبيعتها مشروع حرب متواصلة ومشروع حرب دائم، لا يمكنها العيش في ظل السلام. وما الجنديين الأسيرين لدى حزب الله والجندي الأسير في غزة إلا ذريعة لشن عدوانها المبيت على لبنان.
وطرح الدكتور شعبان مجموعة من التساؤلات أولها ما الذي تريده إسرائيل لبنانياً من هذا العدوان؟ إنها تريد تحطيم حزب الله وإنهاء وجوده، وقتل السيد حسن نصر الله لكي لا يبقى هناك رمزاً للمقاومة. وتريد إفشال الحوار اللبناني الداخلي وإحداث فتنة داخلية، وإضعاف لبنان وفصله عن محيطه العربية وجعله لوحده في مواجهة العدو الإسرائيلي، خصوصاً بعد أن ارتفعت بعض الأصوات العربية واتهمت عملية حزب الله بالمغامرة وعليه وحده أن يتحمل المسؤولية. وتريد إسرائيل أيضاً تدمير الاقتصاد اللبناني وتحطيم الدولة اللبنانية وتركها عرضة للفوضى كما حصل في العراق.
وبعد التفكيك تأتي إعادة التركيب وفقاً (للشريط اللاصق)، الملصقات، الدولة الصمغية، يلصقون هذا الجزء إلى ذاك الجزء وأشار شعبان أن الحكومة الإسرائيلية مع حلفائها سيسعون إلى لصق الجزء الفلسطيني (الفلسطينييون اللاجئون في لبنان) حتى يقال هنا ينبغي توطين هؤلاء اللاجئين وتنتهي مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهذا واحد من الأهداف الاستراتيجية التي تريد إسرائيل تحقيقها من خلال هذا العدوان الإجرامي.
وحول ما الذي تريده إسرائيل فلسطينياً من هذا العدوان؟ أشار شعبان أن الحكومة الإسرائيلية تريد إفشال تجربة حماس، أي إفشال التجربة الفلسطينية الديمقراطية الوليدة، وتريد إضعاف المقاومة وترتيب الوضع الفلسطيني ضمن الرؤية الإسرائيلية وتسائل الدكتور شعبان لماذا تضرب إسرائيل المؤسسات الفلسطينية الرسمية؟ لماذا تضرب الشرطة والدفاع المدني ووزارة الخارجية وغيرها من المواقع الرسمية؟ إسرائيل تريد إنهاء موضوع الدولة الفلسطينية، وتريد إحياء فكرة حكم ذاتي مشوه بنصف بلدية.
بين المحاضر أن المراد يراد من هذا العدوان إقليمياً إنهاء الممانعة السورية وإخراج قيادات المقاومة الفلسطينية من سوريا ودمغها بالإرهاب إذا لم يكن تسليمها لمقاضاتها دولياً. ودفع سوريا لتوقيع اتفاقية سلام وتقديم تنازلات مذلة، مشيراً إلى أن كل هذا يجري في بيئة ومناخ عربي وإقليمي ودولي يتم الحديث فيه عن اختلال موازين القوى وإشاعة ثقافة الأمر الواقع. ومطلوب أيضاً إضعاف إيران في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة من خلال قص بعض أجنحتها باعتبار أن حزب الله جناحاً متحالفاً مع القيادة الإيرانية في المنطقة.
وأوضح شعبان أن إسرائيل تهدف من وراء عدوانها هذا إلى معاقبة حزب الله والشعب اللبناني عما حصل في العام 2000 عندما استطاعت المقاومة اللبنانية إجبار الجيش الإسرائيلي على الإنسحاب، حتى لا يبقى أحد يرفع رأسه ويقول أنه هزم الجيش الإسرائيلين، هذا الجيش الذي يجب أن لا يهزم بحسب الرواية الإسرائيلية.
وبين المحاضر أن المنطقة تمر بظرف صعب بسبب الحرب على العراق وما تمر به المنطقة من تدهور أرادت إسرائيل أن تحشد كل البلدان بما فيها البلدان العربية لإنهاء وجود حزب الله ولذلك طرحت الدول الثامنية الكبرى ثلاث نقاط رئيسية، والتي لم تتحدث عن وقف إطلاق النار إلا بطريقة مشروطة، تحدثت عن تشكيل قوة دولية رادعة، وتحدثت عن أبعاد حزب الله، وتحدثت عن إعادة الأسيرين بدون قيد أو شرط من أجل وقف إطلاق النار وأن يحل الجيش اللبناني محل قوات حزب الله.
وأشار الدكتور عبد الحسين شعبان هناك عدة سيناريوهات محتملة لهذه الحرب ولهذا العدوان: أولها أن تستمر المواجهة لفترة أخرى أسبوعين أو أربعة أو خمسة أسابيع وربما أكثر لا أحد يدري، وقد تدخل قوى أخرى في هذه الحرب أو قد تجر إليها، طالما أن كل طرف متمسك بشروطه وكلاهما أعلن أن هذه حرب مواجهة مفتوحة. وشروط حزب الله هي: استعادة مزارع شبعا وتبادل للأسرى وعدم تكرار الاعتداءات الإسرائيلية.
سيناريو آخر أن يقوم حزب الله بتسليم للأسرى بعد ضربات موجعة يتعرض لها دون أن تكون هناك عملية تبادل للأسرى. وهذا يعني هزيمة حزب الله وانتصار لإسرائيل، وبداية العد العكسي ليس فقط لحزب الله، وإنما إجهاض كامل لمشروع المقاومة، ولأي مقاومة في المدى المنظور على الأقل في المنطقة.
وهناك سيناريو ثالث وهو تبادل للأسرى مع التفاوض على مزارع شبعا وإحلال قوات دولية. وهنا يكون نصف انتصار للمقاومة ونصف انتصار لإسرائيل، موضحاً أن هذا السيناريو هو الأكثر رجحاناً إذا لم يجري تغيرات في موازين القوى على الأرض لاحقاً.
ودعى الدكتور عبد الحسين شعبان مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان إلى المبادرة بتنظيم لقاء دولي وذلك بدعوة قوى ومنظمات مجتمع مدني عربية وأوروبية صديقة ومحبة للسلام لاستنهاض هذه المنظمات من أجل الوقوف في وجه حكوماتها من أجل وقف العدوان الإسرائيلي ونصرة الشعبين الفلسطيني واللبناني.
وأشار الأستاذ حمادة فراعنة إلى حجم العداء الواضح لمصالح أمتنا الذي يسعى المشروع الأمريكي الإسرائيلي تحقيقه في منطقتنا، والتداخل العميق في التحالف الأمريكي الإسرائيلي، موضحاً أن إسرائيل ليست مجرد حليف دولي للولايات المتحدة الأمريكية، بل هي جزء من السياسة الداخلية للولايات المتحدة. وأكد الأستاذ حمادة على أنه بمقدار رفضه لمشاريع الاستسلام والخضوع فهو يرفض أيضاً التطرف حتى لو كانت أهدافه نبيلة على حد قوله.
وبخصوص السيناريوهات المطروحة علق الأستاذ فراعنة بقوله هناك سيناريوهات مختلفة ولكن هذا يعتمد على نتائج المعركة على الأرض. وعلى مدى صمود الشعب اللبناني والتفافه حول المقاومة وحزب الله. وأشار إلى أن حزب الله قد ترك لوحده في هذه المواجهة، وعلى رأس الأطراف التي لا تقف مع حزب الله هي سوريا التي نأت بنفسها عن هذه المعركة كما هو حال الدول العربية الأخرى.
واتفق الحضور في نقاشاتهم حول أن العدوان الإسرائيلي هو عدوان مبيت ومعد مسبقاً، لإستهداف حزب الله وتدمير المقاومة وتطبيق القرار 1559 بالقوة وما الأسيرين الإسرائيليين إلا ذريعة اتخذها العدوان الإسرائيلي على لبنان.
وبين العديد من المشاركين في الندوة أن إسرائيل تسعى إلى تغيير جيو سياسي للمنطقة، وتريد فرض رؤيتها الخاصة للحل السلمي. وما تريده الولايات المتحدة الأمريكية هو فرض الحل الإسرائيلي على المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية وبناء شرق أوسط على المقاس الأمريكي الإسرائيلي، مؤكدين أنه إذا ما نجحت إسرائيل، وبغض النظر عن الإتفاق مع حزب الله أو الاختلاف معه فسوف تكون الأمور كارثية وخطيرة جداً على الأمتين العربية والإسلامية.
في حين أوضح الدكتور خالد عبيدات عن عدم اتفاقه مع آراء زملائه، متسائلاً: لماذا لا نعترف أن العالم ضدنا؟ ولماذا لا يوجد هناك دولة واحدة تقف معنا؟ لماذا لا نعترف أننا مهزومين وننطلق من فراغ ولا هوية لنا ولا شخصية ولا فكر ولهذا ليس لدينا سيناريو خاص بنا يجب أن نعترف بهذه الحقيقة، وبالتالي فإن الواقع السياسي الرسمي هو الأكثر وعياً والأكثر مسؤولية، ولا يوجد هناك أي تيار شعبي يعتمد عليه مبيناً أنه يحترم السلطة الرسمية في الدول العربية ليس إعجاباً بها، بل لأنه لا يوجد غيرها وهي وحدها تمثل شيئاً يعتمد عليه.