10/6/2008

عقدت المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان ندوة بعنوان دفاعا عن استقلال القضاء وذلك يوم الأحد 8/6/2008 بفندق بيراميزا ،وتحدث في الندوة كل من المستشار هشام البسطاويسي نائب ريس محكمة النقض وذلك في موضوع التنظيم النقابي للقضاة ودور نادي القضاة ، كما تحدث فيها الكاتب والصحفي والباحث خالد الكيلاني حول موضوع استقلال القضاء .. ضرورته مفهومة .. وترأس الندوة المستشار حسام الغرياني نائب أول رئيس محكمة النقض ، وأفتتح الندوة سعادة المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاء الذي وجه الشكر للمؤسسة العربية لتنظيمها تلك الندوة كما وجه الشكر أيضا للحضور والصحفيين.

وحدة الصف القضائي
وتحدث(عبد العزيز) في البداية عن تأثير تواجد منظمات المجتمع المدني و مشيرا إلى نادي القضاة منذ سنة 1939 حتى عام 1994 لم يكن هناك له تنظيم قانوني ، و نادي القضاة كان قد تم حله مرة واحدة و ذلك عام 1969 وفقا للقرار الجمهوري رقم 84 والذي عرف بمذبحة القضاء وقد صدر القرار بحل كل من نادي قضاة مصر ونادي قضاة الإسكندرية وكان يكفي وفقا لقانون الجمعيات الاهلية صدور القرار من أي موظف ولكن هيبة نادي القضاة هي التي إستلزمت صدور القرار الجمهوري، كما إشار (عبد العزيز) إلى أنه كان قد تكهن بعدم دستورية القانون السابق الذي كان ينظم الجمعيات الأهلية رقم 153 لسنة 1999 ، وصرح بان الإعلان العالمي للقضاة نص على أن لهم الحق في تكوين جمعية أو نادي أو رابطة ترعى مصالحهم وتحرص على استقلالهم.

وقد حاول القضاة تضمين نص معين بالنادي في قانون السلطة القضائية ولكنها كلها باءت بالفشل مؤكداأن نادي القضاة له شأن خاص.

وأن قوانين الجمعيات الأهلية منذ 1964 وحتى الآن كلها تعتبر قوانين أسرية ولكن نادي القضاة أعضائه مهنيين وان أهم شئ هو دعم استقلال القضاء والدفاع عنهم .

ثم تطرق (عبدالعزيز ) إلى الحديث عن النوادي الفرعية وانتشارها وان الهدف من تلك النوادي هو التفريق تفتيت وحدة القضاة حتى أن الأمر وصل بأحد رؤساء الاندية الفرعية القول(بان نادي قضاة مصرهو نادي القاهرة وان رئيسه لا يمثل إلا نفسه)ولكن وحدة الصف القضائي وقفت ضد تلك الهجمة، كما أسهم نادي القضاة منذ 2001 في إعداد قوانين كثيرة ودافع عن إصدار قوانين أخرى مثل قانون السلطة القضائية ومن أمثلة التشريعات التي تصدى لها نادي القضاة قانون مكافحة الارهاب مؤكدا أن نادي القضاة كان أول من نادى بالغاء قانون الطوارىء عندما زار رئيسه السابق أحمد جنينة الرئيس السادات عام 1979 وقال له أن (الحرب قد وضعت أوزارها فأنهي حالة الطواريء).

استقلال القضاء وقضية العدل
وفي مداخلته قال خالد الكيلاني (الباحث والكاتب الصحفي) إن موضوع استقلال القضاء شأن يتجاوز بكثير حدود القضاة أنفسهم إذ أنه في جوهره وثيق الصلة بقضية العدل وميزان الحرية في المجتمع‏,‏ وفي العالم المتحضر فإن قيمتي العدل والحرية تتأثران سلبا وإيجابا بمقدار ما هو متوافر من استقلال للقضاء في كل بلد‏,‏ لذلك فإننا حين ندافع عن استقلال القضاء ونتشبث به‏,‏ فإنما ندافع عن أنفسنا في حقيقة الأمر‏,‏ وحين يستشعر القضاة قلقا من جراء نقصان استقلالهم‏,‏ فإن ذلك القلق ينبغي أن ينسحب علينا تلقائيا‏.‏

إن استقلال القضاء ليس ترفاً، وليس خيارا للشعوب أو الحكام .. بل هو حتمية حياة وضرورة وجود .. بغيره يأكل القوى فينا الضعيف، ويفتقد المظلوم من يلوذ به ويثق في استقلاله ونزاهته.. وهو صمام الأمان للمتقاضى قبل القاضي . مشيرا إلى أن هذه الدراسة مجرد قراءة سريعة وبسيطة لموضوع استقلال السلطة القضائية في المواثيق الدولية ودستور 1971 ، كما أكد في مداخلته على ضرورة استقلال السلطة القضائية فالقضاء يقوم بجانب السلطتين التشريعية والتنفيذية بأداء رسالة هي بطبيعتها مستقلة عن هاتين السلطتين‏,‏ وقد اهتم أول دستور لمصر‏( دستور‏1923) بإبراز هذه الحقيقة‏,‏ مؤكدا إن المقصود بالسلطة القضائية المستقلة؟ وجود ركيزتين أساسيتين هما: أولاً: أن القضاة هم وحدهم دون غيرهم الذين ” يستقلون ” بتطبيق القانون علي المنازعات والدعاوى بين الأفراد وبعضهم، أو بين الأفراد وأجهزة السلطة. وأنهم دون غيرهم هم الذين يقضون بتجريم أفعال معينة – وفقا للقوانين الجنائية – ويحكمون بعقوبات معينة تطبيقا لتلك القوانين، ولا يجوز لجهة في الدولة أيا كانت أن تتداخل في أعمال القضاة أو أن تطلب تطبيقا معينا لنص معين أو أن تفرض حكما معينا في قضية معينة . كما يقصد بمفهوم استقلال القضاء ثانيا عدم جواز التدخل والتأثير من قبل الغير على ما يصدر عنه من إجراءات وقرارات وأحكام.

يعتبر استقلال السلطة القضائية نتيجة من نتائج مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ سيادة القانون، وأبرزت هذه الحقيقة المذكرة الإيضاحية لقانون استقلال القضاء الذي صدر في مصر في 12 يوليو 1943 وأكد الكيلاني في نهاية مداخلته أن ااستقلال الكامل للقضاء لن يحدث إلا بحظر ندب القضاة تماماً إلي أية جهات خارج القضاء، وحظر اختيار قاض معين أو محكمة معينة لنظر قضية معينة، وإلغاء جهات القضاء الاستثنائي، وحظر إحالة المدنيين إلى محاكم عسكرية، وتعظيم دور الجمعيات العمومية للمحاكم، ومنع تفويض هذه الجمعيات لرؤساء المحاكم، وإلغاء المجلس الأعلى للهيئات القضائية، ونقل جميع صلاحيات وزير العدل المنصوص عليها في أي قانون إلي مجلس القضاء الأعلى، وألا يكون لوزير العدل دور في ندب القضاة أو تعيينهم أو تأديبهم أو في اختيار رؤساء المحاكم الابتدائية، ونقل تبعية التفتيش القضائي لمجلس القضاء الأعلى، وإصدار قانون خاص لنادي القضاة، والنص عل معاملة القضاة كمنظمة نقابية مستقلة، وضمان موارد مالية لنادي القضاة تضمن استقلاله، وضمان وجود أغلبية منتخبة في تشكيل مجلس القضاء الأعلى، وأن يكون لمجلس القضاء الأعلى، وللجمعية العمومية لمحكمة النقض حق اختيار النائب العام، فلا يكون اختياره بالإرادة المنفردة لرئيس الجمهورية.

القضاء سلطة وليس مهنة
ثم تحدث بعد ذلك المستشار /هشام البسطويسي بالتعليق على ما قيل بأنه أن يكون للقضاة نقابة واندهش لوجود كلمة نقابة لمجرد أن اسمه نادي وان مبادىء الامم المتحدة واعلان ميلانو نصت على حق القضاة في حرية التعبير وتكوين جمعيات طبقا لمبادىء حقوق الانسان، ونصت على أنه يجب ان يكون للقضاة حرية تكوين جمعيات تتحدث باسمهم وتحمي نظامهم المهني،كما جاء أيضا في إعلان سنجافي في المادتين 7 و8 التأكيد على حق القضاة في إنشاء الجمعيات والحفاظ على استقلالهم والدفاع عن مصالحهم مشيرا إلى أن كل المواثيق الدولية نصت على هذا الحق كما نبه الى ان حرية التعبير مكفولة للقاضي كالمواطنين باعتباره مواطن بالدرجة الاولى، وتساءل اليس هم الأمناء على تلك الحرية فأولى بهم من غيرهم التمتع بتلك الحقوق .

وطرح تساؤل لماذا نادي وليس نقابة؟ مجيبا : أنه منذ عام 1939 فكر القضاة في انشاء رابطة لهم وهو نادي القضاة وهذا هو ما يميز مصر عن باقي الدول في المنطقة وقد تساءل الامريكان والاوروبيين عن سر استقلال القضاة في مصر مقارنة بالمنطقة العربية؟ وكان السر هو وجود نادي للقضاة وهو المكان الوحيد الذي عمل بمبادىء الديموقراطية والانتخابات باستثناء الفترة الخاصة بما يطلق عليه إ(مذبحة القضاء)، كما اشار إلى أن التقابة تنظيم يضم أصحاب المهنة او الحرفة لكن السلطة القضائية احدى سلطات الدولة الثلاث، فكما لا يتصور وجود نقابة للسلطة التشريعية أو التنفيذية فلا يتصور وجود نقابة للسلطة القضائية ، ولكن يتصور وجود كيان يدافع عن حقوق القضاة في شكل نادي يدافع عن حقوق القضاة ،

كما ان ذلك سيجعله لا يخضع لقانون الجمعيات مثله مثل اى جمعية او نقابة بهذا يضمن القضاء استقلاله عن اى سلطة وحتى مع غياب نص على وجود نادي للقضاة إلا أن ذلك لا يلغي شرعية وجوده وحتى في المادة الثانية من قانون حل النادي عام 1969 نصت على أن مجلس القضاء مشكل من اشخاص تختارهم الدولة يخضعوا للائحة النادي ولا يخضعوا لقانون الجمعيات الاهلية وانه شخصيا مع الابقاء على اسن نادي القضاة وهو يقوم بدور النقاية كاملا ولا يصح ان يخضع لاى سلطة تنفيذية أو تشريعية ويستمد وجوده مباشرة من الدستور وان نادي القضاة يقوم بدور مهم في حماية استقلال القضاء وان الاساس التاريخى لنشأته ترجع الى زمن الاحتلال الانجليزي، وقد انشىء كمظهر من مظاهر الاستقلال الوطني طبقا لمعاهدة 1936 من خلال وجود قضاء اهلي مستقل، ,قد وضع القضاة انفسهم قواعد فيما بينهم للعمل داخله وجاء القانون وقنن تلك القواعد واعتمدها نادي القضاة وحرص على ان تتوارث الاجيال الحديدة من القضاة تلك التقاليد وهو ما يميز مصر عن باقي الدول العربية وحتى الدول التي يوجد بها اندية للقضاة تعاني من سيطرة الدولة عليها وضرب (البسطاويسي ) مثالا بما يحدث في تونس وما حدث من فصل للقضاة ومن لم يفصل شتت وأبعد الى اماكن اخرى ، لكن حدوث ذلك في مصر من الصعوبة بمكان ،

وعندما حاولوا ذلك منذ عامين ، استطاع الشعب رد العدوان ويؤكد ذلك أن ثقة الشعب في القضاة هي مصدر هذا الاستقلال وان أي محاولة لحصار نادي القضاة او اسقاطه ستفشل كما حدث عند بدء محاولة الحصار المالي في بداية عهد وزير العدل الحالي، وفوجئ الجميع بالمواطنين ومؤسسات كثيرة عرضت تقديم مساعدات ودعم مالي للنادى، ولكن النادي رفض وهذا بسبب الرغبة في الحفاظ على استقلال النادي ، وانه لو لم يكن نادي القضاة موجودا لانقطع تواصل الاجيال ولاستطاعت السلطة التنفيذية التحكم فيه، وتحدث عن محاولات السلطة التنفيذية التحكم في القضاء ، مذكرا بأن اول قرار في عهد الثورة كان الغاء النتخاب في مجلس القضاء الاعلى وتم حل النادي عام 1969 ،

وانشىء مجلس الهيئات القضائية وبعدها توسعت صلاحيات الوزير، وأكد أن الانتخاب بمشاكله أكثر أمنا عن اسلوب الاقدمية من حيث الاختيار، ولكن الاقدمية تتيح للوزير أن يعرف من سيمثله مقدما وتبدأ لعبة مد السن والندب مؤكدا أن التعديل الأخير في مجلس الهيئات القضائية لا ينطبق على السلطة القضائية وان باقي الجهات هيئات قضائية ولكن القضاء العادي ليس هيئة قضائية ، واذا اراد رئيس مجلس القضاء الاعلى ان يستند لهذا اذا أراد،فعليه الا يحضر اجتماع مجلس الهيئات.

وفي تعقيبه تحدث المستشار / حسام الغرياني قائلا :
ان كل محكمة قديمة في فرنسا يوجد بها على الحائط اسماء القضاة الذين قتلوا في عهد الاحتلال الالماني في الحرب العالمية الثانية ، اى ان معركة الاستقلال وصلت الى حد القتل وان الدول التي يوجد بها استقلال حقيقي لا تتحدث كثيرا عن الاستقلال، وعندما يكثر الكلام حوله نعرف أن المسألة في تراجع، وقد أشار سليم حسن في كتابه عن تاريخ مصر أن الفراعنة في العصور القديمة ، عندما كان الملك يؤله نفسه كان عندما يعين قاض جديد يجعله يقسم أن يحكم بالعدل والا يطيع الملك .

اذا الفرعون عرف أن القاضى لن يكون قاضيا اذا ما اطاع الملك ، مشيرا إلى أن الثورة في انجلترا من الملكية الى الملكية الدستورية و في فرنسا ايضا ، قيل ان القضاة يعينوا من قبل الملك ولا يجوز ان يحاكم الشعب امام قضاة معينين من قبل الملك ، خاصة عندما يحاكم الشخص بجريمة شنعاء قد تقضي به الى المستعمرات أو السجن مدى الحياة، لهذا تم اختراع نظام المحلفين فيعتبر محاكمة من الشعب على الرغم من ضيقهم به ، ولو اعترف المذنب بالجريمة لا يوجد محلفين ويحكم القاضي مباشرة ، ولكن لو حدث نزاع بينهم وبين القاضى لابد لهن أن يقرروا ان كان المتهم مذنبا أو غير مذنب، كما تطرق(الغرياني) الى نشاة القضاء و كان السائد فكرة البقاء للاقوى، ولكن مع الوقت وجد كل خصم انه متساوي في القوة مع خصمه، فلذلك اثرا الاحتكام الى شخص ثالث يفصل بينهما وشدد على ان القاضي يجب أن يكون مستقل ، واذا ما فقد شرط الاستقلال لا يصلح ان يكون قاضيا واذا اصبح تابعا لشخص لا يصلح أن يكون قاضيا واذا لم يستطيع تنفيذ حكمه فقد صلاحيته وضرب مثالا بما يحدث من الاحتكام للتقاضي والتقاضي في اول درجة ثم الاستئناف ثم النقض ، وبعد هذا كله لا يستطيع المحكوم له تنفيذ الحكم وخاصة لو كان الحكم صادرا ضد الحكومة فيعاني من كل ما من شانه أن يعوق التنفيذ وشدد على أن استقلال القضاء وقوته امران لازمان لأي حياة طبيعية.

ومعاملة القضاء وعلاقته بالسلطة في الدولة ، تبين مدى العدالة في تلك الدولة ومدى الظلم بها . قال ان الحاكم الظالم لا يتحمل قضاة مستقلين ، في صدر الأسلام في عهد الخليفة عمر ابن عهبد العزيز كان بعض رجال المسلمين على سفر ومروا براعي غنم ، وسألهم من خليفة المسلمين في هذه الأيام .

قالوا له عمر بن عبد العزيز ، قال أنه رجل عادل ، قالوا له كيف عرفت ؟ قال نحن أهل الجبال لنا دراية بهذه الأمور ، اذا كان حاكم الناس عادلا ، سكنت الذئاب عن الأغنام ، وفي ظل الحكم العادل يستشعر القاضي قوته .

النادي لن يكون مقهى
في عام 1986 اثناء عقد مؤتمر الجمعية الدولية للمحامين ، تحدث المستشار أحمد مكي عن استقلال القضاء ، وتحدثت أنا عن نفس الموضوع ، وعقب محامي هندي ، وقال : شئ جميل ، انكم تكافحون لنيل الاستقلال ، ولكن في الهند لدينا مشكلة ، أن القضاء لدينا فوق المستقل ، وكان قاضي جزئي ، قد حكم بحبس انديرا غاندي رئيسة الوزراء وهذا يعطي دلالة على ما يحدث في الهند . وعقب بأن المستشار هشام البسطاويسي لم يستفض في الحديث عن المغرب والتشكيلات التي تتحكم فيها الدولة ، وأن قضاة من تونس قد هربوا إلى فرنسا يعيشون على حد الكفاف ويمارسون أعمال غير لائقة ، وتطرق في الحديث إلى المستشار طارق البشري الذي سأل والده عندما كان صغيرا وكان قاضيا لماذا رفض أن يكون له عربة خاصة ، قائلا أن المستشار طارق البشري كان حسن الظن ، بأن يرجع والده السيارة بالحرس ، ولكن الهدف كان التأثير على القاضي بإحداث وقيعة بينه وبين المتهمين بحيث يقتنع بأنهم أشرار ، وذكر مثال أخر عن قضاة كان يحاكمون المتهمين الأعضاء في جماعات اسلامية ، ووضعت عليهم حراسة مشددة ، وكانوا يتنقلون في سيارات مصفحة ، وقيل لهم أن هناك تحريات أثبتت أنكم مستهدفون ، اندهشوا وقالوا انهم يحكمون بين الناس ولم يحدث لهم شئ ، وأنهم كانوا قبل ذلك وكلاء نيابة ، يذهبون إلى الصعيد ، في قضايا قتل واطلاق نار وعندما يظهروا يقول الأفراد لبعضهم البعض (بس يا ولد النيابة وصلت) ، هذا ما يدل على أن الطرفين يعرفون انهم لا خصومة بينهم وبين النيابة ، وتم حبس المتهمين ورفعت الحراسة ، ولكن بقي واحد تحت الحراسة ، وعندما سئل لماذا ؟ قال أنه عايش على هذا ، وعندما ذهب في رمضان للافطار عند بعض اقاربه مات دون أي سبب .

فهل نفعته الحراسة والجنود ، وتحدث المستشار عن نفسه وقال انا بلغت هذا السن ، وما زلت موجود بسبب المد ، ولم استشعر أني حاكمت انسانا ، وانا غاضب منه ، وتطرق إلى موضوع الوضع القانوني لنادي القضاة ، وقال أنها مسألة لا يصح أن تثار ، وقال لقد طلبوا سماع رأي القضاة واجتمعوا مع رجال مجلسي الشعب والشوري من القانونيين ، وسألونا ما وضع نادي القضاة القانوني ، فهو لا يخضع لأي من قوانين الجمعيات والنقابات ، فسألنأهم لماذا يجب أن يخضع ؟ وأعطيناهم مشروع يتضمن مادة خاصة بنادي القضاة ، فلغوها كاملة من تعديلات قانون السلطة القضائية عام 2006 .

وذكر قصة عن المستشار محمد صبري أبو علم وكان رئيسا للوزراء في عام 1943 ، واعترافا بفضل القضاة ، تم اعطاء ارض لبناء نادي القضاة عليها في نفس موقع النادي الحالي ، وسجلت ملكيتها باسم النادي. في وقت كانت الوزارة كلها من كبار رجال المحامين ، وعند حدوث مذبحة القضاة عام 1969 حلوا النادي وقالوا في قرار الحل أنه لا يخضع لرأي وانه مستقل .

ولكنه قال أن نادي القضاة موجود وسيظل موجودا وانه ملئ بالشباب المتحمس وهم في كل مكان .

وسيظل النادي يدافع عن استقلال القضاء ولن يتحول إلى مقهى إو ملهي أو ملعب كرة ، لكنه سيظل هدفه الرئيسي هو الاستقلال .

وبعد انتهاء المداخلات ، قدم الحاضرين مداخلاتهم على النحو التالي :
المهندس عبد العزيز الحسيني(مهندسون ضد الحراسة):

عندما قامت ثورة يوليو كان من الضروري أن تقوم بعدد من اجراءات استثنائية ، التي لم تكن شئا بالمقارنة بما ارتكب من حمامات دم في الثورات الأخرى ، مشيرا إلى أنه قد قضي 45 يوما في سجن طرة بتهمة الدفاع عن استقلال القضاة .

وقدم شكوى للقضاة الحاضرين بانه لديه حكم محكمة القضاء الاداري ضد رئيس محكمة جنوب القاهرة بصفته رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات النقابات المهنية بإجراء انتخابات نقابة المهندسين ولم ينفد الحكم ، ولذلك حرك دعوى عدم تنفيذ حكم ضد القاضي.

المهندس عبد المعطي زكي :
فيما يتعلق بالقانون الذي طرحته وزارة العدل ما موقف النادي منه في ظل سيطرة الحكومة على مجلس الشعب ، وما دور مجلس الهيئات القضائية ، وكيفية حل المشاكل المادية لنادي القضاة ، وذكر مثال انه يوجد قاضي في انجلتزا عرضت عليه رشوة ، فرفضها ، وكانت مكافاته انه ذهب إلى البنك فحصل على مبلغ مساوي للرشوة .

عبد الجواد أحمد المحامي ورئيس المجلس العربي لدعم المكافحة العادلة :
يعتبر استقلال القضاء شأن مهم للمحاماة وتطرق إلى مسألة وضع ميزانية خاصة للقضاة . وتحدث في مسألة الندب ، ودور نادي القضاة في الدفاع عن الاستقلال ، وعلاقة نادي القضاة بالمجتمع المدني .

جمال تاج (عضو مجلس نقابة المحامين)
هناك محاولة مسميتة للنظام لافساد نادي القضاة ، حتى لا يخرج من القضاة من يتحدث عن الشفافية أو النزاهة ، ولذلك فوجود الاستبداد السياسي هو السبب ، مشيرا إلى ,ان مسألة الشكل القانوني هو نوع من أنواع (الاستكراد) ، وأن الهدف الأساسي يبقى دائما الاعتداء على النادي وحريته واستقلاله . وقد يظهر في يوم تعبير النادي المحظور .

اسامة ياسين (رئيس النيابة) :
عندما كنت رئيسا لإحدى اللجان الانتخابية في دائرة السيدة زينب ، وكان المرشح الدكتور فتحي سرور ، وجدت صورة كبيرة له داخل أحدى اللجان ، فرفضت الدخول وطلبت رفعها ، وقد قلت أنه يجب الا توجد لإحدى المرشحين داخل اللجنة ، ولكن الضابط قال له : لا املك سلطة ذلك ، لكنك قاضي تملك تلك السلطة ، فأمر بعض الجنود بذلك ، فقاموا بنقلها ، بعد ذلك جاءني مندوب وسأل هل يمكن معاملة الدكتور سرور معاملة خاصة ، فرفض ، وشكره المندوب لإعطاءه رأيه بصراحة ، ونجح الدكتوو سرور وسقط المرشحين المنافسين ، وقد نال الدكتور سرور 246 صوت في لجنتي التي أشرف عليها .

وقال أنه لم يحدثه شخص كالمحامي العام أو النائب العام ليملي عليه قرار أو حكم ، كما انه في انتخابات الرئاسة ، وجد صورة كبيرة للرئيس مبارك في احدى الدوائر فأمر بازالتها من حجرة الناظر ، ولم يحدثه أحد في شئ . وطلب من الحاضرين النظر للجزء المملوء من الكوب .

وانه لا يوجد املاء لقرارات أو احكام وأن الصورة ايجابية ، وأنها قد تزيد ايجابية في المستقبل بوجود كل القضاة الحاضرين في الندوة .

المستشار محمد الدهري (رئيس محكمة):
هل هناك شئ يميز مجلس الدولة موضوعيا ، حتى توجد ادارة تفتيش خاضعة وتابعة للمجلس ، عن باقي السلطة القضائية ، وهل طبيعة الخصومة في مجلس الدولة تحتم ذلك ؟

عصام شيحة(المحامي وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد ) :
أناقش شكل النادي ، بصفته نقابة ، وأن مفهوم النادي افضل ولا يوجد مشروع لتغيير شكله، فلماذا لا يتم انشاء نقابة للقضاة ؟

من جهة ثانية هناك صراع بين النادي والسلطة التنفيذية ، ودلل على ما حدث من الجهاز المركزي للمحاسبات للتفتيش عليهم . وعن اعلان احد القضاة رؤساء الأندية الفرعية أنه مستقل بذاته ، و سأل(شيحة) عن أي قانون يتبعه النادي ، كما تساءل عن ما قيل من الباحث (خالد الكيلاني ) عن حالة التوافق بين السلطة التنفيذية والتشريعية ، وقال ان المفترض الا يحدث توافق لان هدف السلطة التشريعية هو مراقبة السلطة التنفيذية .

ثروت شلبي (صحفي بجريدة الأهالي ) :
هناك تنظيم طليعي سري داخل القضاة ، وأنتقد عسكرة القضاة من الضباط ، ولكنهم قد يوجد داخلهم اصلاحيين ، في المقابل بعض القضاة لم يتخلى عن دور الشرطي ، مشيرا إلى أنه لا توجد ارادة سياسية حقيقية للدولة لتوجهههم كيفما تشاء ، كما تحدث عن وزير العدل ممدوح مرعي في تأديب القضاة وقال ان القضاة لا يزالون يعيشون في مذحبة القضاة .

وتحدث عن مرحلتين :
مرحلة ما قبل الثورة ، عندما تملك النادي الأرض ولم يعتدى على قاض .

وما تم بعد الثورة ، بالإعتداء على السنهوري ، وتطرق عن الحديث عن الفساد ، والغاء التفتيش من تبعية المجلس الأعلى للقضاء وضمه لوزارة العدل ، والاعتماد على ما يسمى مجلس الهيئات القضائية .

وأعتبر ذلك تلاعبا بلألفاظ ، وذكر أن الحكم الصادر من محكمة النقض ، بصحيح الدستور والمحكمة الدستورية ، بأن قضاة المنصة ، لهم الحق في الإشراف الانتخابي ، واستبعد النيابة الأدارية وهيئة قضايا الدولة . وقال أننا لن نفاجئ يوما اذا ما انضم رئيس القضاء العسكري ، في عضوية المجلس الأعلى للقضاء وتسأءل عن امكانية توحيد القضاء المصري باجنحته الثلاثة (العادي والاداري والدستورية )

خالد يوسف (محامي وباحث) :
استبدلت الثورة الفرنسية النظام القضائي بنظام أخر متشبع بالأفكار الجديدة ، وتساءل هل القضاة لا يملكون أن يعبروا عن ارادتهم الا من خلال النادي ، هل لا يملكون أي وسيلة أخرى للتعبير عن أرائهم .

تعقيبات المنصة :
المستشار زكريا عبد العزيز : هناك قضاة غير مستقل وقضاة مستقلون

وفي نهاية المداخلات عقب المستشار زكريا عبد العزيز على بعض ما طرح قائلا :
بالنسبة لموضوع مشروع الهيئات القضائية تصدي النادي له في الجمعية العمومية ، ويعتبر الاصلاح القضائي اصلاح للدولة ، وقال أنه هناك قضاء غير مستقل ، ولكن هناك قضاة مستقلين ، وان السيد رئيس النيابة أحدهم ، وأنا مع استبعاد الندب والإعارة ، من ناحية أخرى طالب نادي القضاة طالبوا الجهاز المركزي للمحاسبات لأنهم ليس لديهم ما يخفوه ، وأن الجهاز المركزي للمحاسبات طلب رد النادي على ملاحظاته ، وفيما يتعلق بنوادي القضاة الفرعية ، قال (عبد العزيز ) أن أنشاء نوادي فرعية كان الهدف منه احداث انشقاق في صفوف القضاة ، وأنه أغلب رؤساء اندية القضاة قالوا أن نادي قضاة مصر هو المعبر عن القضاة ، وتطرق إلى وضع نادي القضاة ، وان النص عليه مطروح في مشروع النادي لتعديل قانون السلطة القضائية ، وطالب بتبني هذا النص .

وتكلم عن فرض الحراسة والغلق ، وقال أنه يتمنى المواجهة ، وقال في 69 لم يكن هناك فضائيات أو وسائل أعلام لفضح أية تجاوزات بعكس هذه الأيام . .

وتحدث عن دور النادي في تحقيق استقلال القضاء ، وقال أن بعض القضاة لم يقرأوا قانون السطلة القضائية ، ولكن الآن تكاد تكون القضية في قلب كل مواطن . وأن علاقة نادي القضاة بالمجتمع لامدني ، قال انه منظمة غير حكومية من منظمات المجتمع المدني وأن حضورنا يمثل أحدى العلامات الايجابية على علاقاتنا بالمجتمع المدني ز .

تعقيب الاستاذ خالد الكيلاني
تحدث عن واقعة حدثت 1987 بواقعة قاض كان رئيس لإحدى الدوائر الانتخابية وأنه جامل مرشحي الحكومة ، وان القاضي اصبح رئيس استئناف وانتدب لوزارة التعليم العالي وبعدها اصبح مستشلرا ثقافيا للسفارة المصرية في فرنسا ، ورفض الكيلاني الندب والاعارة للقضاة وانه حريص على النظر للنصف الفارغ من الكوب حتى يمتلىء مؤكدا بأنه يوجد قاضي مستقل ولكن هناك إعتداء على القضاء ، وهناك نوع من الافساد لكل شىء شريف في مصر ، و قضية استقلال القضاء لا تخص القضاة فقط ولكنها تخص المصريين جميعا وعلى المجتمع الدفاع عنهم ، وان تضارب المصالح بين القضاة ليس عيبا ولكن الصراع يتم بصورة شرعية وتحدث عن حالة التوافق بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وقال ان الحكومة مشكلة من الحزب الفائز فشىء طبيعي ان يكون راى الحزب هو رأى الحكومة، ولكن السلطة القضائية مستقلة وانه عندما يدخل ضابط شرطة سلك القضاء لا بد ان يخلع ثوب الضابط ولابد للسلطة القضائية ان تحمي القضاة الذين كانوا أصلا ضباط من انفسهم.

وأرى أن هيئة قضايا الدولة ليست هيئة قضائية وكذلك النيابة الاداريةوكلاهما يتبع وزير العدل .المحكمة الدستورية منعزلة والمحكمة الادارية لها شان اخر وان السلطة القضائية الوحيدة هي القضاء العادى.

المستشار /هشام البسطويسي : المحكمة الدستورية ليست قضاء
وفي تعقيبه قال المستشار هشام البسطاويسي أن المحكمة الدستورية ليست قضاء ورقابتها نوع من الرقابة السياسية على دستورية القوانين وإذا ما ارادت ان تتحول الى قضاء فيجب ان يكون التقاضي بها على درجتين ويجوز الطعن على احكامها وفي فرنسا المجلس الدستوري ليس كله قضاة والدستور يحظر على القضاة اثناء الحكم التحدث في المسائل السياسية، وكان من الممكن ان يكون هناك رقابة للقضاء العادي على مدى دستورية القوانين والمحكمة الدستورية أنشئت لمراقبة القوانين لان محكمة النقض استعصت على الخضوع للسلطة، اما المحكمة الدستورية هم من اختاروها ، وهي ليست قضاء ولكن يطلق عليها مجازا قضاء له هيئة مستقلة، وفيما يتعلق بتعدد النوادي فهو ليس ضررا لأنه في صميم الحرية ويستطيع كل فرد أأو مجموعة إنشاء نادي او رابطة، اما في مصر للأسف الهدف هو التفتيت وضرب القضاة وتتعدد النوادي لهذا الغرض ، والاختلاف لا يوجد ضرر فيه ، مثلا في فرنسا يوجد نقابتين للمحامين ، وان مشروع السلطة القضائية الخاص بالنادي الذي نص على شكل لنادي القضاة قد يكون وسيلة لغلق النادي ، وقد اقرت محكمة النقض ان اى كيان له جمعيةعمومية لا يستطيع احد إغلاقه ، وان اى جهة تنشىء حكم على هذا الكيان هو حكم منعدم لانه يغتصب سلطات الجمعية العمومية، و تستطيع نقابة المهندسين ان تنعقد في الشارع و اذا لم يسمحوا بذلك فليسافروا إلى أى مكان للانعقاد وان تعديل القوانين يتم بيسر وسهولة وان الحكومة لا تجد حرجا في تعديلها في اليوم الثاني لإصدارها ، وفيما يخص الموقف من مجالس الهيئات القضائية ، العبرة بموقف القضاة ولو ان رئيس المجلس الاعلى القضاء لم يحضر الاجتماعات سيجد من يسانده ولكن اذا حضر فهذا غير ملزم للقضاة.

تعقيب المستشار حسام الغرياني:
أتحدث أولا عن الندب وان في الماضي كان لكل جهة قاض متخصص تستشيره بدون حدوث ارتباك وهذا المستشار القانوني يرسله مجلس الدولة والجهة الادارية لم يكن لها سلطة عليه . وما يحدث الآن يعتبر ترويض للقضاة، والقاضي الذي يتعود على التعامل مع الادارة لا يصلح للقضاء ولكن القاضي هو قاضي المنصة الكل امامه سواء ، ولكن العمل مع الادارة يعود القاضي على أن هناك من هو اكبر منه سواء كان مسئول أو وزير اما عن الوضع القانوني لنادي القضاة فهو موجود في المادة 120 مكرر من مشروع قانون السلطة القضائية الذي وضعه النادي ، ولكن الخبراء القانونيين لا يريدون الاخذ به و رئيس المجلس الاعلى للقضاء يعتبر ان النادي خارج عليه على الرغم من ان اختصاصه محدد بالقانون، وقد قال ان كنتم لن تخضعوا للمجلس الاعلى للقضاء سناتي لكم بالشئون الاجتماعية،

وتحدث عن ان مجلس نادي القضاة مكون من 15 قاضي منتخبين لمدة محددة وكل سنة يتم تجديد ثلثي ، في النهاية الكلمة للجمعية العمومية ولا يجوز للمحاكم أن تراقب مجالس النقابات الا في حدود القانون والفيصل هي الجمعية العمومية، اما عن عسكرة القضاء فان من يقاوم دخول الضباط الى ساحة القضاء هي وزارة الداخلية نفسها وان من يستطيع مواجهة الضغوط المبذولة من قبل الداخلية لمنعه من دخول القضاء من حيث رد مصاريف الدراسة وتقديم استقالته قبل الترشيح للمنصب لابد أن يكون صالحا يصلح للعمل في القضاء ، والتجربة اثبتت انهم يصلحوا و هناك الكثير منهم ناضلوا للدفاع عن استقلال القضاء ، وشدد على أن التفتيش القضائي لابد أن يتبع المجلس الاعلى للقضاء وليس وزارة العدل لان ذلك يعتبر وسيلة للسيطرة على القضاة، وأن هيئة التفتيش القضائي طوال الوقت تتبع الوزارة وانها في الاصلأانشئت ابان الاحتلال للتاكد من أن القضاة صالحون لمناصبهم وذهب الاحتلال وبقيت هيئة التفتيش ولكنهم الان يبدوا انهم إكتشفوا انها تصلح كأداة للقمع.

وفي النهاية شكر شريف هلالي المدير التنفيذي للمؤسسة كل المتحدثين والحضور مؤكدا على دعم المؤسسة للنص الوارد في مشروع السلطة القضائية الخاص بالوضع المستقل لنادي القضاة ودور الجمعية العمومية التي تنتخب أعضاء مجلس إدارته .

المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان

[an error occurred while processing this directive]