11/10/2008
مقدمة خلال 5 أشهر فقط منذ بداية العام الحالي تم تنفيذ 50 حكم إعدام على 50 مجرما ً إدانتهم المحاكم بإحكام نهائية وباتة … (( الأخبار الاثنين 29/6/2009 )) وتستخدم العديد من بلدان العالم هذه العقوبة ، وكثيرا ما تستخدم انظمة العالم الثالث وغير الديمقراطية هذه العقوبة ضد خصومها السياسيين ومعارضيها ، وتتسع اسباب توقيع هذه العقوبة خاصة في الجرائم السياسية والتي تعتبرها بعض الانظمة مساسا بوجودها. على سبيل المثال يضم القانون المصرى 105جرائم عقوبتها الإعدام ونص عليها في 4 قوانين هي (قانون العقوبات ، قانون مكافحة المخدرات، قانون الاحكام العسكرية، قانون الاسلحة والذخائر) ، وأشهر هذه الجرائم القتل العمد، والاغتصاب ،والتجسس لصالح دولة أجنبية، والإتجار فى المخدرات. ويصدر الحكم بالإعدام من محكمة الجنايات، ومن المحاكم الاستثنائية مثل محكمتى أمن الدولة والمحكمة العسكرية، وهما أكثر المحاكم إصدارا لأحكام الإعدام التى شملت ما لا يقل عن 94 شخصاً بعد أن أدانتهم تلك المحاكم، بارتكاب جرائم إرهابية منذ 1992 وقد نفذ الحكم فى ما لا يقل عن 67 منهم. وقد ارتفع الرقم بشكل مخيف في مصر بعد أن كان فى انخفاض، فوفقا لمنظمة العفو الدولية، قالت إنه فى الفترة من 1996 ـ 2001 بلغ متوسط الأحكام الصادرة بالإعدام 76 حكما سنويا، ثم انخفض الرقم ليصل فى عام 2007 إلى 40 حكما فقط، لكن المفاجأة كانت فى معاودته الارتفاع خلال 2009 وقد كان لمحافظة كفر الشيخ النصيب الأكبر من أحكام الإعدام، والتي وصلت إلى 19 حكما، تليها القليوبية 8 أحكام والفيوم 6 أحكام، وأقلها بورسعيد حكم واحد . وهناك اتجاهان اساسيان يتنازعان حول توقيع هذه العقوبة من عدمه، الاول وينطلق ابتداء من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها الحكومة المصرية، ورغم ان العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والصادر عام 1966 لم ينص على الغاء هذه العقوبة ، الا انه قصر توقيعها على أقصي الجرائم خطورة. والمعارضين للعقوبة يرون أنه يتم استخدام هذه العقوبة لأسباب سياسية ، وانها تمس حق الأنسان في البقاء ، وانه لا يجوز لبشر سلب هذه الحياة التي وهبها له الله ، وأن العقوبة تمثل نوعا من الانتقام الذي يجب على الجماعة أن تنأي عنه. وأن اخطر ما في عقوبة الاعدام أنه اذا شاب توقيعها خطأ فلن يتيسر اصلاحه ابدا خلافا للعقوبات الأخرى. وأن العقوبة لم تمنع من استمرار الجرائم التي تسعى إلى التصدي لها سواء المخدرات أو الجرائم التي تمس الأمن القومي، وغياب عنصر الردع في توقيع هذه العقوبة . كما يرى انصار هذا الاتجاه أن الشريعة الإسلامية لم تسرف في استخدام هذه العقوبة ولم تعاقب الشريعة بالاعدام الا في ثلاثة جرائم فحسب هي (جريمة زني المحصن، الحرابة ، القتل العمد) والاعدام في الجريمة الأولى وجوبي ، وجوازي في الجريمتين الأخيرتين . وهناك من يرى أن التوسع في عقوبة الإعدام لا يمت بالشريعة الإسلامية بقدر ما هي اجتهادات تشريعية وفقهية وقضائية يمكن تجديد النظر فيها، ويرفض هذا الاتجاه توقيع عقوبة الإعدام في حالة الجرائم غير القتل المتعمد كجرائم السرقة والرشوة والاختطاف والتهريب والتجسس .. وأن عقوبة الموت تنحصر في مجال عقوبة القصاص فقط ، وان عقوبة القصاص ليست الزامية ويمكن أن يحل محلسها العفو أو الدية . والاتجاه الثاني يؤيد استمرار العقوبة وينطلق من اسس دينية وثقافية تواجه منطق الالغاء ، وتتذرع عدد من الدول بأن الشريعة الاسلامية تشير إلى أن عقوبة الاعدام هي عقوبة قصاص ، وإلى الاية القرأنية (ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب)، وأن العقوبة تحقق الردع العام وأنها ترضي المشاعر العامة والشعور بالعدالة ، ويصف بعض أنصار هذه الاتجاه محاولة الغائها بأنها هجمة على الشريعة الاسلامية من جانب الآخرين . رغم أن هناك عدد من الدول الأوربية وفي الغرب لا تزال تفرض توقيع عقوبة الاعدام . وقد اشارت المادة السادسة من العهد إلى انه لكل انسان الحق الطبيعي في الحياة ويحمي القانون هذا ا لحق ولا يجوز حرمان أي فرد من حياته بشكل تعسفي، وأكدت أنه في البلاد التي لم تلغ فيها عقوبة الإعدام بعد يجوز تنفيذ هذا الحكم بالنسبة لأكثر الجرائم خطورة، وأكدت على ذلك ” اللجنة المعنية بحقوق الانسان ” حيث رأت (أن الحق فى الحياة هو الحق الاسمى الذى لا يسمح بتقييده حتى فى اوقات الطوارئ العامة التى تتهدد حياة الامة طبقا لنص المادة 4/2 من العهد ،وأن الدول الاطراف وإن كانت ليست ملزمة بإلغاء عقوبة الاعدام الغاء تاما فإنها ملزمة بالحد من استخدامها وقصرها على حالة ارتكاب اشد الجرائم خطورة)، وكذلك فأن المادة 6/2 من العهد تشير بصورة عامة الى الغاء عقوبة الاعدام بعبارات توحى بقوة بأن الالغاء مستصوب . كما حظرت توقيع عقوبة الاعدام على مرتكبي الجرائم الأحداث ممن تقل اعمارهم عن 18 عاما ، وكذلك المرأة الحامل. من جانب آخر طالبت عدد من الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان بضرورة الغاء هذه العقوبة خاصة ومنها البروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، والذي يسعى إلى الغاء العقوبة نهائيا كونها تحمل مساسا بالحق في الحياة وهو الحق الأساسي للبشر، وتتفرع منه كثير من الحقوق وتشير منظمة العفو الدولية إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاءت في المرتبة الثانية (21 بالمئة) من حيث عدد أحكام الإعدام التي نفذت في 2008. فقد عرف عن الدول التسع التالية أنها نفذت ما مجموعه ما لا يقل عن 508 أحكام بالإعدام: إيران (ما لا يقل عن 346)، المملكة العربية السعودية (ما لا يقل عن 102)، العراق (ما لا يقل عن 34)، اليمن (ما لا يقل عن 13)، ليبيا (ما لا يقل عن 8)، مصر (ما لا يقل عن 2)، البحرين (1)، سوريا (ما لا يقل عن 1)، الإمارات العربية المتحدة (ما لا يقل عن 1). وُعرف عن الدول العشر التالية أنها قد أصدرت أحكاماً بالإعدام على ما لا يقل عن 609 أشخاص: العراق (ما لا يقل عن 285)، الجزائر (ما لا يقل عن 200)، مصر (ما لا يقل عن 87)، الأردن (ما لا يقل عن 14)، سوريا (ما لا يقل عن 7)، الكويت (ما لا يقل عن 6)، ليبيا (+)، المغرب/الصحراء الغربية (ما لا يقل عن 4)، إيران (+)، المملكة العربية السعودية (+) . ولم تنفذ أي أحكام بالإعدام لبضع سنوات في الجزائر والمغرب/الصحراء الغربية، ومن قبل السلطة الفلسطينية ولا يرصد هذا التقرير كامل الجرائم التي تم توقيع عقوبة الإعدام فيها خلال عام 2009 ، بل يسعى إلى عرض أهم الجرائم التي وقعت في عام 2009 خاصة في نصفه الثاني التي تم توقيع عقوبة الاعدام على مرتكبيها ، وبعضها قد شغل بال الرأي العام المصري وشدت انتباهه ، ، ثم ننهى تقريرنا بكيفية تنفيذ هذه العقوبة في القانون المصري. والضمانات الإجرائية والموضوعية لتوقيع هذه العقوبة في القانون المصري ، والاتجاهات الاساسية حول توقيع هذه العقوبة من عدمها ، ونختم بعدد من أهم الجرائم التي تم توقيع عقوبة الأعدام بصددها خلال العام 2009 . القسم الأول : مدخل نظري وقانوني وتقود منظمة الامم المتحدة وبعض المنظمات الدولية غير الحكومية وفى مقدمتها منظمة العفو الدولية اتجاه دولى متزايد نحو الغاء عقوبة الاعدام وذلك لاستحالة التوفيق بين هذه العقوبة ومقتضيات الاحترام الواجب لحق الانسان فى الحياة ، وتعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام معارضةً مطلقةً في كل الحالات دون استثناء، باعتبارها تمثل انتهاكاً لحق الحياة، الذي نص عليه “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، كما تمثل أشد صنوف العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة. والجدير بالذكر أن الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة هما من الحقوق التي كفلتها عدة مواثيق دولية صادقت عليها مصر وأصبحت من الدول الأطراف فيها. عقوبة الاعدام في التشريعات الوطنية الحجة الثانية : – وبشأن الخلاف بين فقهاء القانون الجنائى المصرى فيما تعلق بتحديد النطاق الموضوعى للجرائم المعاقب عليها بالاعدام ورغم اتفاق الفقه المصرى على القول أن الطبيعة الاستئصالية لعقوبة الاعدام تملى بضرورة انحصار نطاقها على اشد الجرائم جسامة وأن يتحرى القضاء توقيعها فى اضيق الحدود الا انهم اختلفوا فى تحديد نطاق الجرائم الشديدة الجسامة ، فالبعض يقصرها على جرائم الاعتداء على الحياة فحسب دون الجرائم السياسية التى يجب فرد معاملة عقابية خاصة لمرتكبيها ليس من بينها استعمال عقوبة الاعدام ضدهم، بينما يرى البعض الاخر توسيع نطاق الجرائم المعاقب عليها بالاعدام لتشمل الى جانب جرائم الاعتداء على الحياة ” القتل ” جرائم الاعتداء على أمن الدولة” . الجرائم المعاقب عليها بالاعدام فى التشريع الجنائى المصرى ويمكن تصنيف الجرائم المعاقب عليها بالاعدام فى هذه القوانين الاربعة إلى سبع طوائف رئيسية من الجرائم وردت اربع طوائف منها فى قانون العقوبات 58 لسنة 1937 وهى:
اما الطوائف الثلاث المتبقية من الجرائم المعاقب عليها بالاعدام فقد ورد النص عليها فى ثلاثة قوانين خاصة على النحو التالى : 2- جرائم المخدرات المعاقب عليها بالاعدام وورد النص عليها فى قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 . 3- الجرائم العسكرية المعاقب عليها بالاعدام وورد أمر تنظيمها وتحديد العقوبة بشأنها فى قانون الاحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 ، وقد احاط المشرع تنفيذ عقوبة الاعدام ببعض الضمانات تستهدف عدم الخطأ فى تنفيذ هذه العقوبة . ويشير بعض الباحثين إلى أن صدور هذه الأحكام يأتي نتيجة لإسراف المشرع المصري في تقرير عقوبة الإعدام علي العديد من الجرائم، حيث أن هناك 59 مادة في القوانين المصرية تقرر الإعدام لعدد 105 جريمة، مشيرا إلى أن هناك العديد من الجرائم التي يقرر المشرع المصري لها عقوبة الإعدام، لا تتناسب وهذه العقوبة القاسية. على سبيل المثال هناك نوعا من عدم التناسب بين العقاب و الجريمة في كثير من الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، على سبيل المثال ، بالنسبة لجرائم الاعتداء على أمن الدولة من جهة الخارج فأن الكثير من الجرائم المعاقب عليها بالاعدام من الجرائم الشكلية التي لا يتطلب فيها المشرع ضرورة تحقيق نتيجة معينة مثل الجرائم المنصوص عليها في المواد 77 ، 77 أ ، 77 ب ، 77 ج ، فهذه الجرائم من جرائم الحدث غير المؤذي ومن ثم لا تستأهل عقوبة الاعدام . ـ بالنسبة لجرائم المخدرات فقد غالى المشروع كثيرا حينما قرر في المادة 34 ب من قانون المخدرات المصري عقوبة الاعدام أو السجن المؤبد لكل من رخص له في حيازة مخدر لاستعماله في غرض معين وتصرف فيه بأية صورة في غير هذا الغرض. وعليه فان الطبيب المرخص له بحيازة المخدر لاستعماله في أغراض التداوي اذا تصرف في المخدر في غير هذا الغرض بأية صورة حتى لو أن ذلك بغير قصد الاتجار يعاقب بالاعدام أو السجن المؤبد ولا شك في أن ذلك يحمل جسامة في العقاب ولا يتناسب مع السلوك الاجرامي. ـ بالنسبة لقانون الأحكام العسكرية تعاقب المادة 151 منه بالاعدام أو بجزاء اقل منه كل شخص خاضع لقانون الأحكام العسكرية لم يطع امرا قانونيا صادرا من رئيسه بطريقة يظهر منها رفض السلطة ، وفي ذلك مبالغة وتجسيم للعقاب غير مبرر ، خاصة ان تشريعات عسكرية في دول أخرى تقرر عقوبة الحبس أو السجن لهذه الجريمة. ـ ايضا المادة 26 في فقرتها الأخيرة من قانون الاسلحة والذخائر تشدد العقوبة على حيازة الاسلحة أو الذخائر أو المفرقعات لتصل إلى الاعدام لمجرد توافر نية داخلية لدى الجاني من وراء هذه الحيازة ، وهي استعمال الأسلحة أو الذخائر أو المفرقعات في أي نشاط يخل بالأمن العام أو النظام العام. الاتجاهات الرئيسية من عقوبة الاعدام ـ الاتجاهات الحكومية : ولم تال الحكومة المصرية جهدا في ابراز هذا الموقف سواء على مستوى الخارج أو الداخل على النحو التالي: ـ أكدت الحكومة المصرية في انتقادها لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بحظر عقوبة الإعدام الذي تم اعتماده بتاريخ 19-12-2007 بموافقة 104 دول ومعارضة 54 وامتناع 29 عن التصويت, السابق الإشارة اليه ، بأنه يتجاهل الاختلافات القانونية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين الدول الأعضاء. وقال السفير ماجد عبدالفتاح مندوب مصر الدائم لدي المنظمة الدولية إن تصويت مصر ضد القرار يتفق تماما مع التزاماتها الدولية, مشيرا إلي حق كل دولة في تحديد المسار الذي يتجاوب مع ظروفها الثقافية والقانونية. لكنه أكد ضرورة التزام جميع الدول التي تطبق عقوبة الإعدام بتنفيذها وفقا لأحكام قضائية نهائية. وقال إن مصر سعت إلي تطبيق عقوبة الإعدام بتنفيذها وفقا لأحكام قضائية نهائية. وقال إن مصر سعت إلي التغلب علي الانتقائية التي اتسم بها مشروع القرار قبل اعتماده دون جدوي. وأضاف أن تطبيق عقوبة الإعدام في التشريع الإسلامي يقتصر علي الجرائم الأكثر خطورة, مشيرا إلي أن الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية لا يمنع تطبيق عقوبة الإعدام حيث يضع أحكاما لضمان الحق في الحصول علي العفو أو التماس تخفيف الحكم . ـ على مستوى الداخل أكدت الحكومة المصرية تمسكها بتطبيق عقوبة الإعدام في الجرائم المنصوص عليها في القانون، وقال مساعد وزير الداخلية للشؤون القانونية اللواء دكتور حامد راشد إن القصاص جزء مهم في الشريعة الإسلامية، موضحا أمام اجتماع لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشعب (البرلمان) أن تطبيق هذه العقوبة محاط بضمانات صارمة . ـ كما يبرز موقف مؤسسة الأزهر كمؤسسة حكومية في تأييد استمرار العقوبة ،وجاء على لسان د.محمد سيد طنطاوي شيخالأزهر والذي نفى وجود نية لإلغاء عقوبة الإعدام (وخاصة أنها عقوبة أقرها القرأن الكريم والسنة النبوية وتعني القصاص من المعتدي عليه غيره ظلما وعدوانا) ــ مجلس الشعب: من ناحية اخري وردا علي تلك الدعاوي المطالبة بالغاء الاعدام بحجة عدم قضائه علي الجرائم تساءل جمال قطب رئيس لجنة الفتوى الأسبق كيف يتم إلغاء عقوبة نصت عليها الشريعة الإسلامية؟ ويشير إلى أنه بجانب القانون توجد وسائل أخرى للحد من الجريمة أو القضاء عليها قبل ظهورها، منها إصلاح أمور المجتمع، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومقاومة الانحراف، ومحاسبة المسئولين، ومحاكمة كل من يثبت تورطه في أي جريمة مهما كانت مكانته حتى يشعر المواطن بأن هناك عدالة حقيقية تحترمه وتحترم القانون الذي ينظمها . في حين زايد بعض نواب الحزب الوطني وقدم بعضهم اقتراحات بتنفيذ العقوبة علنا في بعض الجرائم حيث قدم النائب محمد خليل قويطة اقتراح بمشروع قانون بتنفيذ عقوبة الاعدام علنا في قضايا الاغتصاب في وسائل الإعلام مستندا لتحقيق الردع ضد هذه الجريمة !! وهو الاتجاه الذي رفضناه سابقا. ـ جماعات سياسية ودينية : وهو ما يشير اليه الشيخ سيد عسكر النائب الحالي بمجلس الشعب وعضو الجماعة حيث يصف عقوبة الاعدام بأنها من حدود الله تعالي حيال جرائم الانسان مثل القتل . وأنها الوسيلة الفريدة لتأديب النفس وحفظها من شراهة الفساد . كما ـ وصف دعوات تهميش عقوبة الاعدام بالتطاول على الشريعة الاسلامية ، وانها جزء من حملة تأتي في سياق الحرب على الاسلام والضرب في ثوابته. ونرى أن هذا هذا الرأي يتجاهل أن هناك بلدان غير اسلامية لا تزال تفرض عقوبة الإعدام مثل الولايات المتحدة الأمريكية. كما يتجاهل هذا الاتجاه أن النقاش يأتي على خلفية الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان والتي ينادي الكثير من أنصار جماعة الإخوان المسلمين بتطبيقها خاصة فيما هو له علاقة بالحقوق السياسية والمدنية. ـ مواقف منظمات حقوق الإنسان والاتجاه الثاني ينادي بضرورة قصر هذه العقوبة على الجرائم الأكثر خطورة ويدعو إلى ضرورة تقييد استخدام عقوبة الإعدام في أضيق حدودها وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والعمل علي وإلغاء المواد الواردة في القانون المصري والتي تنص علي تطبيق عقوبة الإعدام بصورة واسعة . خاصة في الجرائم ذات الطابع السياسي وجرائم الرأي . الا ان هذا الرأي لم يستبعد امكانية فتح حوار واسع بين كافة طبقات المجتمع والمؤسسات الرسمية والدينية والأحزاب والنقابات حول إلغاء العقوبة مستقبلاً . تعليقات زائري الأنترنت: يظهر من واقع الرصد أن المنادين بالغاء العقوبة يمثلون نسبة أقل كثيرا ، وهو انعكاس للموقف المجتمعي الذي يؤيد العقوبة من منطلق ثقافي ، ويتجاهل هذا التوجه أن الشريعة الاسلامية توسعت في قبول الدية عن القتيل. أولا : من واقع موضوع نشر على موقع إخوان اون لاين بعنوان (الغاء عقوبة الإعدام.. تحالف المصالح بتاريخ 9-6-2009 : وانتقد أحدها الحديث الحقوقي فيما يبدو عن المجرمين ولا يتحدثون عن حقوق الانسان لمن هم خارج الأسوار. من ناحية أخرى تشير بعض التعليقات إلى تبرمها من دعاوي الغاء العقوبة بجمل موحية مثل ( حسبنا الله ونعم الوكيل ، أو ربنا يهديهم للحق والثواب إلى ويرد حكمه شرع الله وشريعته) ثانيا ـ تعليقات على موضوع نشر على موقع جريدة المصري اليوم : بينما تبنت وجهة النظر المؤيدة لبقاء العقوبة (بأننا يجب الا نناقش في حدود الله) . ثالثا : تعليقات على موقع صحيفة اليوم السابع : ولقد اشار المؤيدين إلى ضرورة تطبيق الشريعة الاسلامية وجاء التعليق بعنوان الاية القرانية (ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب) . وان عقوبة الاعدام جزء من الشريعة الاسلامية ، بينما ايدت الفتاة عقوبة الاعدام لمغتصب المرأة . رابعا : قراءة لبعض المقالات التي نشرت بالصحف المصرية: ـ نشر د. ابراهيم علي صالح مقال فري جريدة اخبار اليوم بعددها الصادر 20 ـ 6 ـ 2009 مقالا بعنوان (عقوبة الاعدام بين الأبقاء أو الالغاء . والدكتور ابراهيم على صالح نائب أول سابق لرئيس محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى. ويقف الكاتب منذ اللحظة الاولى معارضا لعقوبة الاعدام ، متسائلا هل تتماثل المراكز القانونية للمحكوم عليهم بالأعدام في قضية مذبحة وادي النطرون مثلا ، واين قاعدة تفريد العقاب، وينتقد المقال اقتراحات تنفيذ عقوبة الأعدام في مكان عام ، ويحمل المجتمع المسئولية عن الرتدي والهاوية السحيقة التي نحن ضحيتها من المذلة والهوان ، من الجوع والحرمان ، من العجز وفقدان ادنى حقوق الإنسان ، ويضع اقتراح بتعديل المادة 381 من قانون الاجراءات الجنائية على النحو التالي: ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالأعدام الا باجماع اراء اعضائها ، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية (ويضيف الاقتراح) باخذ راي اثنين من المستشارين احدهما اقدم من رئيس الهيئة التي تنظر القضية يختارهما رئيس محكمة الاستئناف ويقدم كل منهما مذكرة بالرأي . ـ في نفس الوقت نشر الكاتب والصحفي كرم جبر رئيس مجلس ادارة مؤسسة روز اليوسف مقالا بتاريخ 17-6-2009 يؤيد فيه عقوبة الأعدام ، بعنوان (الشرف البارد والتمويل الساخن !! لماذا لم يتم قطع اعضاء المغتصبين بدلا من أعدامهم؟) ويشير الكاتب إلى ان احكام الأعدام الجماعي لم تستطع التصدي للجرائم البشعة ، بالتالي السؤال ما فائدة الإعدام اذا كان لا يردع مغتصبا ولا قاتلا فقد ادميته. ويضع في جراءة بالغة اقتراحات قدمها رجال الفقه والقانون منها تطبيق حد الحرابة على المغتصب لأنه يرتكب جريمتين الأولى هي قطع الطريق والثانية هي الاغتصاب. وينتقد اعدام المغتصب في غرفة مغلقة. (القانون لا يحكم بالأعدام على المغتصب في كافة الحالات ، الا اذا اقترن الاغتصاب بالقتل) . ويؤيد اقتراح تنفيذ الإعدام في ميدان عام ويراه اقتراحا جديرا بالدراسة خصوصا في قضايا الاغتصاب التي تؤدي إلى قتل الضحية أو التمثيل بها. كما يقترح قطع الأعضاء والأعدام في مكان عام، وينتقد المقال ما سماهم بقراصنة حقوق الإنسان والذين يدعون إلى الغاء عقوبة الإعدام . والغريب أن الكاتب يتفق بشكل واضح مع اراء أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذي تطلق عليها الجريدة (جماعة محظورة) فيما يتعلق بتطبيق الحدود ومنها حد الحرابة ، وتأييد استمرار عقوبة الإعدام. جدول بعدد الجرائم طبقا لعدد الشهور
يتضح بقراءة هذه الجدول أن أكثر العقوبات التي تم توقيعها بالإعدام كانت في شهر يونيو اذ بلغ عدد الأحكام الصادرة بالإعدام 35 حكما ، وأكثرها وقع في ما يمكن تسميته بمذبحتي وادي النطرون ، والكلافين ، حيث صدر في الأولى حكم بإعدام 24 متهما ، والثانية بلغ عدد المحكوم عليهم بالأعدام 7 . والدافع في الأولى هو نزاع على السيطرة على أراضي ، بينما كان الدافع في الجريمة الثانية النزاع بين عائلتين يقطنان في مركز بنها . والجرائم الأخرى تمثلت في توقيع عقوبة الأعدام على عضو مجلس الشعب الشهير هشام طلعت مصطفى ، والضابط السابق محسن السكري بعد اتهامها بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم ، وقتل هبة نجلة الفنانة ليلى غفران وصديقتها نادين في حي الشيخ زايد بـمحافظة 6 أكتوبر . وجاءت عدد العقوبات بالأعدام في شهري يوليو وأكتوبر (حتى تاريخ اصدار التقرير) بـ 4 أحكام في كل منهما . ثم شهر سبتمبر (3 أحكام) ، وشهر اغسطس (حكمان) . ـ يتضح أن عدد الضحايا الإناث في هذه الفترة وصلوا إلى 10 قتلي جاء أكثر الشهور دموية في شهر يوليو بواقع 4 ضحايا منهم ثلاثة في جريمة واحدة ، وهي جريمة عائلية قتل محمد عبد الله الذي اطلق عليه (سفاح بين السرايات ) لخطيبته ووالدتها وشقيقتها ، ثم يونيو بواقع 3 ضحايا على النحو التالي :
وجاءت الدوافع وراء هذه الجريمة في أغلبها السرقة (5 حالات) ، ودوافع انتقامية (4 حالات) ، ثم جاءت الدافع الأخير في الاغتصاب(حالة واحدة) . وحالة واحدة أهمال عائلي وجاءت ثلاثة جرائم من هذه الجرائم متعلقة بأهل الفن. كان اثنان منها بغرض السرقة ، وحالة واحدة بغرض الإنتقام. وكانت اثنتين من هؤلاء الضحايا لم يتعدوا سن الطفولة ، حيث اقترنت في احدى هذه الجرائم بالأغتصاب من زوج الأم(حالة ميرفت) ، والتخلص من الطفلة (إيمان) من الام وزوجها . والمشاهد أن أغلب هذه الجرائم الخاصة بالضحايا الأناث وقع في نطاق محافظة الجيزة (6 جرائم قتل) . يليها محافظة 6 أكتوبر (حالتي قتل) ، ثم محافظة أسيوط (حالة واحدة) . أيضا من ضمن هذه الحالات حالة قتل وقعت خارج نطاق جمهورية مصر العربية وهي حالة المطربة اللبنانية سوزان تميم ، ودار جدل قانوني كبير حول اختصاص القضاء المصري بمحاكمة المتهمين في هذه الجريمة (النائب هشام طلعت مصطفى والضابط محسن السكري. وحالة أعدام غيابي لمتهم سوداني الجنسية وهو قاتل كريمة الفنان الراحل منير مراد. خلاصة وتوصيات كما يأتي عدد من هذه الجرائم بسبب غياب الثقة في النظام القانوني ، وطول مدة التقاضي ، واعتماد حتى الشخصيات الكبيرة على نفوذها واستخدام حراسة خاصة ، وهو ما يظهر في جريمة وادي النطرون اذ ذهب ضحيتها اشخاص ليس لديهم دوافع سوى انهم تم استخدامهم على حراسة هذه الاراضي التي حدث بسببهاخلاف بين جمعيتين تضم احداها عدد من رجال القضاء . وتشير طبيعة هذه الجرائم إلى تغير طبيعة الشارع المصري ، إلى طبيعة عدوانية ، وهذا يرجع في رأينا إلى تخلي الدولة عن التزاماتها في توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، وغياب أية وسائل أخرى في هذه المشاكل التي تؤدي بالبعض إلى القتل. ومن ثم تؤدي إلى الحكم علييهم بالإعدام . أيضا يظهر أن عدد كبير من الضحايا الذين وقعت عليهم هذه الجرائم كانوا نساء ، (10 ضحايا) . ايضا يظهر من رصد المؤسسة أن الجدل حول الغاء عقوبة الإعدام أو استمرارها سيبقى طويلا ، خاصة بسبب الدوافع الدينية أو الثقافية التي يراها البعض في ضرورة استمرار بقاء العقوبة. ويظهر التناقض الواضح في رفض الكثيرين الغاء عقوبة الاعدام ، والموافقة على الغاء عقوبة الجلد عام 2002 من قانون السجون المصري باعتبارها عقوبة بدنية تمس بحقوق الإنسان، والتي رأي الكثير عند طرح مشروع بالغائها نفس المبررات بضرورة بقاءها ، ومع ذلك تم الغاءها . أيضا يظهر من واقع رصد عقوبة الإعدام خلال عام 2009 وخاصة خلال نصفه الثاني أن كل الأحكام التي تم رصدها صدرت من محاكم الجنايات، ولم تصدر أحكام من محاكم أمن الدولة أو المحاكم العسكرية حتى الآن وهو مؤشر ايجابي، لا نضمن أن يتغير في المستقبل . ودائما كانت هذه المحاكم الاستثنائية تصدر أحكام في قضايا التنظيمات الدينية المتشددة المحالة اليها من رئيس الجمهورية أو سلطة التحقيق. وفي النهاية يضع التقرير بعض التوصيات :
المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان |
[an error occurred while processing this directive]