27/6/2006

وافق مجلس الشعب أمس 26/6/2006 على القانون الخاص بتعديلات قانون السلطة القضائية بعد خلاقات واضحة بين قوى المعارضة السياسية والمدنية في المجلس ومنها الاعضاء المعبرين عن كتلة الاخوان المسلمين و أحزاب الوفد والتجمع و الكرامة تحت التأسيس ، و انسحاب اعضائها لاصرار مجلس الشعب على اصدار القانون دون أخذ رأي القضاة وناديهم في الاعتبار. وقد عارض الكثيرون هذا المشروع لاسباب عدة منها عدم اطلاع الراي العام ونادي القضاة على المشروع قبيل طرحه على مجلس الشعب بفترة كافية لدراسته وتداول الراي بشانه .

ورفض رئاسة المجلس عقد جلسات استماع يشارك فيها القضاة والخبراء لمناقشة المشروع قبل اقراره . كما تم رفض أغلب اقتراحات القضاة وناديهم ، الذين ما زالوا يتحفظون على دور وزارة العدل باشرافه على التفتيش القضائي ودوره في الندب والاعارة لجهات خارجية ورفض المجلس انتخاب اعضاء ممثلين للقضاة في مجلس القضاء الأعلى. وغياب الإشارة إلى دور نادي القضاة في نص المشروع بل والتهجم على دوره والتساؤل عن وضعه القانوني!

بل وهاجمت رئاسة المجلس الاعضاء الذين لبوا دعوات نادي القضاء في حوار مفتوح بديلا عن جلسات الاستماع التي تقرها اللائحة للتعرف على رأي القضاة في قانون يخصهم ويخص المجتمع المصري كله ، في مقابل ذلك تركت الساحة مفتوحة للأعضاء الذين أيدوا المواقف الحكومية بل وزايدوا عليها .

وترى المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان عدة ملاحظات على الأسلوب الذي بات المجلس التشريعي يتخذه منهجا في اصدار قوانين حساسة تعالج شئون المجتمعين المدني و السياسي واهمها :

  • دائما ما ينظر المجلس في مشروعات القوانين الخاصة بتلك الجهات في نهاية انعقاد دوراته مما لا يكون الوقت كافيا معه للمناقشة الهادئة واخذ رأي كل الجهات المتأثرة بالقانون ووضعها في الاعتبار ،وقد تم هذا الأسلوب مع قانون الجمعيات الاهلية رقم 84 لسنة 2002 والقانون السابق عليه ، كما تم مع رزمة القوانين التي تم الموافثقة عليها سريعا في الدورة السابقة والتي جاءت امتدادا للتعديل سئ السمعة للمادة 76 من الدستور ومنها قوانين انتخابات الرئاسة وتعديلات قانون الأحزاب وقانون مباشرة الحقوق السياسية .
  • المنطق السلبي التي تتبناه كل من السلطة التنفيذية والتشريعية ضد مبدأ الانتخاب ، حيث ترفض هاتين السلطتين تطبيق هذا المبدأ في تعديل قانون السلطة القضائية بمبررات واهية لا تقنع أحد . بمبرر سمو رسالة القضاء ولا نعرف ما ما الذي ينتقصه تطبيق مبدأ الانتخاب في اختيار اعضاء مجلس القضاء الأعلى وغيره من المؤسسات ، اليس الانتخاب هو احدى المبادئ الايجابية التي توافق البشر وأستقرت الدول المتحضرة عليها لاختيار الأكفا والأحسن ، على سبيل المثال يقوم نادي القضاة كل 4 سنوات بانتخاب مجلس ادارته ولا يؤثر هذا على العلاقة بين المرشحين والاعضاء ، فما الضير ان يساهم القضاة باقدميتهم في اختيار عدد يمثلهم في مجلس القضاء الأعلى ، ولقد تبيت الحكومة منذ فترة بالغاء انتخاب عمداء الكليات وعمد القرى ، ليصبح حال الجامعات في خبر كان ، ولتستمر هيمنة السلطة التنفيذية عليها باقية إلى ما لا نهاية.
  • وتسعى الحكومة من خلال إقرار التعديلات الدستورية التي يتم النقاش حولها ، و يبدو انها ستكون كارثية أيضا بالغاء بعض المواد من الدستور الحالي والتي تحمي ضمانات الأفراد في القبض والتفتيش حتى يصبح من السهل اصدار قانون للأرهاب يطيح بكل هذه الضمانات .
  • كما تسعى هذه لتعديلات إلى ابعاد القضاء عن الإشراف على الانتخابات، فحسب المنشور في جريدة الأخبار بعددها الصادر في 27/6/2006 ” ايد نسبة 36.11% من نواب المجلس النظام القائم بإشراف قاض على كل صندوق ، بينما أيد الغالبية بنسبة 59.52% ان يكون لكل لجنة رئيسية قاض، وبررت ذلك بانشغال القضاة في اعمال المحاكم وضرورة تفرغ القضاة في رسالتهم السامية في اقامة العدل والنأي به عن النزاعات التي تحدث بين المرشحين في مجال الانتخابات وينال رذاذها ثوب رجال القضاء النقي الذي تحرص الدولة على بقائه نقيا طاهرا بعيدا عن شحناء المنتنافسين ) ما هذا اللغو الذي يسعى إلى تبرير تزوير الانتخابات لصالح جهات معينة و ابعاد القضاة عن مراقبة العملية الانتخابية بعد تقارير القضاة في ناديهم عن التدخلات المتعمدة من جانب السلطة التنفيذية في العملية الانتخابية . ثم ان القضاء يحكم في تلك النزاعات بالفعل من خلال دور كل من محكمتي القضاء الاداري و النقض التي تختص بالطعون المقدمة في العملية الانتخابية .

يزيد تلك المخاوف الحديث عن هيئة مستقلة للرقابة على الانتخابات ومشروع يدرسه المجلس القومي لحقوق الإنسان . وكلنا نعرف ماهية معايير الاستقلال لدى السلطة التنفيذية التي تتم الاطاحة بها للاتيان باشخاص تابعين لهذه السلطة ، ومن من غير القضاة من نضمن استقلالهم ؟ بشرط التأكيد على استقلال فعلي للقضاة عن اعمال السلطة التنفيذية .