11/12/2006
ما يجري من مظاهرات في المحلة من عمال شركة المحلة للغزل والنسج يبرهن على أن ما يحدث مجرد إنذار تنبيه للسياسات التي تتبناها الدولة المصرية فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وتأتي هذه المظاهرات احتجاجا على خفض أرباح وحوافز ومكأفات العاملين وقد أصدرت الشركة منشورا بإغلاق الشركة إلى أجل غير مسمى ، وقد تمسك العمال في دعواتهم بقرار رئيس الوزراء رقم 467 الصادر في مارس الماضي القاضي بصرف الأرباح للعاملين من بواقع شهرين من الراتب الأساسي بدلا من 100 جنيه سنويا مع صرف جميع المستحقات المالية الخاصة بتحقيق الخطة السنوية والحوافز .
والملاحظ إنه في مقابل استمرار سياسات الخصخصة الحمقاء وبيع الشركات وإدارتها من قبل أشخاص غير أكفاء،ولا يرون في مواقعهم سوى مجالا بالإثراء غير المشروع ، يتم الانتقاص من حقوق العمال التي اكتسبوها وفقا للقوانين المحلية ووفق نصوص الدستور المصري .
كما تستمر وزارة الاستثمار لصاحبها د. محمود محي الدين في بيع كل الشركات والمصانع التي كانت تديرها الدولة عبر القطاع العام إلى رجال الأعمال الجدد مصريين وغير مصريين ,أخرها الصفقات المشبوهة لبيع عمر أفندي وبنك الإسكندرية ، ليتم إلقاء العمال في هذه المصانع إلى الشارع ، أو إجبارهم على دخول نظام المعاش المبكر ليتقاضى مبلغا زهيدا من المال مقابل خروجه من العمل .
ولهذا السبب يعيش عمال مصر مأساة كبرى لا يدرون متى تنتهي، وتزداد هذه المأساة ضراوة في ظل تراجع الدولة عن دورها في أداء دورها الاجتماعي وبالتالي تتراجع منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي يأتي في مقدمتها حقوق المواطن في العمل والتعليم والصحة والمسكن والانتقال، وسط تسارع غريب من قبل الحكومة في السماح للقطاع الخاص باستغلال عدد كبير من الخدمات دون وجود تحسن في الخدمة ودون إلزامه بأسعار معقولة مقابل تأدية هذه الخدمات ، بالإضافة إلى ذلك يلاحظ تزايد أسعار المياه والكهرباء ، وهناك اتجاه برفع الدعم من على السلع الأساسية للمواطن المصري ، كما تستمر الحكومة في إلقاء ورطاتها على المواطن المصري من خلال استيراد شركات من الخارج لأداء هذه الخدمات مثل كارثة جلب شركات أوربية للنظافة ، مقابل تحميل المواطن المبالغ التي تتقاضاها تلك الشركات .
وتثبت مظاهرات شركة غزل المحلة والتي تدخل يومها الثالث ، تردي حالة عمال مصر وسوء حال الاتحاد العام لعمال مصر ، حتى في ظل انتخاباته الأخيرة التي جرت في شهر نوفمبر الماضي ، لتصل إلى تشكيل النقابات العامة والاتحاد العام بالتزكية للمرة الثالثة !!! .
ولم نلاحظ وجود صريح أو فاعل للاتحاد العام في حل المشاكل التي قامت هذه المظاهرات من أجلها ، والتي بدأت بعد أيام قليلة من إعلان تشكيل مجلس إدارته . ويثبت هذا أن هذا الاتحاد لا يمثل سوى أشخاصه ولا يعبر عن آراء غالبية العمال المصريين.
كما يثبت ذلك زيف انتخاباته الأخيرة والتي تمت في غياب الإشراف القضائي عليها، وهيمنة الجهات التابعة لوزارة القوى العاملة وموظفي الاتحاد نفسه التابع للسلطات الرسمية ، وسط تواجد أمني عالي ومنع الكثيرين من المعارضين من الترشيح .
وسيظل هذا الاتحاد معطلا طالما ترك نفسه للهيمنة من قبل السلطات الرسمية وطالما استسلم قياداته وأعضائه لجاذبية وسطوة المناصب العليا ، بما يعطي مصداقية للدعوات التي ترفعها بعض القوى السياسية لإنشاء اتحادات موازية طالما استمرت الدولة في فرض أشخاص تابعين لها ، وبالتالي لا تعبر عن مصالح الأغلبية من العمال .
وتأتي هذه المظاهرات في ظل احتفال دولي وعربي باليوم العالمي لحقوق الإنسان لتعبر عن انتهاك الحكومة المصرية وعدم مبالاتها باحترام حقوق الإنسان وعلى الأخص الحقوق الواردة في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وبهذه المناسبة تعبر المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان عن قلقها من استمرار الدولة من تبني هذه السياسات والتي تؤدي إلى أهدار الحقوق الأساسية للمواطن المصري في العمل وتقاضي أجر معقول مقابل عمله والتعليم والمسكن والصحة …