12/6/2006

اصدر مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان تقريره الأول حول “الحريات الصحافية في البلدان العربية خلال عام 2005″، وذلك كمشروع تجريبي أو ما يطلق عليه في العمل الصحفي العدد صفر كتمرين عملي.

وتناول التقرير حالة الحريات الصحافية في 15 دولة عربية هي: الاردن، الإمارات، البحرين، الجزائر، السودان، العراق، الكويت، اليمن، تونس، جيبوتي، فلسطين، لبنان، ليبيا، سوريا ومصر. ولم يتسن رصد الحريات الصحافية في السعودية وسلطنة عُمان وباقي الدول العربية الأخرى. لصعوبات عديدة.

وبين التقرير أن الغالبية العظمى من البلاد العربية، لا تزال تتحكم بقوة في الصحافة وكافة وسائل الإعلام الأخرى وتعرقل استقلاليتها، وتفرض القيود المشددة على حريتها، بما يجعلها لا تقوم بدورها المأمول في المجتمع خاصة من ناحية الرقابة على الحكومات ومكافحة الفساد.

وكشف التقرير مدى خطورة الأوضاع التي يعاني منها الإعلام العربي من تزايد عمليات القتل التي تستهدف الصحفيين في العراق وفلسطين، واستمرار مسلسل الخطف والتهديد، والأحكام التعسفية بالسجن والغرامات المالية بحق الصحفيين ودور الصحف في العديد من البلدان العربية، إضافة إلى إغلاق للمؤسسات الإعلامية والرقابة المسبقة على الصحف والمطبوعات، وتوسيع دائرة التجريم في القوانين الماسة بحرية الصحافة والإعلام، وأصبح الصحافي يجد نفسه ملاحقاً أو مطلوباً لأكثر من جهة، سواءً حكومية (رسمية) أو أمنية أو قضائية أو أحزاب أو مجموعات مسلحة.

وأشار التقرير إلى “أن انتهاك حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة هو المؤشر الأول على تشظي الحريات العامة الأخرى. وضمان حرية التعبير والرأي هو مقياس ومؤشر لمدى احترام حقوق الإنسان وحرياته والمنصوص عليها دستورياً في الدول والمجتمعات، يأتي من وجود قضاء مستقل، يستند إلى دستور حي مفعلة مواده وقوانينه، في دولة مؤسسات، كل مؤسسة فيها ملتزمة بصلاحياتها ومسؤولياتها وواجباتها، تجاه المؤسسة نفسها بالدرجة الأولى، والمواطنين والدولة بالدرجة الثانية والتي هي الأساس”.

واضاف “طالما هناك تنوع في الرؤى، فلا بد من وجود التنوع في الرأي والخطاب، ولا بد من احترام الرأي والرأي الآخر، مع ضرورة وجود حرية الصحافة والتعبير في ظل الدستور وتفعيل القوانين التي تضمن هذه الحقوق، في ظل قضاء مستقل ونزيهة”.

وذكر التقرير أن الصحفي في الدول العربية معرض لأربع أنواع من العقوبات، وهي:

    • 1. جزائية: تستهدف الحد من حريته الشخصية ( كالتوقيف أو الحبس).

 

    • 2. مدنية: الغرامة بالمال.

 

    • 3. تكميلية: المنع المؤقت أو الدائم من ممارسة المهنة، أو نشر الحكم في صحيفة أو أكثر.

 

    4. تاديبية: كالتي توقعها النقابات على أعضائها، وقد تتضمن أيضا المنع من ممارسة المهنة بما قد يعني أحيانا المنع من الترشح لمناصب النقابة أو رئاسة التحرير.

يلاحظ أن العقوبات مبالغ فيها وهدفها ردع الصحفي عن ممارسة مهنته بحرية، وأغلبها ثأرية تهدف للإنتقام وليس الإصلاح.
كما أشار إلى إن حرية الصحافة ليست ترفا، إنما عامل أساسي في التنمية.

وابرز التقرير عدداً من التوصيات التي تساعد الصحافة العربية على القيام بدورها بتعزيز التنمية والإصلاح والتحول الديمقراطي في الدول العربية، وهي:

أولاً: إلغاء كافة اشكال الرقابة المسبقة على حرية التعبير وحرية الصحافة والإعلام، والنص على عدم جواز الرقابة المسبقة، (إلا في حالة إعلان قانون الدفاع) وأن يكون أي فعل ينتهك هذا الحق قابلا للطعن عليه وطلب التعويض.

ثانياً: إنهاء العقوبات السالبة للحرية في الجرائم المرتكبة بواسطة المطبوعات وجرائم الرأي. وإصدار تشريع واضح وصريح يمنع التوقيف والحبس في قضايا المطبوعات والنشر، وإعمال مبدأ شخصية العقوبة، وإلغاء مسؤولية رئيس التحرير الجزائية إلا إذا ثبت اشتراكه الفعلي في الجريمة. والنص على عدم جواز التوقيف (الحبس الاحتياطي) في الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات.

ثالثاً: إلغاء المصطلحات المطاطية الواردة في التشريعات التي تحتمل اكثر من تأويل أو تفسير. رابعاً: إقرار قوانين تضمن حق الوصول الى المعلومات، وضمان مبدأ الكشف الأقصى Maximum Exposure في الوصول الى المعلومات.

خامساً: تعديل التشريعات العربية لتتوافق مع إلتزامات الدول العربية تجاه المواثيق الدولية خاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. ودعوة الحكومات العربية الى إدماج الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان في التشريعات الوطنية حتى يتم الإلتجاء اليها قضائياً وتطبيقها.

سادساً: النص على محاكمة الصحفيين بشكل حصري امام المحاكم المدنية، ونزع اختصاص المحاكم الإستثنائية في ذلك.

سابعاً: النص على ضمان حق النقد للصحافة، وعدم المعاقبة على الطعن – بطريقة النشر- في اعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة أو شخصية عامة الا اذا كان النشر تم بسوء نية وعلى الطرف المتضرر اثبات ذلك. ان حق النقد للصحافة هو حق معروف وخاصة اذا تناول اعمال الموظفين العموميين وبحسن نية، وحُسن النية مفترض في الجميع، وعلى الطرف المتضرر اثبات سوء نية الصحفي، فلا يجوز عند ممارسة الحق اثبات حسن النية لانها مفترضة أصلا وقرينة للبراءة وعبء اثبات العكس يقع على الطرف الآخر.

ثامناً: كما ان الشخصيات العامة والسياسية يجب ان تتحمل قدراً أكبر من اتساع الصدر لنقد الصحافة بل والتسامح تجاه ما يمكن أن يوصف بالشطط.

تاسعاً: صياغة ميثاق شرف مهني للصحفيين أو أدلة سلوك تكون نابعة من ارادتهم الحرة وليس تحت ضغوطات حكومية.

عاشراً: عقد ورشات عمل تدريبية بهدف رفع كفاءة الصحفيين المهنية، وزيادة ثقافتهم القانونية بما يزيد تأهيلهم وممارسة المهنة الى اقصى حدود الحرية وفي نفس الوقت عدم التعدي على حريات الآخرين.

إحدى عشر: تحرير الصحافة من السيطرة الحكومية وحصر ملكيتها بالقطاع الخاص، والسماح للقطاع الخاص بالبث الإذاعي والتلفزيوني.

إثنى عشر: إلغاء كافة أنواع الضرائب عن مدخلات الإنتاج للصحافة.

ثالث عشر: النص على عدم قيام المؤسسات الحكومية والعامة بالتمييز في نشر اعلاناتها بين الصحف بشكل يوحي بمكافأة بعضها وعقاب بعضها الآخر.

رابع عشر: إدخال مفهوم “شرط الضمير” على التشريعات الإعلامية. والنص على عدم جواز إجبار الصحفي على عمل يخالف ضميره، وأن من حقه ترك العمل بدون إنذار إذا طُلب منه القيام بعمل يخالف ضميره، أو غيرت الصحيفة سياستها بما يخالف الظروف التي أُبرم في ظلها عقد العمل، مع حقه بتعويض يعادل الفصل التعسفي، وذلك دون أي مساس بحقوقه الأخرى.