1/2/2007

إعداد
مركز الأرض لحقوق الإنسان

ديسمبر 2006

تقديم
أولاً : لماذا وكيف تجرى التعديلات الدستورية
ثانياً :مفهوم ونشأة الدساتير وأنواعها
ثالثاً :التطورات التاريخية التى مر بها الدستور المصرى
رابعاً :التعديلات الدستورية المقترحة
خامساً :ملاحظات ختامية وتوصيات

تقديم
يصدر مركز الأرض تقريره ” التعديلات الدستورية ” ويعد العدد رقم 23 من سلسلة ” المجتمع المدنى ” التى يصدرها المركز ويتناول التقرير تحليلاً للجدل الدائر فى مصر حول قضايا الإصلاح السياسى والبرلمانى بما فيه قضية التعديلات الدستورية ويبين التقرير ان السلطات فى مصر مطالبة بتنفيذ برنامج شامل للإصلاح السياسى والاقتصادي والاجتماعي ويأتى على رأس هذه الإصلاحات إلغاء حالة الطوارئ والافراج عن المعتقلين وتعويضهم وملاحقة مرتكبى جرائم التعذيب وتوفير ضمانات لانتخابات حرة ونزيهة و إطلاق حق تشكيل الأحزاب والنقابات والجمعيات دون قيود أو تدخلات إدارية وتحسين أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وإجراء بعض التعديلات الدستورية لتوسيع الحق فى المشاركة وتداول السلطة وتدعيم مؤسسة البرلمان واستقلال القضاء

وينقسم التقرير الى أربعة أقسام يتناول القسم الأول وتحت عنوان ” لماذا وكيف تجرى التعديلات الدستورية ؟ ” ان مشكلة التعديلات الأساسية ليست فى النصوص وانما تظل رهن الواقع الذى ينتج هذه النصوص ويجب أن تدل النصوص على توازن واقعى للقوى التى انتجته وللتفاعلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية لجموع المواطنين والقوى السياسية فى المجتمع ويبين هذا القسم أن الرئيس السادات أصدر دستور 1971م لعمل توازن بين التيار اليسارى والليبرالى باعتبارهما أقوى التيارات السائدة وقت صدور الدستور لذلك جاء الدستور مليء برؤى التياران فى وقت واحد على الرغم من تناقض ذلك لكن السادات كان يرغب فى الظهور بالمخلص الديمقراطى للبلاد وعلى الرغم من ذلك جاءت غالبية نصوص الدستور ذات طابع يسارى خاصة فى الباب الثانى المتعلق بالمقومات الاساسية للمجتمع ( الاقتصاية والاجتماعية )
ويناقش هذا الفصل ضرورة تعديل بعض مواد الدستور خاصة أن هناك رغبة لدى القوى السياسية والنخب المصرية لتعديله كى يتلاءم مع التطورات المختلفة لتدعيم الحق فى المشاركة وتداول السلطة وتقليص سلطات رئيس الجمهورية وتدعيم مؤسسة البرلمان واستقلال القضاء .

ويتناول القسم الثانى” مفهوم الدستور ” باعتباره الوثيقة التى تعبر عن فلسفة الحكم وتتضمن التنظيم السياسى والاقتصادي والاجتماعي والثقافى للدولة وتنظم العلاقات بين السلطات وبينهم وبين الأفراد وحقوق الأفراد وحرياتهم ثم يتناول القسم أساليب نشأة الدساتير وتطورها التاريخى بداية من أسلوب المنحة التى كان حقاً للحكام اياً كان رئيساً أو ملكاً إلى أسلوب العقد الاجتماعى ثم تطور الأمر إلى تبنى أسلوب الجمعية التأسيسية المنتخبة من الشعب ويبين التقرير أن الأسلوب الأخير هو أفضل الأساليب لنشأة أو تعديل مواد الدستور .
ثم يبين القسم أنواع الدساتير ويقسمها إلى دساتير جامدة ومرنة باعتبار أن المرونة تعنى سماح الدستور بتعديل نصوصه أو تغيره ودساتير مدونة ومكتوبة ودساتير أخرى غير مدونة كالدستور الإنجليزي ثم يتناول التقرير كيفية تعديل الدساتير سواء عن طريق الشعب أو الجمعيات التأسيسية أو البرلمان أو السلطة التنفيذية بداية من تقديم الاقتراح بالتعديل ومروراً بإعداده وانتهاء بإقراره .

ويتناول القسم الثالث ” التعديلات الدستورية المقترحة” حيث يؤكد هذا القسم على ضرورة تعديل وإلغاء اكثر من عشرين مادة لتقليص سلطات رئيس الجمهورية والذى ينص الدستور على انه رئيس السلطة التنفيذية والدولة ومجلس الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة والشرطة والهيئات القضائية والرقابة الإدارية ومجالس الصحف الحكومية والمخابرات العامة والمجالس القومية ويمارس الوظيفة التشريعية ويعين رئيس الوزراء والوزراء ويفصلهم ويعين عشرة أعضاء من مجلس الشعب وثلث مجلس الشورى والكثير من السلطات والمهام التى يعجز أى رئيس دولة أو إنسان فى العالم عن مجرد متابعتها .

كما يتناول هذا القسم ضرورة تعديل المواد 76، 77، 139، 136 وعدد أخر من النصوص وذلك لدعم الحق فى تداول السلطة فى البلاد وتحسين أوضاع مشاركة المواطنين حيث أن نص المادة 76 والمتعلق بالانتخاب المباشر للرئيس بحالته الراهنة يعجز أى حزب أو قوى سياسية ترغب فى المنافسة على منصب الرئيس للشروط الكثيرة التى تضمنها حيث يجب أن تكون الشروط لضمان جدية الترشيح وليس مانع من الترشيح كما أن نص المادة 77 يجب تعديله لكى تكون فترة الرئاسة مدة واحدة ومدتين على الأكثر إضافة إلى ضرورة ترشيح نائب للرئيس بالانتخاب المباشر على أن يقوم بممارسة بعض صلاحيات الرئيس بشكل دائم وان يقوم بممارسة كامل صلاحيات الرئيس فى حالة غيابه ، كما يبين هذا القسم لتعزيز الفصل بين السلطات وتدعيم مؤسسة البرلمان وذلك بهدف جعل البرلمان معبرا عن الاتجاهات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية السائدة فى المجتمع بحيث يكون تعبيراً صادقا عن إرادة جموع أفراد الشعب ويعزز السلطة الرقابية لمجلس الشعب على الحكومة والسلطة التنفيذية كما يعززاختصاصات مجلس الشعب فيما يتعلق بصنع السياسات خاصة انه الهيئة المنتخبة المنوط بها ذلك .

على ذلك يبين القسم الثالث من التقرير التطورات التاريخية التى مر بها الدستور المصرى بداية من دستور 23 ومروراً بدستور 1930م والذى كان تعبيرا عن طموحات الملك ولتهميش دور البرلمان ثم اعادة العمل مرة اخرى بدستور 23 فى 12 ديسمبر 1935م والعمل به ثم الغاءه فى 10 ديسمبر 1952 وبعدها يتناول هذا القسم مواد دستور 1956 و 1964م والذى كان يعطى صلاحيات كبيرة لمؤسسة الرئاسة الى ان جاء السادات واصدر دستور 1971م بعد صراعه وانتصاره على بعض الناصريين ويبين التقرير ان دستور 1971م سار على نفس نهج دساتير الفترة الناصرية فيما يتعلق بسلطات الرئيس والسلطة التنفيذية الى هذا بين هذا القسم كيف أن التطور التاريخى للدساتير يبين أهمية إجراء التعديلات الدستورية لمواكبة التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى طالت الكثير من بنى المجتمع المصرى .

ويؤكد التقرير على ضرورة وجود نص فى الدستور لتنظيم الانتخابات التشريعية بالقائمة النسبية على ان يحافظ على حقوق المستقلين ويساهم فى التميز الايجابى لصالح المرأة على أن يقترن ذلك بمدة زمنية وضرورة النص على الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات وإلغاء النص المتعلق بصفة المرشح (50% عمال وفلاحين ) حيث أن المجلس الحالى الذى لا يقل أعضاءه من 50% من العمال والفلاحين وهى نسبة غير واقعية لأن من أصدر قوانين طرد الفلاحين من الأرض وبيع شركات القطاع العام وأدى الى تشريد ملايين العمال والفلاحين هم نواب البرلمان المصري الذين أغلبيتهم الشكلية من العمال والفلاحين .

كما بين هذا القسم ضرورة تعديل نص المادة 93 والمتعلق بالفصل فى عضوية النائب البرلمانى كى يكون القضاء هو المختص بإصدار هذا الحكم والذى لا يجوز لمجلس الشعب قبولـه من عدمه كما يجب ضرورة تعديل المادة 115 كى تعطى لمجلس الشعب حق إقرار ميزانية الدولة وتعديلها .

ويؤكد هذا القسم على ضرورة تدعيم استقلال السلطة القضائية بإلغاء نص المادة 173 والمتعلقة بالمجلس الاعلى للهيئات القضائية والمادة 179 والمتعلقة بجهاز المدعى العام الاشتراكى مع إلغاء محكمة القيم والمحاكم الاستثنائية وكفالة وحده القضاء واعمال مبدأ القاضى الطبيعى فى كل المحاكم .

وبين القسم الاخير توصيات التقرير لكفالة غداً أفضل لجميع المواطنين وحرصاً على مستقبل أمن بلادنا فى العيش الكريم والامن والحرية .

أولاً : لماذا وكيف تجرى التعديلات الدستورية ؟

أن الدعوة لتغيير دستور أو قانون هى فى حقيقتها دعوة لاحلال نصوص جديدة محل نصوص أخرى سارية ويدور الجدل الآن فى مصر بين القوى السياسة ورجال القانون داعين لتعديل الدستور الحالى أو إبداله نهائياً بدستور جديدة ، للدولة المصرية لكننا نؤكد أن المشكلة المطروحة لا تقع فى النصوص وانما تظل رهن الواقع الذى انتج هذه النصوص ، والذى تتحرك النصوص من خلاله وهى حقيقة يبدو أنها تتوارى كثيراً عن الاذهان فى مصر حيث تختلف نصوص الدستور الحالية كثيراً عن حركة الواقع من ناحية وحيث أغلب من يتصدى لتغيير الدستور هم من رجال القانون الذى يمثل النص بالنسبة لهم الأهمية الأولى والقصوى من ناحية أخرى .

ولا يجب ان يغيب عنا بُعدين هامين فى النظر لنصوص الدستور

أولهما : دلالتها على توازن القوى الواقعى التى أنتجتها فلا يمكن أن يخرج نص قانونى أو دستورى فى الحياة إلا عندما تتجمع التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية فى ظروف محددة ولتلبية حاجات بذاتها تؤرق هذه القوى المتفاعلة لميلاد النص .

ثانيهماً : دلالتها على توازن القوى الواقعى الذى تتحرك بداخله فيتم إعمالها أو إهدارها أو إهمالها بالكلية حسب قوة الراغبين فى الأعمال أو الإهدار أو الإهمال من كافة النواحى التى تحكم ظروف المجتمع .

إن التاريخ المصرى الحديث على الأقل يحفل منذ ثورة 1919م وحتى الآن بعشرات الأمثلة التى تدل على ذلك ومع ذلك فما تزال المدرسة السائدة فى مصر هى تلك المدرسة التى تعلى من قيمة وإعتبارات الشكل القانونى فوق كل الاعتبارات رغم التفسيرات الواسعة والمتناقضة أحياناً لبعض المحاكم العليا فى مصر للنص والواقع الاجتماعى والسياسى والاقتصادى ومثالاً لذلك ما حدث فى قضية بيع القطاع العام .

ونحن نعتقد ان الدستور المصرى الحالى ابناً لهذه المدرسة التى تعلى من قيمة النصوص بصرف النظر عن التوازنات الحقيقية للقوى المختلفة فى المجتمع ومن هنا تبارت مختلف التيارات التى ساهمت ولو بقدر فى وضع الدستور فى حشد النصوص التى تعبر عن أفكارها داخل الوثيقة الدستورية .

والتى عبرت عن نظرة واضعيها شبه التقديسية للنصوص وإحتفائهم الشديد بمهيتها الخاصة فى حد ذاتها وهو الأمر الذى يتجلى بوضوح إذا استرجعنا الظروف التى صدر فيها هذا الدستور فى أعقاب الصراع بين أنور السادات وخصومه داخل الاتحاد الاشتراكي وهو التنظيم السياسى الوحيد فى ذلك الوقت فى عام 1971م عقب رحيل عبد الناصر فى أواخر 1970م ، وهو الصراع الذى حسمه السادات لصالحه فى 15 مايو 1971م ، وفى تقديرنا أن نصوص الدستور حكمتها فى ذلك طبيعة العلاقة بين تيارين محددين :

الاول : تيار أغلبه من اليسارين فى ذلك الوقت أرادو استغلال الاوضاع الناتجة عن الصراع لتأكيد المزيد من حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتضمينها فى نصوص الدستور وقد نجح هذا التيار فى هدفه نجاحاً كبيراً عبرت عنه معظم نصوص الباب الاول ( 6مواد ) خصوصاً قبل تعديل عام 1980م وبعض نصوص الفصلين الاول والثالث وأغلب نصوص الفصل الثانى من الباب الثانى من الدستور نحو عشرين مادة على الاقل وهما البابان المتعلقان بالدولة والمقومات الاساسية للمجتمع وبالاضافة الى هذا التعبير المباشر عن أفكار ذلك التيار فقد تسربت روحه ومطالبه فى معظم نصوص الدستور خصوصاً الوجبات الملقاه على عاتق سلطات الدولة ومؤسساتها المختلفة .

الثانى : تيار ليبرالى ويبدو ان آمال العودة الى قدر من الفاعلية راودت هذا التيار بعد نجاح السادات فى التخلص من القيادات الناصرية التى ناصبت هذا التيار العداء خلال عقد كامل من الزمان على الاقل . وقد نجح هذا التيار فى تضمين الدستور نصوصاً ليبرالية عديدة تجلت فى العديد من أحكام البابين الثالث والرابع الخاصين بالحريات والحقوق والواجبات العامة وبسيادة القانون وهى مواد جرى العرف على تضمينها الدساتير الصادرة عقب يوليو52 إلا أنها جاءت فى الدستور الجديد أكثر شمولاً وإحكاماً من النصوص السابقة .

وكان ما توصل اليه كل من التيارين يمثل طموحات حقيقية كانت ممثلة داخل وخارج التنظيم السياسى الحاكم وجرى التعبير عنها فى أكثر من مناسبة .

من جانبنا فإننا نعتقد ان السادات كان يضع عينه على أمور أخرى نابعة من أو تابعة للصراع الذى خرج منه منتصراً لتوه فقد اراد تأكيد سلطاته فوق جميع السلطات حتى لا تتكرر تلك الحالة التى وجد نفسه فيها عقب انتخابه رئيسا للجمهورية حيث كانت مفاتيح السلطة جميعاً فى أيد أخرى غير يدية .

وكان يسعى لاستقطاب مختلف التيارات والفاعليات الموجودة على الساحة ولم يكن لديه مانع من ان يستجيب لمطالبها فى نصوص الدستور خصوصاً وأن هذه الاستجابة تظهره فى النهاية كنصير للديمقراطية للديمقراطية وهى الصورة التى صور نفسه بها إداه حسمه كصراع 15 مايو ، وهكذا جاءت نصوص الدستور مزيجاً من هذه التأثيرات جميعاً فوضعت أكثر السلطات فى يد رئيس الجمهورية الذى أصبح محور النظام الدستورى محله ومع ذلك ضمنت النصوص الكثير من الحقوق والحريات العامة والخاصة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لجموع الشعب وتضمنت مضامين كثيرة تعبر عن الاشتراكية والليبرالية فى نفس الوقت.

لكن واقع الحال فإن موازين القوى الحقيقية ألقت بظلالها على الأمور حيث تدعمت وتأكدت باستمرار سلطات رئيس الجمهورية حتى تمكن من الانفراد تماماً بناصية الامور فى حين تراجعت تماماً بشكل متتابع التزامات الدولة الاقتصادية والاجتماعية التى عددها الدستور أما نصوص الدستور المتعلقة بسيادة القانون واستقلال القضاء والحقوق والحريات العامة فقد تراوحت السلطة التنفيذية بين احترامها واهدارها طبقا لما تراه هذه السلطة وتقدره .

لماذا الدعوة لتغيير الدستور ؟
ان الاعتراض المنطقى الذى يطرح نفسه تلقائياً لابد ان يتعلق بجدوى الدعوى لتغير الدستور إذ كنا لا نعول كثيراً على أهمية النصوص فى ذاتها ونرى أن الاهم فى جميع الأحوال هو طبيعة موازين القوى السائدة ورغبة السلطة التنفيذية فى الالتزام بنصوص الدستور وما إذا كانت تكفل حماية النصوص واحترامها من عدمه والواقع أننا لم نقصد نفى أهمية النصوص فى ذاتها لكننا أرادنا ان نلفت الانتباه لهذه النقاط عن المطالبة بتعديل نصوص الدستور ومن جانب أخر نود ان نؤكد على أن النصوص خصوصاً النصوص التشريعية تملك أهمية فى ذاتها من 3 نواحى :

الناحية الأولى : تتعلق بمبدأ المشروعية إذ يستحيل تماماً أن يتساوى العمل المشروع الذى يتسق مع نصوص الدستور والقانون وما يتخلق حولهما من تقاليد وأعراف مع العمل غير المشروع الذى تقدم عليه إحدى السلطات بالمخالفة لهذه النصوص والتقاليد والاعراف لمجرد أن طبيعة موازين القوى السائدة تتيح لهذه السلطة أمكانية الاتيان بهذا العمل غير المشروع وتنفيذه دون اى خوف من الرقابة أو المسئولية باعتبارها السلطة السائدة والاقوى فى البلاد .

الناحية الثانية : تتعلق بمسالة موازين القوى نفسها إذ أن وجود مجموعة ما من النصوص فى وثيقة المقترض أنها ملزمة لكل قوى المجتمع بحيث ان ذلك يجب ان يترجم فى ذاته نوعاً من موازين القوى حتى لو كان خفياً يتمثل فى مجرد رغبات وطموحات جماعاته وأفراده .
وقد سبق أن أشرنا الى ان نصوص الدستور الحالى كانت نتاجاً لرغبات السادات من ناحية وتفاعله مع رغبات أخرى لتيارين سياسين موجودين على الساحة أحدهما يسارى والآخر ليبرالى وهو تفاعل تم فى ظروف سياسية محددة . ومن ثم يمكن القول بأن عملية انتاج النصوص هو عملية تحكمها فى ذاتها موازين القوى السائدة فى وقتها وذلك بصرف النظر عن قدرة هذه الموازين فيما بعد على حماية هذه النصوص واستمرار هذه الموازين ذاتها دون تغيير فى عناصر أو فى الظروف التى أنتجتها .

الناحية الثالثة : وهى اكثر اتصالاً بالناحية الثانية لأنه مادامت النصوص فى ذاتها هى نتاج موازين قوى تفاعلت فى ظرف محدد فإن من المستحيل عملاً أن يتم فى دفعة واحدة إهدار سائر النصوص التى تضمنتها وثيقة من طبيعة واحدة خصوصاً إذا كانت وثيقة دستورية وعلى العكس فإن الواقع العملى يثبت دائماً أن إهدار نصوص دستورية ما فى إحدى نواحى التنظيم أو الحقوق السياسية كان يحمل معه دائماً إضفاء أهمية أكبر على إعمال نصوص أخرى تحكم جوانب أخرى تنظيمية أو حقوقية أو ربما استحداث نصوص أكثر جدوى واحكاما فى جوانب اخرى معادلة لما تم اهداره .

وفى نفس الوقت فإن النصوص تكتسب أهميتها الواقعية بالإضافة لأهميتها من النواحى الثلاثة السابقة من واقع امرين جوهريين :
أولهما : أن القضاء نفسه هو رهين النص فمهما كانت اجتهاداته وتأويلاته فإن النص القانونى يحكمه فى النهاية بصرف النظر عن مدى مواءمة هذا النص بل وعن مدى عدالته أيضا وفى رد بالغ الدلاله على مقوله ان وظيفة القضاء هى تحقيق العدالة أشار أحد كبار الفقهاء الفرنسيين بعبارة أخرى لاذعة ” عن وظيفة القضاء هى تطبيق القانون ”

ثانيهما : أننا مادمنا بصدد القضاء فنحن بصدد سلطة فعلية تملك إضفاء حماية حقيقة ما تتضمنه النصوص فلا يجب ان تخرج النصوص هنا عن سياقها ولا محتواها ولا فاقدة لتعاطف القوى القادرة على حمايتها وتطويرها ولا تقتصر أهمية النصوص والحال هذه على إضفاء شرعية شكلية ووهمية على بعض الحقوق والأوضاع وخير مثال ذلك ما يجرى فى مصر من تطورات اقتصادية والتى تطبق وبخطوات متسارعة سياسات التحرير الاقتصادية على الرغم من أن الدستور المصرى وفى الفصل الثانى المواد من (23 :23) يتحدث عن نظام اقتصادي مختلف تماماً عن ما يجرى فى مصر  فالمادة 24 مثلا تذكر ( ملكية الشعب لأدوات الإنتاج ) والمادة 37 تذكر يعين القانون حداً اقصى للملكية الزراعية لكن ما يجرى فى مصر الآن هو منافى لذلك تماماً .

على ان دعوتنا لتعديل الدستور لا تقتصر فقط على محاولة الاستجابة لما تتطلبه الحالة الواقعية الماثلة من وتأكيد بل أيضاً اننا نعتقد أن هناك خطر يهدد ما وصلنا إليه من تراكم قضائى لحقوقنا الدستورية بالتراجع نتيجة ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية متردية ليس هنا مجال الحديث عنها لكننا نشير فقط إلى الأزمات الخانقة التى يعانى منها جموع المواطنين ومعظم القوى السياسية ولا تسلم من ذلك مؤسسات الدولة نفسها مثل السلطة القضائية… الخ .

هذا بالإضافة لما يحدث من تعدى السلطة التنفيذية على باقى السلطات بإهدار أحكام القضاء وعدم التزام بتنفيذ النصوص التشريعية أضف الى ذلك مخاطر الاستمرار فى تطبيق قانون الطوارئ وجود الآلاف من المواطنين داخل السجون كمعتقلين دون صدور أحكام قضائية ضدهم إلى رفض السلطات كفالة الحق فى التنظيم للمواطنين والقوى السياسية ( الأحزاب – النقابات – الجمعيات ) دون وصايتها ( لجنة شئون الأحزاب ) أو قيودها الإدارية المفروضة على مؤسسات المجتمع المدنى بالإضافة إلى قيام الدولة بتبنى سياسات تحرير الاسواق والاقتصاد مما ساهم فى تشريد مئات الآلاف من العمال وإصدار قوانين تحرير الأرض الزراعية والذى أدى إلى تشريد مئات الآلاف من المزارعين وانسحاب الدولة من تقديم الخدمات والرعاية الاجتماعية والتعليمية والصحية وغيرها إن هذه المخاطر تدفع بالتوازنات الاجتماعية إلى مرحلة الخلل والخطر الذى نأمل أن تنتبه له سلطات الدولة إلى ذلك لتعيد من جديد صياغة علاقتها بالمواطنين وتعيد التوازن الاجتماعى والاقتصادى المفقود بكفالة الحق فى الحياة الكريمة والحرية و الأمان والتوزيع العادل للثروة والحقوق المدنية لكل المنتخبين حرصاً على مستقبل بلادنا .

ثانياً : مفهوم ونشأة الدساتير وأنواعها

سوف يستعرض هذا القسم عدد من القضايا مثل مفهوم الدستور وأساليب نشأة الدساتير وأنواعها إلى غير ذلك من القضايا التى سوف نتناولها تباعاً:

مفهوم الدستور

يمكن تعريف الدستور بأنه عبارة عن الوثيقة التى تشمل فلسفة الحكم التى تطبقه مؤسسات الدولة بعبارة أخرى يعنى الدستور الوثيقة الخاصة بدولة معينة والتى تتضمن تنظيمها السياسى والاقتصادي والاجتماعي والثقافى وتنظم السلطات وعلاقاتهم وحقوق الأفراد وحرياتهم أو ما يمكن تسميته ” الحقوق والحريات العامة من ناحية الشكل ، فأن الدستور هو الوثيقة التى تصدر عن السلطة التأسيسية أو السلطة التى نشأ أو ولد الدستور من خلالها مع التأكيد على أن الوثائق الدستورية الحديثة تتعمد ان تتضمن نصوصها شمول المسائل والموضوعات الدستورية بشكل مفصل منعاً من أى عدوان محتمل على الحقوق والحريات أو اعتداء سلطة على سلطة وتحديد واضح للتنظيم السياسى للدولة وحتى يمكن أحكام الرقابة الدستورية على سلطات الدولة مع تعمد الدساتير الحديثة الدخول فى تفصيلات هذه الأحكام إلا أنه يبقى للمشرع العادى مجالات أو مساحات متعددة لإصدار التشريعات العادية وليست الدستورية وقد يقوم العرف أو الفقه الدستورى أو القضاء بالإسهام فى تغطية هذا النقص بالإسهام مع المشرع العادى فى شغل هذه المساحات التى تركتها الوثيقة الدستورية ومن هنا نستطيع القول ان الدستور قد يشتمل على موضوعات ليست أساسية أو لست دستورية كما انه قد يغفل أو يترك عمداً بعض الموضوعات الدستورية التى عبرنا عنها بالمساحات المتروكة أو غير المشغولة دستورياً ونلاحظ ان الدستور قد يصدر فى وثيقة واحدة قد تتعدد وثائقة وفى هذه الحالة فان الدستور يصدر عن طريق أداة , وسيلة أو أسلوب أو سلطة غير تلك التى تصدر القوانين العادية ووفقاً لإجراءات تختلف عن إجراءات إصدار التشريعات العادية .

وينبغى هنا أن نشير إلى بعض الملاحظات، وذلك على النحو التالى :
الأمر الأول : أن الدستور كما سبق يتضمن بصورة أساسية التنظيم السياسى والاجتماعي الاقتصادي والثقافى للدولة والحقوق والحريات العامة وأنه بجانب ما هو دستورى قد يتضمن مسائل أو موضوعات أخرى ليست دستورية بطبيعتها وإنما تتسم بطابع القانون الجنائى أو المالى أو الإداري وتعمد الدستور تضمنها فى صلبه إنما يستهدف بذلك إضفاء صبغة الأهمية القصوى والجمود عليها بقصد تحقيق ثباتها واستقرارها وجعلها فى مرتبة المسائل الدستورية بطبيعتها .

الأمر الثانى : أن بعض الوثائق الدستورية قد لا تتضمن جميع أحكام وتفصيلات التنظيم السياسى والاقتصادي والاجتماعي والثقافى للدولة والحقوق الحريات العامة وانما قد تخرج بعض المسائل أو الموضوعات الدستورية عن الوثيقة كقانون الانتخاب وغيره من الموضوعات ” الأساسية ” ذات الصبغة الدستورية حسب طبيعتها.

الأمر الثالث : أن لكل دولة دستورها بمعنى ان الدساتير تتعدد بتعدد الدول ، حيث تحرص كل دولة على ان يكون لها دستورها الخاص بها على الأقل من الناحية الموضوعية حتى ولو لم يكن لها دستور من الناحية الشكلية وظهر هذا الوضع جلياً فى النصف الأخير من القرن العشرين ومع ميلاد اكثر من مائة وثلاثين دولة وظهورها فى النظام السياسى الدولى وذلك بصرف النظر عما إذا كانت النظم السياسية فى هذه الدولة تأخذ بالأسلوب الديمقراطى أم بالاسلوب الاستبدادى وبنظام حكم الفرد الواحد والحزب الواحد أو حزب الأغلبية .

بالإضافة الى هذا فإنه بتطور الدولة القومية وبظهور اكثر من مائة وثلاثين دولة خلال القرن الماضى فإن فكرة الدستور متصلة بفكرة الجماعة القومية فالدستور يتواجد فى حالة وجود الدولة أما الوثائق قد تتواجد فى ظل تجمعات سياسية كشكل من أشكال الدولة التعاهدية أو كشكل من أشكال التجمع العالمى أو الإقليمى فإن ذلك لا يعتبر دستوراً بالمعنى الموضوعى وبالمعنى القانونى حتى ولو نص فى الوثيقة على عبارة دستور كما فعل ميثاق عصبه الأمم ذلك أنه لا يغير من الواقع شيئاً فى أن هذه المواثيق هى بطبيعتها ووفق واقعها السياسى عبارة عن معاهدة أو اتفاقيات تعاهدية بين مجموعة من الدول أو الدويلات وليست دستوراً ، أوهو على الأقل ليس المقصود بمفهوم الدستور الذى يناقشه هذا التقرير .

أساليب نشأة الدساتير

ابتداء لا تثير الدساتير العرفية غير المكتوبة أية مشكلة بالنسبة لأسلوب نشأتها حيث تولد وتنمو نتيجة العادة والتقاليد واحترام الأفراد والجماعات والمؤسسات لها والاستجابة إلى سموها ، ومن ثم فإن نشأة الدساتير العرفية عن طريق العرف لا يثير أية إشكالات عن نشأتها وإنما ما سوف نبحثه هنا هو أساليب نشأة الدساتير المكتوبة .

فالدستور – كقاعدة عامة – ينشأة عن طريق السلطة التى تملك وضعه وهو ما اصطلح على تسميتها بالسلطة التأسيسية وهى بدورها تتوقف على طبيعة النظام السياسى ونوع الحكم الذى توجد فى إطاره ، أى أن السطة التأسيسية تتوقف على نظام الحكم القائم فى المجتمع ومن ثم فإن الدساتير تختلف من حيث نشأتها تبعاً لاختلاف نظام الحكم وفيما يقرره النظام بشأن تحديد وتعيين السلطة التأسيسية فيه وأكثر من ذلك فإنه على فرض تماثل نوعين أو أكثر من أنظمة الحكم بشأن تحديد السلطة التأسيسية فإن الدساتير يمكن ان تختلف من حيث نشأتها وميلادها تبعاً لما تستقر عليه السلطة التأسيسية بشأن الأسلوب الذى تراه فى يقينها مناسباً لوضع الدستور .

وقد تعددت أساليب نشأة الدساتير أو صدورها وأهمها :

1- أسلوب المنحة
2- أسلوب العقد
3- أسلوب الجمعية التأسيسية
4- أسلوب الاستفتاء

وسوف نحاول باختصار عرض لمفهوم كل أسلوب على الوجه الآتى :

1- أسلوب المنحة :

فى مرحلة أولى من حياة الدول كان الحكام أياً كانوا ملوكاً أو غير ذلك ينفردون وحدهم بتملك وممارسة السلطة وفى محورها السلطة التأسيسية سواء من الناحية القانونية أو من الناحية الفعلية.

وخشى هؤلاء الحكام وفقاً لما جرى تغير فى بنى المجتمع على تملكهم وانفرادهم بالسلطة ومن ثم فقد ظهروا بمظهر المتفضل على شعوبهم بإصدار من جانبهم دساتير توضح فى مظهرها الحد من سلطاتهم ووضع قيود عليها لصالح شعوبهم ، ومن الناحية الشكلية فإن هؤلاء الملوك أو الحكام تنازلوا بإرادتهم عن جزء من تملكهم للسلطة تجاه شعوبهم برضائهم ظاهرياً وإن كانت تيارات التغيير قد أجبرتهم واقعيا على الإقدام على هذه الخطوة .

والمعنى الواضح من تحليل هذا الأسلوب – أسلوب المنحة – أن الدستور فى هذه الحالة إنما هو وليد إرادة الملك صاحب السلطان أو صاحب السيادة ، حيث يقوم بالنزول ( تضحية) عن جزء من سلطانه أو سيادته بموافقته الشكلية من حيث تنظيم وممارسة هذا الجزء من السلطة ومن ثم فإن أسلوب نشأة الدستور إنما تأتى من أعلى طبقاً للتصور النظرى فى ذهن صاحب السلطات بينما الواقع غير ذلك حيث تجبره الظروف أياً كانت على إنقاذ نفسه وإنقاذ ما تبقى له من سلطان وإنقاذ كبريائه فيقوم بإصدار الدستور . وواضح من الناحية القانونية أن من يملك المنح يملك المنع ، ومن ثم فإنه يحق لصاحب السلطان فى هذه الحالة إلغاء ما أقدم على منحه وإن كان الواقع العملى يؤكد أيضاً شأن آخر حيث يقف قوى التغير بسبب المجتمع بحكم التغيرات والتطورات التى تقف حائلاً دون ممارسة الملوك لبعض أسلوب المنع خوفاً من تيارات التغيير لإرضاء شعوبهم ولذلك فإن أسلوب نشأة الدساتير عن طريق المنحة قد عفىَ عليه الزمن… لكننا نتساءل هل الدول النامية بما فيها مصر مازالت فى هذه المرحلة ؟

2- أسلوب العقد أو التعاقد
فى مرحلة تالية من نضال الشعوب من أجل الحقوق والحريات العامة وكسر شوكة الحكم المطلق ومحاربة استبداد أنماط السلطة الملطقة ظهرت تباشير مرحلة على طريق الحرية والتقدم الديمقراطى حيث ظهر الشعب كعنصر متكافىء فى أسلوب نشأة الدساتير عن طريق العقد أو التعاقد إذ يذعن الحاكم لسبب أو لآخر وترجمة لتيارات التغيير وسواء تم ذلك عن طريق ثورة أو انقلاب أو ضغط سياسى ، ومن ثم قبل الحاكم فى النهاية بوجود اتفاق بينه وبين الشعب على صدور الدستور بهذا الأسلوب وهو ما يحتم عدم إقدام الملك أو الحاكم على إلغائه لأنه ولد نتيجة إرادتين وتلاقيهما فى صورة عقد بمقتضاه ولد الدستور والعقد شريعة المتعاقدين ولا يجوز نقضه أو إلغائه أو تعديله إلا بإرادة الطرفين .

وبعيداً عن هذا التصور الفلسفى السياسى غير الواقعى والمتخذ تبريراً كأسلوب المنحة ، فإن الواقع العملى هو الذى حمل الملوك والحكام ومن تبعهم على الاعتراف بحق الشعب فى مشاركتهم للسلطة التأسيسية .

كما أننا نقف ضد استعمال هذا التصور القائم على مفهوم التعاقد الذى يعنى أن ثمة طرفين تلاقت إرادتهما بكامل حريتهما على إحداث أثر قانونى معين هو العقد أو التعاقد على نحو قد يمكن كل طرف منهما من مناقشة شروط الاتفاق وانه يملك عدم توقيعه أو التعاقد بشأنه وهو ما يتعارض هنا أيضاً كشأن حالة أسلوب المنحة حيث فرض على الملوك واصحاب السلطان دون خيار لهم الخضوع لإصدار هذه الدساتير وأنهم ما اقدموا على ذلك إلا قسراً على أنفسهم لإنقاذ ما تبقى من سلطة ولاستمرارهم فى ممارستها ، وعليه وجب عليهم الخضوع لارادة الشعب والخضوع والطاعة لهذه الدساتير ومن ثم فلا اختيار للحاكم فى قبول أو عدم قبول الدستور وإنما يجب عليه الالتزام به وفق ما أعده ممثلى الشعب واحترامه والعمل بموجبه ودور الملك أو الحاكم هنا هو دور صورى بحت أو تخيلى لا علاقه له بالواقع السياسى الذى يؤكد أن الدستور من وضع الشعب وليس على الحاكم أياً كان من خيار إلا قبوله ، وعليه فلا يمكن إطلاقاً قبول تصور فكرة التعاقد أو العقد كأسلوب لنشأة هذه الدساتير حيث تنتفى تماماً فكرة المساواة بين طرفى العقد ووصف موقف الحكام بأنهم قبلوا بإرادتهم مما يوصم فكرة التعاقد بأنها غير مقبولة فضلاً عن عدم سلامتها .

وبعيداً عن هذا الكلام الفلسفى فان الواقع يؤكد أن الحاكم يستطيع تغيير بنود الدستور مثل ما حدث فى مصر حينما استطاع السادات تغيير مدة الرئاسة من مرتين الى مدد أخرى أبدية بصرف النظر عن الأسلوب الذى تم به التعديل .

3- أسلوب الجمعية التأسيسية

هذا الأسلوب يفترض قيام جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب نيابة عنه يناط بها مهمة وضع الدستور بحيث يكون الدستور الذى يصدر عنها واجب النفاذ باعتباره عن الشعب الذى مثلته    ولا جدال فى أن هذا الأسلوب أرقى شكل من كافة النواحى لإصدار الدستور وكما سبق فإن الغرض من انتخاب هذه الجمعية هو لهدف واحد ” وضع الدستور ” ومن هنا قيل بأن هذه الجمعية تجد نفسها قد جمعت بين كل السلطات فى الدولة فى وقت واحد فهى لا تحوز فحسب السلطة التأسيسية بل تجمع فى يديها باقى السلطات .

وهذا الأسلوب يرجع فى نشأته الولايات المتحدة الأمريكية الذى استعملته فى وضع دساتيرها عندما استقلت عن انجلترا منذ سنة 1776م . وأيضا استخدمته فى ضع و إقرار دستورها الاتحادى الذى وضعه مؤتمر فيلادلفيا 1778م .

ويمكن القول بأن طريقة وضع الدستور ليس لها علاقة مباشرة بثبات الدستور أو باستقراره لكن هناك اعتبارات أخرى تؤثر فى اتسام الدستور بالثبات والدوام يمكن إرجاعها إلى مدى ملائمة الدستور وتطور تفسيراته ومضمون نصوصه للقوى السائدة فى المجتمع فإن تخلف عنها وجب تعديله أو تغييره بحسب الظروف . بمعنى ان تطور المجتمع ذاته القائم فيه الدستور ولزومية التغيير هى المحك الرئيسى والمحور الاساسى للنظر فى الدستور القائم وعما إذا كان يجب تعديله جزئياً أو تغييره كلياً . لكن يبقى السؤال ما هى معايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية ؟ وكيف تضمن ان تمثل كل فئات وقوى المجتمع فيها ؟

4- أسلوب الاستفتاء الشعبى

هذا الأسلوب يفترض أن يقوم الشعب فى مباشرة السلطة التأسيسية والواقع العملى يثبت ان هذا الأسلوب يستخدم أساسا فى غرضين أساسيين هما:

أخذ رأى الشعب فى مسألة جوهرية يترتب عليها وضع الدستور أو تعديل نص من نصوصه. أخذ رأى الشعب فى إقرار أو عدم إقرار مشروع الدستور الذى وضعته جمعية تأسيسية نيابة عنه .

وذلك كما حدث بالنسبة للدستور المصرى 1971م ويعتبر أسلوب الاستفتاء من أسوأ الأساليب من ناحية التطور الديمقراطى أو كفالة ضمانات التوازن ووجود القوى الاجتماعية ضمن منظومة الحكم .

نهاية الدساتير

تؤكد التجارب الدستورية انه وان اختلفت الدساتير من حيث الطريقة التى انتهت بها إلا أنه يمكن رد اساليب نهاية الدساتير بصفة عامة إلى الأساليب الآتية :

1- الأسلوب العادى وهو أسلوب السلطة التأسيسية

فيبقى دائما وأبداً أن للشعب بصفته صاحبة السلطة التأسيسية الأصلية أن يلغى دستورها فى أى وقت يشاء ويضع دستوراً جديداً عن طريق جمعية تأسيسية أخرى ينتخبها لهذا الغرض من اجل اختيار دستور جديد يتفق ويتلاءم مع طموحات وأمال الشعب ويسد الثغرات بين المنجز والمطلوب إنجازه ، بين المحقق والمطلوب تحقيقه وهذه هى الطريقة الشرعية لنهاية الدساتير أو تعديلها جزئياً أو تغييرها كلياً .

2-أسلوب الثورة أو الانقلاب

هذه الطريقة هى المألوفة الآن خاصة فى الدول الحديثة المولد والتى ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية واستقلال الكثير منها والتى تجاوزت أكثر من 130 دولة فى نهاية القرن العشرين وعلى مدى نصفه الأخير .

بطبيعة الحال فإنه لا يمكن أن ينص فى الدستور على هذه الوسيلة بل أنه لا يمكن أصلاً أن ينص فى أى دستور على أسلوب إنهاء حياته وإنما من الممكن النص فيه على أسلوب تعديله وهو ما تنص عليه جميع الدساتير حيث تنص على الإجراءات التى يجب اتباعها لإحداث تغيير فيه وهو ما يتفق تماماً مع الإجراءات التى اتبعت فى إصداره .

وإذا كان فقهاء القانون الدستورى قد استقروا على أن الثورة أو الانقلاب يتفقان فى إسقاط الدستور بالقدر الذى يتنافى مع أهدافهما ، فقد ميز بعضهم بين الثورة والانقلاب على أساس أن الثورة تصدر عن الشعب أما الانقلاب فإنه يصدر عن السلطة أياً كانت حاكمة أو قوة عسكرية كالجيش وترتب على ذلك بعض النتائج من حيث أهداف القائمين فى كل منها ، فالقائمين بالثورة بالمعنى الواسع إنما يستهدفون تحقيق أهداف وإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية متنوعة طبقا لواقع كل مجتمع حدثت فيه الثورة وأن سبيلهم الى ذلك هو الاستيلاء على السلطة ، ومن ثم تنتقل سلطات الحكم إلى القائمين على الثورة وبالتالى يقومون بتعديل الدستور ليتلاءم مع التغيرات المختلفة فى المجتمع والتى أنتجت هذه الثورة وهذا يختلف عن التغير السياسى بسبب الانقلاب الذى لا يمكن ان لا يؤدى فى كل الأحوال التى تغيير الدستور .

أنواع الدساتير وتعديلها

قد تتفق الدساتير غالباً فى معظم المضامين التى تحتويها كقيم للمجتمع المعين الذى نشأت فيه وعلاقات السلطات ببعضها وحقوق الأفراد وحرياتهم ، بيد أن هذه الدساتير تختلف من حيث المصدر اساساً ومن حيث درجة مرونتها وسوف نتناول تباعاً أنواع الدساتير وأسلوب تعديلها وذلك على النحو التالى :

1- من حيث المصدر : الدساتير المدونة و الدساتير غير المدونة :

نقصد بمعنى التدوين هنا التدوين بالمعنى الفنى أو الرسمى ومن ثم فالدستور يعتبر مدوناً اذا صدر فى شكل وثيقة – أو عدة وثائق من المشرع الدستورى .

أما الدستور غير المدون فهو الدستور الذى يستمد أحكامه من غير طريق المشرع الدستورى ، أى لم يصدر فى شكل وثيقة والدساتير المدونة هى الغالبة الآن فى القانون الدستورى بينما تقلصت الدساتير غير المدونة ( أو غير المكتوبة ) ومثلها الذى يقفز دائماً الى الذهن هو الدستور الإنجليزي وهو مثل تقليدى على هذا النمط من الدساتير حيث لا يتدخل المشرع الدستورى فى وضعها ولا يصدر بها وثيقة وإن كانت معظم الأوضاع الدستورية فى المملكة المتحدة الآن مدونة فى شكل وثائق دستورية متعددة .

2- ومن حيث معيار أو أسلوب التعديل : دساتير مرنة ودساتير جامدة

يتفق الفقهاء على أن الدستور المرن هو الذى لا يتطلب إجراءات خاصة لتعديله ، بمعنى أنه لا توجد ثمة فوارق بينه وبين القانون العادى من الناحية التشريعية بعبارة أخرى فالدستور المرن هو الذى يمكن تعديله بالطريقة التشريعية العادية بواسطة المشرع العادى وباتباع ذات إجراءات التشريع العادى وعن طريق السلطة التشريعية التى تتولى سن وتعديل القوانين العادية ويترتب على ذلك أنه ليس هناك حاجة لاتباع إجراءات خاصة لتعديل الدستور وإنما تتولى هذه المهمة السلطة التشريعية التى تقوم بوضع وتعديل التشريعات العامة .

أما الدستور الجامد فهو ذلك الدستور الذى يتطلب فى تعديله وجوب اتباع إجراءات خاصة اشد من إجراءات تعديل التشريع العادى ومن ثم فإن هناك إجراءات وشروط أكثر تعقيداً أو أشد صعوبة يجب اتباعها حين الرغبة فى تعديل الدستور الجامد بمعنى أنه لا يمكن تعديل الدستور الجامد بقانون عادى .

والهدف من وراء جمود الدساتير هو تحقيق نوع من الثبات والاستقرار للدستور حتى تستقر أحكامه وتكوين بمنأى عن التبديل والتعديل والتغيير المستمر . من أجل ذلك تستهدف الوثيقة الدستورية النص على اشتراط تنظيم خاص يجعل تعديل الدستور ليس أمراً سهلاً .

وأن الدساتير الجامدة وان تنوعت وتعددت فإنها تبتغى كفالة الاستقرار عن أحد طريقين إما حظر التعديل وإما إجازته بشروط خاصة ونبين ذلك كما يلى :

الدساتير التى تحظر التعديل
ليس من المعقول أن يلجأ واضعوا الدساتير إلى حظر تعديلها بصورة مطلقة أي فرض حظر مطلق على تعديلها، و إنما يلجئون عادة إلى نوعين من الحظر .

أولهما : الحظر الزمنى ويعنى عدم المساس بالدستور لفترة زمنية محددة بقصد حمايته وبقصد نفاذ نصوص أحكام الدستور كلها أو بعضها فترة من الزمان تكفى لاستقرارها وثباتها فى ضمير الجماعة السياسية وفى يقين الأمة وذلك قبل أن يسمح بالنظر فى تعديلها كأن يذكر الدستور مثلاً تميز ايجابى لصالح المرأة أو الأقباط أو الفلاحين ويقرن ذلك بمدة زمنية معينة .

وأما الحظر الموضوعى فان الباعث منه هو حماية بعض الأحكام والنصوص المعينة فى الدستور من أجل حمايتها وعدم المساس بها أو الإقدام على محاولة تعديلها . وهذا النوع من الحظر إنما يتعلق أساسا بالأحكام الجوهرية فى الدستور خاصة ما يتصل منها بنظام الحكم .

3- تعديل الدساتير

تتباين الدساتير فيما تحدده من إجراءات بشأن كيفية تعديلها، ومرجع هذا التباين والاختلاف إلى اعتبارات متعددة بعضها يرجع لاعتبارات سياسية والتى تتمثل فى أن التنظيم المقرر لتعديل الدستور يجب أن يراعى جانب السلطات التى يقوم عليها نظام الحكم فى الدولة وأية ذلك أن التنظيم الذى يتقرر لتعديل الدستور فى النظام الديمقراطى شبه المباشر يجب أن يراعى الشعب والبرلمان وإن التنظيم الذى يتقرر لتعديل الدستور فى النظام البرلمانى يجب أن يراعى الوزارة والشعب ، وان التنظيم الذى يتقرر لتعديل الدستور فى النظام الرئاسى يجب أن يراعى شكل الدولة والولايات الداخلة فى الاتحاد الفيدرالى والبرلمان وهكذا .

وهناك اعتبارات فنية أهمها يتمثل فى أساليب ووسائل الصياغة التى يأخذ بها واضعوا الدساتير وأهمها :
اشتراط التماثل فى الأوضاع القانونية بين نشأة الدستور وتعديله خاصة إذا كان منشئ الدستور هى جمعية تأسيسية منتخبة وأية ذلك أنه حيث ينشأ دستور عن طريق هيئة منتخبة فإن الأسلوب الذى يشترط لتعديل الدستور فى هذه الحالة هو ذات الأسلوب الذى اتبع فى وضع الدستور، أى انتخاب جمعية لهذا الغرض .

الاقتصار على تنظيم الأسس الجوهرية فى الدستور يؤدى بواضعيه إلى تشددهم فى تنظيم وإجراءات تعديله ، وعلى العكس حيث إيراد تفصيلات فى الدستور يجعلهم أكثر تقبلاً نحو التيسير فى تعديله وعلى ضوء ذلك نود ان نوضح المراحل المختلفة التى يمر بها تعديل الدستور أهمها :

الاقتراح بالتعديل

الاقتراح بتعديل الدستور قد يتقرر للبرلمان وحده أو للوزارة وحدها ( السلطة التنفيذية ) أو لكليهما معاً أو لعدد من أفراد الشعب أو للشعب أو للشعب مع البرلمان .

فالدساتير التى تسيطر فى ظلها السلطة التنفيذية يتم الاقتراح بتعديل الدستور من جانبها وكان هذا الأسلوب هو فى الأغلب الأعم المتبع قديماً حيث كانت السلطة أو رأس الدولة ( الملك) هو المسيطر على مقدرات الدولة ومن ثم يناط به حق اقتراح تعديل الدستور . ولكن الدساتير عدلت فى معظمها فى غالبية دول العالم عن ذلك الآن نظراً لقوة السلطة التشريعية فى مواجهة السلطة التنفيذية . ويتقرر حق التعديل للبرلمان وحده فى معظم الدساتير فى الدول التى يكون فيها استقلال حقيقى للسلطات الثلاثة . كما يتقرر حق اقتراح تعديل الدستور لكل من الوزارة – السلطة التنفيذية – والبرلمان معاً وذلك فى ظل الدساتير التى تحاول تحقيق التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ، وقد يتقرر حق الاقتراح بالتعديل الدستورى للشعب والطريقة الأخيرة تتبعها معظم دساتير العالم الثالث.

أما الدستور المصرى الحالى لسنة 1971م فقد جعل هذا الحق باقتراح التعديل لكل من :
– رئيس الجمهورية   – مجلس الشعب

على انفراد حيث نصت المادة 189 على انه ” لكل من رئيس الجمهورية ومجلس الشعب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور ويجب أن يذكر فى طلب تعديل المواد المطلوب تعديلها والأسباب الداعية إلى هذا التعديل .

فإذا كان الطلب صادراً من مجلس الشعب وجب أن يكون موقعاً من ثلث أعضاء المجلس على الأقل وفى جميع الأحوال يناقش المجلس مبدأ التعديل ويصدر قراره [ بأغلبية أعضاءه فإذا رفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل مضى سنة على هذا الرفض .

وإذا وافق مجلس الشعب على مبدأ التعديل يناقش بعد شهرين من تاريخ هذه الموافقة المواد المطلوب تعديلها فإذا وافق على التعديل ثلثى عدد أعضاء المجلس عرض على الشعب لاستفتائه فى شأنه فإذا وافق على التعديل اعتبر نافذا من تاريخ إعلان نتيجة لاستفتاء .

والشىء المؤسف ان الإجراءات التى يتطلبها الدستور لتعديله أسهل من الناحية الواقعية بالنسبة لرئيس الجمهورية عن البرلمان !

الموافقة على مبدأ التعديل اى تقرير مبدأ الاقتراح بالتعديل

يلاحظ أن معظم الدساتير  تخول البرلمان سلطة الفصل فى الاقتراح بالتعديل على سند من ان البرلمان يمثل الأمة بأسرها وأكثر السلطات ملاءمة للفصل فى اقتراح التعديل وبيان ضرورته والحاجة اليه .

وبجانب موافقة البرلمان على مشروع الاقتراح بالتعديل فقد اشترطت دساتير الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا موافقة الشعب وذلك أفضل من ناحية تطبيق الديمقراطية .

إعداد التعديل

فى سويسرا يجيز الدستور السويسرى للشعب السويسرى إعداد مشروع التعديل فضلاً عن تقرير هذا الحق للجمعية النيابية.

كما قد تتطلب بعض الدساتير اختيار أو انتخاب هيئة ولجنة خاصة يعهد إليها باقتراح مشروع التعديل . بيد أن معظم الدساتير الحديثة تعهد بهذه المهمة باقتراح التعديل الى البرلمان بشروط خاصة تضمن الجدية وسلامة الإجراءات ، سواء تمثلت هذه الشروط والإجراءات فى ان يقوم البرلمان ككل بإعداد الاقتراح عن طريق التصويت عليه أو بوجوب توافر نسبة معينه فى اجتماعه أو فى وجوب حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة بتشكيل جديد للبرلمان يعهد إليه بهذه المهمة لكن الطريقة الأنسب لممارسة الديمقراطية هى إعطاء هذا الحق للجمعية التأسيسية وللشعب مصدراً كل السلطات .

إقرار التعديل

معظم الدساتير خاصة تلك التى صدرت بعد منتصف القرن العشرين تجعل حق إقرار التعديل النهائى للدستور لذات الهيئة أو السلطة أو الجهة التى قامت بوضع الدستور واقراره نهائياً وهذه الهيئة كما سبق اما هيئة منتخبة لهذا الغرض واما البرلمان مع تطلب شروط خاصة مثل موافقة الشعب ، واما أن يعرض مشروع التعديل الدستورى على الشعب للاستفتاء كما أخذ بذلك الدستور المصرى لسنة 1971م حيث تطلب عرض التعديل على الشعب لاستفتائه فى شانه طبقا للفقرة الثالثة من المادة 189 منه .
ويعتبر الاستفتاء وحده وسيلة سيئة لاقرار التعديلات الدستورية خاصة فى الدول التى تعانى من استبداد سياسى .

ثالثاً : التطورات التاريخية التى مر بها الدستور المصرى

شهدت مصر فى أعقاب الحرب العالمية الأولى ثورة شعبية تعتبر من اعنف ثورات المستعمرات فى هذه الفترة ، وفاجأت بقيامها الجميع وقادة الحركة الوطنية الذين لم يتوقعوا مثل هذه الدرجة من القدرة لدى جموع الشعب المصرى على التغيير والنهوض … وكانت هذه ثورة 1919م التى اتسمت بشمولها واشتراك كافة طبقات الشعب بما فى ذلك مزارعى الريف وعمال المدن حتى الجيش المصرى أظهر تعاطفاً مع أحداث هذه الثورة ومن هذا المنطلق فهى تمثل حلقة هامة فى التطور السياسى والاجتماعى المصرى . ويمكن تحديد أهم إنجازات هذه الثورة فى أنها سياسياً أدت إلى إلغاء الحماية سنة 1922م وإعلان الدستور 1923 و إقرار الحياة النيابية .

لقد كان دستور 1923م بمثابة البداية لصفحة جديدة فى تاريخ البلاد ولكن ظروف السنوات الاولى من تطبيقه حالت دون ذلك فقد شهدت الحياه المصرية وقتذاك صراعاً دامياً بين ثلاث قوى : الوفد ، الذى مثل تيار الحركة الوطنية واستقطب أوسع الجماهير الشعبية ودافع عن حرياتها والقصر الذى لم ترضه القيود التى فرضها الدستور على حكمه المطلق وظل يترقب الفرصه لتغييره ودعمته فى ذلك أحزاب الاقلية ، والانجليز الذين تدخلوا لتحقيق مصالحهم وفرض ارادتهم واستخدام الملك حقه فى حل البرلمان بشكل أدى الى ايجاد درجة عالية من عدم الاستقرار السياسى وتعطيل الحياة النيابية مثلما حدث على يد أحمد زيور باشا عام 1925م ووزارة محمد محمود باشا عام 1928م ثم الانقلاب الدستورى الذى قام به اسماعيل صدقى باشا عام 1930م فصدر الامر الملكى رقم 70 فى 22 اكتوبر سنة 1930م الذى نص فى مادته الاولى على ايقاف العمل بدستور 1923م وحل مجلس النواب والشيوخ وإعلان دستور جديد كما صدر قانون جديد للانتخابات . وتعرضت المذكرة التفسيرية للدستور لأسباب التغيير فأكدت ضرورة تعبير الدستور عن الاوضاع الاجتماعية ، وان الدستور 1923م نقل عن دساتير الدولة المتقدمة دون ان تتوافر الاسباب الاجتماعية اللازمة لنجاحه فى مصر .

ويعتبر دستور 1930م بكل المعايير نكسة فى التطور الديمقراطى المصرى فقد حدَّ من سلطة البرلمان ودعم سلطة الملك والسلطة التنفيذية فقيَّد من حق مجلس النواب فى سحب الثقة بالوزراء واشترط ان يكون الطلب موقعاً عليه من 30 عضواً على الاقل موضحاً المسائل محل المناقشة ولا يطرح الطلب للمناقشة قبل 8 ايام من تقديمه ولا يصوت عليه إلا بعد يومين من اتمام المناقشة ويصدر بأغلبية جميع أعضاء المجلس كما أطال الفترة التى تعقب حل مجلس النواب والتى تعقد فيها الانتخابات للمجلس الجديد فجعلها 3 شهور بدلاً من شهرين وجعل اجتماع المجلس الجديد فى خلال 4 شهور بدلا من 10 ايام كما كان ينص دستور 1923م وقلل مدة دوره الانعقاد فجعلها 5 شهور بدلا من ستة ، وسمح بجواز محاكمة أعضاء البرلمان إذا ما عابوا فى الذات الملكية أو فى اعضاء الاسرة المالكة ، وأجاز حل البرلمان قبل اقرار الميزانية اكتفاء بميزانية العام السابق ، و ألغى قانون الانتخاب المباشر واعاد نظام الانتخاب غير المباشر على درجتين وأخذ بنظام الاقتراع العام لناخبى الدرجة الاولى – أى الهيئة الناخبة – اما بالنسبة لناخبى الدرجة الثانية أى المندوبين الذين يتولون انتخاب أعضاء البرلمان فقد أخذ بنظام الاقتراع المقيد بأن اشترط نصاباً مالياً ورفع الحد الادنى لسن الناخب فجعلها 25 سنة كما رفع النسبة اللازمة لتنقيح الدستور فجعلها ثلثى عدد الاعضاء ودعم الدستور سلطة الملك والوزارة فرفع نسبة الاعضاء المعنيين فى مجلس الشيوخ الى ثلاثة أخماس ونص على ان تعيين اعضاء مجلس الشيوخ هو حق للملك بمفرده وكذلك تعيين كبار رجال الدين والرؤساء الروحيين ودعم وزن مشاركة الملك فى العملية التشريعية ففرض على البرلمان عدم النظر فى مشروع قانون رفضه الملك فى نفس الدورة فإذا نظره البرلمان فى دوره لاحقه وجب ان يحصل على أغلبية الثلثين لكى يصبح قانوناً ولم يلزم الملك بالدعوى الى انعقاد البرلمان فى دور غير عادى بناء على طلب أغلبية أعضاء المجلسين ، واعطى للحكومة الحق فى مباشرة التشريع من خلال لوائح الضرورة فى فترات حل المجلس وألغى شرط ضرورة عقد البرلمان لدور انعقاد غير عادى لعرض هذه المراسيم عليه ، وأعطى الوزارة الحق فى تقرير اعتمادات جديدة فى غياب البرلمان ونقل الاعتمادات من باب الى باب فى الميزانية دون حاجة الى تصديق البرلمان واستمر صدقى يحكم بهذا الدستور فى مواجهة مقاومة شعبية وحزبية عارمة حتى استقالت وزارته فى سبتمبر 1933م وتكونت جبهة من الاحزاب طالبت الملك باعادة دستور 1923م وبالفعل أصدر الملك أمره فى 12 ديسمبر 1935م بأن ” يكون النظام الدستورى للملكة المصرية هو النظام الذى كان مقرراً بالأمر الملكى رقم 42 لسنة 1923م واستمر دستور 1923م حتى الغى فى 10 ديسمبر 1952م .

وبد قيام ثورة يوليو فى عام 1952م صدر أول دستور مؤقت لها عام 1956م وكانت النصوص التى أقرها هذا الدستور – والدساتير التالية هى مجرد تحصيل حاصل من الناحية الشكلية والموضوعية لرغبات مؤسسة الرئاسة .

وعلى الرغم من ذلك فلم يكن اياً من هذه الدساتير ليصدر دون ان يمنح المجلس التشريعى بعض الاختصاصات والسلطات ،لكن للاسف لم يقدم أى مجلس تشريعى خلال فترة عبد الناصر بممارسة هذه الاختصاصات بسبب وعى اعضائه بالتوازنات الحقيقية فى المجتمع ، حتى ان مجلس الامة لم يقم ولا مرة واحدة بسحب الثقة من الوزارة أو أحد أعضائها وهو الحق المقرر له دستورياً منذ دستور عام 1964م لقد اعطى دستور 1956م المؤقت سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية ، وبالمقابل قلص من الصلاحيات المقررة للمجلس النيابى مما أدى الى إضعاف الدور الرقابى للمجلس وبرغم ان دستور 1964م المؤقت قد اعطى للمجلس حق ممارسة الرقابة على الحكومة الى حد سحب الثقة منها فإنه منح الرئيس بالمقابل حق حل مجلس الامة .

وظلت عملية الصراع السياسى فى مجال اتخاذ القرار ينحصر فى اعلى قمة هرم السلطة ، اما فى غير هذا المستوى فقد سادت نظرة ترى أن السياسة ما هى فى جوهرها ألا مجموعة من المشكلات الادارية وانه يمكن ان يدور الخلاف حول هذه المشكلات وحول رفع مستوى الاداء ولكن دون ان يتطرق الى الاختيارات والالويات السياسية نفسها فقد ظل حق اختيار وتحديد الأولويات السياسية حقا من حقوق مؤسسة الرئاسة وبحيث أصبحت أى مطالب أو أولويات سياسية لا تتمتع بالشرعية ولو شرعية الحق فى التفكير فيها والاعلان عنها طالما لم تأت من قبل مؤسسة الرئاسة والتى احتكرت حق التفكير للمجتمع وتحديد اختياراته ويكون للآخرين الحق فى التفكير فى حدود ما استقرت عليه.

لقد وصل هذا الامر ذروته عندما كان يطلق على الاختيارات والالويات التى تحددها مؤسسة الرئاسة بأنها المطالب والأهداف القومية للشعب المصرى ومن ثم فإن معارضة تلك الاهداف وطرح البديل لها كان يعد بمثابة الخروج عن الارادة القومية للشعب المصرى .

دستور 1971م

وجاء دستور 1971م ليكون نسخة معدلة من الدساتير والاعلانات الدستورية الصادرة منذ عام 1952م فبرغم التعديلات التى أدخلت على توزيع الاختصاصات بين السلطات هنا وهناك وبرغم اقترابه أكثر من ذى قبل من مبدأ الفصل بين السلطات إلا أنه ظل محافظا على الموقع المتميز لمؤسسة الرئاسة كما يتضح من مراجعة بعض مواده .

فالمادة (73) تقول ان رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية وهو يسهم على تأكيد سيادة الشعب وعلى احترام الدستور وسيادة القانون وحماية الوحدة الوطنية والمكاسب الاشتراكية ويرعى الحدود بين السلطات لضمان تأدية دورها فى العمل الوطنى .

فقد عبرت هذه المادة عن جوهر النظام السياسى فى مصر عندما أخرجت رئيس الجمهورية من قائمة مراكز السلطة الموجودة بالمجتمع برغم أنه أهمها وأقواها على الإطلاق ووضعته فوقها ليراقب اعمالها ويرعى الحدود فيما بينها ..

ويشارك رئيس الجمهورية مجلس وزرائه فى وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها ( المادة 138 من الدستور ) ومن الواضح ان رئيس الجمهورية هو الطرف الأساسي الفاعل فى هذه العملية نظراً لأنه ينفرد بحق تعيين رئيس الوزراء والوزراء ومن الطبيعى ان يختارهم بما يتفق وتوجهاته والأرجح أن الأولويات والاختيارات السياسية تكون قد تحددت من قبل الرئيس وربما بعض معاوينه المقربين ولكن تبقى فى هذه السياسة جوانب فنية تطبيقية لا يقدر على التعامل معها سوى الخبراء والمختصين فيكون دور الوزراء غالباً هو سد هذا النقص الفنى ومن هنا كانت الطبيعة الفنية لعمل الوزراء وكان الدور الكبير الذى يلعبه أساتذة الجامعات من المختصين الذين عادة ما يكون نصيبهم من المشاركة فى الحياه السياسية قبل ذلك محدوداً بالقياس لاهتماماتهم العملية والاكاديمية ، فى نفس الوقت فان مجلس الشعب لا يمارس رقابته بشكل اعتيادى على مجلس الوزراء ( مادة 127 من الدستور ) مما يشير الى حدود الوظيفة الرقابية لمجلس الشعب إذا تقتصر غالبا على المسائل الفنية التطبيقية وليس على المبادىء والاولويات السياسية التى هى عملياً من وضع واختصاص رئيس الجمهورية الذى لا يستطيع مجلس الشعب ان يخضعه لرقابته ألا فى حالة اتهامه بالخيانه العظمى – مادة 85 وهو ما يصعب تصوره حدوثه فى حالة موازين القوى لرقابة المجلس وبالتالى يتقلص دوره السياسى .
ويستمد رئيس الجمهورية هذه القوة من عدة مصادر منها كونه القائد الاعلى للقوات المسلحة ( مادة 15 من الدستور ) والرئيس الاعلى لهيئة الشرطة .

( مادة 5 ،184 من الدستور ) أيضا فإن لرئس الجمهورية الحق فى إعلان حالة الطوارىء بعد عرض الامر على مجلس الشعب ( مادة 148 ) كما من حقه الحصول على تفويض باصدار القرارات فى مجالات معينة بموافقة المجلس ( مادة 108 ) وفوق كل هذا فإن له الحق فى اتخاذ الإجراءات التى يراها فى الظروف التى يرى فيها تهديداً للوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو تعويض لمؤسسات الدولة من أداء دورها الدستورى( مادة 74 من الدستور ) وفوق كل هذا فإن لرئيس الجمهورية حق حل مجلس الشعب بعد إجراء استفتاء عام بهذا الشأن ( مادة 136 من الدستور ) وهكذا كما يتضح فإن رئيس الجمهورية بيده كل السلطات السياسية تقريباً فى البلاد .

وعلى جانب أخر فأن دستور 1971م قد صدر قبل أن تعود الحياة الحزبية للبلاد ، لهذا تم تعديل الدستور فى 22 مايو 1980م بحيث أصبحت المادة الخامسة منه تنص على أن النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية يقوم على اساس تعدد الاحزاب إلا أن ذلك التعديل لم يجد له انعكاساً فى باقى مواد الدستور فظلت بنيته الاساسية قائمة على تمركز السلطة فى يد الرئيس بحيث ان قرار الدستور لعودة الحياة الحزبية لم يترتب عليه تعديل فى هيكل توزيع السلطة فى النظام السياسى ومن أثار ذلك مثلاً ان رئيس الجمهورية لم يصبح ملزماً باختيار رئيس الوزراء والوزراء من الحزب الفائز بالاغلبية فى البرلمان بحيث ظلت المؤسسة التنفيذية موحدة حول شخص رئيس الجمهورية دون علاقة ملزمة بالحياة الحزبية فى البلاد .

رابعاً: التعديلات الدستورية المقترحة

إن تطورات الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى منطقتنا وتنامى الدور الامريكى فى الفترة الأخيرة وطرحها لمبادرة الشرق الاوسط ومطالبتها للحكومات بضرورة تطبيق الديمقراطية قد أثر فى الأوضاع السياسية فى المنطقة فالمبادرات الغربية ألزمت الحكومة بالاستجابة الى التغيير فى الاستراتيجيات والسياسات والخطط والأشخاص حتى تتمشى مع هذه التطورات بما يؤمن استقرارها ، وكان هناك تهديد ومخاطر بفتح باب العنف السياسى لإحداث هذا التغيير .

فالتشابك والتداخل بينما كان وما يجب ان يكون إنجاز المطلوب والمخاطر على الأنظمة السياسية إذا لم تنجح فى ترجمته كل ذلك إلى قرارات تحقق التغيير فإنه يمكن التهديد بفقد الاستقرار وفقد لمستقبل ولحاضر هذه الأنظمة المتجمد هذا بشكل عام وبالنسبة للنظام السياسى المصرى بكل مكوناته فهو فى حاجة الى تغيير نتيجة الظروف والضغوط الخارجية من ناحية وتدهور الاوضاع المعيشية والسياسية للمواطنين من ناحية أخرى وبعض هذه التغيرات الداخلية يتعلق بإلغاء حالة الطوارىء والافراج عن المعتقلين والسماح بإنشاء الأحزاب والنقابات والجمعيات دون وصاية أوتدخل إدارى وكفالة انشاء الصحف بحرية وتحسين أوضاع العمل والدخل والحياة الكريمة وضمن هذه المطالب تعديل الدستور، وقد تباينت الاراء فى هذا الصدد فقد ذهبت رأى الى القول بأنه من الاجدر وضع دستور جديد يتناسب مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التى طرأت على المجتمع منذ صدور الدستور الحالى فى سنة 1971م حتى الآن ، فقد وضع الدستور الحالى فى ظل نظام شمولى – وروث عن المرحلة السابقة لصدوره تبنى وحدة التنظيم السياسى فى حين أصبح تعدد الاحزاب هو اساس التنظيم السياسى . وكان النظام الاقتصادى السائد وقت وضعه يقوم على التوجه الاشتراكي وريادة القطاع العام وقيادته التقدم وتحمل المسئولية الرئيسية فى خطة التنمية وقد تغير الوضع وطبق النظام سياسات السوق الحرة وصاحب ذلك تطور اجتماعى وثقافى وكل ذلك يقتضى فى نظر البعض وضع دستور جديد يتفق مع التغيير الجذرى الذى طرأ على المجتمع فى معظم دول العالم .

بينما ذهب رأى أخر الى القول بأن دستور سنة 1971م يعتبر خطوة هامة نحو إرساء مبادىء اليمقراطية والشرعية الدستورية وحماية الحريات الشخصية ذلك أنه وان كان قد أقر كثيراً من المبادىء السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى كانت سائدة فى المرحلة السابقة على اصداره إلا أنه من ناحية أخرى أكد الشرعية الدستورية بانشاء المحكمة الدستورية العليا التى تختص بالرقابة على دستورية القوانين ونص على كفالة الحرية الشخصية وحرمه الحياه الخاصة مما يجعل الدستور القائم صالحاً فى مقوماته الاساسية على مواجهة المستجدات الاجتماعية والسياسية مع تعديل بعض نصوصه سعياً نحو إصلاح دستورى يتلائم مع ما حدث من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية لبنى المجتمع المصرى.

ولهذا يجب المحافظة على الدستور القائم نظراً لاحتوائه على كثير من المبادىء الاساسية التى ينبغى التمسك بها مع اجراء التعديلات التى تقتضيها التطورات المختلفة ويحقق الاصلاح الدستورى المحتمل فى مصر وذلك على النحو التالى :

1- ضرورة تقليص سلطات رئيس الجمهورية
يلاحظ أن الدستور القائم وان تبنى بعض مبادىء النظام البرلمانى الذى يتسم بالفصل بين السلطات إلا أنه اقترب كثيراً من النظام الرئاسى خاصة فى سلطات رئيس الدولة فى شئون الحكم ، ذلك أن سلطات الدولة كلها تتمحور حول شخص رئيس الجمهورية بدون مسئولية وبدون مساءلة طبقاً لنصوص الدستور الحالى فهو:

  • رئيس الدولة طبقاً للمواد من (73-85)
  • رئيس السلطة التنفيذية طبقاً للمواد من (137- 160)
  • رئيس مجلس الدفاع الوطنى طبقاً للمادة ( 182)
  • القائد الأعلى للقوات المسلحة
  • القائد الأعلى للشرطة
  • رئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية
    الرئيس الأعلى للأجهزة السيادية فى الدولة بحكم تبعيتها له مثل:

    (هيئة الرقابة الادارية ، الجهاز المركزى للمحاسبات ،الجهاز المركزى للتنظيم والادارة والمخابرات العامة بأنواعها واشكالها ، المجالس القومية المتخصصة، عشرات المؤسسات والاجهزة المختلفة )

  • وهو بحكم الدستور يتولى ويمارس الوظيفة التشريعية طبقا للمواد (144 ، 113 ،112 ،108 ، 74 )
  • وهو الذى يدعو مجلس الشعب للاجتماع ويفضه طبقا للمادتين (102 ،101)
  • وهو الذى يعين رئيس الوزراء والوزراء و تنعقد مسئوليتهم أمامه
  • وهو يعين 10 أعضاء فى مجلس الشعب ثم هو يعين1/3 أعضاء ما يسمى ” مجلس الشورى”
  • وهو الذى يعين ويفصل ويعزل جميع كبار موظفى الدولة
  • وهو الذى يعين رؤساء الهيئات القضائية
  • وهو الذى بيده وحدة التعيين أو عدم تعيين نائب لرئيس الجمهورية وهو رئيس الحزب الحاكم
  • وهو الذى يستطيع ان يجمع أعضاء مجلس الشعب والشورى بكامل عددهم اذا حضر جلسة للإدلاء برأيه .
  • وهو الذى يعين أو يشير بتعيين رؤساء مجالس الصحف الحكومية .

    لذلك فإن إلغاء وتعديل هذه المواد ضرورة لتقليص سلطات الرئيس وتوسيع سلطات البرلمان لتمكينه من القيام بدوره فى إصدار التشريعات والرقابة على أداء السلطة التنفيذية وصنع السياسات العامة .

    2-كفالة تداول السلطة وتعزيز مشاركة المواطنين

    نظمت المادة 76 من الدستور على اختيار رئيس الجمهورية بالانتخاب المباشرة بين أكثر من مرشح فذكرت “ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السرى العام المباشر ويلزم لقبول الترشيح برئاسة الجمهورية ان يؤيد المرشح 300 عضو على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلس الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات على ألا يقل عدد المؤيدين عن 65 عضواً من مجلس الشعب و25 عضوا من مجلس الشورى و10 من اعضاء كل مجلس شعبى محلى فى المحافظة لـ 14 على الاقل محافظة ويزاد عدد المؤيدين للترشيح بما يعادل نسبة ما يطرأ من زيادة على عدد أعضاء مجلس الشعب والشورى وأعضاء المجالس الشعبية المحلية للمحافظات، وفى جميع الأحوال لا يجوز ان يكون التأييد لأكثر من مرشح ، وينظم القانون القواعد والاجراءات الخاصة بذلك كله ويجوز للأحزاب السياسية التى مضى على تأسيسها وأستمرت فى ممارسة نشاطها 5 أعوام متصلة على الأقل قبل اعلان باب الترشيح والتى حصل أعضائها فى أخر انتخابات على نسبة 5% على الأقل من مقاعد المنتخبين فى كل من مجلسى الشعب والشورى أن ترشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئتها العليا وفقاً لنظامها الأساسى متى مضى على عضويته فى هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل …..ونظراً للقيود والموانع التى فاض فيه نص المادة والتى يستحيل أن تتوافر هذه الشروط لأى حزب سياسى فى ظل تعدى وهيمنة الحكومة – الحزب الحاكم على مجمل الأوضاع فى مصر فإننا نرى تعديل هذه المادة مرة أخرى ليصبح نصها كالآتى :

    ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السرى العام المباشر ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشيح 10000 مواطن من 10 محافظات على الاقل أو 150 عضوا من المجالس النيابية والمجالس الشعبية ومجالس ادارة النقابات المهنية والعمالية والفلاحية المنتخبة ومن قيادات الأحزاب التى لها تمثيل فى أحد المجلسين النيابيين على ان يكون من بين المؤيدين 10 من أعضاء مجلس الشعب والشورى .

    وعلة التعديل مايلى :

  • إن المادة القائمة تضمنت تفصيلات مجالها القانون وليس الدستور
  • إن نصاب الترشيح المنصوص عليه فى المادة المشار اليها يتجاوز كثيراً القدر المطلوب للافصاح عن جدية الترشيح وبتعبير أخر يتجاوز العلة من اشتراط النصاب اذ لابد ان يكون النصاب المطلوب ضمانا للجدية وليس مانعا من الترشيح بما يفتح الباب لمزيد من الحياه الديمقراطية القائمة على المنافسة وتداول السلطة .

    ولتحقيق هذا الهدف أيضاً فإنه يجب تعديل المادة 77 : التى تنص على أن ” مدة الرئاسة ست سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء ويجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخرى “.

    ونقترح ان يعود النص الى ما مكان عليه قبل التعديل الدستورى الذى جرى يوم22 مايو سنة 1980 بحيث لا يجوز انتخاب رئيس الجمهورية الا لمدة واحدة أخرى ترسيخا لقواعد الديمقراطية وتداول السلطة فى مصر .

    وتحقيقاً لذلك أيضاً هناك ضرورة لتعديل المادة 139: بشان تعيين نائب لرئيس الجمهورية اذا نقترح ان يكون تعيين نائب الرئيس وجوبيا وليس جوازياً ، بحيث يحل محل رئيس الجمهورية اذا قام مانع يحول دون مباشرته لاختصاصاته طبقا للمادة 82 من الدستور ولهذا يقترح تعديل نص المادة 139 من الدستور حتى يمكن إنتخاب نائب للرئيس من الشعب ليمارس صلاحيات الرئيس فى حالة قيام مانع يمنع الرئيس من ممارسة هذه السلطات .

    ويترتيب على هذا التعديل تعديل المادة 84 التى تنص على ” فى حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولى الرئاسة مؤقتاً رئيس مجلس الشعب وإذا كان المجلس منحلاً حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا ، وذلك بشرط ألا يرشح أيهما للرئاسة
    ويعلن مجلس الشعب خلو منصب رئيس الجمهورية . ويتم اختيار رئيس الجمهورية خلال مدة لا تتجاوز ستين يوماً من تاريخ خلو منصب الرئاسة ”

    بحيث يكون نصها كالآتى : فى حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولى الرئاسة مؤقتاً نائب رئيس الجمهورية وفى حالة غيابة يتولى الرئاسة مؤقتاً رئيس مجلس الشعب واذا كان المجلس منحلاً حلى محله رئي المحكمة الدستورية العليا ويعلن مجلس الشعب خلو منصب رئيس الجمهورية وذلك بشرط ألا يرشح أيهما للرئاسة ويتم انتخاب رئيس الجمهورية – خلال مدة لا تجاوز 60 يوم من تاريخ خلو منصب الرئاسة وكذا تعديل نص المادة 82 بإبدال كلمة ” نائب عنه او حل محله ” بكلمة ” أناب عنه ” لأن الإنابة فى هذه الحالة تتم مقتضى الدستور وليس بناء على قرار يصدر بالإنابة .

    3- تعزيز الفصل بين السلطات وتدعيم مؤسسة البرلمان

    يجب أن يقوم الدستور بتعزيز الفصل بين السلطات وتساهم نصوصه فى وقف تعدى السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية لذلك فإنه يجب :

    تعديل نص المادة (136) التى تذكر أنه “لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس الشعب إلا عند الضرورة ويعد استفتاء الشعب ، ويصدر رئيس الجمهورية قراراً بوقف جلسات المجلس وإجراء الاستفتاء خلال ثلاثين يوماً ، فإذا أقرت الأغلبية المطلقة لعدد من أعطوا أصواتهم الحل  أصدر رئيس الجمهورية قراراً به ويجب أن يشتمل القرار على دعوة الناخبين لإجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب فى ميعاد لا يجاوز ستين يوماً من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء . ويجتمع المجلس الجديد خلال الأيام العشرة التالية لإتمام الانتخاب ” بحيث يكون نصها كالآتى :
    ” لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس الشعب الا عند الضرورة بحيث يجب ان يشتمل قرار الحل على دعوة الناخبين لاجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب فى ميعاد يتجاوز عن 60 يوم من تاريخ صدور قرار الحل ويجتمع المجلس الجديد خلال 30 يوم ولا يجوز حل المجلس مرة أخرى لذات السبب .

    وهناك الكثير من النصوص التى يجب إلغاءها أو تعديلها لتقليص سلطات الرئيس من ناحية وتوسيع سلطات مجلس الشعب كما وضحنا سابقاً :

    ان الهدف من ذلك يجعل البرلمان معبرا عن الاتجاهات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية السائدة فى المجتمع بحيث يكون تعبيراً صادقا عن ارادة جموع افراد الشعب ويقيم التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ويعزز السلطة الرقابية لمجلس الشعب على الحكومة والسلطة التنفيذية كما يعززاختصاصات مجلس الشعب فيما يتعلق بصنع السياسات خاصة ان الهيئة المنتخبة المنوط بها ذلك .

    ويجب العمل على عدد من المحاور لتقوية دور البرلمان أولهما : تعديل النظام الانتخابى الى نظام الانتخاب بالقائمة النسبية نظرا للميزات التى يحققها مثل اضعاف تأثير سطوة المال والتدخلات الادارية والعصبيه القبلية والعائلية والدين ، ويمكّن الناخب من المفاضلة على أساس البرامج السياسية الحزبية ويحقق قدراً من العدالة فى توزيع المقاعد وفقا لنسبة الاصوات التى حصلت عليها كل قائمة كما يفسح المجال امام المرأة للوصول الى البرلمان وادراج اسمها فى القائمة كذلك يسمح بتمثيل أحزاب الأقلية فى البرلمان . ونرى أنه تجنبا لأى طعن بعدم دستورية الاخذ بنظام القائمة النسبية فانه يحسن وضع نص فى الدستور يجيز الأخذ بنظام القائمة النسبية طبقا لما ينظمه القانون

    ثانيهما : هو ضرورة النص على الاشراف القضائى الكامل على كل عمليات الانتخابات ، نظراً الى الثقة التى أولاها الشعب المصرى للقضاء ولعدم وجود هيئة مستقلة تتوفر لها ضمانات الحيده كما هو الحالى بالنسبة للقضاء فلا مناص من تبنى الاشرف القضائى الكامل على الانتخابات على النحو الذى قررته المحكمة الدستورية العليا فى تفسيرها للمادة 88 من الدستور باعتبار ” أن الإشراف القضائى الكامل على عملية الاقتراع اقرب الى تقبل المجتمع لصحة الانتخابات وذلك على الرغم مما يتكبده أعضاء الهيئات القضائية من عناء فى تحمل تلك المسئولية “.

    وثالثهما : هو ضرورة إلغاء النص المتعلق بتخصص نسبة وهمية لا تقل عن 50% للعمال والفلاحين حيث ان هذا التخصيص فقد مبررات وجوده القانونية والاجتماعية فقد أدى التحول الاجتماعى والسياسى والاقتصادى والثقافى فى مصر وتحايل وألاعيب الحكومة الى فقدان النص ماهيته فالبرلمان المصرى هو الذى أصدر تشريعات طرد الفلاحين من الأرض بسبب تطبيق القانون 96 لسنة 92 واصدار القانون 203 الذى أدى الى بيع الشركات والمصانع مما شرد ملايين العمال والفلاحين وأصدر هذه القوانين أعضاء مجلس الشعب الذى لا يقل عدد العمال والفلاحين الوهمى فيهم عن 50% !! هذا بالاضافة الى أن هذا التخصيص يحمل فى طياته تناقضاً دستوريا اذ ان الدستور نص على وجود هذه النسبة فى الوقت الذى نص فيه أيضاً على المساواة بين المواطنين عامة والحق يقال أنه لا مانع من وجود تميز ايجابى سواء كان نوعى أو اجتماعى ولكن يجب أن يرتبط ذلك بمدة زمنية معينة حتى يمكن النهوض بوضع الفئة الصادر لصالحها والتميز .

    ورابعهما: هو ضرورة تعديل نص المادة 93 حيث أعطى دستور 1971م الدستور الحالى فى هذه المادة الاختصاص لمجلس الشعب بالفصل فى صحة عضوية اعضائه بعد أخذ رأى محكمة النقض بناء على تحقيق تجرية فى الطعون المحالة إليها من مجلس الشعب وبالتالى فإن رأى محكمة النقض لا يلزم مجلس الشعب ولا تكون العضوية باطلة إلا بموافقة أغلبية 2/3 أعضاء المجلس .

    ونقترح فى هذا الصدد تعديل نص المادة 93 بحيث يختص القضاء بالفصل فى صحة العضوية سواء فيما يتعلق بأوجه البطلان التى تثار فى شأن قرارات الترشيح السابقة على عملية الاقتراع أو المنازعات التى تدور حول الطعن فى صحة عملية الاقتراع نفسه وتتخذ إجراءات تنفيذ الاحكام ذات الطريق الذى يمارسه القانون لتنفيذ واحترام الاحكام القضائية .

    وعلة هذا التعديل ما يلى :

  • أن موضوع الفصل فى صحة العضوية هو فى حقيقته فصل فى خصومه بشأن استحقاق المرشح للفوز فى الانتخابات مما يدخل فى اختصاص القضاء نظرها والفصل فيها .
  •  ان الطعون المتعلقة بتخلف شرط من شروط الترشيح والتى يختص بنظرها القضاء الادارى تؤدى الى بطلان الترشيح ومن ثم بطلان العضوية حتى وان صدر الحكم بعد انعقاد المجلس وذلك تطبيقاً لمبدأ حجية الاحكام القضائية .
  • أن منح الاختصاص بالفصل فى صحة العضوية لمجلس الشعب يجعل منه خصماً وحكما فى ذات الوقت وينزع هذه الخصومة من قاضيها الطبيعى ويحيلها الى المجلس النيابى الذى تنأى طبيعة وظيفته عن نظر المنازعات .
  • أنه ليس من الملائم ان يقتصر دور محكمة النقض على مجرد التحقيق وابداء الرأى وهى فى قمة القضاء العادى وتحسم المنازعات بين المواطنين بحكم نهائى بات لا يقبل الطعن عليه من أية جهة أخرى .

    ويمكن أن يكون نص المادة على النحو الآتى :
    ” تختص محكمة النقض ( أو محكمة الادارية العليا ) بالفصل فى صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب ويجب على رئيس المجلس احالة الطعون المقدمة اليه فى صحة العضوية الى المحكمة خلال 15 يوما من تاريخ تقديم الطعن وتتولى المحكمة الفصل بحكم نهائى خلال 90 يوماً من تاريخ احالة الطعن ويلتزم المجلس بتنفيذ الحكم القضائى الصادر فى هذا الشأن .

    خامس هذه المقترحات هو ضرورة تعديل المادة 115 من الدستور وذلك بحذف عبارة ” ولا يجوز لمجلس الشعب ان يعدل مشروع الموازنة ألا بموافقة الحكومة ” الواردة فى متن المادة 115 بحيث يجب ان يعطى مجلس الشعب سلطة كاملة فى تعديل مشروع الموازنة .

    وسادس هذه المقترحات يتعلق بضرورة إعطاء لمجلس الشعب حق سحب الثقة من الحكومة وذلك بتعديل نص المادة 127 من الدستور ليكون نصها كالآتى : ” لمجلس الشعب ان يقرر بناء على طلب 10/1 عشر اعضائه مسئولية رئيس مجلس الوزراء ويصدر القرار بأغلبية أعضاء المجلس ولا يجوز ان يصدر هذا القرار ألا بعد استجواب موجه الى الحكومة وبعد ثلاث ايام على الاقل من تقديم الطلب .”

    4- كفالة استقلالية السلطة القضائية

    فى مجال الاصلاحات الدستورية الخاصة بدعم واستقلال القضاء وتأكيد لمبدأ المحاكمة العادلة أمام القاضى الطبيعى نرى ضرورة إلغاء نص المادة (173) الخاصة بالمجلس الأعلى للهيئات القضائية والتى تنص على أنه : ” يقوم على شئون الهيئات القضائية مجلس أعلى يرأسه رئيس الجمهورية . ويبين القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه ، ويؤخذ رأيه فى مشروعات القوانين الى تنظم شئون الهيئات القضائية إذ تضاءلت اختصاصاته بعد انشاء مجلس القضاء الأعلى والمجالس الخاصة فى سائر الهيئات القضائية واصبح من الملائم إلغاؤه تأكيداً لمبدأ استقلال القضاء .

    – الغاء نص المادة (179) الخاصة بجهاز المدعى العام الاشتراكى والتى تنص على الآتى : ” يكون المدعى العام الاشتراكى مسئولا عن اتخاذ الإجراءات لتى تكفل تأمين حقوق الشعب وسلامة المجتمع ونظامه السياسى ، والحفاظ على المكاسب الاشتراكية والتزامه السلوك الاشتراكى ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى ويكون خاضعاً لرقابة مجلس الشعب وذلك كله على الوجه المبين فى القانون ”

    ذلك ان المبررات والدواعى التى أدت الى انشاء ذلك الجهاز قد زالت بتغيير الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية ويستتبع ذلك إلغاء محكمة القيم والمحاكم العسكرية للمدنيين ويحقق هذا الإلغاء دعم وحدة القضاء واعمال مبدأ القاضى الطبيعى .

    خامساً : ملاحظات ختامية وتوصيات

    ان انتهاء حياة الدساتير وزوالها لصالح قيام دساتير جديد هى سنة الحياة التى لا تتبدل ولا تتغير وإذا كنا لا نصادف فى أى دستور تقريباً تنظيم كيفية انتهاء العمل به بل يرى كثير من الفقهاء أن مسألة نهاية الدساتير لا تدخل ضمن موضوعات القانون الدستورى إلا أن معظم الدساتير تتضمن نصوصاً عن كيفية تعديلها لمواجهة تطورات الحياة المختلفة لذلك وحين ندعو لتغيير الدستور الحالى لا نأتى ببدعاً على العكس فإننا نسير مع ما توجبه سنة التطور ، ونود أن نؤكد أن الدولة المصرية ومنذ عام 52 وحتى الآن قامت بتأميم المجتمع ورئيس الجمهورية أمم الدولة وذلك لأن الدولة كيان معنوى ومن ثم فقد آلت الامور كلها للرئيس حيث هو فى النهاية الشخصى الطبيعى الذى يملك فعلاً وارادة يستطيع بهما أن يغير مسيرة الدولة الامر الذى حدث مرتين منذ عام 1970م حتى عام 1981م حيث تبدلت مسيرة الدولة فى زوايا منعكسة من جمال عبد الناصر الى السادات الى حسنى مبارك ولقد آن الوقت لعملية التأميم هذه أن تنتهى وذلك بتنفيذ عدد من التوصيات أهمها :

    1- إلغاء حالة الطوارىء والافراج عن المعتقلين السياسين والعفو عن المسجونين والمعتقلين السياسين وتعويضهم وإعادة محاكمة المحكوم عليهم من المحاكم العسكرية أمام القضاء الطبيعى والغاء القوانين والمواد القانونية المناهضة للحريات العامة وحقوق الإنسان فى قانون العقوبات أوفى أية قوانين أخرى ووضع حد نهائى لممارسات التعذيب وملاحقة ومساءلة مرتكبي هذه الجرائم .

    2- تعديل الدستور المصرى لتدعيم الحق فى تداول السلطة ومشاركة المواطنين فى إدارة البلاد وتعزيز دور البرلمان الرقابى وقف تعديات السلطة التنفيذية على السلطتين القضائية والتشريعية وتوفير ضمانات الانتخابات الحرة النزيهة بالاشراف القضائى على كافة مراحل الانتخابات مع معالجة أوجه القصور التى تحول إجراء انتخابات حرة نزيهة .

    3- اطلاق حرية تشكيل الاحزاب لجميع المصريين بلا تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين لدعم قواعد العمل الديمقراطى فى إطار دستور مدنى ، ورفع الحصار القانونى والسياسى المفروض على الاحزاب والنقابات والجمعيات ورفع القيود على النشاط الجماهيرى بما فى ذلك حق التظاهر والاضراب والاعتصام وعقد المؤتمرات وتوزيع البيانات .

    4- كفالة استقلال النقابات المهنية والعمالية والجمعيات الاهلية ومؤسسات المجتمع المدنى سعياً الى مجتمع أهلى قادر على المساهمة فى بناء الديمقراطية بإلغاء القانون 100 لسنة 1993م الخاص بالنقابات المهنية والقانون رقم 12 لسنة 2003 وتعديل قانون إنشاء الأحزاب بإلغاء لجنة شئون الاحزاب .

    5- اطلاق حرية إصدار الصحف وملكية وسائل الإعلام وتحرير أجهزة الإعلام والصحافة القومية من سيطرة السلطة التنفيذية واتاحة فرصة متكافئة للاحزاب والقوى السياسية وكافة الاتجاهات والتيارات فى طرح أرائها وأفكارها فى كل أجهزة الاعلام المملوكة للشعب وتحقيق استقلالها عن السلطة التنفيذية .

    6- كافلة حق استقلالية القضاء بإلغاء إشراف السلطة التنفيذية على أعمالها وإلغاء كافة المحاكم الاستثنائية .

    7- الالتزام بتطبيق بنود المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الاسنان والتوقيع والتصديق على الاعلانات والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان واعادة النظر فى التحفظات التى أبدتها مصر على تلك المواثيق بما ينتقض من الحقوق الواردة فيها .

    8- الالتزام بمبادىء الشفافية والمحاسبية فى كافة ممارسات الحكومة على مستوياتها المختلفة بدءاً من الحكومة المركزية وانتهاءاً بالادارات المحلية واتخاذ اجراءات فورية للاصلاح الادارى والمالى ومقاومة الفساد والتصدى لنهب المال العام .

    9- تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين والمنتخبين فى مصر بكفالة فرص العمل اللائق والأجور العادلة وأمان حيازة الأرض والسكن وكفالة الضمان الاجتماعى والرعاية الصحية والتعليمية للمواطنين .

    أننا نعلم أن النصوص ليست كفيله وحدها بالتغيير وتحسين الأوضاع فى بلادنا ولكن التغيير مرهون بوقف استبداد مؤسسات الدولة واستخدامها العنف ضد المواطنين ووقف اساءة معاملتهم وتهديدهم ان ذلك هو الضمان الوحيد أمام الحكومة للتغيير السلمى لضمان غداً أفضل لجمع المواطنين وحرصاً على مستقبل أمن لبلادنا يكفل لجميع أبناءه العيش الكريم والحرية والكرامة .

    أعتمد هذا التقرير على بعض المعلومات الواردة فى عدة مراجع أهمها :

    1) تطور النظام السياسى فى مصر ( 1803 – 1999م) د. على هلال ، 2004 مركز البحوث والدراسات السياسية ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة

    2) أرشيف جرائد مركز الأرض لحقوق الإنسان

    3) القانون الدستورى ” النظرية العامة والرقابة الدستورية أ.د/ ابراهيم درويش ، الطبعة الرابعة 2004م

    4) الاصلاح الدستورى بين التعجيل والتأجيل ” المنظمة المصرية لحقوق الإنسان 2005م ”

    5) الاصلاح والبرلمان تقرير صادر عن مركز الأرض لحقوق الإنسان

    6) نقد دستور 1971م ودعوة لدستور جديد ” أحمد عبد الحفيظ – مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ”

    7) ورقة أعدتها لجنة الدفاع عن الديمقراطية بعنوان ” مشروع بتعديل الدستور – شارك فى إعداده أ/ حسين عبد الرازق وأ/ أحمد سيف الاسلام حمد

    أهداف السلسلة

  • الدفــاع عن هويـة المجتمـع المـدنى المـصرى واستــقلاليته.
  • بنـاء قـدرات مؤسسـات المجتمـع المدنـى ، ودعـم دوره التنموى.
  • تشجيع آليات التنسيق والعمل المشترك بين مؤسسات المجتمع المدنى.
  • التـوعية القانونيـة بأهـم القضـايا ذات الصـلة بالمجتمـع المدنى.

    صدر من هذه السلسلة
    1-مساهمة فى الحوار الدائر حول قانون الجمعيات الأهلية.
    2-قانون الجمعيات … انتكاسة جديدة للديمقراطية فى مصر.
    3-وجهة نظر حول حركة حقوق الإنسان المصرية بعد إقرار القانون.
    4-على هامش مؤتمر التنمية الريفية 00 مأزق التنمية الريفية فى مصر .
    5- أوضاع حقوق الإنسان فى ظل المد الجديد لقانون الطوارئ.
    6-دور المنظمات غير الحكومية فى الدفاع عن حقوق الطفل رؤية دفاعية
    7- المصير المجهول للجمعيات فى مصر
    8- الدور المفقود لتعاونيات الصيادين
    9-مشكلات العمل الاهلى فى مصر ” بين النظرية والتطبيق
    10-الانتخابات 2000 قيود قانونية ومراقبة قضائية منقوصة
    11- حان الوقت لنسترد عالمنا ” دعوة للتضامن والفهم
    12- الحركة الفلاحية فى ريف مصر 00بدايات متعثرة
    13-انتهاكات حقوق الانسان لحقهم للعيش بكرامة وأمان
    14- بمناسبة  اليوم العالمى لحقوق الانسان حقوق الانسان فى تدهور مستمر
    15- الطوارئ والديموقراطية فى مصر
    “محاكم استثنائية واتهامات وقيود بالجملة ”
    16- المجتمع المدنى فى ريف مصر “دراسة حالة لقريتين ”
    17- عفواً سيادة النائب العام00تقارير اخرى تقارير أخرى توثق أحداث قرية سراندو وتحذر من وقوع الكارثة منذ بداية يناير 2005
    18- خمسون سنة تكفى لإسقاط حالة الطوارئ … الآن وليس غداً يوليو 2005
    19 – مركز الأرض “يتابع زفة المبايعة والمولد المبارك” ماذا جرى فى انتخابات الرئاسة عام 2005 ؟
    20-وقائع ما جرى فى الانتخابات البرلمانية عام 2005
    21- انتخابات النقابات العمالية فى معركة التحرير
    22- الاصلاح والبرلمان نوفمبر 2006

    تليفون وفاكس / 5750470
    البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
    Websitewww.Lchr-eg.org