20/1/2009

المهاجر
طير مكسور الجناح

فلما زاد الفقر على العباد ، وعاث الظلم والفساد وانتشر الجهل والمرض، فى كل بيت وارض،وعز الزاد وكثر الاستبداد، وضاقت البلاد فى وجه العباد ففر منها شبابها، وتعنس فيها نسائها ،وتغرب ابنائها وسدت ابواب المستقبل فى وجه اطفالها . وامام الوجع والالم ، ضاع الحلم والامل ،وكثر الجند والعسعس فسجنوا واعتقلوا كل نفس ، فشعر البشر باليأس ،وهجر العباد ارض البلاد ، هرباً من الفقر والاستبداد، بحثاً عن رزق فى البلاد البعيدة ، مخلفين الاهل والولد ،يعانون الحرمان والكبد عسى ان يأتوهم بمدد.

وهكذا طارت طيورنا الحبيبة ، وسافر الاب والابن الى البلاد الغريبة ، حتى الاخ والاخت تركوا الارض والدار والقريب والجار ، على امل الرجوع ، بما يكسوا البدن ويدفع شبح الجوع.

اسرة عوض الله عبد الفتاح
محمد الابن الاول خريج جامعة ، خرج ملقاش وظيفة وحب بنت مطلهاش ، قضى النهار نايم مهموم وبالليل ينزل على القهوة هربان من نظرات الاهل والجيران عاطل مش بمزاجه وكان عنده احلام كتير كلها اتبخرت .

الدولة اتخلت عن كل الخريجين ، ورجال الاعمال بيعينوا القرايب والمحاسيب ، وهو من عيله بسيطة الاب فلاح باليومية وحيله اتهد ، مبقاش قادر على مصاريفهم أو علاج مراته اللى استحملت معاه المشوار ، غير تلات ولاد وبنت ….العمر بيتقدم بيها ومحدش اتقدملها عشان الاب مش هيقدر يجهزها ، بالعافية خدت الاعدادية ومقدرش على مصاريفها فقعدت البنت فى البيت تكنس وتمسح وتخدم اخواتها ، علم الاب محمد واخوه التانى لغاية الدبلوم ودا اللى قدر عليه،ومفيش لا قريب مهم فى الحكومة أو مجلس الشعب، ولا واسطة تشغله ، وشهادة الجامعة اللى فرحت عيلته بيها ملهاش أى لازمة الايام دى واصحاب الشهادات اللى من غير شغل بالالاف .وبدال ما يساعد ابوه فضل عاله عليه ، ياكل طقه ويفوت طقه عشان المركب تمشى .

روح يابنى لعبود يقدر يسفرك بره ولو وافق نبيع القيراط اللى حيلتنا وربك يعوض علينا لما ترجع بالسلامة واهو تساعد نفسك وتساعدنى وتساعد اخواتك يمكن البلاد الغريبة تطلع احن من بلدنا .

عبود سمسار تسفير بيسفر الشباب عن طريق البحر لدول اوروبا ، بيتفق مع صحاب المراكب يهرب فيها الشبان دول اللى معندهمش فرصة يجيبوا تأشيرة سفارة ولا لهمش حد يساعدهم ، بيمص دمهم علشان يهربهم ، بيبيعوا اللى حيلتهم ان شالله العفش والمصاغ لو فيه واللى يقدر يستلف بيستلف .

المراكب بترميهم على شواطئ اوروبا وهما ونصيبهم ، يلاقوا شغل ، يغسلوا صحون ، يتمسكوا ويترحلوا ،يتحبسوا ، ان شالله يموتوا هو ملوش دعوة .

ازاى المراكب دى بقى بتعدى النقط الحدودية ؟
والله فيه ناس كتير بتلسن ، والظاهر والعهدة على اللى بيلسنوا ، انهم مربطين مع اشخاص معينة فى النقط دى، واهو كله بيرزق ، وعند اللزوم والامن التهم بتتوجه للضحية .

والصيادين غلابة ملهمش فى الموضوع، والقضية بسيطة وبراءتها مضمونة .

المهم بعد بيع القيراط ، والسلف والدين وعبود السمسار وافق ، وبعد شهرين قال لابو محمد : خلى ابنك يستعد ، السفر الجمعة الجاية العيلة فرحت كأنهم لقوا كنز ، ابو محمد طلب منه يجيب معاه ( دوا من بتاع بره علشان امه العيانة ) واخواته طلبوا هدوم وموبيلات ، ومحمد وعد نجيبه اخته يجيب لها هدوم وفساتين (تخلى العرسان يتهبلوا عليكى) وامه فكرتله فى عروسه (تقعد تستناك) .

وانته يابا ؟ – انا يابنى عايزك ترجع بالسلامة بس متنساش دوا امك !!
جه اليوم الموعود ، واتاجل اربع مرات وكل مرة بسبب ، وبعدين فى الاخر جت المركب ، محمد ومعاه 38 شاب هيسافروا على مركب صيد بيركب عليها 4 أو 5 صيادين بكتيره ، طالعين اوروبا اللى معاه سندوتشات واللى معاه مشنة عيش وبطة واللى جايب جبن لزوم الرحلة ، صنايعية وطلبة وخريجين ، كلهم ضاقت عليهم الحياة فى بلدهم ، يأما شغل مؤقت … يأما مفيش خالص …. كلهم ملياهم الاحلام عن اوروبا والدولارات والمدن الغريبة، كلهم سابوا وراهم عائلات مستنية رجوعهم بالفلوس والهدايا عشان يخرجوهم من الفقر .

وكلهم….. ضاعوا فى البحر ، كل الاحلام والامال كل الصبر والجوع ، كل انتظار الاهل والجيران …كله ضاع فى البحر ، المركب الملعونة غرقت بيهم وحتى دمهم راح بلاش.

بس الفقر له احكام واحكامه قاسية، بعد الاحزان ما هديت ، الديون طلت والفقر بيعصر ما بيرحمش ، بعد محمد فيه محمود ، وفيه احلام الفقرا بالفلوس والهدايا والعز اللى هيجى من اوروبا وبلاد اوروبا .

اتفق الاب مع عبود السمسار ، ورهن عنده الدار اللى عايشين فيها – يمكن ربنا يعوضنا فى محمود.

بنت ابو ربيع حلت المشكلة من غير سفر ، عبود جاب لها واحد سعودى اتجوزها وقعد معاها شهرين وسابها ، عنده 65 سنة بس ادى اهلها عشر الاف جنيه ، وبعده بشوية جاب لها عبود واحد تانى قعد معاها شهر ، وبقت عادة ، وهنية بنت الدلالة عبود سفرها بعقد للكويت لا بتعرف تقرا ولا تكتب بس زى ما قال عبود ( انتى يا بت تجيبى دهب لأهلك ، بلا قراية بلا كتابة ، المهم تفتيح المخ وتبقى حركة )هنيه بسطت اهلها بس ماحدش عارف بتشتغل ايه .

وكل ما تحصل مصيبة ولا مركب تغرق …البوليس يلم الشبان والصيادين الغلابة، وعبود زى الفل ولا حد بيقرب له ، كأنه مخاوى ، بس مش مخاوى عفاريت، مخاوى اللى بيسلكوه … واللى بيحموه …. والعيب على القتيل ، بيسافر ليه بالطريقة دى … الناس بتقول مثل مهم فى الموضوع ده:
“ال ايه اللى رماك على المر قال اللى امر منه ”
وابو محمد لو حد كلمه …. بلاش تسفر الواد التانى يرد عليهم رد واحد يسكتهم
طاب نعمل ايه يا ناس فى الفقر اللى احنا فيه لا شغل ولا ورث “شوفلنا حل” “شوفلنا حل”
ومن جانبنا نضم صوتنا لصوت الوالد .

نريد حلاً …خلاف الاعتقال والاهانة والتعذيب لهؤلاء الشباب نريد حل لمشكلة الفقر والبطالة والدخل القليل ، حل بفرصة عمل أمنة واجر معيشى عادل واحترام لادمية وحقوق المواطن فى الحريات والامان الشخصى والرعاية الصحية والسكن اللائق والعيش الكريم .

نريد حل يساعدنا على تجاوز الازمات التى خلقتها سياسات الحكومة وكرست الخوف والقهر والانتحار .

نريد حل لتوزيع عادل لثروة وسلطة بلادنا تتيح تداول السلطة والمشاركة والتنمية العادلة .

نريد حل لا يجعلنا نهرب من بلادنا ثم نحاكم ونحن الضحايا ويترك الجلادون والفاسدون والنصابين دون تهم ليعيدوا من جديد انتاج الفقر والفساد.

نريد حل يتيح للمواطن التمكين من الرقابة والمشاركة فى صنع القرار والمساهمة فى صنع غد افضل لبلاده وحياته ويتيح لمحمد وابو محمد ومريم وسعاد وأم هنية ولجميع الفقراء والمهمشين فى الوطن العزيز الغالى العيش بكرامة وحرية وامان.

المركز يقدم الدعم القانونى مجاناً ويتلقى كافه
الشكاوى المتعلقة بحقوق الفلاحين والعمال
والصيادين والمرأة والأطفال فى الريف

لمزيد من المعلومات رجاء الاتصال بالمركز

تليفون وفاكس / 25750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
الموقع : www.Lchr-eg.org