18/6/2009
أعلن الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة مؤخراً إلغاء كافة ديون الفلاحين المستحقة للدولة وقال بوتفليقة أن الدولة “قررت مسح كافة ديون الفلاحين وستقوم الخزينة بإعادة شراء هذه الديون” معتبراً أن من شأن هذا القرار “تشجيع العالم الريفى على بذل مزيد من الجهود الكثيفة المنتظرة منه لتجديد النشاط والزيادة فى مختلف منتجاته”.
وقال بوتفليقة أنه “يتعين على البنوك التوقف عن أى مسعى من أجل استعادة ديونها”.
هكذا.. بدون صياغات مائعة أو غامضة تشكل ثغرات تبيح لكبار صغار وصغار كبار البيروقراطيين الإلتفاف حول القرار أو تفريغه من مضمونه.
هذا يحدث فى الجزائر.
فلماذا لا يحدث عندنا، خاصة وأننا نعانى من فجوة غذائية، وتقول حكومتنا أنها قلقة من إتساع هذه الفجوة، وبخاصة فى عصر أزمة الغذاء العالمية. وأنها تشجع كل ما من شأنه تقليص هذه الفجوة.
فكيف يمكن تحقيق ذلك، أو الإقتراب منه، دون رفع المعاناة عن الفلاحين؟
وفى هذا السياق سعى مركز الأرض لحقوق الإنسان فى محاولة منه لرفع المعاناة عن 140 ألف معثر لدى بنك التنمية والإئتمان الزراعى إطلاق مبادرته من أجل فض الاشتباك الغير أخلاقى وفى نفس الوقت غير إنسانى بكل ما تحمله الكلمة من أقصى معانى الحقوق الإنسانية والاجتماعية التى وردت فى كل القوانين والمواثيق الدولية، والتى وقعت عليها الحكومة المصرية وتعهدت بضرورة الإلتزام بها وفق قوانينها وتشريعاتها المحلية، بين صغار الفلاحين المقهورين الضعفاء والبنك بكل جبروته وسلطانه وترسانة اللوائح والقوانين التى هى بمثابة سيف مسلط بلا أدنى رحمة على رقاب هؤلاء الفلاحين البسطاء.
وبحضور120 مشارك من محافظات البحيرة والقليوبية وبنى سويف والدقهلية والاقصر والفيوم وقنا وسوهاج والغربية والجيزة والاسماعيلية والبحيرة والوادى الجديد واسيوط والمنيا، حيث شكلت محافظة البحيرة أعلى نسبة حضور بنحو20 مشارك، بينما حضر من محافظة الإسماعيلية أثنين، وجاءت نسب الحضور من المحافظات الأخرى ما بين عشرة إلى خمس مشاركين. وبلغ عدد الحضور من المزارعين نحو60مشارك، بينما بلغ ممثلين الجمعيات الأهلية الريفية نحو 40 مشارك، وحضر 20 شخص ممثلين عن جهات صحفية واكاديمية وممثلين لجهات حكومية. وشكلت نسب النساء المشاركة من الجمعيات الزراعية والاهلية والمزارعين والاكادميين والصحفيات حوالى 15%. عقد مركز الأرض لحقوق الإنسان وبالتعاون مع لجنة الحريات بنقابة الصحفيين يوم 13/6 /2009 بمقر نقابة الصحفيين بالقاهرة ندوة بعنوان: “ديون الفلاحين والحلول المقترحة” حيث كانت البداية بكلمة إفتتاحية للكاتب الصحفى محمد عبد القدوس مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، مؤكدا على أن نقابة الصحفيين دائما وأبدا تتبنى الدفاع عن المظلومين، وإعلاء كلماتهم باعتبارها ضمير مصر الذى ينبض بالحياه، وصرح شامخ من صروح الحرية لكل فئات الشعب المصرى على اختلاف طبقاته الاجتماعية. وأكد عبد القدوس على أن عقد هذه الندوة قد جاء فى توقيت مهم جدا نظرا لأنها تناقش موضوع يهم الفلاحين الذين يمثلون القاعدة العريضة من المجتمع، ويقع على عاتقهم مسئولية تحقيق الأمن الغذائي في مصر لأنهم منتجى الغذاء لكل أفراد المجتمع، وليس ذلك فحسب، بل أنهم يمدون القطاع الصناعى بالمواد الخام الأولية التى تساهم فى تنميته وزيادة معدلات مساهمته فى الاقتصاد الوطنى، ومع ذلك فهناك 140ألف أسرة ستضار وتشرد تحت وطأة الجوع وعدم وجود عائل لها يرعى مصالحها وشؤنها، في حالة تحريك الحكومة للدعاوى القضائية المرفوعة من قبل البنك وإصدار الحكم على 140ألف فلاح متعسر بالسجن. في الوقت الذى اسقطت فيه الحكومة سلفا مديونيات كثير من رجال الأعمال والتى تجاوزت نحو 26 مليار جنيه.
ثم تحدث كرم صابر– المدير التنفيذي لمركز الأرض لحقوق الإنسان، حيث ذكر أن مركز الأرض هو منظمة غير حكومية، تهدف إلى تحسين القطاع الريفي، وتنمية ودعم جهود الفلاحين. والمركز إذ يطرح اليوم هذه المشكلة على الأكاديميين والخبراء لمناقشة كيفية التعامل مع هذه المشكلة فى ظل أزمة مالية عالمية هددت النظام الاقتصادى العالمى كله وتسببت فى إنخفاض معدلات النمو لكل دول العالم، وتدنى مستويات المعيشة لدى مواطنى الدول النامية التى تأثرت كثيرا ومن بينها مصر، وطرح صابر عدة تساؤلات للكشف عن أسباب هذه الأزمة حيث تساءل عن تراكم مديونيات الفلاحين هل هي جراء الأزمة الاقتصادية العالمية؟ وعلى الفلاح تحمل تبعات ذلك وحده بمعنى أنه المسئول عن هذه الأزمة، وأين ذهبت الفروق السعرية التى حدثت نتيجة الارتفاع الشديد في أسعار المحاصيل الزراعية جراء الأزمة الاقتصادية العالمية؟ والتي لم يجني منها الفلاحين أى شئ وما مبرراتها الحقيقية؟
وأكد صابر على أن هناك اتجاه عالمي تسعى فيه كل دولة لإسقاط جزء من مديونيات الأفراد والشركات وإذا كان الأمر كذلك فهل تتجه مصر إلى هذا الاتجاه مع الالتزام بمبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية التي ينص عليها الدستور؟ وهل سيظل الدور الحكومي معدوم ومحدود للغاية في دعم القطاع الزراعي وحماية الفلاحين، في حين أن هذا القطاع الحيوي يتم دعمه في جميع دول العالم؟
وفى ختام كلمته شدد صابر على أن قيم العدالة الاجتماعية والمساواة تحتم إعفاء هؤلاء الفلاحين من مديونياتهم، إضافة إلى أنهم لا ذنب لهم فى تراكم هذه المديونية بالأساس، فبلا أدنى شك المسؤلية مشتركة بين البنك وقوانينه وأربحه المركبة، والحكومة وسياساتها الفاشلة فى قطاع الزراعة، والعاجزة عن وضع استرتيجية حقيقية وواقعية للزراعة المصرية على مدار الحكومات المتعاقبة.
ثم بدأت فعاليات الجلسة الأولى برئاسة أ/عبد الغفار شكر نائب رئيس مركز البحوث العربية، وهى كانت عبارة عن شهادات حية لعدد 19 فلاح متعثر من شتى قرى محافظات مصر، عبر كل منهم عن أسباب تعثره مع البنك، وكيف كانت فوائده المركبة ورسومه الإدارية سببا فى زيادة إجمالى المبلغ عن أصله بعشرات الأضعاف، أيضا كشفت هذه الشهادات عن مدى الفساد والإفساد وعمليات النصب والاحتيال، التى تعرض لها أغلب الفلاحين على أيدى مافيا من العصابات المنظمة من موظفى البنك تحت سمع وبصر قيادات البنك أنفسهم، وكأنهم يشاركون هؤلاء الموظفين تلك الأفعال المنافية للقانون والأخلاق.
والشئ المؤسف كما اكدت شهادات الفلاحين ان ضباط اقسام الشرطة لا يلتزموا حتى بمبادرات رئيس الجمهورية أو رئيس بنك التنمية ولا تعليمات النائب العام بوقف تنفيذ الاحكام ضد الفلاحين المتعثرين فى سداد ديونهم لبنك التنمية فمازال الالاف الفلاحين يحبسون ويتم القبض عليهم وعلى نساءهم ويساقون كالعبيد الى اماكن الاحتجاز المختلفة ، وليس ادل على ذلك قيام شرطة مركز الرحمانية بالقبض على المزارع محمد مرضى رسلان يوم الجمعة الماضى وتحويله الى سجن دمنهور العمومى بنماذج حبس لصدور حكم ضده بسنة سجن بسبب ديون البنك وحين تم عرضه على النيابة بعد حبسه خمسة ايام تم اخلاء سبيله .
فهل الشرطة المصرية فى دولة اخرى ؟ولماذا لا يلزمها النائب العام بعدم القبض على الفلاحين بسبب هذه الاحكام ؟ ولماذا لا يتم معاقبة الضباط والمخبرين الذين يقومون بحبس الفلاحين المخالفين للقانون وتعليمات النائب العام ومبادرة رئيس الجمهورية .؟
ثم كانت وقائع الجلسة الثانية برئاسة أ/شاهندة مقلد أحد مؤسسى إتحاد الفلاحين، وكانت البداية بكلمة د/ أسامة بدير (مركز الأرض لحقوق الإنسان) معربا عن قلقه من الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع الفلاحين والتى تدل علي نيتها وخططها المستقبلية، وأكد بدير على أنها تقوم علي عدة أسس: أولها نفي فكرة الحكومة الشعبية والتأكيد علي مفهوم حكومة الصفوة، ثانيها الإصرار علي مبدأ التعامل الأمني كأساس للسيطرة علي مظاهر تعبير المواطن عن معاناته، ثالثها الإعتماد علي سياسة الإنفاق المحدود في التعامل مع مشكلات الناس من خلال التدخل لإيجاد بعض الحلول المؤقتة لها، مثل جدولة ديون شريحة من الفلاحين أو توفير المياه من خلال الخزانات للقري التي تعاني من إنقطاع المياه، دون السعي إلي إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلات سعيا وراء شعار ليه تدفع أكتر ما دام ممكن تدفع أقل.
وشدد بدير على أن تجربة آلاف السنين التى عاشها الفلاح المصرى بكل مرها وما فيها من شقاء وحرمان من كافة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، نتج عنها أن الفلاح المصري أصبح يعيش في قاع المجتمع، ويأخذ دائما ما تبقي من كافة الفئات الأخري، رغم أنه العامل الرئيسى في ثراء ورفاهية تلك الفئات، وليت الأمر وقف عند هذا الحد بل تعداه إلى حد أن الفلاح أصبح يطارد من قبل أجهزة الأمن، لتنفيذ أحكام بالسجن بسبب تعثره عن سداد ديون بنك التنمية والإئتمان الزراعى، تلك الديون التى نتجت عن قروض لا ذنب له فيها. كان الفلاح ضحية جهل وأمية لحفنة من الفاسدين وأصحاب النفوذ داخل البنك عبر عشرات السنين، الأمر الذى أدى إلى تراكم الديون وزيادتها بفوائد مركبة عجز الفلاح عن السداد، فى ظل أوضاع محلية وإقليمية ودولية متغيرة، وتخبط وزارة الزراعة فى سياساتها إن كان لها سياسة أساسا تجاه الفلاح وهمومه.
واستعرض بدير عددا من النقاط الأساسية تشكل فى مجموعها مبادرة مركز الأرض من أجل فض الاشتباك اللإنسانى واللأخلاقى والغير متكافىء بين جموع الفلاحين المتعثرين، والبالغ عددهم نحو 140 ألف فلاح متعثر من خلال النقاط التالية:
1ـ الإسقاط: ضرورة أن يصدر ومن الآن ودون أى تأخير أو تسويف قرارا فوقيا بإسقاط كافة ديون الفلاحين المستحقة لحساب بنك التنمية والإئتمان الزراعى.
2ـ التعديل: ينبغى العمل على تعديل كافة القوانين واللوائح التى تنظم عمل البنك فى تعاملاته مع الفلاحين، والتى هى بمثابة سيف مسلط على رقاب الفلاحين، كذلك ضرورة إلغاء عقوبة الحبس نهائيا لما فيها من انتهاك صارخ لكرامة الفلاح، وتدمير مستقبل أسرته.
3ـ الشفافية: أن يتبنى البنك اتباع سياسة المكاشفة والمصارحة فى كل أعماله وأنشطته المختلفة، مطبقا معايير الشفافية المعمول بها فى كل المنظمات والمؤسسات المالية الدولية حماية للفلاح وصونا للأمن الوطنى وتحقيقا للسلام الاجتماعى.
4ـ المعلومات: التأكيد على حرية تداول المعلومات وتوفرها لوسائل الإعلام المختلفة عند طلبها، وكذلك إتاحة المعلومات أمام كل مصرى يرغب فى التعرف على حقيقة الوضع المالى لهذا البنك، لأنه ملك لكل المصريين وحق أصيل كفاله الدستور ينبغى عدم العبث فيه أو تغيبه.
5ـ التطوير: لابد من العمل على التركيز على الأهتمام بالعنصرى البشرى ومحاولة رفع وتنمية مهاراته وقدراته، وإكسابه العديد من الخبرات التى تمكنه من أداء عمله بكفاءة عالية وفى الوقت نفسه يتخلص البنك من الجمود والبيروقراطية في التعامل.
6ـ الحماية: ضرورة تفعيل دور إدارة الحماية الموجودة بالبنك لحماية القروض وحماية الفلاح من مخاطر الزراعة، نظرا لكونها تتسم بمخاطر عديدة منها التقلبات المناخية والطبيعية والتقلبات السعرية.
7ـ الرفع: من المهم أن ترفع الحكومة يدها عن كل أشكال التدخل والرقابة والسيطرة على التعاونيات الزراعية، وينبغى لمتخذى القرار السياسى أن يعلم جيدا أن التعاونيات الزراعية لها دور هام وحيوى ومكمل، وبالتوازى مع دور البنك ليصب الأثنين لمصلحة الفلاح والزراعة معا.
8ـ العودة: ينبغى أن يعود البنك إلى أهدافه الأساسية التى وضعت منذ تأسيسه عام 1911 كبنك للتسليف، حيث كان يستهدف في المقام الأول والأخير تحقيق هدف واحد وهو تحرير الفلاح المصري من المرابين والتسليف بفائدة عالية، وعلي مدي سنوات طويلة ظل البنك خلالها ذو مكانة عالية عند الفلاح، ويد العون والسند لكل المزارعين، يمدهم بأجود أصناف التقاوي وأفضل أنواع الأسمدة والمخصبات ويقرضهم ثمن المواشي وحتي الدواجن لحين موعد الحصاد، فيسدد الفلاح كل ما عليه مقابل رسوم قليلة أو فوائد زهيدة جداً.
9ـ الإنفاق: ضرورة ترشيد الإنفاق فيما يتعلق بمصروفات البنك لتقليل مصروفاته الإدارية التى يتحملها الفلاح، ويقوم البنك بهدرها فى أوجه البزخ والطرف وحملات العلاقات العامة والدعاية والإعلان فى صحف ومجلات لا يقرأها سوى كاتبوها.
10ـ التوعية: أن يقوم البنك وبالشراكة مع كل المنظمات الريفية الموجودة فى القرى بعمل حملات توعية وتثقيف بكل القضايا والموضوعات التى تهم الفلاح، والمرتبطة بطرق الحصول على السلف الزراعية، وكيفية التعامل معها، وعمل دراسات الجدوى للمشروعات الزراعية المختلفة وغيرها.
ثم تحدث أ.د/ أسامة البهنساوى– استاذ الاقتصاد الزراعى، كلية الزراعة بالقاهرة، جامعة الأزهر، حيث أكد أن كل المشاكل الاقتصادية التى يعانى منها الفلاح المصرى حاليا جاءت نتيجة للتطبيق السيئ لبرامج الاصلاح الاقتصادى، وعدم قدرة الاقتصاد المصرى على الوفاء بديونه تجاه الدول الاخرى.
واقترح البهنساوى اجراء برامج تعديلات هيكلية تقوم على اعتراف الدولة بفشل وسوء الادارة الاقتصادية للبنك وفرض اعادة هيكلته. كما ينبغى تطوير السياسة الزراعية والائتمانية في مصر، فمنذ عام 1976 لم يتضح أى تخطيط لرسم سياسات واضحة، ولم تتمكن الدولة من تنسيق الصلة بين السياستين. فبرغم اهمية القطاع الزراعى رفعت الدولة مجهوداتها عنه حيث كانت تتحمل ما يقرب عن نصف الاستثمارات الزراعية تحولت عن ذلك واسندت الامر الى القطاع الخاص، فاصبحت الاستثمارات الزراعية الحكومية بقطاع الزراعة 33% فقط. فضلا عن أن التسهيلات المصرفية والائتمانية التى تقدمها الحكومة لمساندة الفلاح تقلصت إلى حوالى 2.2 % فقط.
وعدد البهنساوى أسباب تراكم المديونية حيث ذكر أن هناك أسباب ترجع للبنك واخرى للفلاح، فمن جانب البنك الفساد الإدارى لموظفي البنك، ونقص المعلومات التى يحصل عليها من العملاء، وعدم القيام بالدراسات الائتمانية اللازمة، وعدم اتباع سياسات حافز الربح. أما من جانب العملاء فهو عدم الالتزام بالإرشادات البنكية، وإخفاء البيانات اللازمة عن إدارة البنك، وتعنت بعض العملاء عن السداد. ذلك إلى جانب الأسباب الناتجة عن الظروف الاخرى كالتقلبات السوقية وزيادة تكاليف الانتاج، وتعدد أسعار الصرف وتباين القوانين الضريبية التى تهدد قدرة المنتج عن السداد.
وطالب البهنساوى باعطاء فرصة للفلاحين بوقف اصدار الحكم بسجنهم حتى تشكل لجنة من الشئون الاجتماعية تبحث حالة العملاء، وقدرتهم على السداد، واسقاط المديونية عن المتعثرين بالكامل خاصة وان حبس 140 الف مزارع مصرى سوف يهدد الأمن الغذائي للمجتمع كله.
ثم تحدث أ.د/ الخولي سالم الخولي– استاذ علم الاجتماع الريفى ، كلية الزراعة بالقاهرة، جامعة الأزهر، مؤكدا على أن بداية مشكلة تعثر الفلاحين مع بنك التنمية والإئتمان الزراعى ظهرت جراء التطبيق السيئ لسياسة التحرر الاقتصادى بقطاع الزراعة، ورفع الدعم عن مستلزمات الانتاج، مما أدى إلى تدهور حال المزارع المصرى وتفاقم مديوناته.
وشدد على تشخيص المشكلة من وجهة نظر علم الاجتماع الريفي باعتبار أن التحديد السليم للمشكلة سوف يفضى إلى حل المشكلة بنسبة 50 %. ووضع تصور مستقبلي لحل هذه المشكلة أطلق عليه “نموذج الست خطوات” وأكد الخولى على ضرورة تبنى الحكومة دعم الدولة للمزارعين من خلال الصناديق الزراعية والتى تضمن حد أدنى لأسعار الزروع، مع إعفاء المتعثرين من جزء من مديونياتهم، واعادة جدولة باقى الديون المستحقة.
ثم تحدث أ.د/ شريف فياض– استاذ الاقتصاد الزراعي بمركز بحوث الصحراء، مشيرا إلى أن
الحكومة تصر على عدم الاعتراف بفشل السياسات الزراعية الحالية، ما أدى إلى تدهور حال المزارعين برفع الدعم عنهم وتركهم فريسة للفقر. وذكر أن مشكلة تعثر الفلاحين عن السداد إلى إنحرافه عن الهدف الذى انشأ من أجله، وهو دعم صغار المزارعين وحمايتهم من المرابين وتحوله إلى بنك تجارى.
وأكد فياض على أن هناك جريمة ترتكب في حق عشرات الآلاف من الفلاحين اذا لم تسقط عنهم الحكومة مديونياتهم باعتبارهم من الفقراء، وليسوا من رجال الاعمال، وطالب بأن تكون الضمانات المطلوبة من البنك لتحرير القروض لا تشتمل على الحيازات الزراعية سواء الأرض أو الحيوانات المزرعية أو المسكن، ويكون الضمان جزء من المحصول لا يزيد عن خمسه. كذلك على البنك أن يقدم القروض العينية لتوفير مستلزمات الانتاج لمنع المتاجرة فيها على حساب الفلاحين، كما يجب على الحكومة الألتزام بأسعار الضمان لحماية المزارعين من المخاطر التى قد يتعرضون لها.
ثم تحدث أ/ سعد هجرس– مدير تحرير جريدة العالم اليوم، لافتا النظر إلى أن التلويح بتحويل ملفات آلاف من الفلاحين المتعثرين، والعاجزين عن تسديد مديونياتهم لبنك التنمية والإئتمان الزراعى إلى القضاء، بما يتضمن ذلك من احتمالات قوية بحبسهم، يمثل إهدارا للحق الدستورى في ضمان حماية الفلاح والعامل الزراعى من الاستغلال وممارسة التمييز ضده الذى يخالف الدستور، برفع المساواة بينه وبين رجال الأعمال التى اسقطت الدولة مديونياتهم. وأشار هجرس بأن تصريح وزير الزراعة بالتهديد بتحريك الدعوى القضائية ضد الفلاحين تمهيدا لحبسهم، يضعه موضع الرجل غير المسئول لأنه يهدد السلام والأمن الاجتماعي، ويساعد على مزيد من تدهور الأنتاج الزراعى واستفحال الفجوة الغذائية، وزيادة الاعتماد على الاستيراد من الخارج.
وحمل هجرس البنك وفروعه فى استخدام أساليب تتحمل الحكومة القدر الأكبر منها بسياساتها العشوائية وهى تصرفات فاسدة لموظفي البنوك تستغل أمية الفلاحين، وعدم وعيهم، وبالتالى الإيقاع بهم فى فخ السلف والقروض، الأمر الذى أدى إلى تعجيز آلاف من الزراع عن السداد.
وأكد هجرس على أنه يلاحظ فى مختلف دول العالم كالولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الاوروبي والصين وغيرها تدعم انتاجها الزراعى بشكل مباشر أو غير مباشر، بعكس الحال في مصر، رغم أن الفلاح المصرى يحمل عبء 70% من اقتصاد مصر.
وأوصى هجرس بضرورة الحاجة إلى إصلاح زراعى جديد، معتبرا أنه لابد من قيام حركة فلاحية ديموقراطية سليمة، وقيام حركة تعاونية حقيقية هى بداية في طريق الإصلاح الزراعى الجديد.
وفى النهاية اكد المشاركون على ضرورة رفع توصيات الورشة للرئيس مبارك لاسقاط ديون الفلاحين وحماية حقوقهم فى الحرية والامان والحياة الكريمة
لمزيد من المعلومات رجاء الاتصال بالمركز
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
الموقع : www.Lchr-eg.org