16/12/2008

ينظم مركز الأرض لحقوق الإنسان بالتعاون مع مجموعة إلى البحر دور التابعة لمركز دراسات اللاجئين والهجرة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ورشة عمل بعنوان: ” هجرة الشباب المصرى واقع أليم ومستقبل مجهول!! ”

تأتى هذه الورشة فى ظل تكرار حوادث الهجرة غير الشرعية خلال الأشهر القليلة الماضية للكثير من الشباب المصري إلي بلدان أوروبا المتوسطية‏,‏ بعد ان تدهورت اوضاع حقوق الانسان فى مصر خاصة الحق فى العمل اللائق والامن , فمن خلال الحوادث اليومية التي تنشرها الصحف الأوروبية عن القبض علي ـ وإيجاد جثث ـ مهاجرين أفارقة علي الشواطئ الأوروبية وأكثرها الشواطئ الإسبانية التي لا يفصلها عن أفريقيا وتحديداً المغرب سوي أربعين كيلو متراً، فقد أشارتقرير صدرمؤخراً عن الأمم المتحدة عن دوافع الشباب لهذه الهجرة أن أسباب الهجرة الجماعية غير الشرعية يعود إلى ازدياد أعداد الشباب فى دول العالم الثالث، وتناقص وتدهور فرص واوضاع العمل، إضافة إلى زيادة حدة الفوارق بين الدول الغنية والفقيرة، كما ازداد الوعى بهذه الفوارق وأصبح السفر متاحا للجميع بسبب التقدم الذى حدث فى الاتصالات الدولية ووسائل السفر، فى الوقت الذى تقلصت فيه منافذ الهجرة الشرعية.

‏وتشير العديد من التقارير الدولية إلى زيادة عدد ضحايا الهجرة غير الشرعية من البلدان العربية خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة 300%، مما يمثل استنزافاً مستمراً للموارد البشرية لدول الجنوب، فالعمال المهاجرون لا يمثلون عبئاً بأى حال من الأحوال على البلدان المضيفة، بل على العكس من ذلك أنهم يمثلون قيمة مضافة فعلية، فقد ذكرت الحكومة البريطانية أن العمال المهاجرون المقيمون فى المملكة المتحدة أضافوا 4 مليارات دولار امريكى إلى الميزانية البريطانية خلال عامى 1999/2000 ، اى أنهم دفعوا ضرائب وساهموا فى الضمان الاجتماعى اكثر مما حصلوا على منافع، وفى المانيا تؤكد دراسة اجراها معهد بحوث السياسات العامة أن المهاجرين قد ساهموا فى الخزينة العامة بأكثر من 10%، وفى اسبانيا ثبت ان اكثر من 25% من دخل البناء كان من العمال المهاجرين، وفى الولايات المتحدة الامريكية انتج العمال المهاجرون دخلاً قومياً اضافياً بلغ 8 مليار دولار امريكى خلال عام واحد، وتؤكد دراسة لمنظمة العمل الدولية انه بدون الهجرة سوف تنخفض مستويات المعيشة الاوروبية فى عام 2050 إلى 78% مما هى عليه اليوم.

ورغم ذلك فالمهاجرون معرضون بشكل خاص لانتهاك حقوقهم النقابية وحقوق العمل، حيث تعتبر ظروف عمل عدد كبير منهم سيئة، وقد تتسم بالعمل الجبرى والاجور المنخفضة فى بيئة عمل رديئة إضافة إلى غياب الحماية الاجتماعية، وتفشى ظاهرة العنصرية والتمييز.

لذلك فعلى كافة الحكومات احترام الحقوق الانسانية للعمال المهاجرين وأسرهم كما وردت بالاتفاقيات الدولية الصادرة عام 1990، وتطبيق مبدأ المساواة فى الفرص والمعاملة، ومعايير العمل الاساسية فى البلدان المضيفة. وفى الوقت نفسه وبالتوازى يجب العمل على توفير فرص العمل اللائق فى البلدان النامية، حيث أن غياب ذلك يسمح بالهجرة من الوطن الام الى الدول المضيفة.

وينبه مركز الأرض ومجموعة الى البحر دور إلى ضرورة معالجة مشكلات واسباب هجرة الشباب المصرى غير الشرعية إلى أوروبا بابعادها الاقتصادية والاجتماعية والانسانية والقانونية ولعل الخسائر المادية التى يتكبدها المهاجر واسرته لا تقارن بالانتهاكات التى يتعرض لها خاصة اذا علمنا ان المهاجر قد يتعرض للاعتقال والحبس والترحيل بل والموت مما يؤدى إلى ضياع مستقبله وحياته، كما أنها تمثل إساءة لسمعة الحكومات وصانعى السياسات حيث يتحول البحث عن عمل إلى مقبرة تلتهم الشباب سواء كان من خلال غرقهم فى البحر المتوسط أو القبض عليهم على حدود الدول الأوربية التى يقصدونها، وعندما يصل عدد هؤلاء الشباب المصرى ما بين الموتى غرقا أو المقبوض عليهم حوالى 500 ألف شاب مصرى تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 40 عاما خلال الخمس سنوات الأخيرة. فإننا نكون أمام مشكلة كبرى يجب البحث لها عن حلول.

ويلفت مركز الأرض ومجموعة إلى البحر دور النظر إلى لجوء الشباب إلى سماسرة السوق حيث تنتشر على الحدود مع ليبيا فى بعض محافظات الصعيد والوجه البحرى عصابات للنصب على الشباب، تتقاضى من كل شاب يريد السفر قرابة 30 ألف جنيه بدعوى توفير فرصة عمل له فى أيطاليا أوغيرها من دول أوروبا ثم يهربون بهذه الأموال دون أن يحاسبهم أحد، وتنتهى رحلة الشباب إما بالموت أو السجن والترحيل. ونتيجة لعدم توفر الوعي لدى هؤلاء الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية يلقون حتفهم وهم في طريقهم إلى أحد الموانىء الاوروبية حيث يتم تسفيرهم على متن مراكب قديمة ومتهالكة والنتيجة غرقهم وسط مياه البحر وحتى من ينجو منهم ويصل إلى ايطاليا فانه يعتبر مخالفاً للقوانين الإيطالية، ويتم إعادته مرحلاً مهاناً إلى بلده مرة أخرى. واصبحت الهجرة غير الشرعية مؤخراً السوق السوداء للاتجار بالشباب والبشر.

ويؤكد مركز الأرض ومجموعة الى البحر دور إلى وجود طرق عديدة لتهريب المهاجرين غير الشرعيين، منها الطرق البرية عن طريق التسلل إلى ليبيا، حيث يتم تهريب المهاجرين منها إلى إيطاليا ومالطا أو عن طريق الأردن يتم تهريب المهاجرين إلى قبرص واليونان أو تركيا. هذا وتعيد ايطاليا وليبيا وسوريا ودول أخرى مئات المصريين الى بلادهم كل شهر تقريبا بعد فشلهم في الهجرة غير الشرعية اليها أو انطلاقا من أراضيها.وفى نفس الوقت هناك فراغ تشريعى لجرائم الاتجار بالبشر ومنها استغلال الشباب المهاجرين حيث لا يوجد قانون أو نصوص واضحة تعالج وتجرم المتسببين فى الهجرة غير الشرعية، وعلي المستوي العملى فان اجراءات التعامل مع المتورطين في هذه الرحلات، سواء كانوا اقارب الضحايا أو مهاجرين مرحلين أو بصدد الذهاب، أو وسطاء، أو مهربين، أو قادة قوارب من الصيادين، فان اجراءات التعامل الأمني معهم يشوبها التعسف واساءة استخدام السلطات لحقوق هؤلاء الضحايا والمتهمين بل أنها تخضع فقط لممارسات أمنية عديدة تنتهك حقوقهم وتجرمهم فى معظم الأحوال، كما أن عملية ضبط وإحضار المهربين تخضع أيضاً لممارسات أمنية غير قانونية بل وحتى غير أخلاقية تشمل القبض العشوائى والحبس دون وجه حق أو احكام قضائية أو محاكمات عادلة

وطبقاً لبعض التقارير قامت أجهزة الامن المصرى ضبط 630 قضية هجرة غير شرعية وصل عدد المتهمين فيها الى نحو 1000 متهم خلال عام 2007 فقط، وتم الكشف عما يزيد على 50 تشكيل عصابي يقوم بتهريب الشباب المصري الى الخارج خلال العام نفسه.

وفى هذا الصدد تؤكد ملفات قضايا مركز الأرض لحقوق الإنسان على وجود المئات من الحالات التى تم اعتقالها دون اتهام وعقب الافراج عنها من المحاكم اصدرت وزارة الداخلية قرارات جديدة باعتقالها لتعيد لنا وزارة الداخلية من جديد وعبر قضايا الهجرة غير الشرعية ظاهرة الاعتقال المتكرر وتطبيق قانون الطوارئ والتى تطبقه الدولة على المنتمين الى التنظيمات الاسلامية حيث تم اعتقال اكثر من مائتين مواطن فقط من قرية برج مغيزل محافظة كفر الشيخ والقرى المجاورة لها خلال الثلاثة شهور الماضية بدعوى وجود علاقة بينهم وبين بعض الضحايا من المهاجرين غير الشرعيين!!.

وتؤكد الإحصائيات أن معظم الشباب الذين يهاجرون بطريقة غير شرعية من محافظات الغربية، والمنوفية، والشرقية، والدقهلية وتعد محافظة الفيوم أكثر المحافظات المصرية ارتفاعا في نسبة هجرة الشباب لأوروبا، فمن أكثر القرى الفيومية التى اشتهرت بسفر شبابها إلى أوربا قرية ” تطون ” حيث تعد الأشهر على مستوى الجمهورية في هجرة الشباب إلى إيطاليا، و يقدر عدد أبنائها بايطاليا حوالي 6 آلاف شاب من بين 40 ألف نسمة هم إجمالي سكان القرية وهناك قرى كثيرة فى مصر هاجر معظم شبابها الى دول اوروبية فى محافظات الدقهلية والمنوفية والبحيرة .

واكد استطلاع رأي أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء مؤخراً حول موقف الشباب من الهجرة وأوضحت النتائج أن‏19%‏ منهم ‏ يرغبون في الهجرة إلي الخارج‏,‏ وأن‏88%‏ من هؤلاء برروا ذلك بالسعي لتحسين ظروف معيشتهم‏ بسبب معاناة معظم من البطالة .بالإضافة إلي ذلك فإنه إذا ما تبين أن التصنيف المهني للمهاجرين غير الشرعيين يضع غالبيتهم العظمي ضمن العمال والفلاحين والحرفيين‏,‏ لتبين بالفعل أسباب هجرتهم مع تدهور أوضاع العمال بعد بيع مؤسسات القطاع العام‏,‏ وتدهور اوضاع حقوق الانسان فى الريف المصرى والصعوبات التي يواجهونها هؤلاء الشباب في التعبير عن آرائهم بشأن المشكلات التي يواجهونها‏.وفي ضوء ارتفاع أعداد الشباب المصري المهاجر بطرق غير شرعية والنتائج السلبية المترتبة على ذلك فإن ثمة آلية ينبغى العمل بها لمواجهة هذه الظاهرة حيث يتعين على وزارة القوى العاملة والهجرة وبالتنسيق مع كافة أجهزة الحكومة المصرية من أجل إعداد خطة استراتيجية تعتمد فى المقام الأول على إحداث تنمية حقيقية وجادة فى ربوع ريف مصركله مع التركيز على القرى التى يتكرر فيها حدوث هذه الظاهرة للتعامل معها، من أجل حماية مستقبل آلاف الشباب المصرى باعتبارهم ثروة بشرية وطنية يجب الحفاظ عليها.هذا وفى الوقت الذى توقعت فيه المنظمة الدولية للهجرة فى تقرير أصدرته مؤخراً ازدياد الهجرة غير الشرعية جراء الازمة الاقتصادية التى يشهدها العالم الآن والتى لايمكن تقدير حجم هذه الزيادة نظراً لطبيعتها، لكنها اكدت ان حوالى 15% من المهاجرين في العالم غير شرعيين .

وفى هذا السياق دعا وزير الداخلية الايطالي مؤخراً دول الإتحاد الأوربى الى تبني قرار ينص على وقف استقبال العمال القادمين من خارج الاتحاد الاوروبي لمدة سنتين معتبراً أن اجراء كهذا سيحمي المهاجرين الموجودين في ايطاليا وغيرها من آثار الازمة الاقتصادية العالمية.ومما لا شك فيه أن مثل هذه المعالجات والاجراءات تؤدى لمزيد من تدهور اوضاع وحقوق المهاجرين وكان اولى بحكومات دول الاتحاد الاوروبى القيام بمزيد من الاجراءات الحمائية لتعزيز حقوق المهاجرين ووقف تدهور اوضاعهم وحث حكومات الجنوب على معالجة اسباب الظاهرة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية بدلاً من فرض المزيد من الاجراءات التعسفية والامنية التى تؤدى الى اعتقال المهاجرين وتعيد من جديد انتاج الظاهرة.

ويشدد مركز الأرض ومجموعة إلى البحر دور على أن تحسين التنمية الاقتصادية وإحداث تقدم ونهضة حقيقية لقدرات المجتمع المصرى فى كل المجالات يعد بديل للهجرة غير الشرعية ويمكن ان يتم ذلك عن طريق سياسات جديدة تقوم على اساس التعاون يبن كل الاطراف الحكومية وغير الحكومية المعنية بعالج هذه الظاهرة لاتاحة هذه البدائل وبالتعاون مع حكومات الاتحاد الأوروبي لحماية حقوق المهاجرين وتوفير فرص عمل امنة تعزز حقوقهم الانسانية .

وتأتى هذه الورشة من أجل بحث هذه القضايا التي تم رصدها، ومراجعة القوانين المحلية المرتبطة بالهجرة غير الشرعية، والتعرف على المواثيق الدولية التي يمكن الاستنارة بها في تصميم القوانين المحلية، و التعرف علي الضغوط السياسية التي تؤثر علي الاجراءات القانونية المرتبطة بحرية التنقل ما بين الدول من ناحية، والواقع الاجتماعي الذي يفرز هذه الظاهرة ومعالجة السياسات والقوانين التى تحكم التعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وما يمكن عمله لتبنى سياسات وقوانين بديلة متفهمة لطبيعة الظاهرة، وأسبابها، وذلك من خلال ثلاثة محاور أساسية هى:
– الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية للهجرة غيرالشرعية…رصد انتهاكات حقوقية.
– القوانين المحلية والممارسات الأمنية والتعامل مع الهجرة غير الشرعية بين النظرية والتطبيق.
ـ الوضع الدولى ورؤية القانون الدولى والتشريعات الدولية لظاهرة الهجرة غير الشرعية. ‏

ونحن إذ نشكر لكم الحضور لورشتنا والتى تبدأ فعالياتها الساعة العاشرة صباحاً وحتى الساعة الخامسة عصراً يوم الخميس الموافق 18/12/2008 بمقر مركز الأرض لحقوق الإنسان بالقاهرة، أملين مشاركتكم لاثراء النقاش حول هذه القضة الهامة دعماً لحقوق المهاجرين وصوناً لكرامتهم وحقوقهم الانسانية .

لمزيد من المعلومات رجاء الاتصال بالمركز

تليفون وفاكس / 25750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
الموقع : www.Lchr-eg.org