12/2/2005

السيدات و السادة

  • ها نحن اليوم و بهذه الجلسة العمومية التي ينظمها المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة الرباط، للإنصات لشهادات بعض ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ندخل في تطبيق برنامجنا المتعلق بالأنشطة العمومية للاستماع لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المنظم تحت شعار “شهادات بدون قيود من أجل الحقيقة”

    و كما تعلمون فإن هذه الأنشطة التي ستمتد من يومه 12 فبراير إلى يوم 14 ماي المقبل تضم عدة أنشطة أبرزها :

      • شهادات للضحايا تنظم بالرباط و خنيفرة و الحسيمة و مراكش.
      • شهادات للنساء ضحايا لانتهاكات الجسيمة تنظم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.
      • شهادات لضحايا النفي القسري تنظم بباريس.
      • شهادات المحامين الذين آزروا الضحايا أثناء المحاكمات غير العادلة.
      محاكمة رمزية للمسؤولين المشتبه في ارتكابهم انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
  • إن هذه الأنشطة تدخل في إطار اهتمامنا ومواكبتنا المستمرة لملف الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على قاعدة الكشف عن الحقيقة بشأن هذه الإنتهاكات وعدم إفلات المسؤولين عنها من العقاب وإنصاف الضحايا و المجتمع و إيجاد الضمانات لعدم تكرارها مستقبلا.

    إنها تدخل كذلك في إطار مواكبة أعمال هيئة الإنصاف و المصالحة التي مرت عشرة أشهر على الانطلاق الرسمي لأشغالها.

    و إننا من خلال جلسة اليوم، و من خلال الأنشطة العمومية المقبلة التي ستنظمها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، نريد أولا و قبل كل شيء المساهمة في تكريم ضحايا الانتهاكات، و نريد أن نعبر مجددا عن تضامننا ومؤازرتنا التامين لعشرات الآلاف من أبناء شعبنا الذين ذهبوا ضحية للقمع السياسي العنيف و للبطش و العبث بحقوق الإنسان في بلدنا، الذين ذهبوا ضحية الإختطاف و الاعتقال التعسفي و التعذيب و النفي القسري والإعدام خارج نطاق القانون، و القتل الجماعي أثناء الهزات الاجتماعية الكبرى و غير ذلك من الانتهاكات الجسيمة.

    نريد أن نؤكد أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ستواصل مع حلفائها في الحركة الحقوقية و مع كل الديموقراطيين والديموقراطيات ببلادنا، مسارها النضالي للمساهمة في معالجة ملف الانتهاكات الجسيمة على أساس احترام قيم ومبادئ و معايير حقوق الإنسان الكونية.

    أيها السادة و السيدات
    هناك من لايزال يتساءل حول أهداف الجمعية من وراء أنشطتها المكثفة بشأن ملف الانتهاكات و نحن نجيب:

  • إن الجمعية من خلال هذه الشهادات تترجم مطلبا مشتركا للحركة الحقوقية ببلادنا حول الكشف عن الحقيقة، كل الحقيقة بشأن واقع الانتهاكات التي عاشتها بلادنا منذ الاستقلال إلى الآن. نريد الحقيقة حول المسؤوليات الفردية والمؤسساتية بشأنها. نريد الحقيقة حول المختطفين المجهولي المصير: إذا كان هناك أحياء من بينهم فليرجعوا فورا لعائلاتهم، و إذا كانوا من عداد الأموات فلتكن الحقيقة عما جرى وتسليم الرفات لذويهم. نريد الحقيقة التي تمكننا من إعادة كتابة صفحة الماضي بشكل موضوعي، وآنذاك قد لا تكون هنالك فائدة لطيها مادامت ستصبح جزءا من ذاكرتنا الجماعية و عبرة للأجيال القادمة.
  • ثانيا إن الجمعية واستنادا إلى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تتشبث بالمساءلة، ولذلك طالبنا وما زلنا نطالب وبشكل واضح الدولة المغربية بأن تتحمل مسؤولياتها بشأن مساءلة المتورطين في الانتهاكات الجسيمة و اتخاذ الإجراءات اللازمة لمتابعتهم قضائيا في ظل قضاء مستقل، كفء ونزيه، يوفر شروط المحاكمة العادلة.
  • ثالثا إن الجمعية تطالب بالإنصاف، إنصاف الضحايا و ذويهم، إنصاف الجماعات و المناطق المتضررة، إنصاف المجتمع ككل، الذي عانى و ما يزال من الرعب من جراء الانتهاكات الجسيمة. والإنصاف يتطلب جبر الأضرار والتعويض المادي و المعنوي العادل عن هذه الإنتهاكات.
  • رابعا إن الجمعية تريد أكثر من هذا و ذاك، مستقبلا بدون انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان و هو ما يستوجب أولا و قبل كل شيء اعتراف الدولة و بشكل صريح بمسؤولياتها عن الانتهاكات الجسيمة مع تقديم اعتذار رسمي بشأنها. إن مستقبلا بدون انتهاكات جسيمة يستوجب كذلك في نظرنا كجمعية إصلاحات واسعة و عميقة سياسية واقتصادية واجتماعية و قانونية و مؤسساتية وقضائية و في مقدمتها إقرار دستور ديموقراطي. و من هنا مغزى الشعار الذي اختارته الجمعية لمؤتمرها السابع المنعقد في أبريل الماضي “من أجل دستور ديموقراطي في خدمة حقوق الإنسان ومغرب بدون انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.

    هذه هي الشروط الأساسية لضمان المصالحة التي تطمح إليها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و سائر القوى الديموقراطية ببلادنا. لكن أي مصالحة نعني و نريد؟ إنها طبعا مصالحة المواطن والمواطنة و المجتمع مع الدولة، التي هي المسؤول الأول و الأخير عن الانتهاكات الجسيمة . إن الانتقال إلى دولة الحق و القانون هو الشرط الأساسي للمصالحة المنشودة.

    و ما دون ذلك سيظل ملف الانتهاكات الجسيمة مفتوحا و لن يتمكن أي قرار سياسي أو إداري أو قانوني من إغلاقه، تماما كما وقع في الماضي حيث كل محاولات الإغلاق التعسفي للملف على أساس الحلول الجزئية و غير المبدئية باءت بالفشل.

    السيدات و السادة
    قبل إنهاء هذه الكلمة، لا بد أن نشير بأن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مع حلفائها في الحركة الحقوقية المنظمة المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف و داخل هيئة المتابعة لتوصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة، اعتبرت أن تشكيل هيئة الإنصاف و المصالحة هو مكسب لنا، جاء بفضل نضالات الحركة الديموقراطية و من ضمنها الحركة الحقوقية وعائلات الضحايا. إلا أنه مكسب لم يستجب سوى جزئيا لمطالب الحركة الحقوقية و هو ما يفسر اختيارنا كحركة حقوقية لشعار المواكبة النقدية و الاقتراحية لعمل هيئة الإنصاف و المصالحة و اختيارنا لمواصلة عملنا المستقل و الموازي لعمل الهيئة. و الذي يتجسد اليوم في هذا النشاط العمومي.

    كلمة أخيرة: إننا نشكر كل من ساهم في توفير شروط تنظيم هذا النشاط وضمنهم وزارة الثقافة التي مكنتنا من هذا الفضاء ونسجل التعامل العادي للسلطات المحلية مع نشاطنا ونتمنى أن يظل صدر السلطات رحبا في تعاملها مع الأنشطة المقبلة للجمعية.

    ومجددا نتوجه بالشكر لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الذين لم يترددوا في المساهمة في الكشف عن مآسي الماضي والحاضر ومن خلالهم كل من ناضل ولازال ضد الطي غير العادل لملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.