15/9/2005

بقلم: مفتاح

في مقابلته الأخيرة مع مجلة نيوزويك الأميركية، جدد رئيس الوزراء الاسرائيلي، آريئيل شارون، أن إسرائيل ستعزز الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، مشيرا الى ان هذه الكتل ستظل جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل

وشاركه في هذا التأكيد وزير الدفاع في حكومته شاؤول موفاز الذي تعهد بتوسيع مستوطنات معاليه ادوميم وارئيل وغوش عتصيون، منوها بان وزارته سوف تستكمل عملية بناء الجدار الفاصل حول الكتل الاستيطانية المذكورة حتى منتصف العام المقبل.

وأكد شارون في المقابلة أن أحد الأسباب وراء الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة هو تعزيز قبضة إسرائيل على الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية.

جاءت تصريحات شارون هذه الجديدة في تحد صارخ للمجتمع الدولي الذي مثل أمام جمعيته العامة ليتباكى عن الثمن المؤلم الذي دفعته حكومته لتسحب قواتها من غزة، مستغلا بذلك حركات الاحتجاج والمشاهد المختلفة للإخلاء.

فشارون سيجبي مكاسب كثيرة في الجلسة الراهنة للأمم المتحدة، حيث من المتوقع أن يعقد لقاءات مع ممثلي العديد من الدول العربية والإسلامية التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل التي خضعت للضغوط الأميركية لمكافأة شارون على تطبيق خطته للانفصال عن غزة.

شارون يذهب إلى الولايات المتحدة وهو مطمئن أن أحدا لا يملك القدرة للضغط عليه لاستئناف عملية السلام وتطبيق خارطة بما تتضمنه من وقف للأنشطة الاستيطانية. فهو يقول بصراحة أن سبب الانفصال عن غزة هو تعزيز الاستيطان في الضفة والقدس.

ومن الأمثلة الساطعة على اطمئنان شارون ما نقله عنه صوت إسرائيل من حديث له مع شمعون بيرس، في 3 تشرين أول 2001 حيث قال: “في كل مرة نقوم بشيء، تقول لي أن أميركا ستفعل هذا وستفعل ذلك، لكنني أريد أن أقول لك شيئا واضحا: لا تقلق بشأن الضغوط الأميركية على إسرائيل. نحن الشعب اليهودي نسيطر على أمريكا، والأميركيون يدركون ذلك.”

يدا شارون ملطخة بدماء آلاف الفلسطينيين منذ قيادته للوحدة 101 التي نفذت مجزرة العوجا وقبيا في 1953، ومسؤوليته عن مجازر قطاع غزة في العام 1971 ومجازر المخيمات في صبرا وشاتيلا في العام 1982، وليس أخيرا مجازره الكثيرة خلال انتفاضة الأقصى.

وحري التذكير بقرار مجلس الأمن رقم 1322 الذي صدر في 7 تشرين أول عام 2000 الذي يدين الزيارة الاستفزازية التي قام بها شارون الى الحرم الشريف في 28 ايلول 2000 ويلومه لاندلاع الانتفاضة. ويشار الى ان التصويت على هذا القرار كان 14 صوتا مقابل صفر بعد امتناع الولايات المتحدة.

فالأحرى بأعضاء الجمعية العامة أن يحاكموه على جرائمه العديدة بحق الشعب الفلسطيني والتي اعتبرها القانون الدولي جرائم ضد الانسانية. أما وإذا قام المجتمع الدولي بمكافأة شارون من خلال الهرولة إليه، كما حدث مع الباكستان وأندونيسيا والحبل على الجرار.. فهذه ستكون الطامة الكبرى وعلى المجتمع الدولي السلام.

ونذكر المجتمع الدولي أن ميثاق جنيف الخاص بحماية المدنيين ينص في مادته 146 “تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ أي إجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية، المبينة في المادة التالية.

وتوضح المادة 147 الجرائم على أنها: “التي تتضمن أحد الأفعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية : القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة، والنفي أو النقل غير المشروع، والحجز غير المشروع

وإكراه الشخص المحمي على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية، أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وغير متحيزة وفقاً للتعليمات الواردة في هذه الاتفاقية، وأخذ الرهائن، وتدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية.”

فهل ينتصر القانون أم تصدق مقولة الفيلسوف الألماني نيتشه من أن: “الحق هو القوة، والقوة هي الحق، و ما عدا ذلك يعتبر هراء وهباء سواء كان قانونا ً أو أخلاقا ً أو دينا ً … وما يصدر من الأقوياء هو الحق، وما يصدر من الضعفاء هو الشر، وإن الضعفاء يجب أن يموتوا”!!