10/12/2005

يصادف اليوم- العاشر من كانون الأول- يوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تضافرت على إعداده جهود دول العالم في سعيها الحثيث للنهوض بمستوى الإنسان وضمان حمايته من كافة الانتهاكات التي مورست ضده سابقا وللحيلولة دون وقوع المزيد من الانتهاكات مستقبلا.

ولكن، أي احتفال هذا الذي يحتفله العالم بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان! حيث أهدرت كرامة الإنسان في فلسطين وكان الانتهاك الصارخ لحقوقه الإنسانية واقعة يومية تبين التناقض السافر بين هذا الإعلان وبين ما يحدث على أرض الواقع.

فبينما تنص المادة (3) من الإعلان على أن ” لكل فرد حق في الحياة والحرّية والأمان على شخصه” لا يملك الإنسان الفلسطيني شيئاً من هذا في ظل الاحتلال الإسرائيلي، لا حق له حتى في أبسط مقوّمات الحياة، والحرية باتت مطلباً يكاد يكون مستحيلاً، أمّا الأمان فقد أصبح من كماليّات العيش.

أما المادة رقم (5) فتقول: “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا المعاملة السيئة أو اللاانسانية أو الحاطّة بالكرامة”، والشعب الفلسطيني يعذّب يومياً في سجون الاحتلال الإسرائيلي ولا يتمتع بحقوق الأسرى، بالإضافة إلى المعاملة القاسية واللاانسانية التي يلقاها الفلسطينيون على الحواجز العسكرية الإسرائيلية، وما أكثرها.

المادة (9) أيضاً ينتهكها الاحتلال دون أي رادع، حيث تنص المادة على أنه:” لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسّفاً”، أما الاحتلال فله رأيه المخالف تماماً. له الحق باحتجاز كل من يشتبه بأنه مهدد للأمن الإسرائيلي حتى دون أي دليل يذكر، له كل الحق في مهاجمة البيوت ليلاً والعيث فيها فساداً وبث الهلع بين السكان. كما دأب على نفي الفلسطينيين إلى قطاع غزًة.

ما سلف ذكره لم يكن إلا بعض الأمثلة القليلة على انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان، التي أيضا لا تتورًع عن ضرب قرارات الأمم المتحدة والجمعية العامة عرض الحائط. قرار شرعية أو قانونية المقاومة للاحتلال والكفاح المسلّح هو حق تقرًه الجمعية العامًة ويتكرر نصًه منذ عام 1975 وهو تأكيد ” شرعية كفاح الشعوب في سبيل الاستقلال والسلامة الإقليمية والوحدة الوطنية والتحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية ومن التحكم الأجنبي بكل ما تملك هذه الشعوب من وسائل بما في ذلك الكفاح المسلح”. إلا أن إسرائيل تنكر على الشعب الفلسطيني هذا الحق وتعتبره إرهابا.

على ذكر المقامة وحق فلسطين في الكفاح يتبادر للذهن ذكرى الانتفاضة الفلسطينية الأولى والتي صادفت يوم أمس 09/12/2005. في مقال نشر في مجلّة “قضايا إسرائيلية”، يتحدّث المؤلف الإسرائيلي – شلومو سبيرسكي- عن مدى تأثير الانتفاضة الأولى على إسرائيل، في فترة اندلاعها حتى أيّامنا هذه. يقول:” إن ثمن احتلال الضفة الغربية كان متدنيا نسبيا من وجهة النظر الإسرائيلية من عام (1967-1987). لكن منذ اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987 بدأت إسرائيل تدفع ثمن الغطرسة……، لكن رغبة الفلسطينيين المتكرًرة في العودة الى ساحة القتال مرة بعد مرة كي يعبروا عن طموحهم لتأسيس حياة قومية مستقلة، أصبحت تشكل منذ عام 1987 تهديدا مزمنا للاستقرار الاقتصادي والسياسي في إسرائيل”.

بهذا يكون واضحا أن الانتفاضة الفلسطينية الأولى قد كانت النًقلة النوعية الأولى التي أدّت إلى زعزعة الكيان الإسرائيلي وتكون قد شكًلت دخولا فلسطينيا إلى مسرح الأحداث السياسية والدبلوماسية. فقد كانت هذه الانتفاضة حركة جماهيرية عفوية و غير مسلًحة اندمجت في سياقها مختلف القوى الفلسطينية ما أدى إلى بث نوع من التوعية في العالم، لفت الأنظار إلى الشعب الفلسطيني المحتل الذي قاوم بأبسط الوسائل لنيل حياة مستقلة.

بين ذكرى الانتفاضة الأولى وذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نجد من المناسب جداً التطرق لحق العودة الخاص باللاجئين حيث يصادف يوم غد ذكرى اصداره من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو القرار(194) الصادر بتاريخ 11 كانون الأول 1984. وتنص الفقرة (11) من القرار على: ” إن الجمعية العامة وقد نظرت في الحالة في فلسطين من جديد/ تقرر وجوب السماح للاجئين الراغبين بالعودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم بأن يفعلوا ذلك في أقرب وقت ممكن عملياً، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة، عن كل فقدان أو ضرر أصاب الممتلكات ويتوجب بمقتضى مبادئ القانون الدولي وعملا بروح الإنصاف على الحكومات والسلطات المسئولة التعويض عنه”.

نص القرار واضح وصريح، رغم ذلك يتنكر الإسرائيليون لهذا القرار وتطرح إسرائيل العديد من المشاريع والحلول والتي تهدف تصفية هذه القضية كونها قضية شعب له حق تقرير المصير.

قضية اللاجئين هي أبرز معالم القضية الفلسطينية لما تحتويه من معاناة إنسانية من كل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية علاوةً على كونها قضية سياسية، وجوهرها حق تقرير المصير الذي كفلته الشرائع الدولية وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة.

الشعب الفلسطيني يتوق للحصول على الحقوق الأساسية، المكفولة دولياً، إلا أنه محروم من حقّه بالحرية وحقه في الحركة بسبب الحواجز المنتشرة. هو أيضاً يفتقد للعديد من الحريات الأخرى التي تكفلها قوانين حقوق الانسان.

وعليه، فان جميع منظمات حقوق والقوى المحبة للسلام في العالم، مطالبة بالتضامن مع الشعب الفلسطيني المضطهد، من أجل إعادة حقوقه ولم شمله وحق الحرية لآلاف من الذين غيّبوا في السجون، وحق استعادة الممتلكات والأراضي الذين هجروا قسرا وشتتوا في أصقاع المعمورة.