28/12/2005
بعد طول بحث ومشاورات، قررت حركة حماس وبعد مداولات مستفيضة شملت مختلف مؤسساتها وهيئاتها القيادية في الداخل والخارج بما في ذلك أسراها في السجون الإسرائيلية، المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة.
يرى الكثيرون أن مشاركة “حماس” في انتخابات التشريعي تناقضاً فاضحاً مع مواقف الحركة الرافضة لاتفاقات “أوسلو” والتي على أساسها أقيمت السلطة الفلسطينية، مما يعني أن قبول حماس لما كان مرفوضاً عام 1996 سيؤدي لتغييرات جذرية على الساحة السياسية الفلسطينية وداخل الحركة أيضاً. ويرى البعض أن القرار بالمشاركة قد يكون بمثابة بوابة لتحول “حماس” إلى حزب سياسي. لكن حماس ترى أن انتفاضة الأقصى قد تجاوزت “أوسلو” وأن مشاركة الحركة تنطلق من التغييرات التي أحدثتها هذه الانتفاضة، وأن الأوضاع الحالية لم تعد أبدا محكومة باتفاقات “أوسلو”.
ومع اقتراب الانتخابات الفلسطينية وما صاحبها من أزمة فعلية انتابت الفصيل الفلسطيني المركزي، حركة فتح، يعرب الأوروبيون عن خشيتهم من اتجاه الأمور في المنطقة إلى اكتساح المقاومة الفلسطينية المعارضة لصناديق الاقتراع وبروزها كطرف لا يمكن تجاوزه في المستقبل. وقد بات هذا جلياً خلال الموقف الأوروبي تجاه احتمال فوز حركة حماس في انتخابات التشريعي، حيث لوّح المنسق الأعلى لشؤون السياسة الخارجية والدفاع للاتحاد الأوروبي، “خافيير سولانا” بوقف المعونات للسلطة الفلسطينية إذا ما فازت حماس في الانتخابات التشريعية.
ورغم أن مشاركة حماس في المجلس التشريعي لا تعني بالضرورة مشاركتها في حكومة السلطة، إلا أن “سولانا” قال: “أنه من الصعب جداً أن يكون شركاؤنا في المستقبل أحزاباً لا تدين العنف…..دون أن تغيّر هذه المواقف”، وأضاف ” أن الاتحاد الأوروبي لن يحول دون مشاركة “حماس” في الانتخابات – كما هو موقف إسرائيل- ولكن المشكلة تكمن بعد الانتخابات التي ستجري يوم 25/ كانون الثاني المقبل”.
أما موقف الكونغرس الأمريكي فلم يكن مفاجئاً حيث أعلن رفضه القاطع لمشاركة حماس في الانتخابات التشريعية قبل أن تعترف بـ “حق إسرائيل في الوجود” وتدين ما يسمى “الإرهاب” وتتخلى عن أسلحتها بصفة دائمة وتفكك بنيتها الأساسية “الإرهابية”.
والجدير بالذكر أن كل من الكونغرس الأمريكي ودول أوروبا من أكثر الدول حثّاً على الديمقراطية، حيث تدّعيان الحاجة الماسة والدائمة لاشاعة الديمقراطية في العالم بما في ذلك دول الشرق الأوسط، إلا أننا لا نلمح أيّاً من وجوه هذه الديمقراطية في مواقف كل منهما من مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية. فعلى الدول التي تدعي “الديمقراطية” أن تحترم اختيار الشعب الفلسطيني أياً كانت نتائجه لأن الخيار الفلسطيني في النهاية سيكون وليد عملية ديمقراطية.
أما الموقف الإسرائيلي فهو متناغم تماماً مع موقف الكونغرس الأمريكي، حيث اعتبرت إسرائيل فوز حماس في الانتخابات البلدية التي جرت مؤخراً حدثا بالغ الخطورة وأن من شأن هذا التطور إضفاء صبغة شرعية على الحركة مما سيزيد من قوتها وتأثيرها، الأمر الذي يضع العراقيل أمام الجهود الدولية لتجريد الحركة من أسلحتها. كما هددت إسرائيل بمنع فلسطينيي القدس الشرقية من التصويت إذا ما شاركت حماس في الانتخابات.
على إسرائيل، “واحة الديمقراطية” – كما تدعي أن تقبل نتائج اللعبة الديمقراطية الفلسطينية حتى وان فازت حركة حماس، وأن تدرك ان ذلك يعني تزايد شعبية تلك الحركة بين الفلسطينيين، وأن حماس جادة في عزمها القيام بدور سياسي.
لقد اجمعت الفصائل الفلسطينية على اجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 25 كانون الثاني المقبل، وأياً كانت نتائجها، يجب على الجميع تقبّلها بما في ذلك إسرائيل والكونغرس الأمريكي والاتحاد الأوروبي، ترسيخاً للعملية الديمقراطية وحق الشعب الفلسطيني كغيره من الشعوب في اختيار ممثليه وتقرير المصير.