9/1/2006
انخفض مؤخرا شعور المواطن الفلسطيني في غزة و الضفة بالأمن الشخصي إلى مستوى متدني بسبب بلوغ حالة الفوضى والفلتان الأمني في مناطق السلطة الفلسطينية إلى حد غير مسبوق في ظل عجز السلطة ومؤسساتها عن وضع حد لهذا التدهور ومحاسبة المسئولين عنه.
إن آثار الفلتان الأمني بالغة السوء على الواقع الفلسطيني الداخلي، كافيا لحث الجميع على التحرك وبسرعة للحد من هذه الفوضى ووقف عشوائية انتشار السلاح في الأراضي الفلسطينية،
فقد بات واضحا أن الأجهزة الأمنية والحركات المسلحة هي المسئولة عن معظم مظاهر الفلتان الأمني حيث لم تعد تردعها أية قوانين أو مبادئ ولم تعد تحتكم لأي سلطة أو نظام سياسي أو التزامات أخلاقية، فنجم عن ذلك عدة مخاطر تهدد استقرار البيت الفلسطيني وتهدد الأمن الوطني بأسره مما يؤدي إلى الهاء الشعب الفلسطيني عن تحقيق أماله في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة ، خاصة إذا ما أدت هذه الفوضى إلى تراجع الدعم الدولي للقضية الفلسطينية مع ما صاحب هذه الظاهرة من خطف للأجانب والإساءة لأناس تركوا أوطانهم من أجل دعم الشعب الفلسطيني وتحصيل حقوقه.
ما يزيد من خطورة آثار هذا الفلتان هو عجز السلطة عن وضع حد له، خاصة وان السلطة حاليا مطالبة بالوفاء بالكثير من الاستحقاقات الداخلية بعد تنفيذ خطة ” الانسحاب أحادي الجانب” من مدينة غزة، وفي حال استمرت هذه الظاهرة من الفلتان فان هذا سيمد الدعاية الإسرائيلية بمزيد من الأدلة لتؤكد للعالم أنه لا يوجد في الجانب الفلسطيني من يستحق إن يتسلم المسؤولية على مزيد من المناطق في الضفة الغربية. وتأكيد الرواية الإسرائيلية إزاء غياب الشريك الفلسطيني وتبرير السياسات العدوانية الإسرائيلية ومواصلة سياسات الاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري واقامة الحواجز العسكرية ومصادرة الأراضي وهدم البيوت بحجة عدم قانونيتها.
ولتفويت هذه الفرص على إسرائيل يجب الخروج من حالة الارتباك والانشغال بالقضايا الداخلية بقصد المنافسة، والانتقال إلى الاعمار والتوعية والإصلاح ورعاية مصلحة الشعب برمته، لأن ما يهدد المستقبل الفلسطيني بات خطيرا جدا وللعمل على تخطيه وجب إنهاء المظاهر المسلحة وإنجاح استحقاقات الانتخابات التشريعية والتي إذا ما تمت بنجاح ونزاهة وشفافية فسوف تعكس مدى وعي الشعب الفلسطيني للمصلحة العامة والبعد عن التفرّد وتقديم المصالح الوطنية العليا على المصالح الفئوية.
ولاستكمال خطوات معالجة الفلتان الأمني فقد آن الأوان لإعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني وتحديد وظائفه على أسس جديدة بناء على سلّم الأولويات الوطنية. أما إعادة الاعتبار للقضاء الفلسطيني واحترام قراراته بحيث يكون المرجعية النهائية للسلطة فيجب إن تكون الخطوة التالية والتي ستضمن الحد من مظاهر الفلتان الأمني وتفاقمه بالشكل الأمثل.
وأخيرا، ومن أجل التوصل إلى ما فيه خير الجميع، يجب أن يضمن النظام السياسي الفلسطيني احترام سيادة القانون وقرارات مؤسسات القضاء والاحتكام لها ، وإدراك مدى أهمية أن يكون المجلس التشريعي هو المرجعية الأساسية من اجل ضمان عمل جميع الأجهزة الأمنية في إطار القانون فقط، ومحاسبة جميع الخارجين عنه والمتورطين في إحداث العنف والفوضى حتى يطمئن المواطن الفلسطيني إلى أن الجميع سواسية أمام القانون وان غياب هذه المساواة هو الذي يشجع الناس على تجاوزه.
.