30/1/2006
رغم إجماع جميع المراقبين الدوليين والمحليين على نزاهة وشفافية عملية الانتخابات التشريعية الفلسطينية، الا ان الذين تفاجئوا بنتيجتها، لم يرق لهم الفوز الساحق الذي حققته حركة حماس، فأخذوا يضعوا الشروط المتعددة للتعامل مع حكومة حماس المقبلة ومنها الاعتراف باسرائيل وتغيير ميثاق الحركة الذي يدعو لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي والتخلي عن سلاحها ونزع اسلحة جميع الفصائل المقاومة الأخرى والاعتراف بكافة الاتفاقات التي وقعتها السلطة مع الاحتلال الاسرائيلي. وهي ذات الشروط الاسرائيلية التي تبنتها الولايات المتحدة على الفور وتلتها بعض دول الاتحاد الاوروبي والدول الغربية الاخرى التي اتخذت خطوات عملية بتجميد العديد من مشاريعها في المناطق الفلسطينية في محاولة للضغط على حماس لتغيير وتليين مواقفها.
الفوز الحمساوي الساحق، لا تتحمل مسؤوليته فقط السلطة الفلسطينية بكل ممارساتها الخاطئة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وانما تمتد المسؤولية الى الاحتلال الاسرائيلي بسياساته التدميرية لمؤسسات السلطة واضعافها وعزلها. ومن الناحية السياسية، الجمود الاسرائيلي وتغييبه لآلية التفاوض واستبدالها بفرض الاجراءات احادية الجانب، كما حدث على سبيل المثال مع الانسحاب أحادي الجانب من غزة. كما يتحمل ذلك المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي اخفق في منع إسرائيل من التمادي بإجراءاتها وممارساتها وبخاصة في مجال التوسع الاستيطاني السرطاني ونهب المصادر الطبيعية الفلسطينية ومواصلة بناء جدار الضم والفصل العنصري، رغم الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي يقول بعدم قانونيته ويطالب اسرائيل بتعويض المتأثرين منه.
المواقف الدولية ازاء القضية الفلسطينية كانت في مجملها تحابي الموقف الاسرائيلي على حساب الحقوق المشروعة دوليا للشعب الفلسطيني، والا لماذا بقيت القضية الفلسطينية، وهي أقدم قضية مطروحة على الأمم المتحدة، لم تحل لغاية الآن. فللأسف، اختار المجتمع الدولي العمل بمقولة الفيلسوف الألماني نيتشه “الحق هو القوة، و القوة هي الحق، و ما عدا ذلك يعتبر هراء و هباء سواء كان قانونا ً أو أخلاقا ً أو دينا ً … وما يصدر من الأقوياء هو الحق، وما يصدر من الضعفاء هو الشر، و إن الضعفاء يجب أن يموتوا.”
فهل يريد المجتمع الدولي من خلال ضغطه الدبلوماسي وحصاره المالي لحماس، تجويع الشعب الفلسطيني ودفعه للثورة على حماس؟ وهل سينجح في ذلك؟ وهل يستطيع المجتمع الدولي إبطال الشرعية التي حصلت عليها حماس من غالبية الشعب الفلسطيني عبر تجفيف منابع الدعم؟
الأجوبة على هذه الأسئلة، ستجيب عليها حماس في المستقبل المنظور. وبدورنا، ندعو السلطة الجديدة للشعب الفلسطيني عمل كل ما بوسعها من أجل استنهاض المجتمع الدولي وتحسين صورة الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية للحصول على الدعم العربي والعالمي لقضيتنا العادلة على جميع المستويات لضمان عدم عزلنا دوليا. وداخليا، العمل على إعادة الكرامة للمواطن الفلسطيني واسترداد ثقته بسلطته والقضاء على كافة المظاهر السلبية التي اعترت المسيرة السابقة، وإعادة الاعتبار للقانون الدولي.