3/7/2006

تدخل قضية الجندي المختطف مراحلها الحرجة، بخاصة بعد انتهاء المهلة الاسرائيلية والمهلة المصرية وقيام الفصائل التي تحتجز الجندي على تحديد مهلة خاصة بها لانهاء ملف القضية، الأمر الذي ينذر بتصعيد العدوان من جانب الاحتلال الاسرائيلي الذي يترافق مع حصار تجويعي على الشعب الفلسطيني وبخاصة في قطاع غزة لم يسبق له مثيل، وعقب اقدام حكومة الاحتلال على خطف ثلث اعضاء الحكومة الفلسطينية والعديد من أعضاء المجلس التشريعي، هذا الحدث الذي يليق بعمل العصابات كما وصفته حركة ميرس وليس بدول تحترم ذاتها في المجتمع الدولي.

الحكومة الاسرائيلية، لا تريد لغاية الآن النزول عن الشجرة العالية التي صعدت عليها، وبخاص بعد ان أعلن رئيسها في احدى لقاءاته الوزارية انه سيقوم بالتصعيد ضد الشعب الفلسطيني حتى يدرك هذا الشعب ان رب البيت قد جن! الأمر الذي وجد ترجمته في نسف وتدمير البنى التحتية الفلسطينية وبخاصة الجسور وأنابيب المياه، ناهيكم عن تدمير محطة توليد الكهرباء في غزة، وقصف الجامعات والمدارس والمؤسسات الخيرية، هذه الجرائم التي بررتها اسرائيل بأنها تأتي لمنع الفلسطينيين من نقل الجندي الى خارج القطاع!! وهي نفس الجرائم التي صنفتها منظمات حقوق الانسان انها جرائم حرب تستحق العقاب.

الجميع يدرك ان العدوان الاحتلالي ضد قطاع غزة، لم يكن وليد ردة فعل على اسر الجندي من قاعدته العسكرية الملاصقة لقطاع غزة، وإنما جاءت ضمن خطة مبرمجة وممنهجة تستهدف القضاء على السلطة الفلسطينية ومؤسساتها وبخاصة بعد سيطرة حركة المقاومة الاسلامية عليها، لتقويض أي فرصة في اقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا الى جنب قرب دولة الاحتلال.

والكل يعي أن برنامج حكومة الاحتلال الحالي يقوم على قاعدة غياب الشريك الفلسطيني والحلول أحادية الجانب لرسم حدود دولة الاحتلال من جانب واحد بعد سرقة ما يطيب لها من أراضي فلسطينية في الغور وتلك التي تقوم عليها المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية اضافة الى عزل القدس المحتلة عن محيطها الفلسطيني.

وعليه، فان حادثة أسر الجندي جاءت فقط لإخراج هذا المخطط إلى حيز التنفيذ. غير ان السلوك الحكومي العدواني الاسرائيلي يأتي بخلاف آراء الشارع الاسرائيلي الذي يؤيد التفاوض مع الخاطفين بغية اطلاق الجندي المختطف وان كان الثمن تحرير بعض الأسرى الفلسطينيين، والذي يعارض ايضا ضرب البنى التحتية الفلسطينية، خشية لجوء الفلسطينيين للانتقام من خلال ضرب البنى التحتية الاسرائيلية.

وعلى ما يبدو ان اولمرت يجازف بحكومته التي تتعرض لمحاولات حجب الثقة لفشلها في جلب الأمن والازدهار للمواطنين الاسرائيليين، وتواصل ارتكاب المجاز بحق الفلسطينيين وبخاصة الأطفال، مما لطخ صورة اسرائيل في العالم وبخاصة العالم الغربي. كما انه لم يتقدم بأي خطوة للأمام بمواقف حكومته تجاه عملية السلام وبخاصة بعد ان توصلت جلسات الحوار الفلسطينية الى التوافق على وثيقة الأسرى.

على الجميع الادراك ان السلام لا يعقد الا مع الأعداء والسلام لا تصنعه فوهات البنادق وانما الحوار والمفاوضات كما ان الأمان للشعب الاسرائيلي لن يجلبه الجدار او خطة الانطواء. ونقول لحكومة الاحتلال اذا كان الهدف من العدوان الذي تشنه على الفلسطينيين يستهدف اضعاف حركة المقاومة الفلسطينية وتقوية المعتدلين في الجانب الفلسطيني، فسيكون له نتائج عكسية، وللتيقن من ذلك ننصحهم بالتمعن بمداخلات اعضاء المجلس التشريعي من مختلف القوى خلال جلستهم الطارئة المنعقدة في 3/7 والذين اجمعوا على إدانة العدوان ودعمهم للحكومة الفلسطينية.

وأخيرا، هل تنصت حكومة الاحتلال لمنطق العقل وتنهي الأزمة الراهنة بما يسعد أهل الجندي المختطف وأهالي الأسرى الفلسطينيين، أما انها ستتواصل في غيها وعدوانها لتبكي المزيد من الأمهات، فأما آن الآوان لحكومة الاحتلال النزول عن الشجرة!