11/7/2006

منذ ان شنت فصائل المقاومة الفلسطينية هجومها على الموقع العسكري الاسرائيلي في كرم ابو سالم، حتى عملت ماكنة العلاقات العامة الاسرائيلية بكل قوتها لتجنيد صمت الرأي العام العالمي لما ستقوم به من أعمال وردود فعل على العملية الفلسطينية التي وصفها بعض المحلليين الاسرائيليين أن منفذيها يتحلون بقدر كبير من الجرأة. ومنذ بدء العدوان الاسرائيلي البري والبحري والجوي على قطاع غزة، لم تتعدى ردود الفعل الدولية مطالبة الطرفين بضبط النفس أو التقدم بعروض الوساطة لحل ما ترتب عن ذلك من أزمة.

وهذا ما شجع حكومة الاحتلال على الاقدام على قصف الأهداف المدنية المتمثلة بمحطة الكهرباء الرئيسية وخط المياه، إضافة الى تدمير المدارس والجامعات والمؤسسات الأهلية، ناهيكم، عن استخدامها القوة المفرطة في قتل الفلسطينيين وبضمنهم المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ. وهذا بخلاف الحرب التجويعية والحصار المشدد الذي يمنع إدخال المواد الغذائية والوقود وحتى الأدوية وغيرها من الممارسات غير الإنسانية التي يستهدف منفذوها الضغط على الشعب الفلسطيني لهزيمته في إطار ما يسميه قادة الاحتلال “كي الوعي” الفلسطيني، أي بمعنى آخر جعل الشعب الفلسطيني يشطب من وعيه كل حقوقه التي أجازتها وأقرتها الشرعية الدولية.

وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أولمرت للصحافة الاجنبية في 10/7، قال انه يشارك الرئيس بوش الرؤيا بحل الدولتين. وإذا كان صادقا فيما قال، فلماذا يتشبث بشعار غياب الشريك، ويصر على استجابة الحكومة الفلسطينية لشروطه التي مررها على ما يسمى المجتمع الدولي، وفي ذات الوقت يرفض وبكل قوة الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على 22% من أرضه التاريخية، أي حدود 67، ويصر على عزل الضفة عن غزة وعزل شمال الضفة عن جنوبها وغربها عن شرقها من خلال إقامة جدران، وظيفتها الوحيدة الفصل العنصري والاستيلاء على ما تبقى من مصادر طبيعية فلسطينية.

وأضاف أولمرت أن عدوانه على غزة سيتواصل وأنه لن يتفاوض – وشدد على ذلك – مع الحكومة التي تقودها حماس، وأنه مستعد للحديث مع الرئيس عباس اذا اثبت الأخير قدرته على قيادة السلطة، أي يفهم من ذلك انه ينظر الى الرئيس الفلسطيني على انه ضعيف يتعين عليه اثبات ذاته وقوته!!

ومن جهة أخرى، قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية، حماس، ان حركته والشعب الفلسطيني بأسره لن يقبل بالافراج عن الجندي بدون مقابل. الأمر الذي يوسع الهوة بين الطرفين، وينذر بمواصلة كل طرف التعنت برأيه. وعليه، فان المنطقة مرشحة لمواصلة العيش في دائرة العنف والعنف المضاد، مما يستدعي تدخل أطراف خارجية، لمساعدة الطرفين على التوصل لحل وسط ينذر بانهاء دائرة العنف والعنف المضاد والعمل على حل الأزمة بين الطرفين عن طريق المفاوضات.

فدعوات ضبط النفس وعدم اللجوء للقوة المفرطة واحترام قوانين حقوق الانسان وقوانين الاحتلال الحربي، لم تعد تفي بالغرض المنشود، وخاصة وان الهوة بين الطرفين آخذه بالاتساع، مما يستدعي التدخل وبشكل سريع من قبل دول المجتمع الدولي التي تؤمن بالحل السلمي للنزاعات وان السلام يقام بين الأعداء. والسؤال المطروح من يتطوع من دول ما يسمى المجتمع الدولي لكسر حاجز الصمت، والعمل الدؤوب والجاد والمخلص لانهاء دائرة العنف والعنف المضاد في المنطقة؟!