9/10/2006
ما زال الزميل المصور الصحافي اسامة السلوادي طريح الفراش فاقدا للوعي في غرفة العناية المكثفة، منذ أن أصيب برصاصة طائشة وهو واقف على شرفة مكتبه وسط مدينة رام الله خلال ما درجت العادة عليه من اطلاق للنار خلال مراسم تشييع جثامين الشهداء. وبحسب الأطباء فان الرصاصة اخترقت صدره واستقرت في العمود الفقري بعد أن أحدثت أضرارا بالغة في النخاع الشوكي مما ينذر بامكانية اصابته بالشلل – لا سمح الله.
وأمس توجهت جاهة عشائرية الى بلدة سلواد لابرام صك عشائري وعطوة لمدة ثلاثة أشهر من قبل ممثلين عن واحد من أصل أربعة شبان كانوا في السيارة التي انطلقت منها الرصاصة التي أصابت السلوادي. لكن هل يعيد الصك العشائري وفنجان القهوة السلوادي الى حياته الطبيعية في كنف اسرته وأطفاله الثلاث؟!
لطالما انتقدت ظاهر اطلاق الرصاص في الأفراح والاتراح ولطالما انبرى الكتاب في التصدي لهذه الظاهرة دون جدوى. ولطالما سبق الزميل السلوادي الكثير من الضحايا من أبناء شعبنا الذين سقطوا ضحايا هذا الرصاص. وفي معظم الأحوال يفلت الفاعلون دونما عقاب او رادع خاصة بعد تفشي ظواهر انعدام الأمن والأمان في أرجاء الاراضي الفلسطينية المحتلة، حيث ان أمن المواطن والمواطنين لم يحتل أولوية الجهات القائمة على الأوضاع الفلسطينية المنشغلة بأمور أخرى.
لقد عرف الزميل السلوادي بدماثة الخلق وولعه الشديد بمهنته، مهنة المتاعب والمخاطر، حيث انه عرض نفسه للخطر المحدق في أكثر من مناسبة خلال عمله على كشف الجرائم الاحتلالية، حيث أن وطنيته المتقدة دفعته لأن يكون في الصفوف المتقدمة في المواجهة، باحثا عن مكان له بين الرصاص ليطلق العنان لآلة التصوير حتى تسجل وتوثق جرائم الاحتلال.
لقد أحب السلوادي فلسطين شعبا وأرضا. أحب ريف فلسطين وطبيعة فلسطين، وجسد ذلك من خلال تعاونه مع المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية ( مفتاح) في إصدار كتاب “ها نحن” في إطار المحاولات الحثيثة لمواجهة السرقة والنهب الذي تتعرض له ذاكرة الفلسطينيين تراثا، تاريخا وجغرافية. صدر “ها نحن” لرسم خارطة فلسطين جغرافيا وتاريخ، ووجوه وصور، ثقافة وحضارة، وأيضا لحظات وقف الزمن عندها ولم يتغير.
من المؤسف أن تخترق صدر السلوادي، العامر بالحب والانتماء لشعبه ووطنه، رصاصات فلسطينية طائشة أطلقها عابث، مستهتر بأرواح المواطنين. فهل من النضال تصويب البنادق الى غير غايتها؟! وهل من النضال إطلاق النار في الأماكن العامة؟ وقد يحق للمرء أن يتساءل أين تختفي كل تلك البنادق خلال الاجتياحات الاحتلالية؟! ولماذا لا تظهر الا للاستعراضات الداخلية؟!
فلتكن الحادثة المؤسفة التي تعرض لها الزميل المصور الصحفي، الذي نتمنى له الشفاء العاجل، محطة للتوقف عندها أمام هذه الظاهرة الانفلاتية التي تعرض حياة المواطنين والأمن العام للخطر، مما يتسدعي المسؤولين في هذا البلد وبخاصة القائمين على الأمن ممارسة دورهم في حفظ الأمن والنظام العام، ومحاسبة كل المتورطين في التعدي على المواطنين وممتلكاتهم ليكونوا عبرة لغيرهم وليتسنى وضع حد لهذه الظاهرة المسيئة للشعب الفلسطيني.