4/11/2006
عدوان دموي جديد تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة حصد العشرات من أرواح الفلسطينيين من شيوخ ونساء وأطفال في ساحات بيت حانون المحاصرة في القطاع، أو في مناطق متفرقة من الضفة الغربية التي تشهد عمليات اجتياحات واغتيالات يقوم بها الاحتلال في ما اطلق عليه عملية “غيوم الخريف،” التي اعتبرتها الولايات المتحدة، وللآسف الشديد، دفاعا عن النفس ضد الصواريخ الفلسطينية.
وهذا الموقف الأميركي، تفسره حكومة اولمرت – ليبرمان الاحتلالية على انه ضوء أخضر للمضي في حصد ارواح الفلسطينيين، على أمل ان ينجح رئيسها في رفع شعبيته الهابطة والثقة المتراجعة به، حيث تشير آخر استطلاعات الرأي وسط الاسرائيليين أجرته صحيفة هآرتس ان 70% من الإسرائيليين غير راضين عن أداء إيهود أولمرت كرئيس للحكومة، مقابل 20% فقط عبروا عن رضاهم. ولدى سؤال المستطلعين عما إذا كانوا يصدقون إدعاءات أولمرت بشأن القضايا المتعلقة به والتي يجري التحقيق فيها، أجاب 66% من المستطلعين أنهم لا يصدقونه، مقابل 21% فقط.
هذا في حين أظهر استطلاع آخر أجرته صحيفة يديعوت، أن الأغلبية الساحقة من الاسرائيليين (80 في المائة يعتقدون بان الفساد هو المشكلة المركزية لاسرائيل (مقابل 74 في العام الماضي)، أكثر من الفقر والفارق بين الاغنياء والفقراء (73 في المائة)، من العنف (74 في المائة) ومن النزاع مع الفلسطينيين (73 في المائة).
وعليه، فان قرار حكومة أولمرت – ليبرمان بشن العدوان على غزة او تصعيد القتال ضد الفلسطينيين قد يفسر على انه يصب في صالح خدمة مصالح شخصية آنية، للطغمة الحاكمة في حكومة الكيان الاسرائيلي، هذه الحكومة التي تعتبر الأكثر ضعفا وتفتقد للقادة التاريخيين وحتى للبرنامج السياسي الذي سقط في اوحال العدوان على لبنان!! أي بمعنى آخر هم يسعون لتصدير أزماتهم باتجاه ما يعتبروه بالخطر الخارجي القادم من الجوار الفلسطيني!!
وتلحق هذه السياسة الاحتلالية، بالشعب الفلسطيني الكثير من الخسائر في الأرواح والممتلكات، وهي السياسة الدموية التي لا تصب في إدعاءات نشد السلام لساسة الاحتلال مع الجار الفلسطيني. فهذا العدوان الدموي يصب فقط في تأجيج مشاعر الغضب والكراهية والعداوة ما بين الطرفين ويغذي روح الانتقام التي قد تولد موجة مضادة من العنف.
السياسات التي يمارسها الاحتلال في المناطق الفلسطينية المحتلة، تصنف بحسب القانون الدولي على أنها جرائم حرب لأن الاحتلال لا يحترم قوانين الاحتلال الحربي في محاربته للشعب الفلسطيني، حيث يتم قتل معظم الفلسطينيين وهم في أوضاع غير قتالية، باستخدام الدبابات والطائرات والصواريخ وغيرها من القوة المفرطة التي يحرمها القانون. ويتمادى الاحتلال في قتله للفلسطينيين وغطرسته، طالما أن المجتمع الدولي لا يعمل بجدية وحزم على وقفه والتصدي له، انطلاقا من واجب صيانة واحترام اتفاقيات جنيف لحقوق الانسان وبخاصة الاتفاقية الرابعة لحقوق الانسان، الداعية لحماية المدنيين في أوقات الحرب.
وداخليا، يتعين في هذا العدوان الاحتلالي أن يحث مختلف فئات وفصائل وأحزاب الشعب الفلسطيني على تكاتف الجهود والتوحد حول برنامج للحد الأدنى يتفق عليه الكل الفلسطيني ويكفل في إخراجهم من مأزقهم الراهن الذي تستغله حكومة الاحتلال في التحريض ضد الشعب الفلسطيني وتأليب المجتمع الدولي لمواصلة حصاره وتضييق الخناق عليه.
فلقد آن الآوان لاعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، كونها أكثر القضايا عدالة وإنسانية وأقدمها في المحافل الدولية. كما ثبت للقاصي والداني ان الحل لهذه القضية لا تصنعه فوهات البنادق او تفرضه نيران الصواريخ والدبابات او من خلال محاولات تركيع الشعب الفلسطيني بما يسمى سياسة “كي الوعي الفلسطيني،” حيث أثبتت التجربة التاريخية أن كل الضغوط على الشعب الفلسطيني لا تزيده إلا إصرار وتمسكا بحقوق التاريخية التي كفلته له الشرائع الدولية.
وعليه، فللخروج من حالة استعصاء حل هذه القضية، على الاحتلال أن يفهم ان يصل لقناعة انه لا يستطيع السيطرة على أكثر من 3 ملايين فلسطيني الى ما لا نهاية، كما ان عليه اللجوء لاسلوب التفاوض المتكافؤ البعيد عن فرض الاملاءات والشروط.
والى حين ذلك، يتعين بالمجتمع الدولي الضغط على القوة القائمة بالاحتلال لاعادة النظر بسياستها، فبعض كل التجارب المريرة لحل النزاع، والتي اثبتت فشلها وعجزها، يستحق تجربة سبل أخرى!! فكما ينكر المجتمع الدولي على اللاعبين الدوليين من غير الدول حق اللجوء للقوة لفض النزاعات، يجدر التنكر على القوة القائمة بالاحتلال حق مواصلة واستمرار الاحتلال!!