6/2/2006
تعاني سورية منذ (43) عاماً من حالة الطوارئ التي فرضت يوم الثامن من آذار عام 1963، إبان الانقلاب الذي جاء بحزب البعث إلى السلطة. وعلى الرغم من إقرار دستور دائم للبلاد عام 1973 إلا أن المادة (153) من هذا الدستور عطلت نفاذ مواد الدستور الجديد المحتوي أصلاً على عيوب جسيمة، لأنها أبقت على حالة الطوارئ، وما استتبعها من قوانين استثنائية، وإجراءات تعسّفية، ومحاكم ميدانية.. نافذةً حتى إشعار آخر لم يحن موعده حتى هذا اليوم، بحجة المواجهة مع العدو الخارجي.
وعلى مدار السنين، تضخّمت حالة الطوارئ في سورية لتشمل سنّ المزيد من القوانين القمعية العرفية والاستثنائية المحددة للحريات، وإنشاء المحاكم الخاصة الاستثنائية.. وبناءً على حالة الطوارئ غير المبررة فتحت السجون والمعتقلات، وزجّ بالآلاف في السجون، حيث تعرّضوا لمختلف أشكال التعذيب، بينما اختفى أكثر من (17000) سجيناً سياسياً في المعتقلات، يعتقد أنهم قتلوا تحت التعذيب، أو في المجازر الجماعية، أو في الإعدامات الجماعية التي نفذت في سجن تدمر، وسجن المزة، وفروع المخابرات والأمن في المحافظات السورية، بموجب محاكمات ميدانية عسكرية صورية، لم تكن تتوفر فيها أبسط شروط العدالة والنزاهة.
وقد شملت إجراءات القمع والاضطهاد، في ظلّ قانون الطوارئ والأحكام العرفية، على مدى ثلاثة وأربعين عاماً، كلّ الشرائح السياسية والمجتمعية، والعرقية.. ولا يزال في السجون السورية أعداد كبيرة غير محددة، من المعتقلين بسبب آرائهم ومعتقداتهم وانتماءاتهم الفكرية والسياسية.. إذ ترتّب على إعلان حالة الطوارئ واستمرارها، تركّز جميع السلطات بيد فئة مارست أحادية الحكم وشموليته على أوسع نطاق، وأغلظت في التعامل مع المواطنين، وارتكبت العديد من المجازر التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء مثل مجازر حماة وحلب وجسر الشغور وسرمدا والقامشلي وسواها…
وقد أثبتت السلطة الشمولية الحاكمة في سورية، فشلها التام في معالجة كافة القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإثنية التي واجهت البلد، ولجأت إلى سياسة القمع الشديد، والمعالجات الأمنية لكلّ الملفات، بناء على مرجعية حالة الطوارئ وأحكامها وقوانينها الاستثنائية.
و في الوقت نفسه، فشلت هذه السلطة في التعامل مع الملفات الخارجية الشائكة بدءاً بملف الأراضي السورية المحتلة، وملفات أخرى لا تقل أهمية وخطورة على البلاد.
إن استمرار إعلان حالة الطوارئ، خلال عشرات السنين، أوصل البلاد إلى حالة من التمزّق السياسي والاجتماعي، والشلل الاقتصادي، والفساد المتفشّي، ونهب الثروات، وتغوّل الأجهزة الأمنية والمخابراتية على كافة مرافق الحياة. ونظراً إلى أنّ النظام في سورية، ما يزال مصرّاً على هذا النهج القمعي الاستبدادي الاستئصالي، من خلال استمرار فرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية على البلاد، رغم كلّ النداءات الصادرة عن الأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان ومجموعات المجتمع المدني، ولذلك قررت اللجنة السورية لحقوق الإنسان إعلان يوم الثامن من آذار من كل عام (للعام الثالث على التوالي) يوماً وطنياً لمناهضة حالة الطوارئ، وتدعو إلى إصلاح الخلل الذي تسببت به هذه الحالة الشاذة على مدى (43) عاماً، في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية في سورية، وتدعو المواطنين السوريين، وأصدقاء سورية، والمدافعين عن حقوق الإنسان في كلّ مكان ، إلى اعتصامٍ سلميّ أمام السفارات السورية، في مختلف الدول، يوم الاثنين 8 آذار (مارس) 2006 للمطالبة بما يلي:
رفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية .
إلغاء كافة المحاكم الاستثنائية .
إبطال كافة القوانين القمعية والاستثنائية التي صدرت في ظل حالة الطوارئ وقف الاعتقال التعسفي والملاحقات خارج إطار القانون والقضاء الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، ومعتقلي الرأي والضمير والتعويض على المتضررين بسبب سنوات السجن والأمراض الناتجة عنها.
إعادة الاعتبار للمجردين من حقوقهم المدنية، والتعويض عما لحق بهم من أضرار السماح بعودة المنفيين والمهجّرين قسرياً أو طوعياً، بضمانات قانونية.
فتح ملف المفقودين، والكشف عن مصيرهم، وتسوية أوضاعهم القانونية، والتعويض على ذويهم.
إعادة الجنسية السورية للمواطنين الأكراد السوريين الذين جُرّدوا منها بدون وجه حق، خلافاً لأحكام الدستور، والتعامل مع قضاياهم بروح الجد والمسؤولية.
إطلاق الحريات العامة بما فيها حرية التعبير، وتشكيل الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية.. والسير بالبلاد نحو الحياة الديمقراطية.
وتنفيذاً لذلك، فقد قررت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في لندن، القيام باعتصام سلمي أمام السفارة السورية في لندن يوم الأربعاء الثامن من آذار القادم (من الساعة الواحدة وحتى الثالثة ظهراً)، للمطالبة بإلغاء حالة الطوارئ وتحقيق المطالب الإنسانية السالفة الذكر.
وتناشد اللجنة السورية لحقوق الإنسان، المواطنين السوريين في العواصم الأخرى، المسارعة إلى ترتيب اعتصامات مماثلة في هذا التاريخ.
هذا وستضيف اللجنة لاحقاً أسماء الجهات التي ترغب في الاشتراك في هذا الاعتصام حسب ورودها اللجنة السورية لحقوق الإنسان