19/11/2007

أصدر مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان تقريراً بعنوان ” ملاحظات حول انتخابات مجلس النواب الأردني الخامس عشر” . تكون التقرير من 23 صفحة، وعالج قانون الإنتخابات و أنظمة الانتخابات المعمول بها في المملكة الأردنية الهاشمية، و حاول تحليل و استنتاج أثر كلٍ من الإجراءات المتبعة في العملية الانتخابية على نتائج الانتخابات مستنداً في التقرير إلى المعايير الدولية الخاصة بالرقابة على الانتخابات، ومراحل العملية الانتخابية بدءاً من البيئة القانونية التي تُجرى فيها الانتخابات، و إعداد سجلات الناخبين، و تحديد الدوائر الانتخابية و عدد المقاعد فيها، مروراً بالترشح و الحصص المحددة التي مُنحت للنساء و الأقليات، ثم كيفية تعامل وسائل الإعلام و لا سيما الرسمية منها مع العملية الانتخابية، و انتهاءاً بآليات الرقابة المتبعة و الطعون الانتخابية.

وتجنب مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان في تقريره معالجة موضوعات الاقتراع والفرز وإعلان النتائج في الدوائر الانتخابية كون إجراءات الحكومة و وزارة الداخلية المشرفة على هذه الانتخابات حالت دون السماح لمراقبي المركز و نظرائهم من بقية مؤسسات المجتمع المدني بالمراقبة الحرة للانتخابات، الأمر الذي عنى أن هذه الانتخابات لم تُجرَ بشفافية و وضوح يمكنان من الحكم على مدى نزاهتها.

ومن مجمل الملاحظات التي رصدها مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان و تحليله للبيئة القانونية، خلص إلى الآتي:

  1. لا ينسجم قانون الانتخاب المعدل لسنة 2003 والمعايير الدولية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بمعايير الانتخابات الحرة والنـزيهة، و لا سيما فيما يتعلق بإدارة الانتخابات، و تحديد الدوائر، و ضمان بعض الحقوق الأخرى كالتعددية السياسية و تشكيل الأحزاب و الجمعيات العامة، و غير ذلك من الحقوق.
  2. يعكس قانون الانتخاب بما يمنحه من صلاحية لوزارة الداخلية في إدارة الانتخابات و إغفاله النص على تشكيل هيئة انتخابية مستقلة لإدارة العملية الانتخابية مدى سيطرة السلطة التنفيذية على العملية الانتخابية، و يضعف أيضاً الإشراف القضائي على الانتخابات، و من شأن هذا إحداث خلل في مبدأ توازن الفصل بين السلطات، و يعزيز من سيطرة الحكومة على السلطتين الأخريين و بخاصة التشريعية؛ لأن سلطة الحكومة قادرة على التأثير على نتائج انتخابات السلطة التشريعية.
  3. ينتقص قيام وزارة الداخلية بوضع حدود الدوائر الانتخابية و تحديدها لعدد المقاعد في كل دائرة من معايير عادلة تأخذ بعين الاعتبار عدد السكان أو عدد المسجلين للانتخابات عند تحديد عدد المقاعد. ففي حين حصلت بعض الدوائر على نسبة مقاعد تقل بكثير عن نسبة المسجلين فيها حصلت محافظات ودوائر انتخابية على نسبة مقاعد تصل احياناً إلى ضعف نسبة المسجلين فيها، و بذلك تركزت الأكثرية البرلمانية في يد الأقلية السياسية.
  4. نجم عن الحدود التي رسمتها الأنظمة الانتخابية للدوائر الانتخابية إضعاف شديد للأحزاب السياسية الأردنية على اختلاف مشاربها، نظراً لعدم مقدرتها – وفقاً للنظام الانتخابي المعمول به – على تشكيل قوائم انتخابية تقوم على أساس برامج عمل تقدمها للناخبين، و تزامن ذلك مع تنامي العشائرية الذي غذاه النظام الانتخابي و السلوك الرسمي، و حصر التنافس الانتخابي بين المرشحين داخل أطر اجتماعية يقل سقفها بكثير عن أطر العشائرية و في بعض الأحيان المناطقية.
  5. وفقاً للآليات التي نص عليها القانون، و السلوكيات التي سلكها الحكام الإداريون فيما يتعلق بإعداد السجل الانتخابي النهائي، تبين أن غالبية المسجلين لم يكونوا يعملمون بأماكن نشر السجل الانتخابي الابتدائي بسبب ضعف برنامج الإعلان عن مكانه. كما أن المرشحين لم يتساووا في فرص الحصول على السجل النهائي، ففي حين حصل البعض على السجل من خلال أقراص مدمجة طلب من البعض تصوير السجل وهو معلق في الأماكن التي حددها رؤساء الدوائر الانتخابية.
  6. افتقرت الانتخابات النيابية لأبسط أسس الشفافية التي يمكن من خلالها تقييم نزاهة الانتخابات؛ فقد رفض مجلس الوزراء السماح لهيئات الرقابة المحلية التابعة لمؤسسسات المجتمع المدني ممارسة الرقابة بحرية و دون قيود، و حتى السماح لبعضها من مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان بالرقابة جاء متأخراً و اقتصر على عدد محدود من المراقبين، لا يغطي كل مراكز الاقتراع، و لا يوضِّح الصلاحيات الممنوحة للمراقبين، كما لم يسمح لفرق المراقبة الدولية بالرقابة على الانتخابات.
  7. نجح بعض المرشحين، و دون أية إجراءات معيقة من قبل لجان الانتخابات، في إستغلال النقطة القانونية التي تسمح للناخب بنقل اسمه إلى دائرة انتخابية أخرى، و قاموا بنقل أسماء مئات المرشحين من دوائرهم إلى دوائر أخرى بصورة تؤثر على نتائج الانتخابات، وتتناقض مع المبدأ الذي تجري على أساسه الانتخابات؛ صوت واحد لمرشح واحد.
  8. سُجلت العديد من الخروقات للشروط المحددة للدعاية الانتخابية حيث استخدمت أماكن للدعاية الانتخابية يحظر فيها القيام بالدعاية. كما تم تسجيل حالات استُخدم فيها العنف أثناء القيام بالدعاية الانتخابية. كما منع بعض المرشحين من ممارسة دعايتهم الانتخابية بحرية لأسباب سياسية كإجبار أحد المرشحين على إنزال صور دعائية معلقة تظهره و هو يدوس على العلم الأمريكي.
  9. سجلت انتقادات عديدة فيما يتعلق بأداء وسائل الإعلام الرسمية و الخاصة. فالتلفزيون و الإذاعة الرسمية لم تتِح للمرشحين إيصال رسائلهم الانتخابية إلى الجمهور. كما أن العديد من الصحف و الصحفيين احتكموا في عملهم إلى مبدأ المنفعة المالية و ليس إلى أخلاقيات المهنة، و حظي المرشحون الذين نشروا اعلانات دعائية لأنفسهم و برامجهم في الصحف بتغطية إعلامية أفضل من سواهم، مستغلين بذلك إمكاناتهم المالية التي لم يحدد القانون لاستخدامها سقفاً. كما سجلت حالات تم فيها استخدام الأموال للتأثير على أصوات المواطنين، وصلت في بعض الحالات إلى حد التأثير على وجهة الأصوات بالمال.
  10. ضمنت اجراءات الشكاوي واللجوء إلى القضاء الحد الأدنى المطلوب دولياً، و مع ذلك افتقر القانون لمواد تنص على تشكيل محاكم مختصة بالانتخابات، الأمر الذي جعل البت في بعض القضايا المعروضة على المحاكم من مسؤولية القضاء العادي.

و خلص مركز عمان لدراسات حقوق الإنسانالى التوصيات التالية:

التوصيات

بناءاً على ما تقدم، و في ضوء التوصيات التي خلص اليها مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان. فإن المركز يوصي بما يلي:

  1. ضرورة تعديل قانون الانتخاب المعدل لسنة 2003 بما يضمن انسجامه و المعايير الدولية المتعلقة بالانتخابات، و بخاصة تشكيل لجنة انتخابات مستقلة عن السلطة اتنفيذية و الأحزاب السياسبية، يشارك فيها قضاة و شخصيات أكاديمية و أشخاص مستقلون يحظون بثقة المجتمع، ممن يتوفرون على الخبرة و الكفاءة اللازمتين لإدارة العملية الانتخابية.
  2. ضرورة تغيير النظام الانتخابي المعمول به في المملكة، و اعتماد نظام الانتخاب المختلط الذي يحتفظ بصوت واحد لمرشح واحد في الدوائر لنصف أعضاء البرلمان، و استكمال النصف الثاني لأعضاء البرلمان وفق مبدأ التمثيل النسبي للقوائم، المستند على اعتبار المملكة دائرة انتخابية واحدة.
  3. ضرورة إعادة النظر في توزيع المقاعد على الدوائر الانتخابية على النحو الذي يضمن العدالة في توزيع المقاعد بالقياس إلى عدد السكان، و ضمان وصول ممثلين عن كافة المحافظات و التجمعات السكانية و الأقليات إلى البرلمان بما لا يخالف مبدأ التناسب بين عدد السكان مع عدد المقاعد المقرر لهم.
  4. إعادة النظر في عدد الدوائر الانتخابية و تقليله بصورة تتوافق و عدد المحافظات، لما لذلك من أثر هام على إضعاف التأثير العشائري الضيق على نتائج الانتخابات، و تعزيز وجود برامج انتخابية اجتماعية و اقتصادية و سياسية للمرشحين تساهم في تنمية المجتمع و الدولة.
  5. ضرورة التحقيق في الظروف التي تم خلالها نقل مئات الناخبين من الدوائر التي يقيمون فيها إلى دوائر أخرى تهم المرشحين، على نحو يمكن أن يؤثر على نتائج الانتخابات، دون قيام لجنة الانتخابات المركزية و وزارة الداخلية بإجراءات فاعلة وملموسة تحول دون سوء استغلال القانون.
  6. ضرورة تعزيز شفافية الانتخابات من خلال السماح لهيئات المراقبة المحلية بالرقابة على الانتخابات و إبداء ملاحظاتها على كافة مراحل العملية الانتخابية، على اعتبار أن تقارير الرقابة تساهم في تعزيز الثقة في نتائج الانتخابات، و أن تقوم لجنة الانتخابات بدراسة التقارير الرقابية و استخلاص العِبر التي تساهم في تعزيز العملية الانتخابية من هذه التقارير.
  7. ضرورة مبادرة لجنة الانتخابات إلى إعداد وثيقة سلوك للمراقبين تحدد الصلاحيات الممنوحة لهم و تضمن رقابتهم الحرة على عملية الاقتراع و فرز الأصوات في كافة الدوائر و على كافة مستويات إدارة الانتخابات، و أن يتم تسهيل حصولهم على المعلومات المطلوبة لإعداد تقاريرهم الرقابية.
  8. ضرورة تعزيز وصول المرأة الى قبة البرلمان من خلال زيادة الحصة النسوية لتصل الى 20% من أعضاء البرلمان، بحيث تكون هذه النسبة ضمن نظام التمثيل النسبي، وأن تكون حصص الأقليات في المقابل من حصص الدوائر.
  9. ضرورة قيام وسائل الإعلام الرسمية بمنح وقت محدد ومتساوٍ للمرشحين لتقديم برامجهم الانتخابية إلى المواطنين، و امتناعها عن نشر أية تقارير من شأنها تعزيز فرص فوز أي مرشح على حساب مرشح آخر.
  10. ضرورة وضع أنظمة تضع سقفاً أعلى لحدود المبالغ التي يسمح صرفها على الدعاية الانتخابية، و اتخاذ إجراءات رادعة بحق أي مرشح أو ناخب يرتكب أية جريمة من جرائم الانتخابات.
  11. ضرورة مساهمة مؤسسات المجتمع المدني بالتعاون مع لجنة الانتخابات المركزية بتنظيم مناظرات بين المرشحين، و تبني برامج انتخابية تعزز مشاركة المرأة في الانتخابات و في برنامج عمل البرلمان، و أن تعمل على تفعيل دور الأحزاب السياسية في الانتخابات.
  12. ضرورة تعزيز معرفة المواطنين بكل جوانب العملية الانتخابية، و لا سيما أماكن و أوقات نشر السجل الابتدائي للناخبين، و آليات التقدم بشكاوٍ و الاعتراض و الطعن في كل مراحل العملية الانتخابية.
  13. ضرورة احترام القواعد التي نص عليها القانون فيما يتعلق بشروط الدعاية الانتخابية و مدتها، و أن يحدد مدة زمنية واحدة و كافية لكل المرشحين للقيام بدعايتهم الانتخابية.
  14. ضرورة مبادرة نقابة الصحفيين و بالتنسيق مع دائرة الانتخابات بإعداد وثيقة شرف تحدد سلوك الصحفيين في أوقات الانتخابات تضمن حيادية الصحفيين و موضوعيتهم في تغطية كافة فعاليات الانتخابات.
  15. ضرورة تعزيز دور القضاء في الإشراف على الانتخابات، و تشكيل محاكم مختصة بالانتخابات تكون جزءاً من السلطة القضائية. و أن يكون الطعن في نتائج الانتخابات من اختصاص السلطة القضائية لا مجلس النواب.

انتهى

[an error occurred while processing this directive]