30/11/2009

الجزء الأول: الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان مستمرة
1. ترحب الرابطة باعتراف السلطات الليبية رسميا ولاول مرة بتورط أجهزتها الأمنية والثورية فى جرائم انتهاكات جسيمة لحقق الإنسان. وقد أكد هذأ الإنتهاكات معالى وزير العدل المستشار مصطفى عبد الجليل حين أعلن فى تصريح الى الجزيرة نت ( أول نوفمبر) عن مخصصات مالية لتعويض “2450 سجينا سياسيا” لم يدانوا بارتكاب اي جرم . وقد قضى هؤلاء الأبرياء مددا تراوحت مابين 10 و18 سنة فى السجن فى ظروف سجن غير إنسانية لم تخلو من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة. وبطبيعة الحال فإن هذا العدد الهائل من الإبرياء (2450 ضحية) لا يشمل ال 1200 الى 2000 سجين بريئا آخر فقدوا حياتهم فى جريمة “سجن بوسليم” مما يجعل العدد الإجمالى للأبرياء فى هاتين الحالتين فقط يصل الى نحو4450 بريئ. والمدهش ان الحكومة الليبية والأجهزة الأمنية والثورية فيها لم تعلن، فى أي وقت عن اعتقال اي من هؤلاء 2450 سجين طوال السنوات الماضية كما لم تعلن من قبل عن اعتقال شهداء بوسليم (2000 معتقل) أو قتلهم واكتفى ممثلوها طوال كل هذه السنوات بإنكار، فى المحافل الدولية مثل مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وخارجها، وجود أي سجين رأي فى “الجماهيرية العظمى” كل مرة فتح فيها، تحت ضغط المنظمات غير الحكومية، ملف انتهاك حقوق الإنسان فى ليبيا والمطالبة بإطلاق سراح سجناء الراي والضمير وتعويضهم. والأدهى من هذا أن السلطات العليا فى البلاد لم تتورع فى اتهام نشطاء حقوق الإنسان الذين يثيرون هذه القضايا ب”العملاء لامريكا” وب”التعيش على فضلات موائد الغرب”. والسؤل الذى يطرح نفسه اليوم وبإلحاح هو هل يمكن، بعد هذه التجارب المريرة من التضليل العمد للرأي العام ، أن يعتمد على تصريحات المسؤولين فى الدولة الليبية أو تصدق أقوالهم حين يتعلق الأمر بملفات حقوق الإنسان وكيف يمكن للمرء ان يتأكد اليوم من أن السجون فى ليبيا لا تعج ألآن بآلاف المساجين الجدد كما كانت تعج بالأمس فى سرية وتعتيم بالأبرياء الذين يطالبون اليوم بتعويض عادل على معاناتهم.؟

2. لقد سمعنا الكثير عن التعويضات التى قررت الدولة منحها الى ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التى ارتكبها موظفوها إلا اننا لم نسمع حتى الآن بتوجيه اي اتهام لأي موظف (الإفلات من العقاب)، لا صغير ولا كبير، بشأن هذه الإنتهاكات وكأنّ الدولة الليبية هي المجرمة. نعم إن الدولة ليست هي من انتهك القانون وإنما مسيري مؤسساتها، كبارالمتنفذين من وزراء و”ثوريين” وضباط أمن ورفاق، المؤتمنون على تطبيق القانون ورعاية مصالح الدولة، اي مصالح جميع الليبيين بدون إقصاء، هم من انتهك القانون وهم اول من يجب ان يحاسب باسم الضحايا وأيضا باسم الدولة الليبية التى لم يحترموا قوانينها التى طوعوها لمصالحهم الشخصية على حساب حرية آلاف المساجين ومئات آلاف الليبيين الذين يعانون منذ سنوات، من جراء انتهاك هؤلاء المتنفذون لقوانين الدولة، الفقر والجهل والمرض نتيجة استيلاءهم غير الشرعى على مقاليد شؤون الدولة وتفردهم بمؤسساتها او ما تبقى من تلك المؤسسات.

3 أشار كذلك المستشار مصطفى عبد الجليل وزير العدل الى ان التعويضات الحالية تخص السجناء التابعين لوزارة العدل فقط. أما سجناء الأجهزة الأمنية (الموجودون داخل معتقلات سرية) الذين قدر الوزيرعددهم بأكثر من 500 معتقل (مقالة مع أويا نشرت فى 2 نوفمبر) والذى تقدره الأوساط الشعبية بما لا يقل عن 1500، فليسوا معنيين بهذه التعويضات لعدم وجود ترتيبات بإطلاق سراحهم برغم أحكام البراءة التى صدرت بحق بعضم ونفاذ مدة السجن للبعض الآخر او عدم توجيه اتهامات رسمية لهم أصلا. وتود الرابطة فى هذا المقام أن تسجل إدانتها لاستمرار هؤلاء الأبرياء فى معتقلات سرية تابعة للأجهزة الأمنية ودهاليزها بدون أية مراقبة قضائية والذى يعتبر فى حد ذاته، بكل معايير القانون الوطنى والدولي، انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان. وتطالب الرابطة السلطات العليا باتخاذ الإجراءات المناسبة لإطلاق سراح هؤلاء الأبرياء وإغلاق المعتقلات الخاضعة لعنف”أجهزة الأمن” و”اللجان الثورية” فورا ووضعها (المعتقلات) تحت إدارة ورقابة وزارة العدل المباشرة ومعاقبة المسؤولين عن إنشاء وإدارة هذه المعتقلات السرية باعتبارها مخالفة للقانون وانتهاك صارخ لروح ونص “القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء” وخرق “للمبادئ الأساسية لمعاملة السجناء” الصادرتان عن الأمم المتحدة. كذلك تطالب الرابطة بمعاقبة المتورطين فى التعذيب الجسدى أو المعنوى، من جراء عدم تنفيذها لاحكام البراءة الصادر بحق هذه الفئة من سجناء الرأي والضمير.

الجزء الثانى : قوانين التعويض ومتطلباتها
1. تشهد ليبيا هذه الأيام فصلا جديدا من مسلسل التعويضات لما لا يقل عن 2450 ليبيا هذه المرة عن ما عانوه من تعذيب وعقوبات قاسية وإهانة على يد نظام “اللجان الثورية” الذى مارس على مدى الأربعة عقود الماضية ، انتهاكات غير مسبوقة للحريات والحقوق، وتنكيلاً لم يعرفه الليبييون من قبل. فاغتال وصفى وعذب وسجن فى سرية واعتقل في السجون الرسمية وفي بيوت الأشباح كل من توسم فيه معارضة له. كما طرد تعسفيا من الخدمة عشرات الأساتذة ومئات الموظفين وآلاف نشطاء الشأن العام من وطنيين ونقابيين وعسكريين وناشطي المجتمع المدني وهجر الآلاف. وأشاع نظام “اللجان الثورية” أيضا سياسات التفرقة والتمييز في كل المجالات لصالح منتسبيه ومختلف صور الإذلال والمعاملة غير الإنسانية ضد كل من عداهم، بمن في ذلك المواطنين العاديين الذين سلبت منهم املاكهم تعسفا وفى حالات كثيرة انتقاما وحولوا بين ليلة وضحاها الى فقراء معدمين. كل هؤلاء المتضررين فى حاجة اليوم الى إنصاف والى تعويض. وتجدرالملاحظة هنا بان لقاءات أسر شهداء بوسليم البالغ عددهم 1200 شهيدا على الأقل والتى بدأت منذ شهور لازالت جارية ولا تتوقع الرابطة ان تنتهى هذه اللقاءات أو اللقاءات مع المتضررين الجدد قريبا لعدة أسباب قانونية وأخلاقية أهمها ان الدولة، التى انتهك موظفوها القانون وكانوا السبب فى مآسى الضحايا، تريد فرض حل تعويض مادى مبتور فقط وليس حل التعويض المنصف.

2. يشمل “الحل المنصف” الذى يطالب به ضحايا انتهاك حقوق الإنسان سواء فى حالات السجن التعسفى أو فى حالة القتل الجماعى فى بوسليم .. يشمل التعويض المالى ويتعداه كما ينص على ذلك بوضوح وبدون لبس قانون حقوق الإنسان الدولى الذى يؤكد على حق ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان فى الحصول على تعويض فورى ومناسب وذى فعالية. ويتضمن التأكيد على اتخاذ كافة إجراءات التعويض ورد الحق عن الأضرار وإعادة التأهيل من الناحية الصحية والنفسية ورد الإعتبار الشخصى. ويؤكد القانون أيضا على أهمية الكشف عن الحقيقة، كجزء لا يتجزأ من التعويض، ومحاسبة المسؤولين، وإيقاف الإنتهاكات الجارية، والحيلولة دون تكرارها والذى يتطلب بدوره أصلاح المؤسسات وأليات المسائلة والغاء “القوانين” المنافية لاحترام حقوق الإنسان وخاصة تلك القوانين المقيدة للحريات. هذا هو مفهوم التعويض الذى يطالب الضحايا بتطبيقه وليس تعويض مالى فقط، كما يريده ممثلى السلطة فى المفاوضات، يقتطع فى النهاية من المال العام أي من أموال الليبيين وليس من أموال الجناة المجرمين الذين لا نعرف حتى هويتهم من جراء سياسة تواطئ الأجهزة النافذة معهم والتى تهدف الى ضمان إفلاتهم من العقاب. إن أي عملية تعويض على انتهاكات حقوق الإنسان لا تصاحبها هذه الإجراءات لن تكون ذات فائدة حقيقة ويمكن ان تصبح ذات أثر عكسى. فالتعويض المالى بدون اتخاذ خطوات للتاكد من الحقائق المتعلقة بالإنتهاكات الماضية على سبيل المثال قد يعتبر وسيلة من وسائل إسكات الضحايا. وهكذا فعلاوة على إهانة الضحايا وجرح مشاعرهم يشجع على إنكار ما حدث وتزييف الوقائع والتاريخ. وبالمثل فإن التعويض المالى بدون الإصلاح او بدون اتخاذ خطوات اخرى للحيلولة دون ارتكاب انتهاكات أخرى فى المستقبل يمكن ان يفسر على كونه غياب للإرادة السياسية ويجعل التعويض وعدا أجوفا خال من إرادة عدم تكرار الإنتهاكات. وكذلك فإن أي برنامج للتعويض لاتصحبه إجراءات تضمن محاسبة المذنبين إنما هو بمثابة الطلب من الضحايا أن يتنازلوا عن حقهم فى العدالة مقابل أخد معونة مالية هي فى الأساس حق من حقوقهم. كل هذه الإجراءات ( المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان) التى اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 16 ديسمبر 2005 (الدورة الستون ـ 60) ليست بالجديدة بل هي اجراءات أثبتت فعاليتها فى أماكن مختلفة من العالم. ولا يخالج الرابطة شك فى قدرة تلك الإجراءات، لوطبقت بنزاهة ومهنية على الحالة الليبية، على ايجاد الحلول المناسبة لكل الملفات العالقة والخروج من هذا النفق المظلم وليبيا والليبيين فى وضع جديد يمكن ان يكون مدخلا لبناء دولة مؤسسات وقانون تضمن للجميع الحرية والإنصاف بما فى ذلك التعويض المنصف.

3. تشتمل مبادئ الأمم المتحدة الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على قائمة من الإجراءات الواضحة والتى لا تتطلب إلا حسن النية لتنفيذها وتقترح الرابطة ان تكون تلك المبادئ الأرضية التى تنطلق منها اي مفاوضات بين المذنبين والضحايا. كذلك تقترح الرابطة أن تشكل “لجنة إنصاف” محايدة من شخصيات وطنية مشهود لها بالنزاهة والإعتدال يوكل إليها النظر فى قضايا التعويض على ضوء مبادئ الأمم المتحدة الأساسية والخطوط التوجيهية بشأن الحق فى الإنتصاف والجبر ووضعها موضع التنفيذ الفعلى. كذلك يوكل الى اللجنة المذكورة (أ) حق التحرى فى الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتحليلها، (ب) مهمة تحليل الإنتهاكات التى تعرض لها الضحايا على ضوء معايير القانون الدولى لحقوق الإنسان، (ج) مهمة تحليل الإنتهاكات على ضوء السياقات العامة أو الخاصة المرتبطة بها ومن حيث آثارها المباشرة وغير المباشرة على الضحايا والمجتمع (د) توثيق الإنتهاكات فى إطار السجل التاريخى للذاكرة الوطنية. وفى ما يلى قائمة الإجرءات، كما حددتها الجمعية العامة للامم المتحد بما فيها ليبيا حين اعتمدت المبادئ الأساسية التى يتوجب أخذها والتى لا يمكن بدونها لاي تعويض ان يكون منصفا. وفى مايلى اقتباس للمواد المتعلقة مباشرة بالتعويض المنصوص عليها فى قرار الجمعية العامة بشأن” المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” التى اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 16 ديسمبر 2005 والتى تنشرها فى مايلى الرابطة كما اعتمدت:

خامسا {المبدأ الخامس} – ضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان
٨ – لأغراض هذه الوثيقة، الضحايا هم الأشخاص الذين لحق ﺑﻬم ضرر، أفرادا كانوا أو جماعات، بما في ذلك الضرر البدني أو العقلي أو المعاناة النفسية أو الخسارة الاقتصادية أو الحرمان بدرجة كبيرة من التمتع بحقوقهم الأساسية، وذلك من خلال عمل أو امتناع عن عمل يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي لحقوق الإنسان، أو انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي . وعند الاقتضاء، ووفقا للقانون المحلي، يشمل مصطلح ”ضحية“ أيضا أفراد الأسرة المباشرة أو من تعيلهم الضحية المباشرة، والأشخاص الذين لحق ﺑﻬم ضرر أثناء تدخلهم لمساعدة الضحايا المعرضين للخطر أو لمنع تعرضهم للخطر.

٩ – يعتبر الشخص ضحية بصرف النظر عما إذا كان قد تم التعرف على مرتكب الانتهاك أو اعتقاله أو مقاضاته أو إدانته أم لا، وبصرف النظر عن العلاقة الأسرية بين مرتكب الانتهاك والضحية.

سادسا – معاملة الضحايا
١٠ – ينبغي معاملة الضحايا معاملة إنسانية وصون كرامتهم واحترام حقوق الإنسان الخاصة ﺑﻬم، وكذلك اتخاذ تدابير ملائمة تكفل أمنهم وسلامتهم البدنية والنفسية وخصوصيتهم، فضلا عن ضمان ذلك لأسرهم . وينبغي أن تكفل الدولة اشتمال قوانينها الداخلية، قدر الإمكان، على أحكام تفرض أن تحظى كل ضحية تتعرض لعنف أو صدمة باهتمام خاص ورعاية خاصة، للحيلولة دون تعرضها للصدمات مجددا أثناء ما يتخذ من إجراءات قانونية وإدارية لتحقيق العدالة وجبر الضرر.

سابعا – حق الضحية في سبل الانتصاف
١١ – تتضمن سبل الانتصاف المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي حق الضحية فيما يرد أدناه، وفقا لما ينص عليه القانون الدولي:
(أ) الوصول إلى العدالة على نحو متساو وفعال؛
(ب) جبر ما لحق بالضحية من ضرر على نحو مناسب وفعال وفوري؛
(ج) الوصول إلى المعلومات ذات الصلة المتعلقة بالانتهاكات وآليات جبر الضرر.

ثامنا – الوصول إلى العدالة

١٢ – يتعين أن يتاح لضحية انتهاك جسيم للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي الوصول على نحو متساو إلى أحد سبل الانتصاف القضائية الفعالة، وفقا لما ينص عليه القانون الدولي . وتشمل سبل الانتصاف الأخرى المتاحة للضحية الوصول إلى الهيئات الإدارية وغيرها من الهيئات، فضلا عن الآليات والطرائق والإجراءات التي يضطلع بتنفيذها وفقا للقانون المحلي. ويتعين أن تنعكس في القوانين المحلية الالتزامات الناشئة عن القانون الدولي لضمان الحق في الوصول إلى العدالة وفي إجراءات عادلة ونزيهة . وتحقيقا لهذه الغاية، ينبغي للدول أن تقوم بما يلي:
(أ) نشر معلومات عن جميع سبل الانتصاف المتاحة، عن طريق آليات عامة وخاصة، بشأن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي؛
(ب) اتخاذ تدابير ترمي إلى التقليل من مضايقة الضحايا وممثليهم إلى أدنى حد وحمايتهم، حسب الاقتضاء، من التدخل غير المشروع في خصوصياﺗﻬم وضمان سلامتهم من الترهيب والانتقام، فضلا عن ضمان سلامة أسرهم ومن يشهد لصالحهم قبل وأثناء وبعد الإجراءات القضائية أو الإدارية أو غيرها من الإجراءات التي تؤثر في مصلحة الضحايا؛
(ج) تقديم المساعدة الملائمة للضحايا الذين يسعون إلى الوصول إلى العدالة؛
(د) إتاحة جميع الوسائل القانونية والدبلوماسية والقنصلية المناسبة لضمان تمكين الضحايا من ممارسة حقوقهم في الحصول على سبل انتصاف بشأن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي.

١٣ – وينبغي للدول، بالإضافة إلى توفيرها سبلا لوصول الأفراد إلى العدالة، أن تسعى إلى وضع إجراءات تفسح اﻟﻤﺠال أمام جماعات من الضحايا لتقديم شكاوى بشأن جبر الضرر والحصول على تعويضات، حسب الاقتضاء.

١٤ – ولا بد من أن تشمل سبل الانتصاف المناسبة والفعالة والفورية ضد الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي جميع العمليات الدولية المتاحة والملائمة التي يمكن أن يتمتع فيه الشخص بمركز قانوني، وينبغي ألا تمس بأي سبل انتصاف محلية أخرى.

تاسعا: جبر مايتكبد من ضرر
١٥ – الغرض من الجبر الكافي والفعال والفوري هو تعزيز العدالة من خلال معالجة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وينبغي للجبر أن يكون متناسبا مع فداحة الانتهاكات والأضرار المترتبة عليها . وتوفرالدولة، وفقا لقوانينها المحلية والتزاماﺗﻬا القانونية الدولية، الجبر لضحايا ما تقوم به أو تمتنع عنه من أفعال تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان . وفي الحالات التي يعتبر فيها شخص ما، أو شخصية اعتبارية، أو كيان آخر مطالبا بجبر أحد الضحايا، ينبغي أن يوفر الطرف المسؤول عن الانتهاك جبرا للضحية، أو للدولة إذا كانت الدولة قد وفرت فعلا الجبر للضحية.

١٦ – ينبغي للدول أن تسعى إلى وضع برامج وطنية تعنى بالجبر والمساعدات الأخرى المقدمة للضحايا، تحسبا لعدم قدرة الأطراف المسؤولة عن الانتهاك على الوفاء بالتزاماﺗﻬا أو عدم رغبتها في ذلك.

17 – وتقوم الدول، فيما يتعلق بالشكاوى المقدمة من الضحايا، بتنفيذ أحكامها المحلية المتعلقة بالجبر ضد الأفراد أو الكيانات المسؤولة عن الأضرار المتكبدة، وتسعى إلى تنفيذ الأحكام القانونية الأجنبية السارية المتعلقة بالجبر وفقا للقوانين المحلية والالتزامات القانونية الدولية. وتحقيقا لهذه الغاية، ينبغي أن توفر الدول في إطار قوانينها المحلية آليات فعالة لتنفيذ الأحكام المتعلقة بالجبر.

١٨ – ووفقا للقانون المحلي والقانون الدولي، ومع أخذ الظروف الفردية في الاعتبار، ينبغي أن توفر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان ، حسب الاقتضاء وبما يتناسب مع جسامة الانتهاك وظروف كل حالة، أشكال الجبر التام والفعال التالية، وفق ما تنص عليه المبادئ من ١٩ إلى ٢٣ : الرد والتعويض وإعادة التأهيل والترضية وضمانات عدم التكرار.

١٩ – الرد ينبغي، متى أمكن ذلك، أن يعيد الضحية إلى وضعها الأصلي قبل وقوع الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان . ويتضمن الرد، حسب الاقتضاء، ما يلي : استرداد الحرية، والتمتع بحقوق الإنسان، واسترداد الهوية، والحياة الأسرية والمواطنة، وعودة المرء إلى مكان إقامته، واسترداد الوظيفة، وإعادة الممتلكات.

٢٠ – وينبغي دفع التعويض عن أي ضرر يمكن تقييمه اقتصاديا، حسب الاقتضاء وبما يتناسب مع جسامة الانتهاك وظروف كل حالة، ويكون ناجما عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، من قبيل ما يلي:

(أ) الضرر البدني أو العقلي؛
(ب) الفرص الضائعة، بما فيها فرص العمل والتعليم والمنافع الاجتماعية؛
(ج) الأضرار المادية وخسائر الإيرادات، بما فيها خسائر الإيرادات المحتملة؛
(د) الضرر المعنوي؛
(ه)التكاليف المترتبة على المساعدة القانونية أو مساعدة الخبراء والأدوية والخدمات الطبية والنفسية والاجتماعية

٢١ – وينبغي لإعادة التأهيل أن تشمل الرعاية الطبية والنفسية فضلا عن الخدمات القانونية والاجتماعية.

٢٢ – وينبغي أن تتضمن الترضية، كلما أمكن، أيا من الأمور التالية أو كلها:
(أ) اتخاذ تدابير فعالة لوقف الانتهاكات المستمرة؛
(ب) التحقق من الوقائع والكشف الكامل والعلني عن الحقيقة على ألا يسبب هذا الكشف المزيد من الأذى أو التهديد لسلامة أو مصالح الضحية أو أقارب الضحية أو الشهود أو الأشخاص الذين تدخلوا لمساعدة الضحية أو لمنع وقوع المزيد من الانتهاكات؛
(ج) البحث عن مكان المفقودين وهوية الأطفال المخطوفين و جثث الذين قتلوا، والمساعدة في استعادة الجثث والتعرف على هويتها وإعادة دفنها وفقا لرغبات الضحايا الصريحة أو المفترضة، أو وفقا للممارسات الثقافية للأسر واﻟﻤﺠتمعات؛
(د) إصدار إعلان رسمي أو قرار قضائي يعيد الكرامة والسمعة وحقوق الضحية والأشخاص الذين تربطهم ﺑﻬا صلة وثيقة؛
(ه) تقديم اعتذار علني، بما في ذلك الاعتراف بالوقائع وقبول المسؤولية؛
(و) فرض عقوبات قضائية وإدارية على الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات؛
(ز) إحياء ذكرى الضحايا وتكريمهم؛
(ح) تضمين مواد التدريب والتعليم في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، على جميع المستويات، وصفا دقيقا لما وقع من انتهاكات.

٢٣ – وينبغي أن تشمل ضمانات عدم التكرار، كلما أمكن، أيا من التدابير التالية التي ستسهم أيضا في الوقاية، أو جميع هذه التدابير:
(أ) ضمان فرض رقابة مدنية فعالة على القوات المسلحة وقوات الأمن؛
(ب) ضمان التزام جميع الإجراءات المدنية والعسكرية بالمعايير الدولية للمحاكمة حسب الأصول والإنصاف والنزاهة؛
(ج) تعزيز استقلال السلطة القضائية؛
(د) حماية الأشخاص العاملين في المهن القانونية والطبية والصحية ووسائط الإعلام وغيرها من المهن ذات الصلة، والمدافعين عن حقوق الإنسان؛
(ه) توفير التثقيف في ميدان حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي لجميع قطاعات اﻟﻤﺠتمع والتدريب للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، فضلا عن القوات
المسلحة وقوات الأمن، وذلك على سبيل الأولوية وعلى أساس مستمر؛
(و) التشجيع على التزام موظفي الدولة، ومنهم الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين و موظفو السجون ووسائط الإعلام والخدمات الطبية و النفسية والاجتماعية والأفراد العسكريون، فضلا عن المؤسسات الاقتصادية ، بمدونات قواعد السلوك والمعايير الأخلاقية، ولا سيما المعايير الدولية؛
(ز) استحداث آليات لمنع ورصد الصراعات الاجتماعية وإيجاد حلول لها؛
(ح) مراجعة وإصلاح القوانين التي تسهم في وقوع الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي أو تفسح اﻟﻤﺠال أمام وقوع هذه الانتهاكات.

عاشرا – الوصول إلى المعلومات ذات الصلة المتعلقة بالانتهاكات وآليات الجبر
٢٤ – ينبغي للدول أن تنشئ وسائل لإعلام عامة الجمهور، ولا سيما ضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، بالحقوق وسبل الانتصاف التي تتناولها هذه المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية وبجميع الخدمات القانونية والطبية والنفسية والاجتماعية والإدارية المتاحة وسائر الخدمات الأخرى التي يجوز للضحايا الحصول عليها . وعلاوة على ذلك، ينبغي أن يتمتع الضحايا وممثلوهم بالحق في التماس وتلقي المعلومات عن الأسباب التي أدت إلى تعرضهم للأذى وعن الأسباب والظروف المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي ومعرفة الحقيقة فيما يخص هذه الانتهاكات. (انتهى الإقتباس)

الرابطة الليبية لحقوق الإنسان
allibyah@yahoo.com