9/7/2005

في بيان صادر عن هود طالبت بسرعة التحقيق في قضية السحل والتعذيب التي تعرض لها الجندي محمد القعقوع بمعسكر مأرب كما تقوم بنشر دراسة قانونية مفصلة.

نص البيان :- تابعت “هــود” ما نشر في الصحف عن قيام أحد الضباط بسحل الجندي محمد عبد الله القعقوع بربطه إلى مؤخرة طقم عسكري وتعليق إطار السيارة في عنقه لمدة ثلاث ساعات وما ورد كذلك عن إيداعه في زنزانة وتعذيبه ومنع زملائه من إسعافه إلى المستشفي ورفض الإفراج عنه، وأن ذلك كله كان عقاباً أثر قيام الجندي بإطلاق أعيرة نارية في الهواء أثناء الخدمة الليلية.

و”هـود” إذ تدين هذه الأعمال اللاإنسانية والمتعارضة مع الأخلاق العسكرية والتي تعد شكلاً من أشكال التعذيب المعاقب عليه قانوناً كما أنه يعد منافياً لأخلاق التعامل الإنساني وانتهاكاً لحقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية ولأحكام الشريعة الإسلامية.

وعليه فإن ما قام به الضابط القائم بالتعذيب هي أعمال تعذيب وفقاً للدستور واتفاقية مناهضة التعذيب كما أنها تخرج عن العقوبات المخولة للضابط إيقاعها في المادة(63) من قانون الجرائم والعقوبات العسكري التي حددت على سبيل الحصر ما أسمته العقوبات الانضباطية التي توقع على العسكريين كما أنه خالف صريح المادة(19) من القانون رقم(7) لسنة1996م بشأن الإجراءات العسكرية.

ولذلك فإننا نطالب بسرعة محاكمة الضابط المذكور وعرضه على القضاء لينال جزاءه كما نتقدم بالشكر للأخ وزير الدفاع على تعاونه وسرعة إعلانه إحالة الضابط المذكور إلى التحقيق تمهيد لمحاكمته كما نطالب بتعويض الجندي المجني عليه تعويضاً عادلاً.

والله من وراء القصد،،،

الدراسة القانونية بهذا الشأن :-
دراســــــــــــة
قضية الجندي/محمد عبد الله عبد القوي
مصدر الوقائع في هذه الدراسة: صحيفة الوسط – بعض الصحف المحلية

وقائع القضية
قام الضابط العسكري حسين الشوصري بربط أحد الجنود ويدعى محمد عبد الله عبد القوي إلى مؤخرة طقم عسكري وسحله على ميدان المعسكر أمام الجنود والضباط ومن ثم تعليق إطار سيارة في عنقه لمدة ثلاث ساعات ومن ثم الذهاب به إلى الزنزانة العسكرية لتعذيبه حيث استخدم الماء البارد لتحقيق ذلك رغم ما يعانيه بسبب السحل والتعذيب كما أنه منع زملائه من إسعافه إلى المستشفي وكذا رفض الإفراج عنه إلا بعد تدخل قائد المنطقة، كل ذلك كان أثر قيام الجندي بإطلاق أعيرة نارية في الهواء أثناء الخدمة الليلية.

ثانياً: المناقشة القانونية: سوف نتناول هذه المناقشة من جانبين:

الجانب الأول:
الوصف القانوني لفعل الجندي/ محمد عبد الله عبد القوي المتمثل في قيامه بإطلاق أعيرة نارية في الهواء أثناء الخدمة الليلية.

نصت المادة(26) من القانون رقم(2) لسنة…. بشأن الجرائم والعقوبات العسكري على أنه: (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بجزاء أقل منه يتناسب مع نتائج الجريمة كل شخص خاضع لهذا القانون ارتكب إحدى الجرائم الأنية وقت خدمة الميدان، وإذا ارتكبت في غير خدمة الميدان فيعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 3سنوات أو بجزاء أقل منه تقدره المحكمة:

و- إطلاق عيارات نارية أو استعمال إشارات ضوئية أو ألفاظاً أو أية وسائل أخرى بحيث تمكن عن قصد إيقاع فشل أو إعلان استنفار بدون مبرر سواءً كان ذلك أثناء المعركة أو أثناء المسيرة أو في الميدان أو في وقت أخر) كما حددت المادة(2) منه المقصود بخدمة الميدان أنها (الفترة الممتدة منذ إعلان الاستعداد القتالي حتى انتهاء حالة الحرب وإلغاء الاستعداد)

وعليه: فإن فعل الجندي الذي أتاه كان خارج نطاق فترة خدمة الميدان ولكي يكون فعله ذاك مجرماً لابد من تحقق القصد الجنائي المتمثل في العلم والإرادة أي أن يعلم أن فعله سوف ينتج على أثرة حالة فشل أو إعلان استنفار واتجهت إرادته لتحقيق هذه النتيجة، والواضح عدم إمكانية حصول هذه النتيجة نظراً للوضع الأمني العام للقوات المسلحة ومع ذلك كان لابد من التحقق حول قصد الجندي، والذي لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال التحقيق معه بالتحقيق، وفي حالة ثبوت القصد الجنائي لدى الجندي فإن العقوبة المقررة لفعله توقعها المحكمة دون غيرها ولها سلطة تقديرية لتوقيع العقاب على هذا الجندي، فلها أن تأمر بحسبه مدة لا تزيد على 3سنوات أو أن تأمر بجزاء أقل منه يتناسب مع نتائج الجريمة وليس مع الفعل.

الجانب الثاني:
الوصف القانوني لأفعال ركن استطلاع الدفاع حسين الشوصري:

مما لاشك فيه أن أفعال الضابط ركن استطلاع الدفاع المتمثلة في سحل الجندي/محمد عبد القوي على ميدان المعسكر وأمام زملاءه باستخدام طقم عسكري لسحله بعدما ربط الجندي إلى مؤخرته ووضع إطار سيارة على عنقه إضافة إلى تعذيبه واستخدام الماء البارد وحبسه وإضافة إلى ذلك منعه لزملائه من إسعافه إلى المستشفي ورفض الإفراج عنه كل ذلك أو بعضه يعد منافياً للأخلاق والتعامل الإنساني وانتهاكاً لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية والشرائع السماوية بما فيها الشريعة الإسلامية وأيضاً الدستور ففي اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهنية الصادرة 10ديسمبر1982م والتي صداقت عليها اليمن في 5نوفمبر 1991م تضمنت هذه الاتفاقية: “وفقاً لهذه الاتفاقية يقصد بالتعذيب : أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كان ام عقلياً يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص او من شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه أنه ارتكبه هو أو شخص ثالث- أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التميز أياً كان نوعه أو يحرر عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو شخص أخر يتصرف بصفته الرسمية ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضيه لها” كما جاء فيها….”أنه لا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب”.

أما الدستور اليمني فقد حضر التعديل لجسدي أو النفسي حيث نص على أن: ( …يعتبر التعذيب الجسدي أو النفسي عند القبض أو الاحتجاز أو السجن جريمة لا تسقط بالتقادم ويعاقب عليها كل من يمارسها أو يأمر بها أو يشارك فيها) المواد(47/ب،48/هـ) كما حظره قانون الجرائم والعقوبات اليمني في المواد (166، 167، 168، 138) وحظره قانون الإجراءات الجزائية في المادة (7).

ومع ذلك سوف نتطرق إلى هذا الجانب من زوايا

:

الزاوية الأولى: صلاحيات الضابط بصفته قائداً للجندي: نصت المادة(19) من القانون رقم(7) لسنة 1996م بشأن الإجراءات العسكرية على أنه: (للقائد أو من ينوبة من الضباط التابعين له في جميع الأحوال اتخاذ كافة إجراءات التحقيق في الجرائم والمخالفات الانضباطية العسكرية وله في سبيل ذلك تشكيل مجلس تحقيق لا يقل عدد أعضائه عن ضابطين وإذا تبين أن الجريمة المرتكبة داخلة في اختصاصه فله حق التصرف فيها على الوجه الآتي:

    • أ‌- صرف النظر عن القضية.

    • ب‌- مجازاة مرتكب الجريمة انضباطياً.

    • ج- إحالة الموضوع إلى السلطة الأعلى منه.

    د- إحالة الموضوع إلى النيابة العسكرية المختصة.


أما إذا كانت الجريمة خارجة عن اختصاصه فيجب عليه إحالتها مباشرة بعد التحقيق إلى النيابة العسكرية المختصة للتصرف فيها طبقاً لهذا القانون)

وعليه فإن اختصاصات الضابط القائد في هذه القضية لا تعدو عن
اتخاذ كافة إجراءات في التحقيق وله في سبيل ذلك تشكيل لجنة للتحقيق
كما أن له الصلاحيات المحددة في الفقرات أ، ب، ج، د من المادة (19) إجراءات وإذا قرر مجازاة مرتكب الجريمة
انضباطياً يجب عليه التقيد بالعقوبات المقررة في المادة(63) والتي تنص على: (تحدد العقوبات الانضباطية التي توقع
على العسكرين على النحو التالي:

    • 1- اللوم

    • 2- الإنذار الشفوي أو الكتابي

    • 3- عدم السماح بالخروج من المعسكر أو السفينة

    • 4- زيادة الخدمات حتى خمس مرات على أن لا تكون متوالية

    • 5- التوقيف في مقر الحجز بالمعسكر حتى 30يوماً

    • 6- الخصم من الراتب حتى 30يوماً بحيث لا يزيد الخصم عن 15يوماً من الشهر

    7- تأخير الأقدمية لمدة لا تزيد عن 6أشهر……………..)


الزاوية الثانية: التصرف الذي كان يجب على الضابط القائد إتباعه في هذه القضية:

كان يجب على الضابط اتخاذ التصرفات التالية:

    • 1) القيام بالتحقيق أو تشكيل لجنة تحقيق لا تقل عن ضابطين.

    • 2) ومن ثم إذا كشف التحقيق توافر القصد الجنائي المشار إليه فإنه كان يجب عليه إحالة الموضوع إلى السلطة الأعلى منه أو النيابة العسكرية المختصة ولا يجوز له إيقاع أي عقوبة لأن إيقاع العقاب هو من سلطة المحكمة العسكرية.

    3) أما إذا كشف التحقيق عدم توافر القصد الجنائي كان له اتخاذ إحدى الأمرين إما أن يقرر صرف النظر عن القضية أو أن يقرر مجازاة الجندي انضباطياً وفي هذه الحالة أي إذا قرر مجازاة الجندي انضباطياً فعليه التقيد بالعقوبات التي حددتها المادة (63) من قانون الخدمة العسكرية دون أن يتعداها وأن يتخذ الإجراء المناسب وفعل الجندي.

الزاوية الثالثة:
طبيعة أفعال الضابط :
إن أفعال الضابط مجرمة شرعاً وقانوناً لأنها احتوت على تعذيب جسدي وإهانات تمس بكرامه وإنسانية الجندي فالمادة(63) خدمة عسكرية التي حددت العقوبات الانضباطية (التي يجوز أن توقع على العسكريين على وجه الحصر حرمت التعذيب الجسدي واستخدام الألفاظ البذيئة التي تمس بكرامه العسكري)
الزاوية الرابعة: العقوبة المقررة لأفعال الضابط :

نصت المادة(46) جرائم وعقوبات عسكرية على أنه: (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من فرض عمداً عقوبة انضباطية لا حق له في فرضها أو تجاوز في فرضها حدود صلاحياته القانونية) أما المادة(47) نصت على أنه : (مع عدم الإخلال بقانون العقوبات العام يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالتعويض كل رئيس اعتدى بالضرب على من هو أدى منه أو الحق بجسمه أذى أو قام بعمل من شأنه الإخلال بصحته أو ضاعف خدمته بلا مبرر بقصد تعذيبه أو سمح للآخرين بإيذائه وتكون العقوبة الإعدام إذا أفضى الفعل إلى الوفاة).

أما المادة(52) منه أيضاً نصت على أنه: (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات كل شخص ضرب شخصاً أخر أدى منه رتبه مع عدم الإخلال بأحكام قانون العقوبات العامة) وعليه فإن العقوبة المبينة في نص المادة(47) تنطبق على هذه الحالة بوضوح كما تنطبق عليها أيضاً نص المادة(52) في حالة إذا لم يكن الضابط رئيساً على الجندي.

وخلاصة القول أن العقوبة المستحقة للضابط بصفته قائداً على الجندي هي الحبس مدة لا تزيد عن سنتين وبالتعويض العادل يدفعه الضابط المتجاوز لسلطاته للجندي الذي عذب من قبله.

هذا والله الموفق،،،

المحامي/ فهمي عقيل ناجي أنعم