11/9/2007

اختتمت في عمان ندوة حول “الإصلاح السياسي في الأردن: دور الشركاء الدوليين” والتي نظمها مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان ومعهد بحوث السياسات العامة، وشارك فيها (25) شخصية فكرية وأكاديمية وحزبية وصحفية يمثلون مختلف المراجع والرؤى والاتجاهات السياسية السائدة في المجتمع الأردني. وقدم في الندوة ثلاث جلسات، حيث ركزت الجلسة الأولى والتي وترأسها أ. د. علي محافظة، أستاذ التاريخ في الجامعة الأردنية، ورئيس جامعتي اليرموك ومؤتة سابقاً. وقدم فيها أ. د. أمين مشاقبة، أستاذ العلوم السياسية، ووزير التنمية سابقاً، عرضاً للمشهد السياسي في الأردن من خلال التطرق إلى الإصلاح السياسي في الأردن وتحديداً من عام 1989، وماهية الإصلاحات التشريعية، والإنجاز التشريعي الناظم للعملية الديمقراطية، ومعوقات الإصلاح السياسي.

كما تطرق إلى الميثاق الوطني الأردني، موضحاً الإنجازات القانونية الديمقراطية المتمثلة بإنهاء الأحكام العرفية، وإلغاء قانون مقاومة الشيوعية، وقانون الأحزاب السياسية رقم 32 لسنة 1992، وقانون المطبوعات والنشر رقم (10) لسنة 1993، وإلغاء قانون الدفاع لسنة 1935، وتطرق إلى الثغرات العملية في ممارسة الانتخابات النيابية لعام 2003 وهي: إزالة ختم النجمة السباعية على البطاقة وإعادة استخدامها، واستخدام حق الانتخاب لأكثر من مرة، وجمع بطاقات المواطنين ومنعهم من التصويت لصالح مرشحين آخرين، والانتخاب في دائرة غير الدائرة المخصصة له، واختلالات شابت بعض لجان الاقتراع والفرز، والزيادة الرقمية في صناديق الاقتراع أكثر من 5%، والتصويت عن الغائبين والموتى.

واختتم المشاقبة ورقته بالإشارة إلى معوقات ومستقبل الإصلاح السياسي في الأردن، وهي كثرة التغيير الحكومي الذي يساهم في زيادة حالة الترهل الإداري، ويعمق ظاهرتي المحسوبية والواسطة، وضعف الإنجاز وتدني الأداء إضافة لذلك الاعتصامات والإضرابات، أو أي أحداث أو حركات أخرى تهدد الاستقرار في الحالة الأردنية، واستمرار وجود البنى الاجتماعية التقليدية من قبلية وعشائرية وعائلية، وضعف مؤسسات المجتمع المدني وتدني دورها، وغياب تيارات سياسية فاعلة ومنظمة، وعدم وجود انتخابات على أساس حزبي.

وتطرقت الجلسة الثانية لدور الأحزابي السياسية والإصلاح في الأردن وترأسها أ. زكي بن ارشيد الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي أكد فيها د. حازم قشوع، الأمين العام لحزب الرسالة، على متطلبات الإصلاح السياسي تمكين الحياة الحزبية وإسنادها بالعوامل التي تكفل لها النمو والتطور، ومساهمة جميع القوى المدنية والحزبية في تهيئة المناخ السياسي، والشروع بتطوير القوانين الناظمة للحياة العامة وفق رؤية واضحة يتفق عليها الجميع، فالقوانين أدوات تهدف لتحقيق رؤى، والعمل لا بد أن يكون منصباً حول هذه الرؤية، وليس حول تعديل قانون هنا أو هنالك ضمن اجتهادات مختلفة سيما وأن جوهر القانون الناظم للحياة العامة هو قانون الانتخابات، وإفساح المجال أمام القطاع الخاص للمساهمة في تطوير وتنمية دور المنهاج الديمقراطي ومؤسساته الحزبية، وتعظيم دور الشباب والفئة الطلابية منهم في الحياة الحزبية، حيث يكمن مصنع القيادات الواعدة، وهي المؤسسة التي تنظم أداءاتهم وتصقل مواهبهم على أسس حداثية وتؤطر طاقاتهم بما يخدم الأهداف البنائية، وتمكين دور المرأة من المساهمة في الحياة السياسية عبر دخولها هذا المعترك من بوابة العمل الحزبي، وهذا ما يجعلها تمثل المؤسسة الحزبية مما يؤثر على أدائها وحضورها في كافة المحافل والميادين، وهذا ما يجعل من دورها له الحضور والخطوة.

وتحدث المهندس موسى المعايطة أمين عام حزب اليسار الديمقراطي الأردني عن بناء دولة القانون والمواطنة موضحاً أن معيقات الإصلاح السياسي تتمثل في قوى الشد العكسي في كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية موضحاً أن الانقسام حول الإصلاح السياسي هو انقسام عامودي وليس أفقي، موضحاً أن الولاءات في المجتمع هي ولاءات بدائية، كما أن أحد المعيقات تتمثل في مواقف جبهة العمل الإسلامي التي لم تكن معنية بالإصلاح وإنما هي معنية بتحسين علاقتها مع الدول، كما أن التيار الإسلامي لم يعطي انطباع بأنهم مع الإصلاح والديمقراطية، وهذا يثير مخاوف عند النظام الأردني وعند قوى سياسية واجتماعية في المجتمع، موضحاً لماذا جبهة العمل الإسلامي لا توافق على التمثيل النسبي في انتخابات النقابات.

واختتم المعايطة بتوضيح إشكالية الديمقراطية في الأردن حيث أن مشكلة المواطنة لم تحسم بعد، ومشكلة القضية الفلسطينية لم تحسم بعد، منبهاً إلى أن الدراسات تشير إلى عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة.

وتحدث المحامي موسى العبدلات، من جبهة العمل الإسلامي عن الإصلاح موضحاً رؤية حزب جبهة العمل الإسلامي للإصلاح السياسي في البلاد والمتمثلة في تشكيل الحكومات وفقاً لمبدأ تداول السلطة، وعلى أساس البرامج التي تتقدم بها الكتل النيابية لنيل الثقة على أساسها، وتفعيل النص الدستوري “المواطنون أمام القانون سواء في مختلف المجالات، ولاسيما المساواة بين المواطنين في قوة الصوت الانتخابي، وإلغاء التمييز بينهم على أي قاعدة كانت، سواء في التمثيل أو الانتفاع بالحقوق وأداء الواجبات، واعتماد مبادئ العملية الديمقراطية الشورية أساساً من أسس العلاقات الاجتماعية والسياسية في الدولة، والالتزام بالنص الدستوري في تحديد دور الأجهزة الأمنية، ووقف تدخلها في الحياة والمؤسسات المدنية الرسمية منها والخاصة أو هيئات المجتمع المدني، وأن تخضع للمراقبة من قبل مجلس النواب، والسلطة القضائية، والقضاء النزيه الفاعل المستقل، هو المرجعية في تحقيق العدل، وهو ملاذ المظلومين والضعفاء في حماية الحقوق، وإنشاء محكمة دستورية، تضع حداً لتوسع الحكومة في إصدار القوانين المؤقتة، وتعيد النظر في القوانين التي صادرت حقوقاً دستورية، وان حجر الزاوية في موضوع الإصلاح السياسي يتمثل في إيجاد قانون انتخابات عصري وديمقراطي وشوري،ويتم فيه الغاء الصوت الواحد واعتماد مبدءا التمثيل العادل ومشاركة الأحزاب السياسية وفقا لنظام التمثيل النسبي، واعتماد آليات فاعلة وحقيقية لمراقبة الانتخابات، وإطلاق الحريات العامة ومحاسبة المسئولين على التجاوزات المتعلقة بالتعذيب في السجون من قبل القضاء، وإلغاء محكمة أمن الدولة وتوحيد القضاء المدني في سلطة واحدة مستقلة وحقيقية.

واختتم ورقته بتوجيه رسالة إلى جلالة الملك عبد الله الثاني على بعث إرادة سياسية للإصلاح وذلك مع التأكيد على المعنى الدستوري للفصل بين السلطات بحيث يصبح لدينا استقلال حقيقي للقضاء ورد الاعتبار لمجلس النواب في موضوع قضية النائبين علي أبو السكر والدكتور محمد أبو فارس، وذلك بضرورة تطبيق الفقرة الثانية من المادة 75 من الدستور، ومناشداً الملك بوجود قانون عصري ديمقراطي للانتخابات النيابية،و وجود آليات حقيقية للرقابة من منظمات المجتمع المدني والقضاء، وإطلاق سراح الموقوفين في السجون بما فيها سجن المخابرات العامة،و صدور عفو عام عن المحكومين السياسيين، وإضافة إلى ضرورة بعث الإصلاح السياسي من جديد، وتحقيق طموحات كل فئات وطبقات المجتمع الأردني بكافة أطيافه.

وفي الجلسة الثالثة التي ترأسها د. حمدي مراد، ونوقش فيها الدور البنّاء الذي يمكن أن يقوم به الشركاء الدوليين في دعم عملية الإصلاح في الأردن، حيث تحدث أ. د. فايز الربيع رئيس حزب الوسط الإسلامي، مداخلةً بين فيها اهتمام الدول الأخرى في المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الربحية مقارنةً بضعف الاهتمام بمثيلاتها في دولنا العربية والإسلامية، موضحاً أن الشركاء الأوروبيين وفي أمريكا الشمالية ليسوا طرفاً واحداً لجهة التعامل المبدأي مع مصالحنا وبالتالي يحتاج هذا الموضوع إلى معالجة ملموسة لطبيعة الشريك وموضوع الشراكة ومدى نزاهة هذه الشراكة.

كما تحدث د. خلدون الناصر أمين عام حزب العهد الأردني منتقداً الشركاء الدوليين ومشككاً في نزاهة تعاملهم مع قضايانا العربية والإسلامية، والتي لا تستجيب لمصالحنا داعياً إلى التدقيق أكثر فأكثر في الأجندات الخفية لهؤلاء الشركاء.

كما تحدثت النائب د. حياة المسيمي عضو مجلس النواب عن جبهة العمل الإسلامي عن الشركاء الدوليين بشكل يتفق مع ما جاء في حديث المتحدثين الآخرين في هذه الجلسة.

[an error occurred while processing this directive]