14/4/2005
بالرغم من الصيحات المتواصلة والادانات المستمرة من قبل الجهات المعنية بحقوق الإنسان التي طالبت بوقف الاعتداءات والانتهاكات التي ترتكب بحق المواطنين، كالإنتهاك الأخير الذي جاء في إطار تكريس السياسة الطائفية والإضطهاد الديني المتمثل في قيام السلطات السعودية بمنع إقامة مهرجان ( آمال اللقاء) المقرر إقامته بمناسبة أربعين الإمام الحسين عليه السلام بساحة القلعة بمدينة القطيف والذي صادف يوم العشرين من صفر 1426 هـ – 30 مارس 2005 م،
بالرغم من ذلك كله فقد عادت السلطات السعودية لتبرهن مرة أخرى على انتهاكها لحقوق المواطنين وسلب حرياتهم بلا مبرر أو سبب موجه وانتهاك حرمة الأماكن المقدسة , فقد أقدمت الشرطة الدينية في الحرم المدني الشريف بالمدينة المنورة بالقاء القبض يوم الجمعة الماضي 29 صفر 1426هـ الموافق 8 أبريل 2005م على المواطن “محمد علي الموسى” (34 سنة) موظف في شركة أهلية تابعة لمصلحة المياه، من سكان مدينة صفوى “محافظة القطيف” شرق السعودية لأسباب طائفية غير مبررة شرعاً أو قانوناً .
وقد بدأت الحادثة عندما كان المواطن الموسى برفقة مجموعة من الأصدقاء والأهل في زيارة للمرقد الشريف للرسول الأكرم بالمدينة المنورة، فعندما كان الجميع يقوم بأداء مراسم الزيارة في البهو الداخلي للحرم دنى منهم أحد أفراد الشرطة الدينية “المطاوعة” وطلب منهم بعنف الخروج من الحرم وإلا فلا يلوموا الا أنفسهم!!
المواطن محمد علي الموسى الذي روى الحادثة بنفسه تحدث قائلاً: “كنت برفقة مجموعة من الأصدقاء في الثانية ظهراً من يوم الجمعة XE “الجمعة” نقوم بأعمال الزيارة للرسول الأكرم تحت المظلة الداخلية في الحرم الى أن حضر لنا أحد “المطاوعة” وأمرنا بعنف بالخروج فوراً من الحرم.. ثم وجه لنا تهديداً قاسياً بأنه إن بقينا في المكان فلن يحصل لنا طيب”، ثم يكمل وصف الحدث زميل الموسى المواطن وديع حسن الشلاتي (28 عاماً) موظف حكومي في بلدية صفوى، من سكان مدينة صفوى بالقول “عندما أمرنا المطوع بالخروج من الحرم تحت تهديد افتعال مشكلة لنا.. فضلنا الخروج من الحرم تجنباً لإثارة أي ضوضاء داخل الحرم الشريف تقديراً لحرمة المكان المقدس”.
في ذلك الوقت وأثناء خروج المجموعة من الحرم الشريف حدث ما لم يكن في الحسبان كما يروي المواطن الموسى”كنا خارجين جميعاً من باب جبريل حينها وجدت نفسي أقول لا شعورياً رداً على المعاملة المهينة التي عوملنا بها في حرم الرسول الأكرم ونحن من زواره ، فقلت بصوت مسموع “أشكيك يا رسول الله” فلم أكمل كلمتي تلك حتى انقض عليّ أحد رجال الهيئة وألقى القبض عليّ بعنف وشدة”.
و يضيف الموسى قائلاً “اقتادني المطوع بقسوة نحو مكتب الهيئة التابع للحرم المدني الشريف، وهناك أخذ مدير المكتب يوبخني بشدة ويطالبني بإلحاح وقسوة بتفسير تلك الكلمة التي تفوهت بها، وما قصدي منها، فلم أملك تحت هذا الضغط والتوبيخ الذي دام ساعتين تقريباً الا القول بأني تفوهت بذلك خطأ،ً لكنهم استمروا في الضغط علي بألفاظ خشنة بغرض اعطائهم مبرراً لتفوهي بالكلمة تلك، حتى قرروا في الساعة الرابعة مساءً تحويلي الى شرطة الحرم”.
ثم تم تحويله على شرطة الحرم المركزية للبت في أمره “.
ويمضي المواطن الموسى في سرد حكايته قائلاً “في الشرطة المركزية ابتليت بضابط خفر عنيف جداً وبذيء في ألفاظه، وقد كرر معي ذات الخشونة التي لاقيتها في مكتب الهيئة لدرجة ما أن قلت له أن تلك الكلمة “الشكوى” خرجت مني عفوياً، حتى تلفظ عليّ بكلمات بذيئة وأمرني بمواجهة الجدار وأمر أحد العسكر بتقييدي بالحديد، ثم أمر في الخامسة والنصف مساءً بتحويلي مقيداً الى هيئة الرقابة والإدعاء العام بالمدينة المنورة”.
في هيئة الرقابة والإدعاء العام تم التحقيق مع المواطن الموسى كما يصف بالقول “في هيئة الرقابة والادعاء العام تم ايداعي الحجز فور وصولي هناك وكان ذلك بحلول المغرب تقريباً، وقد بقيت في الحجز حتى الساعة التاسعة والربع مساءً حين بدأ التحقيق معي. عندها أجرى التحقيق معي شخص مدني ووجه لي عدة أسئلة حول معنى تلك الشكوى التي أطلقتها عند مرقد الرسول الأكرم ، وأعاد علي السؤال أكثر من مرة طالباً تفسيراً لذات الكلمة “أشكيك يا رسول الله” فقلت له لا أقصد بها شيئاً وقد خرجت تلك الكلمة مني عفوياً، ثم طلب مني مصارحته ما اذا كنت من اتباع المذهب الشيعي أم أي مذهب آخر.. فأجبته بأني شيعي المذهب”.
ويضيف السيد الموسى القول “انتهى معي التحقيق في هيئة الرقابة والادعاء العام بعد نصف ساعة فقط، بعدها أفادني المحقق بأنه سيصدر أمراً بإطلاق سراحي فوراً.. على أن يتم اعادتي مرة أخرى للشرطة المركزية لانهاء باقي الاجراءات.. وهذا ما حصل بالفعل حيث حضرت سيارة من الشرطة واقتادوني مقيداً برفقة شخص آخر من الأحساء يدعى عبد الله الحمد (59 سنة) القي القبض عليه لسبب مشابه أيضاً، اقتادونا الى مقر الشرطة المركزية وهناك تمت كفالتنا نحن الإثنين من قبل الصديق وديع الشلاتي وخرجنا في العاشرة مساء بعد ساعات طويلة من “البهدلة” في المخافر للسبب الذي تعرفون”.
وتجدر الإشارة أن أعمال القمع الغير مبررة هي من الممارسات التي لها سوابق كثيرة في سياسة السلطات السعودية حيث كانت قد أقدمت السلطات السعودية على القاء القبض على المواطن محمد الزين الوائل البالغ من العمر 17 عاماً من أهالي المدينة المنورة (منطقة العوالي) كان من عادته وهو بجوار رسول اللّه (ص) في أغلب أيامه زيارة الضريح المقدس لرسول اللّه (ص) وفي أحد الأيام الأولى من شهر الثاني 1416 هـ الموافق لشهر سبتمبر من عام 1995 م وأثناء أداءه للزيارة داهمته مجموعة من الشرطة الدينية التي يطلق عليها (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) فاعتقلته بتهمة سب الرسول والصحابة.
وان لجنة حقوق الإنسان في شبه الجزيرة العربية إذا تدين هذه الممارسات المنافية لأدنى حقوق المواطنة والتعاليم الاسلامية ، ترفع ندائها مرة أخرى لكل المنظمات واللجان الإنسانية والحقوقية في العالم لكي يعملوا بكل ما في وسعهم من أجل إجبار السلطات السعودية للكف عن ممارسة سياسة الطائفية الدينية والاضطهاد الفكري والثقافي والديني والمحافظة على حقوق المواطنين.